أعاد أول أمس العديد من فناني الوطن العربي أروع الأغاني التي أدتها وردة الجزائرية طيلة مشوارها الفني الحافل بالنجاحات بمناسبة الذكرى الثالثة لرحيلها في حفل كبير نظمه الديوان الوطني للثقافة والإعلام ،بقاعة العروض الكبرى أحمد باي بقسنطينة.
أسماء فنية كبيرة صنعت الحدث الفني سهرة الإثنين و إلى غاية الثالثة صباحا، حيث امتلأت القاعة عن آخرها بالجمهور الذي أتى لمشاهدة و متابعة فنانين جزائريين و عرب يزورن قسنطينة لأول مرة، من أجل أداء أغاني فقيدة الفن الجزائري وردة بأصواتهم الجميلة. وقد تداول على ركح العرض ثلاثة عشر فنانا عربيا وجزائريا ،على غرار الفنان صابر الرباعي، وائل جسار، رضا العبد الله، رويدا عطية، محمد عساف، غادة رجب، ديانا كرازون، هدى سعد، أيمن الأعتر زكية محمد، يوسفي توفيق،و ندى الريحان.
الحفل تزين بحضور أسماء فنية كبيرة من الوطن العربي لحفل أميرة الطرب العربي ،على غرار الفنان العربي الكبير صباح فخري، والممثلة المصرية الهام شاهين ،والمطرب المغربي عبد الوهاب الدوكالي، بالإضافة إلى مغني الراي العالمي الشاب خالد والمطرب الجزائري رابح درياسة والفنان صاحب الكمان الأبيض حمدي بناني ،و صاحبة الصوت الجبلي حورية عيشي ،والفنانة القسنطينية ثريا والمغني محمد العماري و رائد المالوف محمد الطاهر الفرقاني.
ابن الفقيدة وردة رياض القصري الذي حضر الحفل ،لم يتمالك نفسه في العديد من فقرات الحفل و انفجر باكيا على وقع الأغاني التي ذكرته بوالدته ،خاصة حين تم بث فيديو على الشاشة العملاقة يروي مسار والدته، منذ بداية حياتها الفنية من باريس وغنائها للثورة التحريرية من مصر في أوبيريت «الوطن العربي»، كما أبرز الشريط المعروض المرحلة التي أدت فيها وردة الجزائرية كل أغنية من أغانيها وعرفت بها.
المايسترو بسام بدور الذي عزف لوردة أروع الألحان في حفلات أقامتها في بيروت ،كان حاضرا بفرقته العربية المتكونة من أبرع العازفين العرب وبمشاركة كورال مدرسة ألحان شباب، أكد بأن الراحلة عبرت له عن إعجابها بعزف الفرقة من قبل، لكنه دائما يردد بأن الموسيقي يكبر بمشاركة الفنانين الكبار.
افتتحت الحفل الفنانة الجزائرية زكية محمد التي أطلت على الجمهور بمظهر شبابي عصري لتؤدي بصوتها الهادئ افتتاحية أغنية «من بعيد» الطربية، وخلقت جوا من الأنس والألفة عند المستمعين الذين تمايلت رؤوسهم استمتاعا بالكلمات العذبة، وطربا بالصوت الشجي. بعدها اعتلى الركح وزير الثقافة عز الدين ميهوبي ليكرم زكية محمد و يهديها باقة ورد ، فقالت الفنانة الجزائرية بأن تواجدها في حفل على شرف وردة الجزائرية كامتنان للمطربة التي علمت جيلا من الجزائريين معاني الصمود والتحدي، مضيفة بأنها تعلمت من وردة الرقي والإخلاص.
الفنان الليبي أيمن الأعتر الذي لمع نجمه في برنامج «سوبر ستار» أدى بصوته الجميل و الشجي أغنية «لولا الملامة» لوردة الجزائرية والتي لحنها محمد عبد الوهاب، و تفاعل الشاب الطموح مع كلماتها، و أغمض عينيه في كثير من المقاطع التي أطربته من الأغنية، و وصف وردة الجزائرية بأنها الحضور الطاغي والكاريزما المبهرة، مؤكدا بأن أمنية حياته أن يلتقي بها ،لكن الحظ حال دون ذلك ،لكنه سعيد بالغناء في ذكراها، و قد ازداد الشعور لديه بالاعتزاز بأنه ابن منطقة المغرب العربي.
رائد المالوف محمد الطاهر الفرقاني اعتلى الركح بدوره لتكريم «السوبر ستار»، و جاء في كلمته أمام الجمهور بأن والد وردة الجزائرية كان صديقا مقربا له وساهم في لقائه بوردة في ملهى بباريس، أين شاركها الغناء وتعرف عليها و هي في بداياتها الفنية، مذكرا بذلك الزمن الجميل الذي كان فيه الفنانون يلتقون و يغنون مع بعضهم البعض. الفنانة رويدا عطية أدت أغنية «اسمعوني» بإحساس جميل، حيث بدا عليها التأثر الكبير بكلمات الأغنية ،معتبرة في كلمتها ،بأن وردة حاضرة دائما من خلال صوتها، وما غيابها إلا غيابا جسديا ،و قام بتكريمها ابن وردة الجزائرية رياض القصري.
أما المطرب اللبناني وائل جسار فقد أدى بالمناسبة أغنية «قال إيه» لوردة و قال عن الفنانة بأنها تحمل الفرح والجمال بصوتها للعالم، وتزرعه أملا وحبا في قلوب الآخرين ، فوردة لم تمت لأن أغانيها باقية.
محبوب العرب محمد عساف ،صعد إلى الركح تحت تصفيقات الجمهور الذي رفع صورا له في المدرجات و أدى أغنية «العيون السود» بصوته الجميل و الطربي. نظرا لأن هذا الفنان الفلسطيني جعل الحضور يتفاعل بشكل حماسي ومثير مع أدائه، حيث تعالت الصرخات المشجعة للمغني الشاب. و قد اغتنم محبوب العرب الفرصة ليعبر عن حبه الكبير للجزائر،مؤكدا بأن كل فلسطيني يتباهى بعشقها ،و يردد باستمرار : « وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر».
الفنان الذي كرمه الشاب خالد ،أكد بأن مجيئه إلى قسنطينة أسعده ،خاصة وأنه لأول مرة يزور الجزائر، بعد أن برمج من قبل ولم يتمكن من الحضور نتيجة أحداث غزة المؤلمة.
المطربة الأردنية ديانا كرازون التي اعتلت الركح بثوب أصفر جميل، غنت أغنية وردة «مليت من الغربة» مؤكدة بأن وردة هي قدوتها ورفيقة روحها كمعلمة وفنانة ،و ألهمتها كإنسانة ، وأضافت بأن وردة لا تذبل ولن ينضب رحيقها. وقد تفاعل الجمهور مع ديانا كرازون و ردد معها كلمات الأغنية التي تتغزل كلماتها بالوطن و تجسد الحنين و الرغبة في العودة إليه.
الفنان العراقي رضا العبد الله عبر عن حب العراقيين للجزائر والمكانة التي تمتلكها وردة لديه و أهدى الحضور أغنيتها «أكذب عليك» بطريقة جميلة ومؤثرة تفاعل معها الجمهور بكثير من الحماس عبر ترديدها معه، و اعتبر بأن كل ما يمكن أن يقال في وردة هو شهادة مجروحة ،نظرا لحبه الكبير لها فهي ظاهرة لا تتكرر. رضا العبد الله غنى لوردة، لكنه قرر أن يغني للجزائر أيضا ،نظرا للمعزة الخاصة التي يحملها في قلبه لكل الجزائريين ،حيث استأذن الجمهور لأداء أغنية تتغزل بالثورة الجزائرية و بشهدائها تحمل عنوان «بلد المليون شهيد»،ثم صعد الفنان الجزائري محمد العماري ليكرمه فعبر عن الحب المتبادل بين الشعوب العربية في كلمته، و نصح الجيل الجديد بمواصلة درب وردة الجزائرية الذي بدأته.
أما الفنانة المصرية غادة رجب ،فقد أدت أغنية «في يوم وليلة» بصوتها الجهوري وتفاعل معها الجمهور بالغناء وترديد كلمات الأغنية التي يحفظونها عن ظهر قلب ،و اعتبرت بأن وردة هي وردة القلوب وستبقى أجمل ما يزين بستان الفن.
الفنان يوسفي توفيق شارك في الحفل الكبير بأداء أغنية «عيد الكرامة «، حيث صدح بصوته الشجي لمرحلة استقلال البلاد و شاركه الجمهور الذي بقي وفيا لأغاني وردة الغناء إلى ساعات متأخرة من الليل ،وقد وصف هذا الفنان الجزائري وردة بالعطر الباقي و اعتبر ترديد أغانيها تعبيرا عن تواجدها الدائم بيننا. فيما أدت الفنانة الجزائرية المتألقة ندى الريحان رائعة «بلادي أحبك» التي لحنها محمد بوليفة و كتبها الشاعر مفدي زكريا وغناها معها الجمهور و تعالت زغاريد النساء .
الفنان التونسي الكبير صابر الرباعي أدى أغنية جديدة تخليدا لروح وردة الجزائرية ،جمعت في كلماتها معظم عناوين الأغاني التي أدتها .
صابر أوضح بأنه كان ينوي إهداء الأغنية لوردة منذ ثلاث سنوات ،و هو سعيد بأدائها في ذكراها الثالثة ببلدها الجزائر ، ليقوم بعدها بأداء كوكتيل مميز وجميل لأغاني وردة الجزائرية جمع فيه كل من أغنية «حرمت أحبك «و «أنده عليك» و «على عيني».
أما الفنانة التونسية نجاة عطية فغنت لوردة أغنية «شعوري نحيتك»، واعتبرت بأن وردة ملهمتها و قد التقت بها وهي في عمر الزهور وغنت أمامها فشجعتها على مواصلة الدرب.
وزيرة الثقافة عز الدين ميهوبي صرح للصحافة بعد انتهاء الحفل، بأن سهرة تكريم وردة كانت ناجحة بجميع المقاييس، مؤكدا بأن جمع 13 فنانا يعتبر مهمة صعبة، لكنهم تمكنوا من انجازها، وذلك بغية إظهار صورة حسنة عن الجزائر. واعتبر بأن حفل تكريم وردة بمثابة إعطاء روح جديدة لتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.
حمزة د