حي مخانشة بمدينة قالمة أو مقام الشهيد كما يسميه السكان المحليون كان واحدا من أرقى الأحياء السكنية بعاصمة الولاية، لكن حاله اليوم يبعث على الشفقة و الاستغراب و الحيرة، بسبب تأخر إحدى المقاولات في إتمام أشغال تجديد شبكة المياه، و تسبب ذلك في تعطل بداية مشاريع التهيئة الحضرية بالحي حسب رئيس بلدية قالمة.
فقد صار الحي الراقي أشبه بالضواحي الشعبية الفقيرة، بناياته قديمة أتت عليها عوامل الطبيعة و الزمن و فيلات فخمة مازالت ترتفع باستمرار وسط فوضى عمرانية كبيرة و انهيار تام للطرقات و الأرصفة و الفضاءات العامة، من النصب التاريخي مقام الشهيد إلى محافظة الغابات و سوق الجملة و العمارات الجديدة التي يبدو أن سكانها قد انتقلوا إليها منذ وقت قريب. وضعية حي مخانشة بالضاحية الشمالية لمدينة قالمة تعقدت أكثر منذ نحو سنة تقريبا عندما بدأت أشغال مد شبكات المياه و أنظمة الصرف و الحماية من الفيضانات، بعدما دمرت الجرافات كل الشوارع تقريبا و تم حفر خنادق في كل مكان، و سدت عدة طرقات و تحول الحي الراقي إلى حقل زراعي تنتصب فيه البنايات و المساكن القديمة المطوقة بحدائق فوضوية، نبتت فيها أنواع الفواكه و أشجار الزينة.
و في اتصال معه مساء أمس قال رئيس بلدية قالمة بأن مشروع تعبيد الطرقات و إصلاح الأرصفة بحي مخانشة مسجل و سينطلق فور الانتهاء من أشغال تركيب شبكات المياه، مضيفا بأن المشاكل التي يعرفها الحي تعود إلى تعثر إحدى المقاولات الحائزة على مشروع تجديد شبكة المياه حيث تم فسخ الصفقة المبرمة معها و يجري حاليا البحث عن شركة أخرى لإنهاء العمل و بداية مشروع تهيئة الحي و إعادته إلى مكانته الحضارية التي كان عليها قبل سنوات طويلة.
أرضية الحي زراعية بامتياز ككل أراضي الضاحية الشمالية و المدينة الجديدة الأمير عبد القادر، الأشجار و الحشائش تنمو فيها بسرعة كما الفيلات الفخمة التي غطت منازل البسطاء و حجبت عنها ضوء الشمس و نسيم الربيع القادم من نهر سيبوس الكبير.
عندما تسقط الأمطار تكاد الحركة أن تتعطل بأغلب الشوارع و تتشكل كتل من الطين و تنتشر المستنقعات و الحفر في كل مكان، من المدخل الرئيسي المحاذي للطريق الوطني 20 إلى البوابة الشرقية المطلة على حقول زراعية واسعة أصبحت مهددة بزحف العمران.
كادت مناطق مجاورة للحي أن تخسر طبيعتها الزراعية لولا تدخل بعض مسؤولي المدينة و مهندسي التخطيط الذين قرروا التوجه نحو جبل ماونة و وقف عملية استنزاف الأراضي الزراعية الخصبة، المحيطة بحي مخانشة الذي يعاني وضعا صعبا و لا يعرف سكانه متى تنتهي أشغال مد الشبكات، لردم الخنادق و إصلاح الأرصفة و تعبيد الطرقات و تحسين إطار الحياة العامة. و صار السكان يحنون إلى رؤية الحي العريق الذي كان رمزا للنظافة و ملاذا للهاربين من فوضى الأحياء الشعبية المزدحمة يستعيد حالته.
و يطالب سكان الحي بتدخل مسؤولي المدينة لإنهاء الأشغال المستمرة منذ أكثر من سنة و إصلاح الأضرار الناجمة عن عمليات الحفر و تركيب القنوات.
و توجد بحي مخانشة مرافق عديدة بينها محافظة الغابات و متحف المجاهد و مقام الشهيد و أسواق و حدائق جميلة، توشك هي الأخرى على الزوال تحت تأثير التوسع العمراني و نقص الصيانة و التغيرات المناخية
المتسارعة.
فريد.غ