تشهد منصات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، انتشارا واسعا لقنوات متخصصة في تقديم التمارين الرياضية عن بُعد، يديرها رياضيون محترفون يقدمون من خلالها نصائح وبرامج تدريبية مصممة وفقا لاحتياجات كل فرد، حيث باتت موضة رائجة جدا بين نساء من مختلف الأعمار.
ساهمت هذه القنوات بحسب المختص في التدريب الرياضي عن بعد أيوب حمدي، في تسهيل ممارسة الرياضة، خاصة لأولئك الذين لا يستطيعون الذهاب إلى قاعات «الجيم»، سواء بسبب ضيق الوقت، أو بعد المسافة، أو لاعتبارات اجتماعية، كما هو الحال بالنسبة لنساء يجدن في هذه الدورات حلا بديلا لممارسة التمارين في بيئة أكثر خصوصية.
دروس مباشرة أو مسجلة تغطي مختلف أنواع التمارين
وحسب ما لاحظناه، فقد تضاعف عدد القنوات خصوصا مع تزايد الإقبال على هذا النوع من الرياضة خلال جائحة كورونا، حيث أصبح العديد من المدربين يعتمدون على المنصات الرقمية لتقديم دروس مباشرة أو مسجلة تغطي مختلف أنواع التمارين، مثل اللياقة البدنية، واليوغا، وتمارين القوة.
ولا يقتصر التأثير على الأفراد فقط، بل امتد ليغير بعض أنماط ممارسة الرياضة عالميا، مما جعله خيارا عمليا وشائعا يواكب تطور التكنولوجيا واحتياجات العصر الحديث.
وقد أكد عدد ممن ممارسي التمارين الرياضية عن بعد، أن هذه الطريقة سهلت عليهم ممارسة الرياضة في المنزل، عبر شاشات الهاتف والكمبيوتر، وجعلتها أكثر سهولة.
سارة، شابة في العشرينيات من عمرها، تتابع يوميا تمارين رياضية عبر قناة على «يوتيوب» يديرها مدرب جزائري محترف، قالت بأنها قبل الجائحة كانت تجد صعوبة في الذهاب إلى قاعة الرياضة بسبب انشغالاتها، لكن بعد اكتشافها للتمارين الافتراضية، أصبحت تمارس الرياضة في المنزل بكل راحة ودون الحاجة إلى اشتراك شهري في القاعات.
ولا يقتصر الأمر على اليوتيوب، بل أصبحت منصات مثل «فيسبوك»، «تيك توك» و»إنستغرام» تعج بمحتويات رياضية تقدم تمارين متنوعة، تشمل اللياقة البدنية، والكارديو، وتمارين القوة، واليوغا، مع شروحات دقيقة حول كيفية أداء الحركات بشكل صحيح، مما يساعد المتابعين على تحقيق نتائج فعالة دون التعرض للإصابات.
ويؤكد سيف، مدرب رياضي يدير صفحة رياضية على «إنستغرام»، بأن الطلب على التمارين الافتراضية تضاعف منذ الجائحة، حيث بدأ الناس يدركون أن بإمكانهم تحقيق لياقة بدنية جيدة من المنزل، باستخدام أدوات بسيطة أو حتى بدون معدات.
أما رحيمة وهي ربة منزل، فتؤكد أن الرياضة الافتراضية كانت الحل الأمثل لها، فبفضل هذه القنوات، وجدت طريقة للحفاظ على صحتها دون الحاجة إلى ترك المنزل، خاصة أنها كانتُ مترددة في الذهاب إلى قاعات الجيم.
وللإشارة، فإن العديد من خبراء الرياضة والصحة، يؤكدون أن ممارسة التمارين عن بعد توفر فوائد عديدة، منها المرونة في اختيار الوقت والمكان، وتقليل التكاليف، وإمكانية متابعة برامج رياضية متخصصة وفقا للاحتياجات الفردية.
ونبهوا مع ذلك، إلى بعض التحديات مثل عدم توفر رقابة مباشرة من المدرب، مما قد يؤدي إلى أداء خاطئ لبعض الحركات، إلى جانب صعوبة الحفاظ على الدافع والاستمرارية لدى بعض الأشخاص.
* المدرب الرياضي عبد الله أيوب حمدي
التدريب الافتراضي خيار مناسب لهذه الفئات
وأكد الطبيب والمدرب الرياضي عبد الله أيوب حمدي، أن التدريب الافتراضي أصبح خيارا متاحا وفعالا للعديد من الأشخاص الراغبين في تحسين لياقتهم البدنية، خاصة لمن لا يستطيعون الالتزام بالتدريب التقليدي في قاعات الرياضة.
وأوضح المتحدث، أن الفرق الجوهري بين التدريب التقليدي والتدريب الافتراضي، يكمن في أن الأخير يركز على تزويد المتدربين بأساسيات ممارسة الرياضة، من خلال تعليمهم كيفية تنظيم أوقات الأكل، تحديد الأطعمة المناسبة لكل حالة، واختيار التمارين الملائمة لأهدافهم البدنية. وأضاف حمدي، أن تمارين «الفيتنس» تعد من أكثر الرياضات التي يمكن ممارستها افتراضيا، لأنها تعتمد بشكل أساسي على التغذية السليمة، والتمارين البدنية، وتقنيات الأداء الصحيحة، وهي جوانب يمكن إيصالها بسهولة من خلال التدريب عبر الإنترنت، في المقابل، هناك رياضات مثل الفنون القتالية التي لا يمكن تعلمها افتراضيا بشكل كامل، بل تقتصر الدروس الرقمية فيها على الجانب النظري فقط، في حين أن التطبيق العملي يتطلب وجود مدرب لمتابعة الأداء وتصحيح الأخطاء.
أدوات وتقنيات التدريب الافتراضي
وأوضح حمدي، أن تقديم التدريب الافتراضي يعتمد على مجموعة من الأدوات والتطبيقات الرقمية التي تساعده على متابعة المتدربين وضمان تحقيق نتائج فعالة، من بينها، تطبيق واتساب، حيث يُستخدمه كوسيلة تواصل مع المتدربين لمتابعة مستجدات تطورهم البدني، وتقديم الإرشادات بشكل يومي، و تطبيق Fitness Pal برنامج متخصص لحساب السعرات الحرارية ومراقبة الحمية الغذائية لكل متدرب، بهدف ضبط النظام الغذائي بما يتماشى مع أهدافه الصحية.
أما برنامج «Photoshop» فيستخدمه لإنشاء برامج تدريبية مخصصة، حيث يعتمد على الصور التوضيحية والجداول المنظمة لتبسيط شرح التمارين وجعلها أكثر وضوحا للمتدربين.
وأشار حمدي، إلى أن هناك فرقا كبيرا بين تدريب المبتدئين والمحترفين، إذ يتطلب كل مستوى برامج خاصة تتناسب مع قدرة المتدرب، أهدافه، وطبيعة جسمه.
وأضاف المدرب، أن هناك بعض الحالات الصحية التي تستوجب اهتماما خاصا، مثل مرضى السكري، واضطرابات الغدة الدرقية، والأشخاص الذين يعانون من إصابات مزمنة، حيث يجب تصميم تمارين رياضية تتناسب مع وضعهم الصحي، وتجنب الحركات التي قد تؤثر سلبا على حالتهم.
يتمتع التدريب الافتراضي بحسب المتحدث، بعدة مزايا تجعله خيارا مثاليا للعديد من الأشخاص، أبرزها المرونة في الزمان والمكان، إذ يمكن للمتدرب ممارسة التمارين في أي وقت يناسبه، دون الحاجة إلى التنقل إلى قاعة الرياضة، والوصول إلى مدربين عالميين حيث يمكن للمتدربين الاستفادة من خبرات مدربين محترفين بغض النظر عن أماكن تواجدهم. و يقدم هو حسبما أوضح، تدريباته من جزيرة بالي إلى متدربين في مختلف أنحاء العالم، علاوة على ذلك فلا يحتاج المتدرب إلى دفع اشتراكات شهرية مرتفعة في قاعات الرياضة، بل يمكنه الاكتفاء بمتابعة برامج مدفوعة أو مجانية عبر الإنترنت.
التحديات التي تواجه التدريب الافتراضي
رغم المزايا العديدة التي يقدمها التدريب الافتراضي، إلا أنه لا يخلو من التحديات، حيث أشار حمدي، إلى أن من بين أكبر العقبات التي يواجهها كمدرب هي توقعات المتدربين غير الواقعية، إذ يقارن بعض الأشخاص تقدمهم البدني بغيرهم، دون الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الفردية في طبيعة الجسم، ومدى التزام كل شخص بالتمارين، والوقت المطلوب لتحقيق النتائج. وأضاف، أن التدريب الافتراضي لا يمكن أن يكون بديلا كاملا عن التدريب التقليدي، لأن بعض التمارين تتطلب استخدام معدات رياضية متخصصة، كما أن هناك أشخاصا يحتاجون إلى وجود مدرب أمامهم لتحفيزهم، وهو أمر لا يمكن تحقيقه بسهولة في التدريب عبر الإنترنت. و أكد حمدي، أن هناك إقبالا متزايدا من الجزائريين على التدريب الافتراضي، حيث يبحث الكثير منهم عن حلول رياضية تناسب ظروفهم الاجتماعية والمهنية، خاصة أولئك الذين لا يملكون الوقت الكافي للذهاب إلى القاعات الرياضية.
أما عن مستقبل الرياضة الافتراضية في الجزائر، فيرى حمدي أنه واعد جدا، خاصة مع ظهور التسهيلات القانونية التي تتيح للمدربين تقديم خدماتهم عبر الإنترنت بشكل رسمي، مثل إمكانية استخراج بطاقة المقاول الذاتي، التي تمنح المدرب حقوقه وتسمح له بمزاولة نشاطه الرقمي ضمن إطار قانوني معترف به.
وأكد في ذات السياق، على أن التدريب الافتراضي أثبت فعاليته، حيث لاحظ نتائج إيجابية على المتدربين الذين يشرف عليهم، مشيرا إلى أن التواصل المستمر والتوجيه الصحيح يلعبان دورا حاسما في تحقيق الأهداف البدنية المرجوة.
وأكد كذلك، أن السر في نجاح أي برنامج رياضي، سواء كان تقليديا أو افتراضيا، يكمن في الالتزام والانضباط، حيث لا يمكن لأي شخص تحقيق نتائج مرضية دون مجهود منتظم ورغبة حقيقية في التغيير.
دلول لينة