أثار اعتراف البرلمان الفرنسي بالدولة الفلسطينية غضب الفيلسوف برنار هنري ليفي الذي قاد حملة لإحباط التصويت بنعم، لأن نص لائحة الاعتراف بحسب الفيلسوف "الثائر" عبثي و يخص الطرف الاسرائيلي وحده بالدعوة إلى التنازل. ولم يتردد ليفي وهو يعدّد خرجاته الإعلامية هذه الأيام في مطالبة ساسة أوروبا بعدم مجاراة الرأي العام الذي يعرف صعود مشاعر معادية لإسرائيل.
وبرر فيلسوف الميديا رفضه للاعتراف بكونه يخدم حماس التي تنكر الآخر وبتزامنه مع صعود الموجة الجهادية في العالم ولأن قيام الدولة الفلسطينية يتطلب قطع أشواط من المفاوضات الجادة التي تؤدي إلى قبول فلسطيني بإسرائيل.
والغريب في سلوك ليفي الذي يبشّر العرب بالديمقراطية أنه يرفض التصويت الديمقراطي في فرنسا ويرفض توجهات الأغلبية لأنها ليست على حق في جميع الحالات، أي أن الأغلبية لن تكون على حق إلا إذا وافق ما صدر عنها هوى إسرائيل. وهو هنا في حالة إنكار للديمقراطية ومع ذلك فقد حظي بدعوات كثيرة في منابر إعلامية لتقديم حججه على عدم صواب موقف النواب، هذا الوضع يؤكد ما ذهبت إليه صحفية في التلفزيون الفرنسي امتلكت الجرأة على كسر جدار الصمت من خلال تصريحها بأن ليفي لازال المطلوب المفضل للحوارات من طرف مسؤولي التلفزيونات رغم أنه فقد مصداقيته، ما يعني أن الرجل مفروض على الفرنسيين من طرف القوى المالية المالكة لأسهم في وسائل الإعلام واللوبيات الضاغطة بغرض الإبقاء عليه في الواجهة حتى وإن صارت أعماله لا تلقى الرواج السابق.
انحياز ليفي الأعمى لديانته وللدولة العبرية جعله يتحول إلى ما يشبه مرصد مختص في إحصاء السلوكات "المعادية للسامية" التي دفعته إلى هجاء فرنسا وأوروبا، بل أن مواقفه المتطرفة أغضبت حتى سياسيين إسرائيليين في صورة السفير الإسرائيلي السابق في فرنسا نسيم زفيلي الذي ثار في وجه ليفي و صديقه فيلسوف النقاء العرقي ألان فينكلكروت في لقاء معهما بثته القناة الفرنكوفونية الاسرائيلية عشية تصويت البرلمان الفرنسي، حيث واجه السفير الفيلسوفين بالقول أنه يدعم قيام دولة فلسطينية وسألهما إن كان يعرفان ما الذي يعنيه احتلال شعب 47 سنة.
وبقدر ما صغر الفيلسوفان أمام الديبلوماسي بقدر ما يكبر السؤال عن صمود فلاسفة الميديا في المشهد الفرنسي بشكل يدفع إلى التفكير الجدي في تصريح اللاعب ايمانيال بوتي هذا الأسبوع بشأن ما كان على الفرنسيين تعلمه من الاحتلال الألماني.
سليم بوفنداسة