أشرف صبيحة أمس الجمعة، وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، بتكليف من رئيس الجمهورية، على تدشين الجامع القطب بتبسة. في أجواء احتفالية كبيرة، وبحضور السلطات المدنية والعسكرية وعلماء من تونس، أعلن رسميا عن دخول هذا الصرح الديني والثقافي الخدمة، بعد 3 عقود من الانتظار. حفل التدشين جرت فعالياته بالساحة الخارجية للمسجد الكبير العربي التبسي بتبسة، أين رحب والي الولاية عطا الله مولاتي في كلمته بالحضور من مواطنين و مسؤولين مركزيين ومحليين، منوها بمناسبة التدشين المتزامنة مع شهر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاحتفالات بشهر نوفمبر شهر الشهادة والثورة، بالجهود التي بذلت لتحويل هذا الصرح إلى حقيقة، شاكرا في الختام كل من ساهم من قريب أو بعيد في بناء هذه المنارة الدينية والثقافية.
من جهته وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، عرج في كلمته على تاريخ ولاية تبسة الزاخر، سواء في ثورة التحرير، أو في بداية الفتح الإسلامي واستقبال جيوش الفاتحين الأوائل، كما استوقفته الخطوات الأولى التي شهدت فكرة بناء هذه المنارة العلمية ذات يوم من عام 1989، أين آثر الشيخ محمد شبوكي وآخرون اقتراح إنجاز مسجد يكون في مستوى ضيوف الولاية والجزائر أيام ملتقيات الفكر الإسلامي آنذاك.
كما تطرق عيسى إلى المشاكل التي واجهت عملية الإنجاز من نقص في الموارد المالية وعدم توفر اليد المتخصصة بالولاية وغيرهما، وفي هذه النقطة، يؤكد الوزير على أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، كان قد أنعش المشروع من خلال رصد مبالغ هامة من ميزانية الدولة، بعدما ظن الجميع بأن هذا المشروع لن تقوم له قائمة، وتولى الولاة على مر السنوات تأسيس أسسه و تشييد خرساناته و رفع معالمه، و فضلت السلطات بأن تطلق عليه اسم الشيخ العربي التبسي أحد علماء جمعية العلماء المسلمين والإصلاحيين والشهيد الذي مازال قبره مجهولا إلى اليوم.
و اغتنم الوزير المناسبة، ليؤكد رسالة المسجد وعودة الهوية الجزائرية بعد مسيرة التحرر من الاستعمار، مذكرا في هذا المجال بالإنجازات المشيدة في هذا المجال، على غرار جامع الجزائر الذي تستعد الجزائر لاستلامه وينتظر تدشينه من طرف رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن كل ولاية ستحظى بمشروع في هذا المجال، وهي الجوامع التي كما قال تحاكي الجزائر في كبريائها وصمودها ورسالتها، كما تطرق الوزير محمد عيسى إلى رسالة المسجد في إرساء دعائم الإسلام الوسطي المعتدل والسني.
للتذكير، فقد حضر حفل التكريم ولاة سابقون ممن عاصروا بناء هذا المعلم، كما حضر المناسبة قنصل تونس بتبسة وثلة من علماء تونسيين وجزائريين وكوادر من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، فضلا عن منتخبين بالغرفيتين ومنتخبين محليين وممثلين عن الهيئة التنفيذية بالولاية وتضمنت مراسيم حفل التدشين، تلاوة جماعية لآيات بينات من القرآن الكريم، وتدخلات والي الولاية ووزير القطاع ، كما قدم عرض حول المشروع من طرف مديرية التجهيزات العمومية و تمت معاينة مرافق الجامع قبل تأدية صلاة الجمعة و نقل وقائعها عبر الفضائيات.
مع العلم أن المسجد شرع في بنائه سنة 1989 و عرف عدة توقفات و لم تكتف جهود الجمعية بمعالجة القضايا المطروحة، فأعيد تقييمه من طرف الدولة 4 مرات، ليستهلك في الأخير غلافا ماليا يقارب 187 مليار سنتيم و كانت الانطلاقة الفعلية مع بداية الألفية الحالية، أين اختيرت مقاولات أخرى لتجاوز العديد من الإشكاليات وتحول المشروع إلى حقيقة بهذا الصرح الذي يتسع لـ 10 آلاف مصلي، ويتكون المسجد الكبير الشيخ العربي التبسي أو المسجد القطب من 03 أجزاء على مساحة تتجاوز الهكتارين، منها قاعتان للصلاة، واحدة للرجال بقدرة 7 آلاف مصلي و القاعة الثانية بطاقة ألفي مصلي، كما يتسع الفضاء الخارجي لأزيد من ألف مصل.
أما الجناح البيداغوجي و لواحقه، فيتضمن قاعات للعروض والدراسة وجناح ثقافي ومكتبة، والرائع في هذه التحفة العمرانية، ملاحظتها من الجهات الأربع بتبسة، وذلك لعلو أرضيتها من ناحية وطول مناراتها التي تزيد عن 170 مترا.
و ثمن المواطنون بولاية تبسة، إنجاز هذا الصرح بعد عقود من الانتظار، مشيرين إلى أن ما يطلق عليه مشروع القرن بات حقيقة وقد زادته النقوش ذات الطابع المغاربي على الخشب والجبس جمالا، وسيحول المسجد لاحقا وبقرار من وزير الشؤون الدينية والأوقاف، إلى مؤسسة قائمة بذاتها، بحيث ستتولى تلك الإدارة تسيير شؤون هذه المنارة و تحدد عدد مستخدميها و مهام كل واحد منهم.
الجموعي ساكر