الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق لـ 15 ربيع الأول 1446
Accueil Top Pub

كان يضم أكبر تجمع للمذابح غير الشرعية

عائلات محاصرة بين المياه القذرة و مخلّفات الهدم  بوادي الحد في قسنطينة
تهيئة غائبة، نظافة شبه منعدمة و طرق غير معبّدة، هي مظاهر لا تزال تلازم حي نهج الوادي بحي وادي الحد بقسنطينة، على الرغم من الوعود والمشاريع التي قيل إنها ستطلق بهذا التجمع لينعم سكانه بحياة كريمة شبيهة بما يوجد بأحياء قريبة منه وتنتمي إلى نفس القطاع الحضري، خصوصا بعد إزالة عشرات المذابح غير الشرعية للحوم و التي كانت تشكل نقطة سوداء بالمكان.
روبورتاج: عبد الله بودبابة
و يعد حي الاخوة عباس أو كما يعرف محليا بوادي الحد، أحد أقدم الأحياء الشعبية بولاية قسنطينة، فقد شيدت مبانيه الأولى في سنوات الخمسينيات من القرن الماضي وأخذ في التوسع، ولم تتوقف به عمليات بناء المنازل إلى يومنا هذا، خصوصا ما تعلق بالبناءات التي لم يتحصّل أصحابها على ترخيص من السلطات البلدية، فيما شمل حملات ترحيل لسكان الأكواخ القصديرية، لكن قاطنيه ما زالوا يعانون اليوم من وضعيته البيئية السيئة ونقص التهيئة، دون أن يمنعهم ذلك من مواصلة الحياة ومحاولة رفع التحدي.
طريق غير معبّدة وقنوات صرف مهترئة
المتوغل نحو نهج الواد، يُصدم من الحالة المزرية للطريق الرئيس والوحيد نحو تجمع يضم حوالي 200 منزل، تقطن بها مئات العائلات، فالمسلك الذي يبلغ طوله حوالي 700 متر، مهترئ لدرجة كبيرة ويتوسط عشرات الأكواخ التي يبدو أنها التهمت أمتارا من المعبر وجعلته ضيقا، لدرجة توجب على أصحاب المركبات القليلة المارة، السير بسرعة لا تتجاوز 10 كيلومترات في الساعة.
الأمتار القليلة التي عبرناها في الطريق المذكور على أقدامنا، كانت كفيلة بمنحنا فكرة مسبقة عما يعيشه السكان والعائلات من معاناة عند المرور به خلال الأيام المشمسة، فما بالك عند تساقط الأمطار، إذ تتوسطه عدد من بالوعات تجميع مياه الصرف الصحي، بعضها لم تنجز بطريقة سليمة، ما جعل المياه القذرة تتسرب إلى الطريق، ليجد المارة أنفسهم مضطرين إما للسير وسط سيول تنبعث منها روائح كريهة، أو محاولة إيجاد موطئ قدم جاف لا يلطخ ملابسهم وأحذيتهم وهو اختيار صعب لا يقدر عليه المسنون والأطفال والنسوة.
قساوة الطريق لم تؤثر على عابريه من المارة فقط، بل امتدت إلى المركبات التي اهترأت كثيرا، فيما قاطع أصحاب سيارات الأجرة وحتى «الكلونديستين» الحي، حيث أكد السكان لنا أنه من النادر وصول وسائل النقل إلى حي الواد، فالجميع يتعذر بالطريق المهترئة وهي حجة مقبولة بالنسبة لهم إلى حد بعيد، أما في حالة المرض فإنهم يضطرون إلى دفع مبالغ إضافية حتى تصل إليهم المركبات.
أما المسلك الثانوي للتجمع فيقع في الجهة العلوية المحاذية لحي المساهمين، وهو في الحقيقة معبر ضيق، منحدر بشكل حاد، وبأرضية اسمنتية، تجعل من مرور المركبات وقت الأمطار أمرا مستحيلا، بل أن كمية قليلة من المياه المتسربة من القنوات التي تزود المنازل، تحوّل قيادة السيارات، إلى أمر في غاية الصعوبة لا سيما بالنسبة للمبتدئين.
أوساخ في كل مكان و ردوم لم تُرفَع منذ 22 شهرا
لدى وصولنا إلى التجمع السكاني المحاذي للوادي، تقابلنا من الوهلة الأولى سيول تشكلت بفعل التسربات الكثيرة من قنوات مياه الشرب، فضلا عن انتشار كبير للأوساخ والقمامة في كل مكان، خصوصا على مستوى حافتي مجرى الوادي، كما أن أطنانا من الأتربة والحجارة المتبقية بعد تهديم عشرات الأكواخ القصديرية بالمكان، لا تزال في مكانها على الرغم من أن العملية نفذت قبل حوالي 22 شهرا، حيث ظلت مخلفات الهدم تملأ الأرجاء، وتسقط كميات منها في المياه كل مرة.
زيادة على هذا، فمجرى الوادي الذي انطلقت به عملية إعادة التهيئة، أصبح تحفة جمالية تتوسط مدينة قسنطينة وتمنحها طابعا مميزا، لكن الأشغال به توقفت فجأة بالقرب من الحي، حيث وضعت آخر قطعة من الخرسانة على بعد أمتار بين الإخوة عباس والجهة المقابلة من حي بن شيكو، دون أن تبعث عملية الإنجاز مرة أخرى، وهو ما أدى، حسب السكان، إلى تغيّر مجرى الوادي في الآونة الأخيرة، تزامنا مع التساقط الكثيف للأمطار، وهو ما جعل العائلات تدق ناقوس الخطر بسبب استمرار تقدم المياه نحو المنازل، خصوصا وأن معالم «كارثة» تحدق بأفرادها، قد ارتسمت قبل أسابيع، عندما بلغت السيول الطوابق الأرضية لأكثر من 10 منازل، ما منع قاطنيها من الوصول إليها لأزيد من يومين.
معبر خشبي للوصول إلى المدارس

خطر آخر يداهم الكثير من العائلات والمئات من المتمدرسين من حي المنى في الضفة المقابلة من الوادي، حيث يضطرون إلى غاية يوميا هذا، إلى تجاوز معبر خشبي شيده مواطنون، حتى يسمح لهم بالمرور فوق المجرى و الوصول إلى المؤسسات التربوية، فإمكانية سقوطه جد واردة، كما أنه في أوقات تهاطل الأمطار يغمر بالمياه ويصبح غير صالح للاستعمال.
ومن بين أكثر المشاكل التي كان الحي وسكانه يغرقون فيها، هي المذابح غير الشرعية وحظائر المواشي التي كانت تملأ المكان منذ عشرات السنوات، و دفعت بالكثير من العائلات إلى المغادرة، وذلك تفاديا للأمراض التي تحدق بصحتهم، و هروبا من النقص الذي كان مسجلا في الجانب الأمني، ما حوّل المنطقة إلى أكبر تجمع يسوق اللحوم بطريقة غير شرعية في قسنطينة و عدد من الولايات الشرقية.
وقد ظلت المنطقة بعيدة عن الأنظار، إلى أن أقدمت السلطات الولائية على حملة إزالة مباغتة بتاريخ 22 مارس 2017، كانت كفيلة بالقضاء على هذه البؤرة الخطيرة، وهو الأمر الذي استبشرت له العائلات خيرا، ظنا منها أن العملية ستعقبها عمليات تطهير وتهيئة، غير أن الحال بقي على ما هو عليه إلا غاية اليوم، وسط تساؤلات من السكان حول مصيرهم في المستقبل القريب.
رئيس بلدية قسنطينة يبرمج زيارة للحي
قاطنو نهج الواد ممن التقيناهم، أغلبهم من الشبان الذين يبحثون عن آذان صاغية من المسؤولين المحليين، حيث طالبوا بضرورة فتح قنوات الحوار والاستماع إلى انشغالاتهم، وهو الأمر الذي دفعهم إلى دق أبواب المندوب لقطاع سيدي مبروك والذي قام حسبهم، بزيارة الحي قبل أيام وأكد لهم، بحسب ما ذكروه للنصر، أنه سيرفع مطالبهم للوصاية ويضعها في صورة الوضع الميداني. مندوب القطاع الحضري لسيدي مبروك السيد عبد الحكيم لفوالة، أكد أمس في اتصال بالنصر، أنه التقى بممثلي الحي قبل أيام، وأنه من المرتقب أن يتم التكفل بالكثير من الانشغالات في وقت قريب، وذلك عقب الاطلاع أكثر على الواقع المعاش بهذا التجمع، مضيفا أنه من المرتقب أن يرافق رئيس المجلس الشعبي البلدي نجيب عراب و نائبه المكلف بالإنجازات لزيارة للحي هذا اليوم، من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة.
عبد الله.ب

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com