دعوة لإدراج المسرح في المنهج التعليمي و إنشاء مدارس تكوينية
دعا أمس أساتذة و فنانون مسرحيون خلال فعاليات ثالث ندوة تنظم في إطار تظاهرة الربيع المسرحي القسنطيني في طبعته التاسعة، بعنوان «مهن المسرح بين التقليد و المعاصرة»، إلى ضرورة إيجاد حلول كفيلة بحل مشكلة عزوف الجمهور عن المسرح، و أجمعوا على أن المواطن يحمل صورة ضبابية غير متضحة المعالم عن المسرح، و يجهل مدى أهميته، لذا يجب توضيحها و إعادة توثيق الصلة بينهما، و ترسيخ ثقافة المسرح بإدراجه كمادة تدرس بالمدارس، فيما طرحت الفنانة فضيلة حشماوي ظاهرة استغلال دخلاء، تعطش شباب هاو للتكوين، بتنظيم دورات مكثفة في المجال، فحوّلوا هذا الفن إلى « بزنسة» لأنهم غير مؤهلين للتكوين، داعية لإنشاء مدارس متخصّصة في فن المسرح و عدم الاكتفاء بالموجودة بالعاصمة.
و شارك في إثراء الندوة التي احتضنها المسرح الجهوي محمد الطاهر الفرقاني، أساتذة و فنانون ، على غرار الأستاذة و المخرجة حميدة آيت الحاج، و الأستاذ علي قشي و الممثل وحيد عاشور، الذي حث في مداخلته على ضرورة إيجاد حلول لإعادة الجمهور إلى المسرح، مقدما جملة من الاقتراحات من بينها إدراج المسرح كمادة تدرس في المؤسسات التربوية و امتحان التلاميذ فيها، و وعي الأسرة المسرحية بأهمية ثقافة إيصال المنتج الثقافي عموما و المسرحي على وجه التحديد، للجمهور، حيث اقترح تطبيق آلية «أوت سايد» و «إن سايد» أي «الداخل و الخارج» و التي تعتمد على ثلاثة عناصر أساسية و هي الشخصية و الشخصية الفردية و الأسرية و القبيلة، و المحلية و العالمية، لتمكين المواطن من معرفة خصائصه و ماهيته من خلال العروض، إذ يجب أن يصبح المواطن يشعر بأن المحتوى المقدم جزء من موروثه و ثقافته .
و أكد الفنان على ضرورة التخصص في كل فنون المسرح و التكوين الجيد فيها و كل ما يتعلق بها، كالاعتماد مثلا على مصممي أزياء في خياطة لباس الممثل بدل الخياط العادي، لأن اللباس شكل من أشكال التعبير يحمل دلالات و رموز، و شدد على ضرورة صناعة صورة واضحة عن المسرح للجمهور لأنها اليوم صورة ضبابية غير متضحة المعالم، في الوقت الذي من المفروض أن يمتلك المتفرج آليات لفهم العرض و قراءته، و هو ما يجب العمل عليه لتثمين العلاقة بين الطرفين و تحقيق التفاعل.
و أشار الفنان وحيد عاشور إلى أن الجزائري عموما يجهل بأن للعروض المسرحية تأثيرات ذهنية و لا يملك معارف عن هذا المجال، حيث يتعامل مع المسرح كعرض شكلي فقط، ما ساهم في تنمية العداء بين الطرفين، و أقر بأن الأسرة المسرحية قصرت في التعريف بمهمة المسرح، ما شكل نوعا من العقدة ، قائلا بأنه على الفنان أن يعمل و يجتهد من أجل الجمهور.
فيما حذرت الفنانة المسرحية و التلفزيونية فضيلة حشماوي على هامش الندوة في حديثها مع النصر، مما اعتبرته « بزنسة» في مجال المسرح، قائلة بأن شبابا هواة من مختلف ولايات الوطن يجدون صعوبة في التكوين، و يفتقرون لفضاءات تصقل موهبتهم، فاستغل دخلاء تعطشهم للتكوين في المسرح في نشر إعلانات لدورات قصيرة في التمثيل مع الحصول على شهادة و اعتبرت ذلك ظاهرة وجبت محاربتها و وضع حد لها، مشيرة إلى أن حتى القائمين عليها هم بحد ذاتهم بحاجة لتكوين، غير أنهم ينصبون أنفسهم كمختصين و يقدمون شهادات في الاختصاص، معتبرة التكوين يصقل بالمعرفة و التكوين المتواصل، داعية الشباب إلى استغلال التكنولوجيا لصقل الموهبة من خلال المطالعة و تكوين رصيد فني يؤهلهم لبلوغ عالم الاحتراف.
كما حثت على إنشاء مدارس مختصة في تعليم فنون المسرح بمختلف الولايات، لأن هناك شباب حرموا من الالتحاق بها بسبب رفض عائلاتهم ، لأن التكوين طويل المدى متمركز في مدرسة واحدة ببرج الكيفان بالعاصمة.
من جهته تحدث الأستاذ علي قشي في مداخلته ، عن وضعية الفنان و غياب تمويل مشاريعه الفنية و العروض المسرحية التي يقدمها، مؤكدا بأن الفنان لم تمنح له القيمة اللازمة التي يحظى بها فنانون عرب في بلدانهم، كما دعا إلى وضع القطاع في يد مختصين لتسييره، و عدم تركه في يد من يجهلون قيمة الفن.
أسماء بوقرن