تجمع المهرجة أسماء مروشي، ابنة بلدية شعبة العامر بولاية بومرداس بين الفن والتربية بأسلوب فريد، كما تأسر بشعرها الوردي وفستانها الزاهي، قلوب الأطفال وتملؤها بالضحك والفرح.
لينة دلول
بدأت مسيرتها في مجال التنشيط حسب ما أكدته للنصر، منذ طفولتها حيث عشقت المسرح وتفاعل الجمهور، وهو ما دفعها لتطوير موهبتها. وقالت أسماء، إن دخولها عالم التهريج لم يكن بمحض الصدفة أو كخيار مهني، فهي معلمة في الأصل، وتنتسب للقطاع منذ سنة 2016، بل كان الشغف هو ما قادها إلى مجال التنشيط الفني وحولها إلى مهرجة، لأنها أرادت دائما أن تستثمر في مواهبها المتعددة، خاصة أنها بدأت مسيرتها الفنية على خشبة المسرح منذ طفولتها، حيث عشقت هذا الفن و عمرها 8 سنوات.
وأضافت أسماء، أن حبها للمسرح بدأ بشغفها بالكتابة، بما في ذلك كتابة الشعر وتأليف القصص منذ الصغر، وهو ما قادها إلى ممارسة التنشيط في المخيمات الصيفية.
بعد حصولها على شهادة البكالوريا عام 2012، التحقت بجامعة مولود معمري بتيزي وزو لدراسة اللغة الأمازيغية، وخلال فترة دراستها الجامعية، بدأت موهبتها الفنية ترى النور، فتطور الشغف إلى ممارسة التمثيل على خشبة المسرح، الأمر الذي أكسبها خبرة في التواصل مع الجمهور وخاصة الأطفال.
أوضحت المتحدثة، أنه خلال تجربتها كمرشدة سياحية مع أطفال المدارس، أتيحت لها الفرصة للقاء المهرج «زعطوش» من ولاية سطيف، الذي ساعدها على دخول عالم التهريج، و منذ ذلك الحين قدمت الشابة أسماء العديد من العروض المميزة التي اعتمدت على تقديم رسائل تربوية هادفة تمزج بين الفكاهة والتعليم بطريقة إبداعية.
وبفضل أسلوبها المميز، أصبحت محبوبة لدى الأطفال، خاصة براعم ولاية بومرداس، حيث نجحت في رسم البسمة على وجوههم من خلال عروضها التي تجمع بين الكوميديا ومعالجة قضايا ذات مغزى عائلي وتربوي.
وأكدت أسماء، أنها وبالرغم من انشغالها بمهنة التدريس كأستاذة لغة أمازيغية في متوسطة سي رشيد بولاية بومرداس، لم تتوقف عن مسيرتها الإبداعية، بل صنعت لنفسها بصمة مميزة جعلت العائلات تطلبها للمشاركة في مناسباتها السعيدة.
كما تشارك في تنشيط فقرات متنوعة خلال المناسبات المختلفة على مستوى المدارس و الفضاءات الترفيهية، مما عزز مكانتها كفنانة موهوبة ومحبوبة لدى الجميع.
أدركت أن موهبتي تتطلب تطويرا مستمرا
وأكدت المتحدثة، أن التهريج هو أحد أنواع الفنون التي تجسد على خشبة المسرح، كما أضافت أنها أحبت التنشيط ومارسته من خلال عملها في المخيمات الصيفية، لذا تعتبر أن الموهبة التي تمتلكها تتطلب تطويرا مستمرا لتصل إلى مستويات أعلى من الاحترافية، وهو ما يدفعها للعمل على صقلها وممارستها طوال العام، بدلا من الاكتفاء بفترات العطل فقط. وأشارت، إلى أن التزامها بهذا الفن ينبع من رغبتها في تقديم عروض تجمع بين الفكاهة والتربية، لتدخل السعادة إلى قلوب الأطفال وترسخ قيم إيجابية لديهم.
أما عن سبب تخصصها في التهريج، فقد أوضحت أنها كانت دائما مفتونة بملابس المهرجين وما تحمله من ألوان مبهجة تسعد الأطفال وتجذبهم.
وأضافت، أنها اختارت الشعر الوردي وفستانا مستوحى من دمى باربي كجزء من إطلالتها، لتعكس شخصية محبوبة تشبه الألعاب التي يعشقها الأطفال، مما جعلها قريبة من قلوبهم وساعدها في بناء علاقة مميزة معهم خلال عروضها.
أفكاري مستوحاة من المواقف اليومية
وأوضحت المتحدثة، أنها لا تعتمد على نصوص جاهزة في عروض التهريج، بل تستلهم أفكارها بشكل ارتجالي مستوحى من الحياة اليومية مركزة على ما يحتاجه الطفل، وما يجب تعلمه من قيم أخلاقية بأسلوب بسيط وممتع.
وأضافت، أن المهرج خلال العطلة يكمل بطريقة فكاهية وترفيهية دور الأستاذ الذي يقدم الدروس للطفل في المدرسة، مما يساهم في تعزيز الفهم وتقديم المعلومات في قالب محبب ومشوق.
وتحدثت، عن طموحها الكبير في تطوير مهنة التهريج في الجزائر مشيرة، إلى أنها تسعى لأن تصبح مكونة في هذا المجال، كما تطمح إلى السفر للخارج لاكتساب المزيد من الخبرات والحصول على شهادات معتمدة، مما يمكنها من نقل هذا الفن إلى مستوى احترافي أعلى.
وعبرت كذلك، عن حلمها في تأسيس مدرسة خاصة تهدف إلى تكوين وتطوير المهرجين، لتساهم في نشر هذا الفن الهادف والمميز على نطاق أوسع داخل البلاد.
التهريج مهنة صعبة
وأوضحت المتحدثة، أن التهريج يعد مهنة صعبة للغاية، حيث لا يمكن لأي شخص بمجرد ارتداء ملابس زاهية وتلوين وجهه أن يصبح مهرجا. فالمهرج الحقيقي كما ذكرت، بمثابة مرب وفنان في الوقت ذاته، يحمل على عاتقه مسؤولية توجيه رسائل هادفة بأسلوب يجذب انتباه الأطفال والكبار على حد سواء.
وأضافت، أن التهريج ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو فن يتطلب مهارات خاصة، منها القدرة على التواصل، والإبداع، والارتجال للتفاعل مع الجمهور بطريقة تلقائية ومميزة.
أقدم عروضا تتناول قصصا إنسانية واجتماعية
كما أشارت، إلى أنها تقدم عروضا تهريجية تتناول قضايا إنسانية واجتماعية، حيث تحرص على دمج الفكاهة مع الرسائل التربوية التي تسلط الضوء على مشكلات يعاني منها المجتمع، بهدف زرع القيم الإيجابية في نفوس الأطفال.
ومع ذلك، أكدت أن الإمكانيات المتوفرة لدعم هذا الفن تبقى محدودة للغاية، حيث لا توفر المسارح الدعم اللازم من حيث الإضاءة، الصوت أوالمؤثرات البصرية التي تضفي على العروض طابعا احترافيا. وأوضحت المهرجة، أن مثل هذه الإمكانيات غالبا ما تكون متاحة فقط في المسارح الكبرى، بينما يعمل المهرجون في المسارح الصغيرة والفضاءات المفتوحة بوسائل بسيطة للغاية.
وذكرت، أن هناك العديد من المواقف الطريفة التي تواجهها خلال عملها كمهرجة، ومن أبرزها تصرفات الأطفال الفضوليين، مثل محاولتهم لمسها أو شد شعرها للتأكد مما إذا كانت شخصية حقيقية.
وأوضحت أسماء، أن تلك اللحظات تدخل البهجة إلى قلبها، لأنها تعكس براءة الأطفال وتفاعلهم الصادق مع العروض التي تقدمها.
وأضافت، أنها واجهت في بداياتها تحديات كبيرة، حيث كان البعض ينظر إلى عملها كنوع من إضاعة الوقت، مما فرض عليها ضغطا نفسيا لكن حبها العميق للأطفال ورغبتها في إسعادهم دفعاها للاستمرار في تقديم هذه الموهبة وتنميتها رغم كل العراقيل. مؤكدة أن شغفها بالفن كان أكبر من أي انتقاد، وهو ما ساعدها على تجاوز النظرة السلبية
وأشارت، إلى أن دخول مجال التهريج بدافع المصلحة أو التجريب فقط لن يؤدي إلا إلى الفشل، لأن هذا الفن يتطلب حبا حقيقيا وشغفا عميقا، خاصة أنه مرتبط بالتعامل مع الأطفال، الذين يحتاجون إلى صدق وإبداع في الأداء.