قال المخرج اليمني عمرو جمال، خلال النقاش الذي أعقب عرض فيلمه «المرهقون» في قاعة سينما المغرب، إن أحداث القصة واقعية و أثرت في نفسه فقرر نقلها للعالم، هي حكاية عن المعاناة اليومية للمواطن اليمني في عدن التي لم تعد «جنة» بسبب الحرب والاضطرابات الأمنية.وأضاف المخرج، أنه يسعى جاهدا لإنجاز أعمال سينمائية من أجل حفظ الذاكرة العمرانية، ويوميات الناس والمعالم الأثرية والعلمية وكل شيء بدأ يتضرر في مدينته بسبب الأحداث المتعاقبة، ويعتبر عمرو جمال، أن السينما ستكون خزانا يحمي الهوية وينقل تفاصيل الوطن الجريح للأجيال القادمة، ومن بين المشاهد التي ركزت عليها الكاميرا صور لمكتبة تعرضت للهدم رغم أنها الأولى في الجزيرة العربية وقد أنشأت سنة 1886.
سلط العمل الضوء بشكل واضح على فكرة الإجهاض، واعتبر المخرج أن ذلك مهم لأن الإجهاض يصف بعمق طبيعة المعاناة عندما تموت الأحلام، معتبرا أن الفيلم يوثق لمرحلة من مراحل تاريخ عدن واليمن بصفة عامة، حيث تتطرق الأحداث لمشاكل انقطاع الماء والكهرباء وتأخر رواتب الموظفين، وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار كل اللوازم والخضر وانخفاض قيمة العملة الوطنية وغيرها من المظاهر. ويصف الفيلم في مشاهده درجات اليأس، إذ لم تعد الأسر تستطيع تلبية حاجياتها، ويظهر ذلك من خلال تخبط البطلة «إسراء» التي تكتشف أنها حامل بطفل رابع، فيكون الإجهاض حلا بالنسبة إليها لتستمر حياة باقي أفراد الأسرة بشكل أفضل.
وقد أشار المخرج، إلى أنه اعتمد على هذا النسق في الوصف ليبين كذلك دور المرجعيات الدينية في الأمر، مبرزا جوانب عديدة من واقع الطبقة الوسطى في بلاده، وكيف أنها فقدت كل مقوماتها وخصوصياتها بسبب تدهور الوضع الاقتصادي.كما أظهر المخرج، وجها آخر لواقع المواطن في اليمن و كيف أثر عليه الوضع الأمني لدرجة أفقدته جزءا مهما من حقوقه وحرياته، موضحا بأن الصراع العسكري في عدن أثر سلبا وبشكل كبير جدا على حياة الأفراد و بلغ مستويات تمس كثيرا بكرامة وحرية المواطن، الذي لا يجد حلا بديلا سوى الاحتجاج رغم أن الصراع بدأ يحسم لصالح طرف محدد منذ 2019.يجسد فيلم «المرهقون» يوميات أسرة تتكون من 5 أفراد، الأب أحمد والأم إسراء وثلاثة أطفال، كانوا يعيشون ظروفا عادية قبل الحرب و الاضطرابات الأمنية، ولكن حياتهم تتحول فجأة إلى معاناة واحتراق يومي، بعدما يفقد الوالد وظيفته في تلفزيون عدن، ويرفض الالتحاق بواحدة من القنوات الجديدة ذات المرجعيات المتطرفة، فيضطر بذلك للعمل كسائق لسيارة نقل شبه جماعي.ووسط ظروف غلاء الكراء والتهاب الأسعار وقلة الدخل، تجد إسراء نفسها حاملا بالطفل الرابع، وهو خبر صدم الزوج الذي أمرها بالإجهاض، لكن الأطباء يرفضون إجراء العملية بسبب موقف الدين فتلجأ الزوجة لصديقتها الطبيبة، لكن « منى» تحاول بدل مساعدتها إقناع أحمد بتقبل الجنين، لكن مشايخ مواقع التواصل ينتصرون لرأي أحمد في فتوى إلكترونية يقع عليها خلال بحث على الإنترنت، وهكذا يدفع الرجل لممرضة كي تقوم بالعملية في البيت بعيدا عن الأعين.تتدخل الدكتورة منى في آخر لحظة وتمنع العملية، ثم تساعد صديقتها لدخول المستشفى بعدما تزور ملفها الطبي، لكن ذلك يسبب لها اكتئابا لاحقا فتقاطع صديقتها وزوجها وكأنها تعلن التوبة من «خطيئتها» التي تعتبر «حلا منقذا» لتلك الأسرة.
خيرة بن ودان