صدرت مؤخرا، عن دائرة الثّقافة للشّارقة بالإمارات العربية المتحدة، مجموعة قصصية للكاتب إسماعيل يبرير، عنوانها «كأشباح ظريفة تتهامس»، و تُعتبر أول أعماله القصصيّة المنشورة في مجموعة تضمّ 12قصّة قصيرة تنقل حكايات عن الواقع، وأخرى تعارضه، و تفتح باب الاِحتمالات التي نعيشها في حياتنا اليومية.
في المجموعة محاولات عديدة لإصلاح الواقع أو لتفسيره، حيث تتضمّن مسارات الأبطال ونهايات القصص، خيارات تعارض الرضوخ لواقع الحال، و تُبدّد أوهام الواقع، فهي قصص تُعارض الواقع أثناء سرده.
تتقاطع قصص مجموعة «كأشباح ظريفة تتهامس» في موضوعات مستمدّة من اليوميّ و من الحلم، عبر نصوصٍ لا تغفل الهمّ السياسيّ و نقاشاته التي تعلو المشهد في العالم العربي.
في قصّة «السيرة الطيبة للفساد» يتحدث الكاتب عن رجل أعمال فاسد، يتقصّى في أمره صحفي، لكنّه لا يكاد يعثر على شيء واضح، ليجد نفسه في نهاية تحقيقه في مصيدة رجل الأعمال الّذي استمال إدارة الجريدة من خلال إعلاناته.
وفي سياق متصل يقدّم صاحب «وصيّة المعتوه» مأساة المحاباة و العلاقات التي تطغى على الحياة العامة في العالم العربي في قصة «صوت السيد»، فيحقق رجل بائس أمنيات الكثير من المحطمين من خلال اِستغلاله لرجل مهم، و توزيع رسائل توصية لفائدة بعض البائسين و الحالمين، قبل أن تلقي الشرطة القبض عليه.
ومن جانبٍ آخر، لا تخلو القصص من أثر التاريخ، فمن خلال نصي «جهة الحياة» و«شبح يؤنس الرّيح»، يسترجع الكاتب لحظة تاريخية مرتبطة بمسار بناء الدولة الجزائرية واسترجاع سيادتها، ويواجه أبطال القصتين سؤال المستقبل و خيبة الحاضر، بتكثيف لحظات فارقة، كالثورة التحريرية الكُبرى و الاِستقلال.
كما يفرد الكاتب للحبّ والعلاقات الزّوجيّة أكثر من نصّ، حيث يُقدّم من خلال «معارضة في الحب» قصّة حبّ موازية لملحمة «حيزية»، حكاية الحبّ التّاريخية المشهورة في الجزائر، فيسرد ثلاث حكايات حبّ متوازية لكلّ من حيزية وسعيد و بطلي القصة، ولجواد البطل وفرسه، كأنّه يُعلن أنّ الحب يمكنه أن يكون أشمل من التصورات المألوفة!
ويتناول صاحب رواية «مولى الحيرة» قدرة الحبّ على تذليل الفوارق ومحو الاِنتماءات الضيقة في نص «قارئة الشِّعر من بارادو»، حيثُ ينتصر الحب على الشكوك و الجراح و الأوهام، كما يُرمم العلاقة في قصته «تعاسة زوجين أغفلا أفلام الكرتون» والتي تسرد تفاصيل أزمة زوجية بسبب تباعد الأفكار والاِهتمامات و السلوكات.
المجموعة تُعالجُ من جهة أخرى السلوك الإنساني و الجريمة والنزوع إلى العنف والزّهد في قصتي «موحا المطر» و «الخلوة»، حيثُ يبدر عن الإنسان سلوك يُغيّر حياته إلى الأبد، عكس قصّة «للبريئة خرافاتها الصّغيرة» أين تنجو فتاة من مصيدة الجشع و الاِنسياق وراء زيف الحياة. و في نص «البشعان» يُعيد الكاتب تعريف الجمال، حيثُ يُصبح البشعُ على قدرٍ كبير من البهاء والقبول، بسبب طيبته و إنسانيته ووجوده الطّبيعي، وقد تصدّر النص المجموعة، كأنّه محاولة لدفع القارئ إلى التساؤل عن معنى الجمال والشّر والبشاعة والخير.
يخصّ الكاتب الممثّلين «من غير النّجوم» كما بيّن في إهداء قصّته «المُمثل» بتكريم، حيث يتحوّل المُمثل الّذي أدّى عشرات الأدوار الصّغيرة، إلى بطل فجأة في الواقع، ويعيش لحظات من التمثيل في دورٍ، بالصّدفة، يُبهر ويصدم به محيطه.
للإشارة، تُعدّ هذه أوّل مجموعة قصصيّة منشورة لإسماعيل يبرير، بعد أن نشر قصصًا متفرّقةً في الصّحافة الوطنية و العربية قبل عقدين من الزّمن، وحاز بعض الجوائز في القصّة، بينما يوجد برصيده عدد من الرّوايات، على غرار «ياموندا، ملائكة لافران» و«باردة كأنثى» و«منبوذو العصافير» وآخرها «العاشقان الخجولان» بالإضافة إلى دواوين شِعر ومسرحيّات. نوّارة/ل