* المشروبات المصنعة في الجزائر بعيدة عن المقاييس الدولية و مسببة للأمراض
يدعو رئيس جمعية مرضى السكري لولاية الجزائر، فيصل أوحادة، المصابين بالأمراض المزمنة عموما والسكري خصوصا، إلى الاستمرار في التقيد الصارم بالإجراءات الوقائية و الصحية ضد فيروس كورونا المستجد، مؤكدا بأن مرضى السكري و غيرهم من المرضى المزمنين أكثر عرضة للمضاعفات الخطيرة، إذا أصيبوا بالوباء.
حاوره: عبد الحكيم أسابع
فخورون بمشاركتنا في الجهود الوطنية لمكافحة كوفيد 19 والحد من انتشاره
* النصر : أعلنتم في بداية انتشار فيروس وباء كورونا عن استعدادكم لاقتناء الأدوية أو تجديد الوصفات الطبية عند الأطباء المعالجين لكل مرضى السكري الذين يتصلون بكم بالجزائر العاصمة، لكي لا يخرجوا من بيوتهم و يعرضون أنفسهم لعدوى كوفيد 19، هل طبقتم ذلك؟
ـ فيصل أوحادة: فعلا لقد سبق و أن وجهنا نداء إلى مرضى السكري القاطنين بولاية الجزائر العاصمة و بعض الولايات المجاورة، مباشرة بعد انتشار كوفيد 19، إلى تجنب الخروج، خاصة إلى الأماكن العمومية كثيرة الازدحام، حتى لا يعرضوا أنفسهم إلى الإصابة بهذا الوباء الفتاك الذي يهدد حياة ذوي المناعة الضعيفة أكثر من غيرهم، وأعربنا عن استعدادنا للتضحية من أجل المرضى.
و بما أن لدينا أطقم من الأطباء و الصيادلة و مختصين في التغذية و نفسانيين و طلبة نشطين من مختلف الأعمار، أبدوا استعدادهم لخدمة المرضى المزمنين بصفة عامة، ألححنا على المنتسبين لجمعيتنا وعددهم 30 ألف منخرط التزام تعاليم الحجر الصحي ، و اقترحنا في المقابل حزمة من الخدمات لفائدتهم، من بينها تكفل جمعيتنا باقتناء الأدوية أو تجديد الوصفات الطبية عند الطبيب المعالج، في إطار حرصنا على تعزيز شروط الوقاية، ومحاصرة الوباء.
إذ يكفي تكليف أحد أفراد العائلة بتوصيل الوصفة و بطاقة الشفاء الخاصة بالضمان الاجتماعي، لتوفير الدواء اللازم، و هي نفس المبادرة التي قام بها منخرطون وجمعيات ننسق جهودنا معها، في ولايتي بومرداس و تيبازة.
وقد لقيت مبادرتنا صدى واسعا و كللت جهودنا بالنجاح ونحن فخورون بمشاركتنا في الجهود الوطنية لمكافحة وباء كورونا و الحد من انتشاره.
* في رأيكم هل يتعين على المرضى المزمنين، الاستمرار في التقيد بالإجراءات الوقائية و الصحية بعد التراجع الكبير في الإصابات بكورونا المستجد في بلادنا؟
ـ في ظل تأكيدات منظمة الصحة العالمية بأن الوضع لايزال مثيرا للقلق عبر العالم، و أن «ثمة حاجة ملحة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة»، أنصح المصابين بالأمراض المزمنة عموما، الاستمرار في التزام بيوتهم وعدم الخروج إلا للضرورة، سيما كبار السن، فهذا الوباء، رغم انحسار رقعته، إلا أنه لا يزال فتاكا ومضاعفاته أكثر خطورة على المرضى المزمنين و مختلف الفئات الهشة و ذوي المناعة الضعيفة من المرضى، وفي حال اقتضت الضرورة أن يخرجوا، يجب عليهم التقيد الصارم بإجراءات الوقاية، خاصة ارتداء القناع الوقائي و احترام مسافة التباعد الجسدي، وتفادي الاتصال الوثيق الذي يمكن أن ينشر الفيروسات، و خاصة الامتناع التام عن العناق والتقبيل والمصافحة، ولو مع الأحباب والأقارب، في كل الظروف، فضلا عن تعقيم اليدين بمطهر كحولي، وغيرها من شروط الوقاية الأخرى التي ينصح بها في الخارج أو عند الدخول إلى البيت.
14 بالمئة من الجزائريين مصابين بالسكري
* بالمناسبة هل لديكم إحصائيات تقديرية حول مرضى السكري الجزائريين ، و ما هي برأيكم أسباب تزايد عدد المصابين ، سواء في أوساط البالغين أو الأطفال؟
ـ الأرقام المتداولة تقريبية و تشير إلى وجود حوالي 5 ملايين مصاب بداء السكري في بلادنا، ما يمثل 14 بالمئة من عدد السكان وهو رقم كبير، و يتطابق مع الأرقام التي أشارت إليها منظمة الصحة العالمية، و اعتبرت ذلك «مؤشرا مقلقا» يدعو إلى مزيد من الحرص على تلقين المواطنين الطرق السليمة للتغذية و الحركة، كما تشير ذات التقديرات إلى تسجيل حوالي 30 ألف إصابة سنوية بمرض السكري في الجزائر، فضلا عن كون مرض السكري يمثل السبب الثالث للوفيات في الجزائر.
وعليه، فإن الأمن الصحي للجزائريين في خطر، ويجب على الجميع اتباع حمية غذائية تعتمد على الخضروات الغنية بالألياف، لأن الألياف تساعد على حفظ نسبة الغلوكوز والدهون في الدم في مستواها الطبيعي، و التقليل من الدهون في الوجبات.
3 آلاف طفل جزائري
مصاب بالسكري
* و هل لإصابات الأطفال بهذا الداء علاقة بالجوانب الوراثية أم لأساب أخرى؟
ـ تقدر نسبة الإصابة بداء السكري لدى الأطفال في الجزائر، حسب دراسات قام بها أساتذة متخصصون بحوالي 30 حالة جديدة سنويا لكل 100 ألف طفل، وهذا الداء في تزايد مستمر، فقبل حوالي 20 سنة كانت الجزائر تحصي زهاء 500 طفل يصاب بالسكري سنويا، وحاليا يقدر عددهم بأزيد من 3000 طفل سنويا على المستوى الوطني، و وفقا للدراسات الحديثة التي أجريت بوهران و قسنطينة، فإن نسبة الإصابة بالسكري عند الأطفال هي مصاب واحد لكل 500 طفل، وبالنسبة للفئة العمرية أقل من 15 سنة، يأتي في المقدمة السكري من الصنف 1 ، الذي يعتمد في علاجه على حقن الأنسولين، وعادة ما لا تكون الحالات المسجلة ذات علاقة بالجوانب الوراثية.
تطور المرض ناجم عن عدة عوامل منها تغير العادات الغذائية في المجتمع بالدرجة الأولى و نقص الحركة، بالإضافة إلى العامل الوراثي، و يشكل الكشف و التربية العلاجية أهم وسيلتين فعالتين لمكافحة انتشار هذا المرض في أوساط الأطفال.
النظام الغذائي المتداول ببلادنا في مقدمة أسباب المرض
* يعاني الكثير من المصابين القدامى بمرض السكري، من مضاعفات خطيرة تصل إلى فقدان البصر و بتر الأطراف، ألم يصل الطب الحديث إلى علاجات ناجعة للوقاية من المضاعفات؟
ـ في مقدمة مضاعفات مرض السكري، نجد الضغط الدموي، إذ تشير دراسات إلى أن بين 70 و75 بالمئة من المرضى يصابون به، و في المقابل نجد أن 30 إلى 35 بالمئة من مرضى الضغط الدموي يصابون بالسكري، وهنا يجب أن نحذر المرضى الجدد من مخاطر النظام الغذائي المتداول بين الجزائريين، والذي يحمّله الأخصائيون مسؤولية الإصابة بالسكري و مضاعفاته، لذلك فإن اعتماد نظام غذائي صحي، و التقيد بنصائح الطبيب المعالج، يجنب المصاب فقدان البصر أو بتر أحد الأطراف، لذلك فمنذ سنة 2009 نقوم بحملات تحسيسية، بالتنسيق مع المستشفيات عبر الوطن، للوقاية من السكري، فضلا عن حملات الكشف المبكر.
* من هي الفئة الأكثـر عرضة لبتر الأطراف، خاصة القدم؟
ـ تعتبر الجلطة القلبية من أهم الأسباب التي تؤدي للوفاة، بالنسبة لمريض السكري، حيث توجد علاقة مباشرة بين المرض و الجلطة القلبية، و تحدث نتيجة الارتفاع المزمن لنسبة السكري في الدم، بالإضافة إلى ارتفاع ضغط الدم و التدخين.
دعوة لوزارة الصحة لإعادة النظر في أدوية السكري المعنية بالتعويض
* مقابل الوفرة في تشكيلة أدوية السكري المعروفة و المعتمدة، لا تزال مصالح الضمان الاجتماعي لم تعتمد بعض التركيبات الدوائية الفعالة كالحقن البديلة للأنسولين التي أنتجتها بعض المخابر الأجنبية الرائدة في صناعة أدوية السكري في الجزائر، ما يحرم قطاع واسع من مرضى السكري من استعمالها لارتفاع أسعارها، هل يمكن لجمعيتكم أن تسعى لدى السلطات العمومية لإبراز أهمية هذه الأدوية الجديدة، التي يقال أنها ناجعة في محاربة مضاعفات السكري؟
ـ هذا لغز محير فعلا، لذلك فمن هذا المنبر نجدد دعوتنا لوزارة الصحة بضرورة إعادة النظر في الأدوية المعنية بالتعويض عند مصالح الضمان الاجتماعي، واعتماد الأدوية الجديدة التي دخلت في السنوات الأخيرة و لم يشملها التعويض.. إن بعض الأدوية دخلت الجزائر منذ 2014 و لاتزال لحد الآن غير قابلة للتعويض، ومن بينها أدوية حديثة، يؤكد الأطباء أن فعاليتها تتجاوز فعالية الأنسولين المعتمد حاليا، كونها تساعد على إنقاص الوزن و تخفيض نسبة السكر في الدم.
تسويق مكملات غذائية بعضها مجهولة المصدر
* ماذا عن المكملات الغذائية التي لم تعد تقتصر على مكمل «رحمة ربي» الذي سبق وأن أثار جدلا كبيرا ؟
ـ الكثير من المكملات الغذائية الموجهة للمرضى أثبتت نجاعتها، ومن بينها «رحمة ربي ‘’ الذي نطالب بالترخيص لتسويقه في الجزائر، و السماح لصاحبه بإنتاجه في الجزائر، خاصة و أن هناك مكملات غذائية تجلب من هنا وهناك و أحيانا مجهولة المصدر، تباع بشكل عادي في بلادنا.
* حذرتم في أكثـر من مناسبة من نوعيات معينة من آلات وشرائح قياس السكري التي تسوق حاليا في بلادنا، وحذرتم من الإعتماد عليها كمرجعية للعلاج، لأنها لا تقدم نتائج مضبوطة، كونها غير مطابقة للمعايير الدولية، هل ممكن لهذه الوسائل أن تؤثر سلبا على المريض؟
ـ آلات و شرائح قياس نسبة السكري في الدم المتوفرة بالسوق الجزائرية، تشكل اليوم أكبر هاجس بالنسبة للمرضى، لأن الكثير منها تَبيَّنَ أنه غير مطابق للمعايير، و يمكن أن تتسبب معطياتها الخاطئة في تدهور خطير لصحة المريض، توجد آلتان إثنتان ننصح باعتمادهما، ليس من باب الإشهار وهي ‘’بيونيم ‘’ و «فيطال تشاك’’، فهما فقط ، حسب تأكيدات الاختصاصيين، تعطيان نتائج أكثر دقة و ننصح باستعمالها.
* ما هو تقييمكم لعمل المؤسسات الجوارية المختصة المعروفة بـ «دار السكري» و ظروف تكفلها بالمرضى؟
ـ في الماضي كان التشخيص يقتصر على الخواص و المستشفيات فقط، ومع استحداث ‘’دور السكري’’ عبر الوطن، أصبحت هذه الهياكل تؤدي دورا أكبر في التكفل بالمرضى، سيما وأنها تضم أطباء مشهود بكفاءتهم، و المطلوب دعم هذه الدور أكثر من خلال تزويدها بمستلزمات طبية و مخابر من الطراز الرفيع.
رابع سبب للوفيات في بلادنا
* هل حقا يمثل السكري السبب الثالث للوفيات في الجزائر، وما هو المطلوب من المنظومة الصحية لكي تقلص من حجم الإصابات و المضاعفات بالنسبة للمصابين؟
ـ لا يمكن الجزم بأن السكري هو السبب الثالث للوفيات في الجزائر، لكن هناك دراسة حديثة في الولايات المتحدة الأمريكية قام بها فريق من الباحثين في جامعة بنسلفانيا، بينت نتائجها أن «هذا الداء هو ثالث سبب رئيسي للوفيات بعد أمراض القلب و السرطان، أكثر مما كان يعتقد سابقًا..’’، بينما أشارت تقديرات إحصائية سابقة لوزارة الصحة في الجزائر، استنادا لأطباء مناوبين في كبريات المستشفيات عبر الوطن، أن أكثر من ثلث الوفيات المسجلة في الجزائر، بسبب أمراض القلب والشرايين و مضاعفاتها، بما فيها الجلطات الدماغية، ثم أمراض الجهاز التنفسي و بعدها أمراض الجهاز الهضمي، فيما تأتي مضاعفات مرض السكري كرابع أسباب الوفيات في بلادنا، و مهما كان الأمر فإن مضاعفات هذا المرض مميتة، و تتطلب وقاية صارمة.
الجزائري يتناول 30كلغ سكر سنويا!
* كشفت إحصائيات سابقة لوزارة التجارة، اعتمادا على دراسات قامت بها جمعيات، أن الجزائري يستهلك أزيد من 22 كلغ من السكر سنويا، مما تسبب في ظهور أمراض عديدة كالبدانة و السكري لدى الكثير من الجزائريين، هل ترى أن الجمعيات مطالبة بتكثيف حملاتها التحسيسية و التوعوية لغرس الثقافة الغذائية السليمة لتجنب الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي؟
ـ إن المشروبات الغازية و العصائر التي تصنع في الجزائر بعيدة كل البعد عن المقاييس الدولية، وهي سبب انتشار الكثير من الأمراض، في مقدمتها السكري و السرطان و العجز الكلوي، وقد أثبتت دراسات ميدانية حديثة، أن كوباً من المشروبات، خاصة الغازية يحتوي على 07 قطع سكر، فما فوق، وهذا يدفعنا على غرار العديد من الجمعيات الصحية في البلدان المتقدمة، إلى المطالبة بحظر هذه المشروبات بالنسبة للأطفال و المسنين والمرضى، لأنها من أكثر مسببات الأمراض المزمنة ، وأعتقد أن الفرد الجزائري يستهلك سنويا، معدل لا يقل عن 30 كلغ.
مشروبات «لايت» تحتوي على سكر كيميائي مسرطن
* هل هناك دراسات تثبت أن منتجي المشروبات و العصائر في الجزائر، خفضوا نسبة السكر في منتوجاتهم، حسب ما تم تداوله إعلاميا في أوقات سابقة؟
ـ هذه أكبر أكذوبة و أندد من هذا المنبر بممارسات بعض شركات المشروبات في الجزائر، التي تخفي نسبة السكر الحقيقية، و نحن نعد ذلك احتيالاً على المستهلك، وندعو المرضى إلى ضرورة الابتعاد كليا عن جميع أنواع المشروبات والعصائر، و نؤكد أن مشروبات «لايت» هي أكبر كذبة على المستهلك، لاحتوائها على سكريات كميائية مسببة للسرطان، ثم إن السمنة في الوسط المدرسي زحفت على عدد معتبر من التلاميذ بسبب هذه العصائر، ما يمثل خطرا كبيرا على صحتهم وقد باتوا مهددين بالإصابة بأمراض مزمنة في سن مبكرة.
ع.أ