تتحول المروج هذه الأيام، إلى قبلة للعائلات للاستمتاع بالأجواء الربيعية الخلابة، و الاستفادة من بعض المحاصيل البرية مثل «الشبت» و «الخرشوف»، التي تشكل كذلك مصدر رزق للباعة المتجولين في هذه الفترة، إذ يكثر عرضها على الطرقات وفي الأسواق ويقبل على استهلاكها مواطنون كنوع من التعود و طلبا لفوائدها التي يؤكد أخصائيون في التغذية بأنها كثيرة، حيث تساهم محاصيل في تنظيف الجسم من السموم، كما تفيد المصابين ببعض الأمراض المزمنة، وتقوي الجهاز المناعي، وتعالج أمراضا لدى الأطفال.
أسماء بوقرن
تستغل عائلات أجواء فصل الربيع لقضاء بعض الوقت في الفضاءات الخضراء، وتختار مناطق معزولة بعيدة عن ضوضاء المدينة وهوائها الملوث، لتستنشق النسيم العليل وتستمع بالخضرة وجمال الأزهار الملونة والنباتات البرية.
ويفضل البعض خلال هذه النزهات قطف وتناول محاصيل البرية على غرار «القرنينة» و «الشبت» و «السلة» و «الهندباء» و غيرها، كما يجتهد في جمعها باعة متجولون يجوبون المروج يوميا للحصول على ما يكفي منها لبيعه في الأسواق الجوارية أو على حواف الطرقات، أين تتوفر هذه النباتات الصالة للاستهلاك في شكل ربطات، توضع جنبا إلى جنب مع باقي الأعشاب العطرية الموجهة للطبخ،على غرار الكرافس و البقدونس، و تلقى كلها رواجا كبيرا في هذه الفترة من السنة، فهناك من يستمتع بأكلها طازجة أو « خضراء» فيما تحضر منها عائلات أطباقا وصحية لذيذة.
ويوثق متنزهون لخرجاتهم نحو المروج والمناطق الجبلية، عن طريق صور يشاركونها من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مع فيديوهات تظهر متعة لحظات البحث عن المحاصيل البرية وقطفها، وهناك من يسترجع ذكريات الطفولة حين كان صغيرا يقوم بنفس النشاط رفقة ذويه وبالأخص الجدة والجدة.
وتنتشر هذه الأيام عبر المنصات التفاعلية صور وفيديوهات من هذا النوع، لمواطنين من عديد الولايات كقسنطينة، وقالمة وسطيف، والعاصمة، وتيزي وزو، وجبال ولاية جيجل أين تنتشر مساحات خضراء كثيرة و وتتوفر البرية على العديد من المحاصيل الطبيعية التي تنمو دون تدخل الإنسان، و تكون مفيدة جدا ولذيذة، على غرار نبات «السلة» الذي تحضر منه أطباق لها تأثير إيجابي على الصحية. وقد نشرت سيدة صورة رفقة عائلتها في أحد أرياف جيجل وكتبت « نبتة السلة من مروج ولاية جيجل، أين تتنزه العائلات من حين لآخر وتتناول هذه النبتة ذات المذاق اللذيذ».
«السلة» للتنبؤ بالعام الفلاحي
نشطاء تفاعلوا مع المنشور، ومنهم من ذكر الاسم العلمي للعشبة بالأجنبية وقال البعض الآخر، إن بداية ظهور هذا النبات يعتبر في المورث الشعبي لعديد المناطق الريفية والفلاحية دليلا أو مؤشرا على نوعية العام الفلاحي، فإذا زاد طولها وازدادت خضرة أوراقها مع طراوة أغصانها، فهو دليل على أن الأرض استفادت مما يكفي من مياه الأمطار و أن العام سيشهد موسم خير.
وشرح مستخدمون على المواقع طريقة استهلاكها في مناطقهم حيث يتم تقشيرها أولا وتناول لبها، كما يمكن طهوها بعد تقطيع الأغصان إلى أجزاء صغيرة والتخلص من الأوراق، لتطبخ على البخار، وهناك من يمزجها مع الكسكس وزيت الزيتون.وذكر البعض فوائدها الصحية، مع التأكيد على أنها مضادة للكوليستيرول، وتعدل نسبة السكر في الدم وتضبط ضغط الدم، فضلا عن كونها غنية بمضادات الأكسدة، التي تقي من خطر الإصابة بالسرطان وتؤخر آثار الشيخوخة، كما تعتبر أزهارها مصدرا مهما للنحل لإنتاج أجود أنواع العسل.
أخصائية التغذية سعاد بوالشعير
كلما كانت النباتات بعيدة عن الملوثات كانت صحية أكثر
أكدت أخصائية التغذية سعاد بوالشعير، مهندس دولة في التغذية والتكنولوجيات الغذائية ومستشارة في التغذية البشرية، بأن من يبق ذكره من الفوائد الصحية لهذه العشبة وغيرها حقيقي، قائلة بأن فصل الربيع هو فصل تنظيف الجسم من السموم، لأنه يعرف بنمو أنواع مختلفة من الأعشاب البرية الصحية، التي تنتج في بيئة نظيفة بعيدة عن كل مصادر الملوثات.
ومن بين الأعشاب المفيدة ذكرت «التلفاف» و»القرنينة» و»الخبايز» و «الشبت» و شقائق النعمان وغيرها، وهي محاصيل كانت تعتمدها الجدات في تحضير وجبات صحية عديدة كما علقت. ونبهت الأخصائية، إلى الفوائد الصحية المهمة لهذه الأعشاب، حيث تعمل على تنظيف جسم الإنسان من السموم، لكونها غنية جدا بالكلوروفيل الذي يعطيها لونا أخضر، كما تتوفر على مضادات الأكسدة والألياف والفيتامينات والمعادن، وهي عناصر تعمل على تنظيف الكبد والأمعاء لغناها بالألياف.كما ذكرت، الخرشوف والخرشوف الشوكي، وفائدتهما في تهدئة نفسية الفرد، مؤكدة أن استهلاكهما ناضجين مفيد جدا، وعلى الأفراد استغلال مدة توفر النباتات لاستهلاكها والاستفادة من فوائدها الصحية. وعن كيفية تناولها بطريقة صحية، قالت بأنه يمكن أكلها طازجة كما يمكن طهوها كحساء عن طريق مزج مختلف أنواع الأعشاب البرية على غرار نبتة شقائق النعمان، التي تنبت بشكل كبير في فصل الربيع لها فوائد كبيرة. وقالت، إنه يمكن أيضا تحضيرها في شكل طبق «الشكشوكة» أو طهوها مع العجائن، كما يمكن طبخها مع الخضار أو في طبقي البزلاء أو الفول، مع إضافة زيت الزيتون، كما تنصح بتحضير ورق الشبت واستعماله كسلطة، أو في طبق الكسكس.
وذكرت الأخصائية سعاد بوالشعير، أطباقا تقليدية كانت تحضرها الجدات، وقالت إنها صحية جدا كطبق «الحاربيط»، التقليدي المتمثل في مزيج من مختلف الأعشاب البرية الموجودة في هذا الفصل، كالقرنينة، والسبانخ، وشقائق النعمان، أو ما يعرف بـ «قبابوش».تقطع المكونات ويضاف إليها البصل، والتوابل، والثوم، والماء وتترك حتى تنضح جيدا.
وتحدثت أيضا، عن طبق «قرنينة جواز» وهو من الأطباق الربيعية الصحية الرائعة حسبها، المفيدة لمرضى السكري، حيث يعدل نسبة السكري في الدم، لكونه يعمل كمنظف للكبد والمرارة والبنكرياس، ومناسب كذلك للمصابين بالضغط الدموي والإمساك، و يعزز المناعة ويزيد من معدل مقاومة الأطفال، وكلها فوائد يقدما الخرشوف عند تحضيره كسلطة بزيت الزيتون والليمون، فهو مفيد جدا للكبد والمرارة كما أوضحت.
مهدئة للأعصاب وتعالج القلق
وأوضحت المتحدثة، أن هذه الأعشاب سواء تم تناولها طازجة أو مطبوخة مفيدة للأشخاص الذين يعانون من القلق، حيث تنصحهم بالتنزه في المروج البعيدة عن المدينة، وقطفها بأنفسهم وتناولها خضراء لأن ذلك يحسن المزاج.
وتدعو الأخصائية، إلى استغلال هذا الفصل لتنقية وتنظيف الجسم لأن الانتقال بين الشتاء والربيع، يعرف بتقلبات في درجات تسبب المرض أحيانا، كما أن عودة الربيع تدريجيا فترة مهمة لإعادة بعث نشاط الجسم و الاستمتاع بالطبيعة بعيدا عن تلوث المدن، وكل ما تنتجه البرية النقية ويكون صالحا للأكل، يعتبر مناسبا لتصفية الجسم وتقليل نسب الكوليسترول، وتنظيف الشرايين، وأكسدة العناصر الضارة، والجولة في الطبيعة في حد ذاتها تحفز الدورة الدموية. وتنصح الأخصائية، بحسن انتقاء أماكن قطف النباتات، فكلما كانت بعيدة عن مصادر التلوث كلما كانت صحية أكثر، كما تنصح الأطفال بتناولها، لأنها تعالج مشاكل الجهاز الهضمي و الأمعاء حديدا، و تسمح بالتخلص من ديدان البطن وخروجها من الجسم وتقضي على الطفيليات المعوية.