تتواصل بدار الإبداع بقسنطينة، فعاليات الصالون الوطني للزي التقليدي،الذي انطلق أول أمس، بمشاركة وطنية للعديد من المصممين و العارضين، وتجري التظاهرة على مدار عشرة أيام كاملة، ستعرف برمجة عروض أزياء و محاضرات أكاديمية، إلى جانب ورشات تكوينية سيؤطرها مختصون في مجال الحرف.
حملت الطبعة الرابعة للصالون، شعار» الزي التقليدي الجزائري هوية الوطن»، وقد اختير تماشيا مع سياسة وزارة الثقافة والفنون الرامية إلى الحفاظ على الموروث المادي و اللامادي الجزائري وجرده وتسجيله ضمن لوائح التراث الثقافي الإنساني، وذلك بحسب ما كشفت عنه مديرة دار الإبداع أميرة دليو.
وأشارت المتحدثة، إلى أن الفعالية جاءت لتكمل المسعى الوزاري وكمحطة في خارطة حماية موروثنا الثقافي اللامادي، خصوصا وأن ملف اللباس التقليدي مهم جدا، و كانت الوصاية قد باشرت العمل على مختلف تفاصيله قبل الجائحة، من خلال تنصيب لجنة مكونة من مختصين وباحثين وحرفيين وأكاديميين للاشتغال على موضوع الزي التراثي لمنطقة الشرق الجزائري، وتصنيف كموروث تراثي غير مادي إنساني لدى منظمة اليونيسكو.
يضم المعرض 40 عارضا من ولايات الشرق الجزائري، إلى جانب حرفيين من ولايتي غرداية وتيزي وزو، ويعرف تركيزا على الأزياء التراثية لنساء و رجال الشرق، مع عرض قطع قيمة تعود لحقب زمنية ماضية، وذلك في إطار التأريخ للحرف والمهارات المتعلقة باللباس التقليدي، على غرار قفطان القاضي.
كما تشارك في تنشيط فعالياته كفاءات محلية كانت لها مساهمة في إعداد الملف، على غرار الحرفي في الزي التقليدي فؤاد عزي والأستاذ الباحث في التاريخ و الآثار حسين طاوطاو، إضافة إلى الأستاذة الباحثة في التراث حليمة علي خوجة.
وكان الدكتور حسن طاوطاو، المكلف بالتنظيم في لجنة تصنيف ملف اللباس التراثي لمنطقة الشرق الجزائري، قد قدم محاضرة افتتاحية عقب انطلاق الصالون، أكد من خلالها أن العمل على الملف جاء في ظروف استثنائية على اعتبار أن الجزائر كانت متأخرة قليلا في المجال، وهو ما فرض الإسراع في العمل على الوثيقة الضرورية لطلب التصنيف ضمن لوائح اليونيسكو، فدخل الفريق المكلف بالمهمة حسبه، في سباق مع الزمن لإتمام الملف الذي يرتكز بالأساس على المعطيات العلمية والدراسات التي تعد مهمة جدا لجرد وتصنيف و توثيق عناصر التراث.
وأوضح طاوطاو، أن العملية تطلبت تنظيم أيام دراسية لجمع الفاعلين في المجال من باحثين وحرفيين، قصد التشاور و تبادل المعلومات وضبط تصور جدي ودقيق لكافة المحاور المتعلقة بالملف، حيث سمحت هذه الفعاليات بإعطاء دفع قوي لمشروع تسجيل التراث اللامادي في شقه العملي.
وقال، إن تصنيف اللباس التقليدي ضمن لوائح التراث المادي للإنسانية، مهم جدا لأنه يعني تثمين و تسجيل الخبرات والمهارات والرموز الثقافية، إلى جانب ممارسات وطقوس الشعوب وعاداتها، علما أن اليونيسكو اشترطت حسبه، أن لا تقدم الأمم ملفات لعناصر قديمة مندثرة، بل لعناصر حية مكرسة ثقافيا ماديا ومعنويا، بمعنى أن تكون جزءا من حياة الأفراد، وهو ما توفر في اللباس التقليدي الجزائري المكرس بفضل العادات والتقاليد و نشاط الحرفيين. وأوضح الباحث، أن المهمة لم تكن سهلة، لأن العمل استدعى كذلك تصوير وثائقي يضم عناصر جديدة يشترك تضمينها في الملف، الأمر الذي تطلب تكاثف جهود العديد من الفاعلين لإنجاح المسعى، خصوصا وأن عملية التصنيف تحتكم لجملة من الشروط الصارمة، أهمها استمرارية المهارة أو الممارسة المكرسة للحرفة. من جانبه، تحدث الحرفي في صناعة اللباس التقليدي القسنطيني، فؤاد عزي، عن مشاركته في إعداد الملف، وقال إن العمل أوجب العودة إلى الوراء للبحث في خزائن الذاكرة المحلية قصد جمع ما يكفي من المعلومات و العينات الضرورية لإكمال الملف.
وقال عزي، إن المعرض الوطني للباس التقليدي، يعتبر اليوم من المناسبات التي تقدم نوعا من التوثيق لعناصر التراث، لأنها تعيد اللباس إلى الواجهة، وتشكل فرصة للاتقاء الناشطين في مجال صناعته وحفظه. مشيرا، إلى أنه يشارك في الفعالية بمجموعة متنوعة من الأزياء بينها قطع قديمة وقيمة جدا من ناحية قيمتها التاريخية والتراثية، على غرار القندورة القسنطينية وقفطان القاضي والغليلة والقندورة بأنواعها و القفطان الجزائري على اختلاف تصاميمه مثل قفطان الطاوس والقرنفة وغير ذلك، علما أن هذه القطع وظفت سابقا كما أوضح، في عملية الجرد والتسجيل التي تمت خلال إعداد ملف التصنيف الخاص باليونسكو.
كما عرض الحرفي إلى جانب ذلك، نماذج عن سروج الأحصنة، وقال إن لها علاقة مباشرة بمهارة التطريز، لأن هذه المهارة كانت مخصصة في البداية للباس الرجل الفارس، قبل أن يتطور استخدامها لاحقا ليشمل لباس المرأة، معتبرا بأن النساء لعبن دورا مهما جدا في مسعى التصنيف الذي تبنته الجزائر في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل محافظتهن على الأزياء التقليدي التراثية كجزء من هويتهن الثقافية.
تجدر الإشارة، إلى أن النشاط الافتتاحي للمعرض عرف تكريم مجموعة من الأسماء القسنطينية البارزة في مجال التراث، على غرار الأستاذة حليمة علي خوجة، و شيخ الطريقة الرحمانية حمودة بشتارزي، و الدكتور حسين طاوطاو، عضو اللجنة الوطنية المكلفة بتنصيف الزي التقليدي لمنطقة الشرق، والخطاط والفنان التشكيلي محمد عمراني، والحرفية في الزي التقليدي لالة باية حملاوي، إضافة إلى تكريم الحرفي فؤاد عزي و الحرفية كريمة بسطانجي صاحبة مدرسة الباي للحلويات التقليدية والحرفية موني عبد الله خوجة. هدى طابي