سجل مهندسو و تقنيو بلدية قسنطينة ثلاثة انزلاقات أرضية بمحاور و طرقات حيوية، فيما أكد رئيس المجلس الشعبي البلدي تسجيل “عمليتين ماليتين كبيريتين” للتكفّل بها بشكل استعجالي.
حيث أكد تقنيون ببلدية قسنطينة للنصر، بأن المشكلة في تزايد ما يتطلب إجراء حلول مستعجلة لوقفها نهائيا بدل الاكتفاء بالحلول الظرفية التي ما تكاد أن تصلح الوضع في منطقة حتى تظهر في نقاط أخرى، وهو ما حدث بشارع طاطاش بلقاسم "الروتيار" الذي استفاد منذ ثلاث سنوات من عملية كبرى قبل أن تظهر انزلاقات أخرى و بشكل أسوأ.
و وقفت النصر، بحي "الروتيار" على انزلاق بالطريق الرئيسي بالشارع وأكد السكان أن عمقه تزايد، حيث انخفض مستوى الطريق بشكل كبير بما يشبه الحفر إذ أن المركبات تتوقف تماما في تلك النقطة، قبل أن تسير مجددا في حين ظهرت تشققات عميقة على طول الرصيف و أسفل العمارات المقابلة للكورنيش، كما لاحظنا تشققات على مستوى حائط الدعم المطل على وادي الرمال فضلا عن تحركات بالتربة.
و قال لنا سكان إن المشكلة بدأت منذ سنوات و أخذت تتوسع شيئا فشيئا إلى أن وصلت إلى هذا المستوى الخطير، حيث حذروا من تكرار سيناريو الجزء المقابل لثانوية رضا حوحو الذي انهار جزئيا في شتاء 2016 ثم كليا مطلع عام 2017 ما تسبب في غلق الطريق لأزيد من عامين، بعد استعانة السلطات بشركة "دايو" الكورية التي أنشأت شبكات للمياه و الصرف الصحي التي كانت السبب في تحرك التربة و الانهيار المسجل.
و أوضح رئيس بلدية قسنطينة نجيب اعراب للنصر، أن مشكلة الانزلاق على مستوى شارع طاطاش بلقاسم تتعلق بوجود تسربات لشبكة المياه و الصرف الصحي، حيث أن مؤسسة "سياكو" فضلا عن مديرية الموارد المائية قد تدخلتا بالمكان لتشخيص الوضع، و أضاف "المير" أن البلدية ستتكفل بعد ذلك بإعداد دراسة تقنية و تنفيذها، مشيرا إلى تخصيص غلاف مالي معتبر لإصلاح الوضع، فيما ذكر مندوب مندوبية سيدي راشد، عبد الحكيم لفوالة، أنه سيتم تخصيص غلاف مالي بشكل استعجالي من الميزانية الأولية للعام المقبل.
و بشارع زعبان رمضان" بومرشي" توسعت مساحة الانزلاق بالقرب من مقر الحماية المدنية، حيث انهار شطر من الرصيف و امتد الأمر إلى ناحية الطريق بسبب الاضطرابات الجوية الأخيرة، كما بدا هذا المسلك الحيوي الرابط بن جسر سيدي راشد و وسط المدينة مهددا بالانهيار، بعد تآكل أجزاء كبيرة من الإسفلت و ظهور الطبقات السفلى للأرض التي تحولت إلى طبقة طينية من شدة تدفق المياه بها.
و سارعت مندوبية سيدي راشد إلى غلق تلك النقطة لمنع عبور المواطنين من أمامها كما تم بحسب المندوب البلدي، نزع العمود الكهربائي لمنع حدوث شرارات كهربائية، فيما أوضح رئيس البلدية أن مديرية الموارد المائية قد تدخلت بالتنسيق مع تقنيي البلدية، إذ تبين أن المشكلة تتعلق بشبكات المياه الصالحة للشرب، مؤكدا أن المجلس سيتكفل بتخصيص الغلاف المالي.
و ذكر مندوب القطاع الحضري، أن الأمطار الأخيرة قد ضاعفت من حدة الانزلاق بالمكان كما تحدث عن إمكانية انهيار الطريق في تلك النقطة في حال عدم التدخل بشكل استعجالي، مضيفا أن التقنيين يتابعونها بشكل دوري.
كما سجلت 3 انزلاقات متفاوتة الخطورة بحي أبناء العم بوفنارة المعروف بـحي "فيردان" بوسط المدينة، لكن الانهيار الجزئي للطريق الواقع بمفترق الطريق الرابط بين منطقة بوذراع صالح و قيطوني عبد المالك و طريق "فيردان" قد يعزل تلك الأحياء عن بعضها، حيث ازدادت حدة الانزلاقات في الاضطراب الجوي الأخير، وقال سكان تلك المنطقة إن الكثير من المركبات قد علقت بالحفر قبل أن يتم وضع عجلات مطاطية للفت انتباه السائقين.
و اعتبر سكان، أن الانزلاق في توسع مستمر بسبب التسربات الكبيرة للمياه فضلا عن تحرك التربة، حيث أشاروا أن مياه الصرف الآتية من حي بلوزداد الأسفل تنزل عبر طبقات التربة و تتجمع بتلك النقطة، بما أدى إلى اهتراء الطريق، فيما لاحظنا أن الطبقات العليا للإسفلت قد بدأت في التآكل، إذ وفي حال مرور مركبة من الوزن الثقيل فإنها ستنهار مباشرة، كما ظهرت تشققات و حفر و بدت الكتل الترابية ظاهرة على بعد نصف متر من الطبقة العليا للطريق، حيث أن المياه تسببت في انجراف التربة أسفل المحور.
و أكد مندوب قطاع سيدي راشد، أنه تم إنجاز محاضر معاينة ميدانية بهذه النقاط فضلا عن خبرة تقنية، سيتم رفعها لرئيس بلدية قسنطينة، مشيرا إلى أن الاضطرابات الجوية قد تسببت أيضا في توسيع حدة الانزلاقات بتلك النقطة الحيوية من وسط المدينة، في حين طالب السكان بإصلاح الوضع بشكل استعجالي كون الأمر يتعلق بالمسلك الوحيد الذي تعبر منه المركبات و حتى الراجلون.
و قد أعدت السلطات قبل سنوات دراسة حول مناطق الانزلاقات بمدينة قسنطينة حيث تكفل بها مكتب الدراسات الفرنسي "سيميكسول" الذي وضع تصنيفات بالألوان الحمراء والبرتقالية والخضراء، مع تقديم حلول للمشكلة التي تهدد سلامة البنى التحتية بالمدينة، نفذت جزئيا بعمليات ترحيل و وضع أجهزة لقياس حركة التربية، لكن ما سمي بالبرنامج الاستعجالي آنذاك لم يتم تنفيذه ما جعله محل انتقاد من طرف ولاة سابقين، فيما يرى منتخبون أن هذه الدراسة قد أصبحت قديمة و وجب إعادة النظر فيها وهو ما ذهب إليه رئيس البلدية الحالي في بداية عهدته ، إذ أكد على ضرورة إنجاز دراسة أخرى مع اقتراح حلول عملية لكن الأمر لم يتم لعدم توفر الاعتمادات المالية، وهو نفس ما ذهب إليه رئيس البلدية السابق ريحاني سيف الدين الذي ألغى العمل بخارطة التصنيف.
و قبل ثلاث سنوات، استعانت الولاية بخيبر دولي من أجل إنجاز دراسة لوقف الانزلاقات التي تعرفها العديد من المناطق و الأحياء، و من بينها مسعود بوجريو وقيطوني عبد المالك وجزء من حيي بلوزداد السفلي و بوالصوف والطريق الغابي وهي مناطق مصنفة ضمن المناطق الحمراء، لكن المشروع لم يسجل لتكاليفه الضخمة.
لقمان/ق