فيلم - هليوبوليس - يعود إلى موطنه بقالمة
عرض المخرج و المنتج السينمائي الجزائري، جعفر قاسم، فيلمه التاريخي «هليوبوليس»، بقاعة المحاضرات في مقر ولاية قالمة، بمناسبة الاحتفال بالذكرى 67 لاندلاع ثورة التحرير، و تابعه المئات من المدعوين الذين يشاهدون الفيلم التاريخي لأول مرة، بينهم عائلات على صلة بتلك المأساة التي عاشتها مدينة الشمس هليوبوليس، و قالمة و بلخير، و غيرها من المناطق، التي خرجت تنشد الحرية و الاستقلال يوم 8 ماي 1945، و تحتفل مع العالم بنهاية الحرب العالمية الثانية.
استرجع سكان قالمة، ذكريات الماضي الحزينة، و هم يشاهدون فصول المأساة الدامية، بقالمة، هليوبوليس، و القرى و المداشر التي تعرضت للحرق و التدمير في ذلك الربيع الأسود الذي غير مجرى التاريخ، و قاد إلى حرب تحرير خالدة، طهرت الأرض المقدسة من رجس الاستعمار، و وضعت حدا لجرائم ضد الإنسانية، لا تزال آثارها إلى اليوم بقالمة، خراطة، سطيف و غيرها من مناطق الوطن المحتل التي خرجت تنشد الحرية، فتعرضت لواحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في التاريخ الحديث.
مزرعة “لافي” ، شارع عنونة، أفران الجير الرهيبة، الكشافة الإسلامية، السفاح آشياري، مليشيا الموت، أبطال الحركة الوطنية، الهروب الأكبر، القصف و الحرق و الإعدامات الجماعية، دون محاكمة، صراع الذات بين الولاء للوطن و الكولون، مشاهد و فصول مثيرة من فيلم جعفر قاسم الذي عاد إلى موطنه قالمة، و أحيا ذلك الجرح الغائر، بعد مرور 76 عاما عن المأساة.
و كانت ساعة من الزمن كافية ليسترجع سكان قالمة، و خاصة جيل الاستقلال، تاريخ الأجداد الحافل بالتضحيات و المآسي و الانتصارات، و يدركون بأن جيل الشباب آنذاك كان في طليعة الثائرين على الاستعمار، بالتنظيم و الإعداد و التضحية، و أن فصول الجريمة قد بدأت بشوارع مدنية قالمة مساء 8 ماي 1945، و انتقلت بعد ذلك إلى هليوبوليس، و القرى و المداشر، و استمرت عدة أشهر، كانت كافية للإبادة و التهجير، و الحرق بأفران الجير الرهيبة.
و تدور أغلب مشاهد الفيلم المرشح لنيل جائزة الأوسكار، بمزرعة المعمر الكبير، “لافي”، و مقهى “رقي” بمدينة قالمة، و شارع عنونة، و معاقل الكشافة و الحركة الوطنية، و مكتب رئيس دائرة قالمة، “آشياري” و مساعديه، و منزل المزارع الجزائري مقداد الموالي للكولون، أين كان الصراع محتدما بينه و بين زوجته و ابنه محفوظ، المساندين للحركة الوطنية، و استمر هذا الصراع طويلا، حتى تكشفت الحقيقة في النهاية، و أدرك مقداد بأن مليشيا آشياري، لم تعد تفرق بين مناضلي الحركة الوطنية، و الموالين للكولون، فقرر الهروب مع زوجته بعد مقتل ابنه محفوظ، و تعرضه هو سي مقداد ، للإذلال على يد قادة الميليشيا و الإدارة العسكرية الفرنسية، فهرب إلى الجبال و الشعاب التي كانت ملاذا له، و للناجين من الموت و الحرق بأفران الجير.
و من هذه الجبال و الشعاب كان الوطن المحتل على موعد مع حرب التحرير الخالدة التي غيرت مجرى التاريخ، و حررت الأرض و أعادت لمدينة الشمس نورها، بعد ظلام و مآسي لا تزال تدمي الجروح القديمة، و تذكر الأجيال، حتى لا تنسى.
فريد.غ