"مشروع الخط الأصفر" توظيف ناجح للأشعار و الأنغــــام الشاوية ضمن رسائل رمزيــــــة
جزائريون ينتظرون ظهور فارس في أحد المطارات أمام الخط الأصفر الذي يرمز إلى المرحلة الانتقالية التي جسدتها مسرحية «مشروع الخط الأصفر» من إنتاج مسرح سيدي بلعباس الذي كان عرضها الشرفي أول أمس بالمسرح الجهوي بقسنطينة.
أحداث المسرحية تبدأ باجتماع مسافرين أمام الخط الأصفر بأحد المطارات، حيث يبرز كل مسافر ما يحمله في حقيبته و هي رمز إلى الموروثات الثقافية والفكرية التي يمتلكها هذا المسافر وقد تكون في أحيان كثيرة عقده و أمراضه النفسية، حيث أن ما يجمع هؤلاء المسافرين هو انتظارهم لظهور «فارس» وهو المخلص الذي سيحمل الأمل لكل شخصية متشبثة بحقيبتها التي تحملها.
المسرحية بنيت على حوار شخصيات تلتقي في المطار لأول مرة، يجمعها انتظار الطائرة التي تتأخر عن موعدها، حينها تصر كل شخصية على إبراز ما تحمله في حقيبتها وتسرد بشكل جميل وبلغة عربية فصحى تطلعاتها وهمومها، فيظهر البعد الإنساني لكل شخصية.
اللغة الشعرية التي نقلت بها شخصيات المسرحية همومها، كانت من أهم مميزات مسرحية «مشروع الخط الأصفر» ، وقد استلهمت من عديد الثقافات وحاكتها حيث نجدها تتناص مع أشعار ابن عربي، وأهم مقاطع مسرحية «في انتظار غودو»، بالإضافة إلى استعمال أجمل الأشعار التي تحتفي بها الثقافة الشاوية كموروث ثقافي جزائري عريق.
المسرحية تلاعبت بالزمن، حيث تنتقل بين فترة تاريخية وأخرى، في إشارة لهلوسات قد تصيب المسافرين الذين يستحضرون الماضي في حياتهم ،حيث أن هذا الماضي هو الذي ساهم في تحديد نوعية الأشياء التي يحملونها في حقيبتهم.
«مشروع الخط الأصفر» أعاد الاعتبار للموسيقى والأغنية الشاوية ،حيث رافقت أنغامها أحداث المسرحية، كما أن ظهور عازف على آلة الساكسفون في عديد المشاهد أعطى بعدا موسيقيا جميلا لأحداث المسرحية.
المسرحية من تصميم المخرج المصري انتصار عبد الفتاح ، ونص احميدة العياشي، و شارك فيها الفنان عبد القادر جريو كمخرج منفذ . وتضم تسعة ممثلين شباب استطاعوا أن يؤدوا أدوارهم بشكل مقنع وجاذب للاهتمام ،خاصة وأنهم برعوا في الغناء والرقص و التمثيل باحترافية كبيرة.
المخرج عبد القادر جريو بين للنصر، بأنه كان يهدف لإعطاء فضاء من الحرية للممثلين، لذلك تجنب استعمال ديكور للمسرحية واكتفى بحائط يسمح بالرؤية وهو باللون الأصفر، في إشارة للخط الأصفر بالمطارات، حيث اهتم بالعمل على توزيع الممثلين وحركتهم فوق الركح، لجذب اهتمام المتفرجين مركزا على نوعية ألوان الملابس التي يرتديها الممثلين و السينوغرافيا التي غطت على غياب الديكور المسرحي.
حمزة.د