يعتبر الممثل والسيناريست عبد القادر جريو بطل « أولاد الحلال” أن المسلسل لاقى نجاحا باهرا كونه كسر الطابوهات وكان قريبا جدا من البيئة الجزائرية بكل تفاصيلها، نافيا أن تكون القصة مسروقة من أعمال مصرية، حيث أكد في حوار للنصر أنه قام بمعالجة درامية لإسقاط القصة على الواقع الجزائري، بطل العمل قال في حوار خص به النصر أن المسلسل تعرض لمحاولة تشويه رفعت نسب المشاهدة، مرجعا النجاح إلى الاختيار الدقيق للأبطال وإلى الإستعانة بخبرة تونسيين شاركوا في أعمال عالمية، كاشفا بأن العمل نفذ بميزانية تعد الأضعف في الإنتاج الرمضاني هذا الموسم وما سبقه من مواسم.
حاوره: مروان. ب
* مسلسل أولاد الحلال الذي جسدت فيه دور البطولة صنع الحدث ونجح في خطف انتباه المشاهد الجزائري، من أين جاءت فكرة العمل ؟
مساهمتي في هذا العمل كانت كبيرة جدا، واعتبر نفسي صاحب المشروع، إلى جانب المنتج التونسي أيمن الجوادي، الذي رآني الأجدر بدور البطولة، بعد مشاهدتي في مسلسل الخاوة 2 شهر رمضان المنصرم، حيث طرح علي فكرة العمل سوية، مقدما لي خمس حلقات مكتوبة عن مسلسل أولا الحلال، وعند اطلاعي عليها ، وجدت بأنها بعيدة بعض الشيء عن الواقع الجزائري ، بحكم أن السيناريست تونسية ، ولذلك قمت بالتكفل بالمعالجة الدرامية ، من خلال الاشتغال على تجسيد العمل، وبعد حصولنا على موافقة المنتج عماد هنودة صاحب شركة ويلكوم، والذي آمن بالعمل ورأى بأنه يحمل شيئا جديدا ومختلفا للمتلقي الجزائري شرعنا في بلورة هذه الفكرة على أرض الواقع ، من خلال المرور إلى مرحلة الكاستيغ، وهي مرحلة جد دقيقة، فقد اخترنا الممثلين الأنسب ، والأقدر على العمل وسط تحديات صعبة ، كان علينا خوضها، باعتبار أننا كنا أمام فرصة العمر لتقديم شيء جديد، وغير معتاد على مستوى الدراما الجزائرية التي لم يسبق لها أن عالجت قصص مماثلة.
توقعت من أول لحظة أن يحدث العمل ضجة
*دورك كان بارزا بشهادة الجميع، بالنظر إلى عدم اكتفائك بالتمثيل فقط، ما رأيك ؟
لم أكتف بدور الممثل فقط في مسلسل أولاد الحلال ، بل كنت وراء كتابة السيناريو وتقريبه من الواقع الجزائري ، كما ساهمت في اختيار الممثلين الأنسب للأدوار ، وعندما أسندت لي مهمة العمل على المعالجة الدرامية للعمل ، والتي استغرقت ثلاثة أشهر كاملة، رأى المنتج أيمن الجوادي أنني الأصلح لأداء شخصية مرزاق، ولقد وافقت على ذلك ، والحمد لله أديت دوري بشكل جيد ، وحظيت بإعجاب الجمهور الجزائري، الذي تفاعل معي بشكل كبير خلال الحلقات الأولى ، إلى درجة عرفت فيها مدى نجاحي ونجاح العمل ككل، أضف إلى ذلك نسب المشاهدة العالية على موقع يوتيبوب، والتي لم يتوقعها أحد، رغم أننا كنا ندرك بأننا أمام عمل مختلف بديكورات جديدة ، مع أداء مغاير وإخراج باهر ، وحكاية قريبة من واقعنا، فحين تشاهد هذا العمل تدرك أنك أمام عمل جزائري خالص ، لقد كنا أمام تحد كبير في إنتاج مسلسل يحافظ على جزائريته من ناحية كافة الجزئيات والتفاصيل.
*كيف تمت عملية الكاستينغ وما هي المعايير التي اعتمدتموها في اختيار الشخصيات ؟
كنت وراء هذا العمل، من خلال التكفل شخصيا باختيار الممثلين الأنسب للأدوار، وخلال “الكاستينغ” الذي دام ثلاثة أسابيع سعينا لاختيار الأفضل ، والذين يمكنهم الأداء بشكل مقنع والنتيجة تشاهدونها ، فعلى سبيل المثال يوسف سحايري الذي أدى دور شقيقي خطف الأضواء ولقي إعجابا منقطع النظير من قبل المشاهدين، إلى جانب مصطفى لعريبي وأمين بابيلون، وغيرهم من الأسماء التي شاركت هذا النجاح الباهر، الذي لم نتوقعه بهذه الدرجة بكل صراحة، لقد اكتشفنا قدرات إبداعية جديدة خلال هذا المسلسل، مثلا الممثل مصطفى لعريبي تجاوب مع شخصيته والفنانة إيمان نوال كذلك كانت موفقة إلى أبعد الحدود، فيما فاجأتي سهيلة لمعلم بقدراتها في الحديث باللهجة الوهرانية ، إلى درجة تجعلك تحس بأنها من أبناء الباهية وهران، دون أن أنسى صديق دربي خساني الذي أبهر الجميع بدور جديد وبأداء كبير.
القصة لا علاقة لها بالأجواء المصرية وأنا تكفلت بالمعالجة الدرامية لها
*هل توقعتم أن تصل نسب المشاهدة إلى 2 مليون خلال هذا الظرف الوجيز؟
منذ الاتفاق الحاصل بيني وبين المنتجين أيمن الجوادي وعماد هنودة كنت مدركا، بأنه سيصنع الحدث وسيخلق ضجة كبيرة، كما أنني توقعت نجاحه الباهر، منذ لحظة التجاوب مع الإعلان الترويجي، الذي بث قبل شهر رمضان، ولكن أن تصل نسب المشاهدة إلى هذه الأرقام القياسية في فترة وجيزة جدا، فهذا الذي لم نكن نحلم به على الإطلاق، ولكن مع بث الحلقات الأولى ، تفاجأنا بالردود الإيجابية للجمهور الجزائري، الذي أثنى على مجهوداتنا الجبارة، واعترف بمدى توفيقنا في نقل أحد القصص التي يعيشها ، وهنا استغل الفرصة لشكر لكل من دعمنا، وسعد لنجاحنا الخارق، ونعده بأن تكون الأمور أكثر تشويقا وإثارة فيما تبقى من حلقات، لقد تعبنا من أجل أن يظهر المسلسل بهذه الجودة ، ويكفي أننا نعمل عليه منذ ستة أشهر كاملة، إذ لم يغمض لي جفن في الأسابيع الأخيرة، وكنت مركزا على دوري، والعمل على مساعدة بعض الوجوده الجديدة على غرار بابيلون، صاحب الأغنية الشهيرة يا الزينة، خاصة وأنه يمثل لأول مرة ولكنه لفت إليه الانتباه بقوة بأدائه الراقي.
حملة التشويه رفعت نسب المشاهدة
*هناك من يقول بأن هذا العمل كلفكم ميزانية ضخمة، بماذا ترد ؟
شكرا على هذا السؤال الذي اعتبره في محله، وهنا أؤكد لكم بأن ميزانية مسلسل أولاد الحلال هي الأضعف من بين كافة الأعمال المقدمة خلال هذا الشهر العظيم وحتى في الفترات الماضية، وليس هذا فحسب، بل هناك أعمال جزائرية تفوقنا بثلاثة أضعاف كاملة من حيث الميزانية ، ورغم ذلك نحن نصنف الآن كأفضل عمل يبث خلال شهر الصيام ، وهذا يزيدنا فخرا واعتزازا بما قدمناه، وتعبنا من أجله طيلة الفترة الماضية.
*رغم النجاح والتجاوب المنقطع النظير للمشاهد الجزائري، إلا أن هناك من يقول بأن المسلسل مقتبس من الأعمال المصرية التي ترتكز في مجملها على قصص مشابهة حول عالم العشوائيات والأحياء الفقيرة؟
عوض البحث عن المعايير التي ساهمت في نجاح هذا العمل، والقيام بدراسات حولها، من أجل القيام بتجسيدها في المشاريع المستقبلية، نسعى للبحث عن السلبيات، وهو ما يؤكد بأن أعداء النجاح في الجزائر يتربصون بكل شخص يبحث عن صنع الاستثناء لقد اجتهدنا ، ولحسن حظنا أن تعبنا لم يذهب سدا ، بدليل التفاعل غير المسبوق مع هذا العمل الدرامي، الذي يحاكي واقع جزائري، ولا علاقة له بالأجواء المصرية، كافانا من التفاهات التي لا أود الحديث عنها والالتفات لها، وستكون هذه التجربة مصدر إلهام بالنسبة لي من أجل المواصلة في هذا الدرب.
إذن تؤكد بأن القصة قريبة من المجتمع الجزائري ؟
لقد اكتشفت وصفة النجاح، وهي التي سأسعى للاستثمار فيها، خلال أعمال القادمة من أجل البقاء في القمة ، ولو أني أدرك بأن الأمور صعبة للغاية في هذا المجال، الذي يتطلب تضحيات جسام وعملا مضنيا على مدار سنة كاملة وليس مع اقتراب شهر الصيام فقط.. على العموم، قصة أولاد الحلال غير مقتبسة من الأجواء المصرية، ولا علاقة لها بما يقدم في تونس مؤخرا ، رغم أن الحقيقة تقال بأنهما يتفوقان علينا في هذا الميدان ، صدقوني عملنا يحكي معاناة إنسان، وطريقة الحكي التي تخلق الأحداث فيها خصوصية المنطقة ، وهي تتحدث عن جزائريين يبحثون عن أمهم الميتة التي تركتهم في ملجأ، وقائع يمكن أن تحدث في أي منطقة ببلادنا ولقد اخترنا وهران لأنها من أعرق الولايات في الجزائر وتستوفي كافة شروط القصة ، وهنا أود أن أحيطكم علما بأنه لما كلفت بمهمة المعالجة الدرامية كوني جزائري، لا يمكنني سوى إسقاطها على البيئة التي أعرفها، فالعديد من المشاكل التي تحويها القصة في مجتمعات أخرى يتصرفون بطريقة معينة في حلها، ومثلا نحن لنا أسلوبنا الخاص في التعامل مع العديد من القضايا كالتبني وتربية الأولاد، كفاكم تعاطفا مع الأعمال الأجنبية ، ومهاجمة كل ما هو جزائري ولو أنه مميز بشهادة الجميع، فأولاد الحلال كان ملئيا بالمشاهد العاطفية، وهي أمور لم يتعود عليها الجمهور الجزائري ، كما أن كسر بعض الطابوهات في هذا العمل خلف بعض الردود.
الممثلون أظهروا قدرات ابداعية عالية
*بالحديث عن المشاهد، هل تعد الجمهور بحلقات أكثـر تشويقا في قادم الأيام ؟
المسلسل سيعرف عدة تطورات خلال الحلقات القادمة، وأعد الجمهور بمشاهد قوية ومفاجآت كبيرة، خصوصا بعد اكتشاف حقيقة أهلي وأمي التي أبحث عنها، فالحلقات الأولى تكون في مستوى وتنتقل إلى مستوى آخر في الحلقات العشر التي تليها، بينما في الحلقات الأخيرة، ستدخل شخصيات جديدة يجسدها فنانون آخرون، ولا أود الحديث أكثر ، لأنني أود ترك عامل التشويق ، باعتبار أنه الأهم في مثل هذه الأعمال، صدقوني السيناريو مكتوب بإحكام كبير، والتساؤلات ستزداد يوما بعد يوم.
*هناك بعض الانتقادات، وما حقيقة ما حدث مع الجمهور الوهراني الذي التقيتموه وشرحتم له أسباب اختيار الباهية مسرحا للقصة ؟
نحن نؤيد المنافسة الشريفة، ولكن هناك من قاد حملة شرسة ودنيئة ضدنا، لا لشيء سوى لأنه انزعج لحجم النجاح الذي حققناه، ويتعلق الأمر بإحدى القنوات التي حاولت تزييف الحقائق ومغالطة المشاهدين، ولكن خرجتها أفادتنا أكثر مما شوهت صورتنا، فهم قاموا بإشهار مجاني لنا، وساهموا في رفع نسب المشاهدة بشكل كبير، ما مكننا من كسر كافة الأرقام ، ويكفينا فخرا ما حدث لنا مع الجمهور الوهراني الذي نزل إلى الشارع بأعداد غفيرة ليس لانتقادنا أو اتهامنا بتشويه صورة الباهية بل على العكس أكدوا وقوفهم إلى جانبنا ، وعبروا عن اعتزازهم بما قدمناه لهم، والذي يعكس معاناتهم اليومية، ويحكي قصة قريبة جدا من واقعنا المعاش.
المسلسل كسر الطابوهات
*ماهي العراقيل التي واجهتموها ؟
الوقت كان عدونا الأكبر خلال هذا المسلسل ، بسبب غياب التمويل وعقود السبونسور، رغم الاستعدادات المادية التي قدمها المنتج، وهو ما اضطرنا للانتظار قبل الشروع في تجسيد هذا العمل على أرض الواقع، كما أن التأخر في عملية التصوير التي انطلقت نهاية شهر فيفري فقط وضعنا في مأزق ، وهو ما أجبرنا على العمل إلى حد الآن، دون إغفال ظروف التصوير التي كانت صعبة للغاية بالنظر إلى طبيعة الدرب.
*بماذا تريد أن تختم الحوار ؟
استفدنا خلال هذا العمل من خبرة التوانسة، الذي يتفوقون علينا في الجانب التقني ، فعلى سبيل المثال هناك 50 أو 60 تونسي يشتغلون على عمل بريطاني عالمي، إلى جانب الأفلام الأجنبية التي تصور بانتظام بالبلد الجار، وهم ما يؤكد مكانتهم الكبيرة في هذا المجال، ما منح لعملنا إيقاعا و ريتم عال لاقى استحسان المتلقي الجزائري، ولو أننا وظفنا معهم بعض التقنيين الجزائريين، على أمل أن يكتسبوا بعض الميزات.
م/ب