فواتير - التـــاس - والمنــازعـــات تقلل حضور الأجانب في البطولة
تراجع عدد اللاعبين الأجانب في البطولة المحترفة في الموسم الحالي، عكس ما كان عليه في السنوات الماضية، بالنظر إلى عدة اعتبارات أبرزها قضايا النزاعات مع لاعبي ذات الفئة الموجودة على مستوى المحكمة الدولية بلوزان ولجنة المنازعات على مستوى الفيفا، وأثقلت كاهل الفرق، خاصة وأن الحصول على أحكام نهائية يعني أن تلك الفرق ستكون مجبرة على تسديد الأموال بالعملة الصعبة، مع إمكانية الوصول إلى حد خصم النقاط من الرصيد، في حال عدم الالتزام بالآجال القانونية، وهو ما أجبر الأندية على «وقف» انتداب لاعبين أجانب والاكتفاء بالمنتوج المحلي، وفق السياسات المتبعة لكل إدارة، خاصة في ظل الوضعية المالية الصعبة، التي يتخبط فيها غالبية الفرق.
وتعرف البطولة المحلية تواجد عدد قليل من اللاعبين الأجانب، مقارنة بالدوريات العربية، فعلى سبيل المثال البطولة التونسية والمغربية والمصرية، دون احتساب البطولات الخليجية، تستقطب عددا معتبرا من العناصر القادمة من الخارج، لكنها دائما ما تحسن اصطياد العصافير النادرة، عكس ما يحدث حاليا على مستوى الأندية الجزائرية، أين يتم التعاقد مع اللاعبين من خلال الفيديو، قبل أن يصطدم المسيرون بالمستوى الحقيقي فوق المستطيل الأخضر.
11 أجنبيا وبلوزداد بعنصر أوروبي
يعرف الموسم الحالي 2020-2021، تواجد 11 لاعبا أجنبيا فقط من مختلف الجنسيات، في حين صنع بطل النسخة الماضية شباب بلوزداد، الاستثناء من خلال التعاقد مع لاعب من جنسية أوروبية وبالضبط من بلجيكا ويتعلق الأمر بنغومبو مايكي فراد صاحب الأصول الإفريقية، إلى جانب البنيني بوكبو مارسولان دينيون، مع تسجيل قيام فريقين فقط إضافة إلى أبناء العقيبة بضم لاعبين أجنبيين، وهما وفاق سطيف المالك لعقدي المالي ماليك توري والغاني دانيال لوموتي، هذا الأخير لم يؤهل بعد بسبب عدم تسوية مشكلة الديون الموجودة على مستوى لجنة المنازعات، وأما الفريق الثاني فهو شبيبة القبائل، الذي يضم كل من الليبي محمد عبد السلام الطبال والكونغولي كيالانغالانغا طام قلودي.
وفي السياق ذاته، فإن بقية الفرق تعرف تواجد عصر أجنبي وحيد، ويتعلق الأمر بكل من شباب قسنطينة، الذي استقدم السوداني شرف الدين شيبوب، ومولودية الجزائر التي تعاقدت مع الإيفواري إيسلا داودي ونجم مقرة الذي انتدب الإيفواري سومانا بوبكر على شكل إعارة من شباب بلوزداد، واتحاد الجزائر الذي ضم مؤخرا البوركينابي أحمد بيلام، وأخيرا فريق بارادو، الذي حاد عن القاعدة، وتعاقد مع الأوغندي أوكيلو ألان، على غير العادة، سيما وأن فريق الأكاديمية تعود على تكوين اللاعبين، والقيام بالاستثمار في هذا المجال من خلال تحويل المواهب، وليس العكس.
12 فريقا بتعداد محلي خالص
فضل مسؤولو 12 ناديا، الاعتماد على تعداد محلي خالص، وعدم التعاقد مع لاعبين أجانب، ويتعلق الأمر بكل من جمعية عين مليلة و جمعية الشلف وأهلي البرج وشبيبة الساورة و شبيبة سكيكدة ومولودية وهران ونصر حسين داي وأولمبي المدية وسريع غليزان واتحاد بسكرة واتحاد بلعباس ووداد تلمسان، خاصة وأن كل الفرق السابقة الذكر باستثناء شبيبة الساورة تعاني من الناحية المادية، حيث لم تستطع حتى تسوية مستحقات اللاعبين القدامى، ما أجبرها على الاحتفاظ بغالبية عناصر الموسم الفارط، مثلما حدث مع جمعية عين مليلة وأولمبي المدية، لكن هذه السياسة تعتبر ناجحة إلى غاية الآن، بالنظر إلى النتائج المحققة من طرف أشبال عبد القادر يعيش والشريف حجار.
صك الضمان قلّل من التهافت
كان لتغيير قوانين التعاقد مع اللاعبين الأجانب من طرف الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تأثيرا سلبيا، وقلل التهافت الذي جرت عليه العادة في السنوات الماضية، خاصة وأن الفاف أصبحت تشترط وضع صك ضمان بقيمة أجور ستة أشهر، إلى جانب حيازة العنصر الأجنبي على صفة اللاعب الدولي في أحد الأصناف.
وجاء قرار الفاف في خطوة لمحاولة القضاء على مشكلة النزاعات التي طفت إلى السطح في السنوات الأخيرة، مع كثرة توجه اللاعبين الأجانب إلى المحكمة الدولية، من أجل المطالبة بمستحقاتهم العالقة، في ظل عدم قدرة الأندية على تسديد رواتب العناصر المستقدمة من الخارج، سيما وأنها تكون بالعملة الصعبة.
جدير بالذكر، أن موسم 2013-2014 عرف تواجد أكبر عدد من اللاعبين الأجانب، بسبب القوانين التي كانت موجودة، حيث كان يسمح لكل فريق بالتعاقد مع ثلاثة لاعبين أجانب، مع إلزامية تواجد لاعبين فقط، فوق أرضية الميدان.
2019-2020 حطّم كل الأرقام في النزاعات
حطم موسم 2019-2020، كل الأرقام في ما يتعلق بالنزاعات، وكانت البداية بخسارة الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، لقضية الناخب الوطني الأسبق لوكاس ألكاراز، أين حكمت المحكمة الدولية بضرورة تسديد الفاف قيمة مالية معتبرة قدرت بمليون و300 ألف أورو، قبل أن تمتد النزاعات إلى الفرق، حيث كسب المهاجم الكونغولي برانس إيبارا قضيته مع اتحاد الجزائر ( 200 ألف أورو)، وخسرت مولودية الجزائر قضيتها مع المهاجم شعيبي وفريقه الأسبق أجاكسيو (80 ألف أورو)، إضافة إلى فريق دفاع تاجنانت مع المهاجم الموريتاني محمد سوداني عبد الله ( 3.7 مليار)، ونصر حسين داي هو الآخر لم يفز بقضيته مع الموريتاني محمد يحي دلاهي( 3.5 مليار)، ومولودية بجاية خسرت قضيتي المهاجم المالي ماليك توري( 240 مليون سنتيم) والبنيني جاك بيسان( 9 ألاف أورو)، وجمعية الشلف أيضا وجدت نفسها تخسر قضيتها في أورقة التاس، ومطالبة بدفع 1.8 مليار إلى المدافع المالي باصيري دمبيلي، والمدية أيضا خسرت مع نفس اللاعب دمبيلي مبلغ قدره 100 مليون، كما أن صراع الأندية في أروقة المحكمة الدولية، امتد للمدربين في صورة ما حدث مع جمعية عين مليلة، التي خسرت قضيتها مع دانيال ياناكوفيتش (2.1 مليار)، قبل أن تتفق معه إدارة بن صيد على تسديد نصف المبلغ بالتراضي، ومولودية وهران هي الأخرى لم تنجح في الفوز بقضيتها مع المدرب كافالي (940 مليون)، ومولودية العلمة مع التونسي وجدي الصيد (218 مليون)، واتحاد الحراش مع المدرب التونسي أيضا حمادي الدو ( 190 مليون)، وتعتبر آخر قضية فصلت فيها التاس لصالح اللاعبين الأجانب، ضد فريق شبيبة القبائل، المطالبة بتسوية 54 ألف أورو للثنائي فرانك مالو وبانو دياوارا، دون الحديث عن فوز الدراجي بقضيته أمام شبيبة القبائل على مستوى لجنة المنازعات 760 مليون سنيتم، ولئن كان مسجلا بجواز سفر جزائري وليس تونسي، رغم أنه تقمص ألوان منتخب «نسور قرطاج» لعدة سنوات، قبل أن يحصل على الجنسية الجزائرية كون والدته تنحذر من ولاية قسنطينة.
مولودية الجزائر والوفاق أكبر ضحايا نزاعات الأجانب
يعتبر وفاق سطيف ومولودية الجزائر، أكثر الفرق تضررا من الناحية المادية، على مستوى المحكمة الدولية في عهد الاحتراف، حيث تجاوزت قيمة ما خسره فريق أبناء مدينة عين الفوارة 8 ملايير سنتيم، باحتساب قضيتي الإيفواري فرانك مادو والملغاشي براهيم أمادا (المبلغ المستحق على خزينة الوفاق بلغ حوالي 420 ألف أورو)، فيما ضيعت خزينة مولودية الجزائر مبلغ 8 ملايير سنتيم، (قضيتي البرازيلي روبرسون 7 ملايير سنتيم وشعيبي 80 ألف أورو تعتبر مستحقاته ومستحقات فريقه أجاكسيو).
يحدث هذا في الوقت، الذي لا تزال توجد فيه عدة قضايا عالقة على مستوى المحكمة الدولية، بخصوص اللاعبين الأجانب، في مقدمتها السوداني محمد عبد الرحمان مع مولودية الجزائر وأهلي البرج، إضافة إلى قضية المهاجم روني مع جمعية مليلة ومولودية الجزائر.
أندية خسرت المال والنقاط بسبب «الوافدين»
تعدت عقوبات الاتحاد الدولي لكرة القدم على الأندية الجزائرية حد الجانب المادي، بل وصلت إلى خصم النقاط من رصيد ثلاثة أندية جزائرية، والبداية كانت سنة 2003، في أول قضية خسرها فريق اتحاد البليدة مع اللاعب البرازيلي دا سيلفا، الذي أبرمت معه عقدا، لكن دون مشاركته مع أبناء مدينة الورود، قبل أن يفوز بقضيته وتم خصم نقطتين من رصدي الاتحاد، وأما ثاني قضية والتي تعتبر الأولى في عهد الاحتراف، فكان ضحيتها فريق مولودية العلمة الذي خصم من رصيده ثلاث نقاط في 2016، بعد فوز المدرب حكيم مالك بقضيته، أما آخر فريق فهو اتحاد بلعباس، الذي خسر قضيته مع المهاجم الكاميروني جيسي مايلي، حيث تم خصم ست نقاط كاملة من رصيده سنة 2018.
طريقة إبرام وفسخ العقود أكبر إشكال
يرى الكثيرون من أهل الاختصاص، وحتى بعض المستشارين والمختصين في القوانين، بأن الإشكال الكبير الواقع على مستوى الأندية، يتمثل في طريقة إبرام وفسخ عقود اللاعبين الأجانب، ما يكلف الفرق خسارة أموالا كبيرة، حيث لا يتم إدراج بنود يمكنها أن تحمي الأندية مستقبلا، في حال قررت تسريح هذه العناصر، حيث تلجأ الكثير من الفرق إلى فسخ العقد من طرف واحد، وهو ما يكلفها خسارة القضية على مستوى الفيفا، سيما وأن القوانين واضحة في هذا الخصوص والاتحاد الدولي يتعامل مع العقد المبرم بين الطرفين، كما أن القيمة المالية دائما تكون مضاعفة، على اعتبار أن المحكمة الدولية تحتسب كل المصاريف، سواء فيما يتعلق بحقوق تسجيل القضية إلى جانب بقية أتعاب إجراءات التقاضي.
حمزة.س