أطلق قطاع الثقافة بقالمة، مشروعا هاما لترميم المدينة الأثرية تيبيليس، الواقعة ببلدية سلاوة عنونة غربي قالمة، بعد انتظار طويل فرضته إجراءات البحث عن شركات متخصصة في الأعمال الفنية و الآثار القديمة.
و حسب مديرية الثقافة فقد تم تعيين إحدى الشركات الخاصة لتتولى مهمة ترميم إحدى أهم المدن الأثرية الرومانية بشرق البلاد، خلال مدة زمنية لا تتجاوز 6 أشهر وفق التعهدات و الالتزامات المبرمة بين الطرفين.
و يراهن قطاع الثقافة و الآثار بقالمة على المشروع الجديد لإنقاذ مدينة تيبيليس من الاندثار تحت تأثير عوامل الطبيعة و الزمن،
و الاعتداءات التي أصبحت تطال المواقع الأثرية المنتشرة على نطاق واسع بالمنطقة.
و قدرت تكلفة المشروع بأكثر من 58 مليون دينار جزائري
و يتوقع أن يتغير وجه الموقع الأثري بعد نهاية أشغال الترميم و إعادة الاعتبار، ليتحول إلى منطقة جذب للسياح و الباحثين من داخل الوطن و من الخارج.
و تتربع تيبيليس على مساحة تقارب 16 هكتارا و بناها الرومان في القرن الأول الميلادي، ثم لحقتها الحضارة البيزنطية التي تركت هي الأخرى أثرها بالمدينة العريقة التي تعد نموذجا حيا للمدن الرومانية من خلال الهندسة و توزيع المباني و من أشهرها قوس النصر و المعبد القديم.
و مازالت بعض النماذج العمرانية الرومانية إلى اليوم صامدة في وجه الطبيعة و الزمن، لكنها أصبحت في حاجة إلى الترميم
و الدعم بعد أن طالها الإهمال عقودا طويلة من الزمن، حيث لم يذكر التاريخ أن الاستعمار الفرنسي قد أولى أهمية للآثار القديمة بقالمة، و حتى بعد استقلال البلاد لم تحظ هذه المواقع بالاهتمام اللازم مما جعلها عرضة للاندثار و النهب، قبل أن يتفطن المشرفون على شؤون السياحة و الآثار و الثقافة و التاريخ إلى أهمية هذه المواقع في مجال البحث و الاقتصاد و الحياة الثقافية و الاجتماعية، من خلال مشاريع للترميم و الحماية و الجرد و استقطاب السياح من داخل الوطن و من الخارج أيضا، حيث يزور السياح الأجانب باستمرار أهم المواقع الأثرية بقالمة، و خاصة المسرح الروماني و الحديقة الأثرية بمدينة قالمة و مدينة تيبيليس الرومانية البيزنطية التي تتخذ موقعا جغرافيا مهما و جذابا، حيث تجاور الطريق الوطني 20 و تتوسط حوضا ديموغرافيا فيه الكثير من المواقع الأثرية
و الحموية الشهيرة.
و ظلت المدينة التاريخية العريقة تعاني من العزلة و الإهمال سنوات طويلة، و تحولت إلى مرتع لقطعان المواشي قبل إنجاز جدار للحماية و تعبيد الطريق المؤدي إليها، انطلاقا من بلدية سلاوة عنونة المبنية على أنقاض قلعة رومانية حصينة مازالت تختزن الكثير من الأسرار الدفينة في انتظار بعث مشاريع للتنقيب و البحث يقودها علماء الآثار و المؤرخون و طلبة الجامعات المتخصصين في علم الآثار و الحضارات القديمة.
فريد.غ