قدم نهاية الأسبوع الماضي، طالبان بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير لجامعة عبد الحميد مهري مذكرة تخرج في طور الماستر، تمكنا فيها من تطوير أرضية رقمية تحتوي على قاعدة بيانات وموقع إلكتروني يجمع المعلومات حول فرص الاستثمار الفلاحي بولاية قسنطينة.
وأفاد الطالب المتخرج رضا بن الشيخ الحسين، في حديث مع النصر، أن المذكرة مقدمة في تخصص إدارة الأعمال بقسم علوم التسيير بجامعة عبد الحميد مهري، حيث جاءت بعنوان «تحليل بيئة الأعمال للقطاع الفلاحي في الجزائر – دراسة حالة ولاية قسنطينة»، فيما تستهدف في شق منها تصميم منصة رقمية للمقاولة الفلاحية في ولاية قسنطينة، منطلقة من إشكالية تسعى إلى معرفة واقع القطاع وما يتوفر عليه من طرق لتمويل المشاريع الناشئة، فضلا عن التساؤل المتفرع منها حول ملاءمة بيئة القطاع الفلاحي للاستثمار وتحفيزها له. وقد اشتمل البحث على تفاصيل المنصة الرقمية التي أطلقا عليها تسمية Fellaha، وهي تستثمر في المعطيات والمؤشرات المجموعة خلال دراستهما التحليلية.
وتمثل المنصة مثلما جاء في الدراسة، بوّابة إلكترونية تجمع ما بين المقاولين الفلاحين الراغبين بالاستثمار في القطاع الفلاحي بولاية قسنطينة، بالإضافة إلى الذين يزاولون نشاطهم حيث اعتبرتها الدراسة الأولى من نوعها، في حين توفّر المعلومات الكاملة عن القطاع ويمكن من خلالها عرض المنتجات الفلاحية للبيع، فضلا عن عرض الفرص المتاحة للاستثمار. ونبه صاحب الدراسة أنها تساهم أيضا في رقمنة القطاع وتحديد المشاكل والعراقيل التي تواجهه، كما تساهم في بناء إستراتيجية للنهوض بالفلاحة.
وتعرض المنصة الرقمية التي اقترحها الطّالبان، بحسب ما جاء في نموذجها المصمم في الدراسة، الفرص والحوافز والتهديدات في باب المقاولة الفلاحية، إلى جانب إمكانيات القطاع والاستغلال الفلاحي والهياكل المالية، في حين توفر خدمات البيع والشراء دون وسطاء والإرشاد التقني ودليل الاستثمار الفلاحي، كما تعرض التوزيع الجغرافي لإمكانيات القطاع وللإنتاج الزراعي والهياكل المالية. وقد استخدم الطالبان 6 أدوات برمجة في تصميمها إلى جانب أربع لغات للبرمجة.
أما المضمون الواقعي الملموس للمنصة، فإنه يتضمن قائمة بالمؤسسات التمويلية على غرار بنك الفلاحة والتنمية الريفية والصندوق الجهوي للتعاون الفلاحي والوكالة الوطنية لدعم وتنمية الاستثمار، وقائمة المستثمرات العمومية والخاصة المقسمة بمواقعها في البلديات وبحسب نظامها القانوني المعتمد.
وتتضمن المنصة مؤشرات القطاع الفلاحي أيضا، حيث تتمثل في توزيع الأراضي الغابية وغير المنتجة والمراعي والأراضي الصالحة للزراعة وإحصائيات إنتاج الحبوب وغيرها، بالإضافة إلى الإحصائيات الفلاحية مثل مساحات الأراضي على مستوى كل بلدية وحجم الثروة الحيوانية والإنتاج النباتي والتجهيزات المتوفرة.
وتشتمل المنصة على مجموعة من الخدمات، مثل البيع والشراء عن طريق الخريطة التفاعلية ودليل الهواتف، وخدمة دليل المستثمر، وصفحة النصوص القانونية والتشريعات، فضلا عن أنها تتيح للمتصفحين التواصل مع القائمين عليها.
وقد خلصت الدراسة إلى أن ولاية قسنطينة تتوفر على بنية عقارية جيدة لأنها تنطوي على أكثر من 9 آلاف مستثمرة فلاحية يشارك فيها القطاع الخاص بنسبة تقارب 67 بالمئة، فضلا عن إمكانيات الولاية الهائلة في مجال الفلاحة، لكنها أشارت إلى أن المحاصيل تتأثر بعدم التحكم في المسار التقني وعدم احترام الفترات المناسبة لإنجاز الأعمال الفلاحية مثل الحرث والتسميد ونزع الأعشاب الضارة.
وأشارت الدراسة أيضا إلى النقص في العتاد الفلاحي وعدم التحكم في تقنيات المناوبة، يفسر المردود المتوسط المحصل عليه في مجال الحبوب، أي بمعدل 22 قنطارا في الهكتار، رغم إمكانيات التكثيف الكبيرة، ونبهت أيضا إلى أن تربية الدواجن لم تعرف نفس تطور الإستراتيجية المنتهجة لدعمها بتسخير جميع الإمكانيات لبناء المداجن وتزويدها بالعتاد، ما يُعرّض مجهود التنمية للفشل، فضلا عن تقهقر تربية النحل في الولاية لعدم التحكم في التقنيات ونقص الإرشاد في هذا المجال، كما أوضحت أن الأرقام تؤكد اكتفاءً في العتاد بالولاية، إلا أن الواقع يشير إلى عكس ذلك لكون أغلبية العتاد معطل بسبب قلة الصيانة.
من جهة أخرى، أوضح الدكتور نذير عزيزي من كلية العلوم الاقتصادية والمشرف على إنجاز المذكرة التي حصل صاحباها على علامة 16، أن المنصة قابلة للتوسيع لتشمل مؤشرات ولايات أخرى، كما نبه إلى إمكانية أن تحظى بالمرافقة على مستوى دار المقاولاتية أو حاضنة الأعمال لجامعة قسنطينة 2، في حين أوضح أنها تعتبر من الدراسات الميدانية غير المسبوقة في الكلية بحيث أنها تصب في مجال رقمنة الاقتصاد.
أما الطالب رضا بن الشيخ الحسين الذي يعمل في مجال تربية الأبقار، فقد أوضح بأنه يسعى إلى منح الدراسة لغرفة الفلاحة للولاية من أجل تبنيها، فضلا عن أنه يعمل على مواصلة العمل عليها وتطويرها في حال وُفق في دخول طور الدكتوراه أو للاستثمار فيها تجاريا. سامي.ح