تعتبر زهرة حورية حميتي، واحدة من بين أبرز نجوم الفيديوهات الفكاهية أو ما يعرف « بالبودكاست»، حيث تحقق مقاطعها المصورة ملايين المشاهدات و تتميز بكونها محاكاة ساخرة للواقع الاجتماعي، حيث تتناول قضايا المرأة و المغتربين بشكل لافت، وهو اهتمام، قالت عنه زهرة في حوار خصت به النصر، بأنه من وحي يومياتها هدفه النقد البناء وليس الهدام، كاشفة بأنها تعمل على مشروع ضخم ، من شأنه تغيير صورة الجزائري في عيون الأوروبيين ، كما تحدثت عن واقع الممثلين الكوميديين العرب في فرنسا و صعوبة النجاح هناك.
حاورتها : نور الهدى طابي
ـ النصر : أكثـر من 24 ألف شخص يتابعون صفحتك عبر موقع فايسبوك، البعض يعتقد بأنك جزائرية و البعض يقولون بأنك مغربية، كيف تعرفين بنفسك؟
ـ زهرة حورية حميتي: أنا أم من مدينة وهران عمري 34 عاما، من مواليد فرنسا لأبوين جزائريين، أتنقل بشكل مستمر بين بلدي الأصلي الجزائر و فرنسا، لذلك فأنا قريبة جد من المجتمع الجزائري و متشبعة بثقافته و أفكاره وهو أيضا سبب حديثي الدائم بالدارجة، طبعي مرح ككل الجزائريين و لا أختلف عنهم في شيء.
فيديوهات تحقق 4ملايين مشاهدة و قضايا الهجرة من أولوياتي
. فيديوهاتك تحقق ملايين المشاهدات و يتشاركها المعجبون بك في كل بلدان المغرب العربي، كيف كانت بدايتك مع البودكاستينغ ؟
ـ كانت صدفة لم أخطط لها، أذكر أنني في سنة 2012 قمت بتصوير مقطع فيديو لأمازح صديقة لي و نشرته عبر الإنترنت، لم أتوقع للحظة واحدة بأنه سيحقق عدد المشاهدات التي حققها، أو يحظى بذلك الانتشار الواسع، الفكرة حمستني و قررت أن أواصل نشاطي في هذا المجال، و قد تمكنت في ظرف وجيز من أن أحقق الشهرة في الجزائر و دول المغرب العربي، وبشكل أقل هنا في فرنسا، وذلك على اعتبار أنني أتحدث العربية أو الدارجة بشكل كبير، مما يصعب على الأوروبيين فهم ما أقول.
ـ عادة يحتكر الرجال مجال الكوميديا، هل وجدت صعوبة كامرأة في فرض نفسك على الجمهور؟ و ما قصة الباروكة ؟
ـ بالفعل هو مجال يحتكره الرجال في عالمنا العربي، لكنني تمكنت من المنافسة، ربما لأنني خرجت قليلا عن المألوف، من خلال الباروكة تحديدا التي أضعها عادة لتجسيد شخصيتي الرئيسية « الزهرة»، وهي عبارة عن محاكاة للمرأة ذات الطبع الحاد التي تعشق التذمر، و الهدف منها هو ليس الإساءة لصورة المرأة الجزائرية، بل خلق روح الدعابة و جعل عملية النقد سهلة و بسيطة لتصل لكل الناس.
بالنسبة للمنافسة أقول بأنني كسيدة أحقق النجاح في هذا المجال، مثلا مؤخرا اتصل بي جمال دبوز من أجل المشاركة في برنامج اكتشاف المواهب الفكاهية الذي يعده، فرفضت الظهور فيه، لأنني تجاوزت مرحلة الهواة و أحضر لمشروع احتراف.
هدفي تحسين صورة الجزائريين في عيون الغرب
ـ ما هو الفيديو الذي حقق أعلى نسبة مشاهدة منذ بدأت النشاط في هذا المجال؟
ـ فيديو رمضان، تناولت فيه يوميات الأسرة الجزائرية في رمضان و تحديدا علاقة المرأة مع زوجها العصبي، أذكر أنه حقق قرابة 4ملايين مشاهدة.
هناك أيضا فيديو « الزهرة» وهي عائدة من عرس أحد الأصدقاء، وكانت تنتقد كل شيء بشكل حاد و جارح، الفيديو حظي بحوالي 3 ملايين مشاهدة، لأنه كان قريبا جدا من الواقع المعيش.
أذكر أن والدتي كانت في حفل صديقة لها و قد ذهبت لأقلها إلى المنزل مساء بعد نهاية العرس، فباشرت بالحديث عن كل تفاصيل المناسبة وعندما وصلنا وكانت تهم بالنزول من السيارة، حذرتني قائلة» إياك وأن تقلديني في فيديو ساخر» ، وهو ما قمت به بالفعل.
ـ كيف تختارين مواضيعك ولماذا تركزين على المرأة و المهاجرين؟
ـ اختارها من وحي الواقع، فأنا أتردد كثيرا على وهران، واحتك بشكل دائم مع الجالية الجزائرية هنا بفرنسا باعتباري فرد فيها، أما تركيزي على المرأة فيعود إلى كون المرأة الجزائرية تتمتع بشخصية خاصة و مختلفة، أحاول دائما إبرازها بشكل لطيف وساخر، بعيدا عن التجريح طبعا، وكذلك الأمر بالنسبة للمهاجرين لأنه واقعي اليومي في النهاية، ونحن كمجتمع مصغر لدينا الكثير لنقوله عن أنفسنا، هناك قضايا هامة لنناقشها، كقضية الهوية، خصوصا بالنسبة لنا كجيل ثان ولد في فرنسا لجيل أول من المهاجرين، وهو ما أحاول التعبير عنه من خلال فيديوهاتي، لكن بطريقة مبسطة و طريفة.
النجاح في فرنسا ليس سهلا إذا لم يدعمك عربي آخر
ـ كثير من الكوميديين برزوا في فرنسا بفضل نقدهم الساخر و الجارح أحيانا، للمجتمع الجزائري، هل ذلك ضروري لتحقيق النجاح في الخارج؟
ـ بالفعل هو واقع لا يمكن إنكاره، هناك كوميديون كبار، دون ذكر أسماء، حققوا النجاح و الشهرة من خلال هذا الأسلوب، ربما نيتهم لم تكن الإساءة للجزائريين، لكنها أوصلت صورة مختلفة، أعتزم أنا تغييرها نسبيا من خلال عرض كوميدي مسرحي كبير أحضر له، بالتعاون مع شبكة « أم 6» الفرنسية و هو عبارة عن « وان مان شو».
أما عن سؤالك عما إذا كان التجريح ضروريا لتحقيق النجاح، أنا لا أعتقد ذلك، ربما طريقة الوصف في حد ذاتها، هي ما يحدد إمكانية النجاح من عدمها، وهو أمر يتعلق أكثر بشخصية الكوميدي و مدى تحكمه في الفكرة التي يريد إيصالها، وليس النقد لمجرد النقد.
ـ كيف استطعت كجزائرية افتكاك إنتاج بهذا الحجم، ألم تكن أصولك عائقا أمام النجاح في ظل تنامي التيار اليميني الراديكالي؟
ـ في الحقيقة أجل، الوضع صعب هنا في فرنسا بسبب تنامي التيار اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين و تحديدا المسلمين و العرب، و النجاح بالنسبة لشخص عربي ينطلق من الصفر و يعد شبه مستحيل، أما بالنسبة لشخص مثلي سبق له وأن حقق قاعدة جماهرية هامة، فإنه لا يكون سهلا أيضا، إذا لم يقف إلى جانبه عربي آخر، لديه نفوذ أو علاقات في مجال الإعلام.
في حالتي هناك صديقة جزائرية من بسكرة هي زوجة صاحب وكالة إعلام هامة في فرنسا، لقد شاهدت أعمالي و اقترحت علي المساعدة و بالفعل وافقت على الفور، و أنا حاليا أحضر نص المشروع الذي سيكون بوابتي لاحتراف الـ « وان مان شو».
مشروع تلفزيوني سيجمعني بزبير بلحر و محمد خساني
ـ ماذا عن نشاطك في الجزائر، متى سنشاهدك في عمل تلفزيوني وهل تلقيت عروضا خاصة برمضان المقبل؟
ـ في الجزائر هناك عمل كبير لابد وأن يتم على المستوى الثقافي، للنهوض حقيقة بهذا القطاع، مثلا أتمنى فعلا لو أننا أسسنا مهرجانا هاما، كمهرجان مراكش للضحك، خصوصا في ظل توفر أسماء كوميدية لامعة في العالم ذات أصول جزائرية.
أما بالنسبة لرمضان، فلا أعتقد أنني سأكون حاضرة على الشاشة، بالرغم من أنني أعد لمشروع مسلسل تلفزيوني ساخر، سيجمعني بمحمد خساني و زهير بلحر عنوانه « السبيطار»، سننطلق في تصويره شهر ماس المقبل.
لدي كذلك مجموعة من العروض الأخرى التي لم أدقق فيها جيدا، بسبب انشغالي بالتحضير لعرضي المسرحي الأول، كما أنني أعمل على مشروع آخر ذي طابع إنساني تطوعي، أريد أن أؤسس له في الجزائر.
سأنشأ وحدة لرعاية مرضى السرطان بالجزائر
ـ بالحديث عن العمل التطوعي، مؤخرا كنت من بين الذين نشطوا حملة جمع التبرعات من أجل علاج الطفل عماد ، حدثينا عنه و كيف كان التفاعل مع الحملة؟
ـ عماد بخير، و هو طفل جزائري حقق المعجزة فقد ولد و قلبه جهة اليمين و تطلب نقله للعلاج في فرنسا هبة تضامنية واسعة، كنت أنا طرف فيها فقد قمت باستغلال جماهيريتي، لأجمع أكبر قدر من التبرعات لسد تكاليف علاجه، اليوم شفي عماد و هو بألف بخير.
بالنسبة إلي العمل الخيري و التطوعي لن يتوقف عند هذه التجربة، فأنا أعمل من أجل إنشاء وحدة لرعاية أمهات الأطفال مرضى السرطان بالجزائر، و بوهران تحديدا، فهناك الكثير من السيدات اللائي يقصدن مستشفى وهران من أجل علاج أبنائهن المرضى، غالبيتهن يعانين كثيرا لأنهن قادمات من ولايات بعيدة ، ولا يجدن مكانا لإيوائهن خلال فترة العلاج، وهو وضع يحز في نفسي كثيرا، لذا أعمل حاليا على جمع التبرعات اللازمة من أجل إنشاء وحدة رعاية و استقبال خاصة بهذه الفئة.
ن.ط