الاثنين 16 سبتمبر 2024 الموافق لـ 12 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

السيناريست سعيد بولمرقة يفصل في نص "بابا عروج"

قصة غول البحر الذي نصب نفسه - سلطان دزاير -
*عمل مسرحي ضخم  في انتظار التجسيد منذ 9 سنوات
يواصل الكاتب و السيناريست سعيد بولمرقة، الغوص في أغوار التاريخ، و يسلط  الضوء هذه المرة، على شخصية تاريخية ارتبط اسمها باسم الجزائر و «رياس البحر»،
 و هي «بابا عروج»، و ذلك من خلال نص مسرحية درامية موسيقية، تحكي تفاصيل حياة و مسار هذا القرصان العثماني.
أوضح سعيد بولمرقة، في لقائه بالنصر، أنه اقتبس نصه المسرحي من عديد المصادر و الكتب التاريخية، دون أن يهمل أي تفصيل عن هذا البحار الذي أصبح قرصانا، ثم «سلطانا للدزاير»،
و ذلك بعدما وقف على اهتمام الجزائريين بالشخصيات و المحطات التاريخية، من خلال العديد من الأعمال الفنية التي قدمها أو شارك في إنجازها، على غرار «البوغي»، مشيرا إلى أنه كتب نص «بابا عروج» سنة 2012 ، لكنه لم ير النور إلى غاية اليوم.
عن سر اختياره كتابة نص مسرحي، عوض سيناريو فيلم تاريخي، قال الكاتب إن الفيلم يتطلب ميزانية كبيرة، لهذا السبب كان متأكدا بنسبة كبيرة، بأن الفيلم سيرفض مسبقا.
السيناريو  يغوص في فصل مهم من تاريخ الجزائر
عن الهدف من كتابته مسرحية «بابا عروج»، قال المتحدث « الهدف منها هو تسليط الضوء على أحداث تاريخية كان بلدي الجزائر مسرحا لها، و لكي نمكن الجزائريين من الاطلاع على بعض المحطات التاريخية لبلدهم، بغض النظر على الخلفيات، مع التأكيد على استعدادي لفتح نقاش مع الكتاب و المؤرخين و المثقفين، بهدف إماطة اللثام عن الكثير من الحقائق التاريخية التي تم طمسها، إما عمدا أو بسبب غياب المعطيات التاريخية المسجلة أو المنقولة...».
و كشف الكاتب للنصر سبب عدم تجسيد هذا العمل المسرحي، رغم مرور تسع  سنوات من كتابة السيناريو
«كنت أدرك جيدا بأن المسرحية سترفض من قبل لجان المشاركة، لأنها تتطلب ميزانية خاصة، لكنني عندما علمت بأن الكاتب الإيطالي ريكاردو تقدم بروايته التي تحمل عنوان «علي بيتشيني»، و هو رجل إيطالي أسلم و أصبح من الحكام العثمانيين، و تقول الرواية إنه تم أسره من قبل قراصنة دزاير.. اكتشفت بأن جمهور المسرح و القراء الجزائريين يولون اهتماما كبيرا لهذا النوع من الكتابات التي تسلط الأضواء على الأحداث التاريخية».
و استطرد قائلا «بعدما قامت فرقة مسرحية إيطالية بإخراج رواية علي بيتشيني و تجسيدها على خشبة المسرح بإيطاليا، قلت في قرارة نفسي، بأنه يجب عليّ ألا أفقد الأمل في رؤية مسرحية «بابا عروج» تجسد هي الأخرى على خشبة المسرح الجزائري، رغم أن السيناريو كتبته سنة 2012، و هذا بالنظر إلى ثرائها بالأحداث التاريخية التي تهم الجزائريين».
أغان تراثية و كوريغرافيا للربط بين المشاهد  
و عن سبب اختياره نوع الدراما الموسيقية في هذا العمل، قال بولمرقة: «الدراما فرضتها أحداث القصة، أما الموسيقى، ففرضت نفسها لأن النص المسرحي يتطلب أن يربط بين كل مشهد بالمشهد الذي يليه، بأغنية من التراث الجزائري، على غرار الأغنية الشعبية «قرصاني غنام»، كما تطلب العمل سينوغرافيا و كوريغرافيا، لأن بعض المشاهد تتخللها بعض الرقصات».
و تسلط المسرحية الضوء، كما أوضح الكاتب ، على القرصان «بابا عروج»، ابن رجل مسلم من أصل ألباني، حرفي في صناعة الفخار، و والدته كاترينا مسيحية من أصل يوناني، و له ثلاثة إخوة هم  خير الدين، إلياس و إسحاق، و كان عروج يسوق منتجات والده الفخارية على متن سفينته، إلى أن التقى ذات يوم في عرض البحر، بـ"فرسان يوحنا" التابعين للكنيسة، و الذين كانت مهمتهم حراسة سفن حجيج بيت المقدس، و تعرضت سفينته إلى هجوم هؤلاء الفرسان، و فقد في تلك المعركة شقيقه إلياس، و ألقي عليه القبض
و سجن بإحدى سفن فرسان يوحنا..
و استرسل السيناريست في عرض تفاصيل حياة بابا عروج بعد الأسر، مؤكدا بأنه تمكن من فك قيوده بعد سنتين، عندما كانت سفينة الفرسان راسية بأحد شواطئ إيطاليا، و تمكن من الفرار و التوجه إلى مصر، حيث كلفه أحد باشاوات مصر بتسويق الخشب، و ظلت فكرة الانتقام من المسيحيين تراوده، ما جعله يتحوّل من «رايس» إلى قرصان..
الرغبة في الانتقام من مسيحيي الأندلس حولته إلى قرصان

قصة المسرحية، حسب صاحب النص سعيد بولمرقة، تبدأ بعد سقوط غرناطة و طرد الإسبان للأمير عبد الله، و عند بلوغه قمة جبل  «ألسيبيرو دال مورو» تنهد و بكى، و علقت والدته بمقولتها الشهيرة «ابك كالنساء على ما لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال»..
و قرر الملك الإسباني فيرديناند و زوجته الملكة إيزابيل و الكاردينال كسيمنس طرد كل المسلمين و اليهود من إسبانيا، بعد سقوط غرناطة، فلا يبقى هناك سوى المسيحيين، و بما أن هناك مسلمين لديهم أملاك و قصور، فقد تظاهروا باعتناق المسيحية من أجل الحفاظ على أملاكهم هناك، خاصة بعد ما كلف الكاردينال كسيمنس توريكادا بتأسيس محاكم التفتيش.
 هنا أصبحت القصة أكثر تشويقا، بفضل الحبكة الدرامية التي أضفاها سعيد بولمرقة على النص المسرحي، حيث قال في معرض حديثه، بأنه تم اكتشاف من ادعوا أنهم مسيحيون، لأنهم واصلوا ختان أطفالهم، ما أدى إلى الهروب الجماعي، خاصة و أن الكاردينال أمر بمعاقبة المسلمين و اليهود بحرقهم أحياء..
هكذا نقل المسلمين الذين طردهم الإسبان على متن سفينته
بابا عروج برز في الواجهة عندئذ، عندما تكفل بنقل المسلمين الهاربين على متن سفينته، بعدما حركه الوازع الديني، و راودته مجددا فكرة الانتقام من المسيحيين، و أشار السيناريست إلى عملية التنزيل التي كانت بكل من المغرب، الجزائر، تونس،  و حتى ليبيا..
بعد ذلك انتقل بوالمرقة عبر المسرحية إلى محطة أخرى، كشفت الحقد الدفين للكاردينال كسيمنس، فقد موّل من ماله الخاص حملة لاحتلال المرسى الكبير (وهران)، ثم الزحف نحو بجاية، و أمام بطش البحارة الإسبان، استنجد سلطان بجاية ببواخر عروج التي كانت مجهزة بالمدافع، لكن عروج خسر المعركة، و فقد خلالها ذراعه، و هناك من قال بأنه ذهب للعلاج بتونس، و هناك من رجح علاجه بمدينة جيجل، لأن حالته لم تكن تحتمل السفر من بجاية إلى تونس، و هو ما يؤكد بأن سكان جيجل أنقذوه من الموت المحقق..
الحقائق التاريخية التي جمعها السيناريست من عدة كتب و أبحاث و مصادر عربية و أوروبية، تفيد بأن بابا عروج تساءل عن سر سكوت «الجواجلة» عن احتلال مينائهم من قبل البحارة الجنويين (نسبة إلى مدينة جنوة الإيطالية)، ثم حرضهم  على الانتفاض و طرد الجنويين من ميناء جيجل، واضعا خطة حربية، فقد استنجد بأخيه خير الدين و طلب منه تنفيذ الهجوم عن طريق البر، على أن يشن هو و الميليشيات الجيجلية هجوما عن طريق البحر، ليتمكن من طرد البحارة الجنويين من جيجل، و هي الحادثة التي جعلت سلطان دزاير بني مزغنة، يستنجد بعروج للهجوم على حصن الإسبان المسمى «بالبنيون»، الذي شيد بميناء الجزائر، و كان القراصنة الإسبان يجمعون الضرائب مقابل السماح للسفن بالمرور..
«انتصارات»  تنتهي برأس معروضة على العامة بإسبانيا
بابا عروج لبى طلب سلطان دزاير، لكن هجومه لم يأت بنتيجة، فاضطر سلطان دزاير لإعفائه و دفع مستحقات العملية الحربية، و هو الأمر الذي لم  يتقبله عروج، فقام حسب المؤرخين، باغتيال سلطان دزاير أثناء صلاة الجمعة،
و نصب نفسه مكانه، مع إعلان حظر التجول في العاصمة، باستثناء القراصنة التابعين له.
و حسب المعطيات التاريخية التي تضمنها نص هذه المسرحية، فإن بابا عروج انبهر بسهول المتيجة و جنانها،
و التي كانت بالنسبة إليه بمثابة هدية من السماء، لكن كان له منافس على الجزائر، و هو أحد ضباطه و ذراعه الأيمن قارة حسان، و لأن عروج ذكي جدا و «رايس» متمرس، و كان يدرك بأن السفينة إذا كثر فيها القادة «الرياس» ستغرق لا محالة، فقضى على قارة حسان،
و استند على شقيقه خير الدين.
و من هنا بدأ توسع الأخوة عروج بالجزائر، و البداية كانت بالهجوم على عرش تنس، و منه على عرش تلمسان، و نصب شقيقه إسحاق سلطان المشوار، ما دفع بأبي حمو الزياني الذي رفض هذا التنصيب، إلى التحالف مع الإسبان، للقضاء على إسحاق، قبل القضاء على عروج - الذي تنقل للإطلاع على ما يحدث بالمنطقة- من المكان المسمى الوادي المالح بالقرب من مدينة عين تموشنت.
و أسعدت حادثة اغتيال بابا عروج كثيرا الكاردينال الإسباني كسيمنس، فقام بعرض رأس عروج بمدينة وهران (بلاص دارم)، قبل نقله وعرضه على العامة بإسبانيا بعد 10 أيام، تحت شعار «غول البحر انتهى»..                 حميد بن مرابط

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com