فسخت بلدية قسنطينة عقود 44 مستأجرا بسوق بطو « فيرندو» وأحالت مستغليها على القضاء، بعد أن أثبتت تحقيقات ميدانية أنهم قد أجروها من الباطن بمبالغ مضاعفة مقارنة بالمستحقات التي تدفع للبلدية ، في إجراء يعد الأول من نوعه منذ تاريخ إيجارها الأول قبل عقود، فيما أكد مدير الممتلكات أن العملية ستتواصل لتشمل مختلف أملاك البلدية وذلك في إطار استراتجية تهدف إلى تثمين الموارد ورفع الإيرادات.
وأعلنت أمس، بلدية قسنطينة عن مزاد علني لإيجار 82 ملكية بلدية، حيث سيجرى المزاد بتاريخ 21 جانفي من الشهر الجاري، فيما تم لأول مرة منذ عقود إيجار مقاعد تجارية ودكاكين بسوق بطو « فيرندو» سابقا بوسط المدينة .
وأوضح مدير مديرية الممتلكات ببلدية قسنطينة ، إسكندر بوصوارة، بأن البلدية وإثر تحقيقات ميدانية معمقة ودراسة كل الوضعيات، فسخت عقود إيجار 44 مستغلا لمقاعد ودكاكين ، حيث تبين بأن مؤجريها قد قاموا بكرائها من الباطن وهو ما ينافي القوانين إذ لا يجوز بأي حال من الأحوال إيجار ممتلكات خاصة بالبلدية، مشيرا إلى أن ملفات المعنيين قد أحليت على العدالة للفصل فيها .
وأبرز المتحدث، بأن الأسعار السابقة لهذه المربعات التجارية كانت منخفضة جدا ولا تعبر عن قيمتها الحقيقية، في حين كانت تؤجر من الباطن بأثمان مرتفع جدا، مشيرا إلى أن الأسعار الافتتاحية المعتمدة في المزاد قد عرفت ارتفاعا كبيرا، كما أنها من المرجح أن ترتفع بشكل أكبر خلال المزاد كون السوق يتميز بحركية تجارية كبيرة، مؤكدا بأن إيرادات البلدية من هذه الممتلكات ستعرف قفزة نوعية جدا، مما سينعكس بالإيجاب حتى على التنمية المحلية.
وتراوحت الأسعار الافتتاحية لمحلات سوق فيرندو ما بين 21 مليون سنتيم للعام فيما يتعلق بدكان مساحته 5.8 أمتار مربعة و 120 مليون سنتيم للسنة لدكان بمساحة 89.98 مترا مربعا، علما أنه قد عرض للإيجار محلات تقع بالشارع الرئيسي لشارع مسعود بوجريو بوسط المدينة، وهي التي كانت هي الأخرى تؤجر بسعر رمزي من البلدية، بينما أعيد كراؤها من الباطن بأسعار مرتفعة جدا وفق ماهو متداول في سوق العقار.
ويعد هذا الإجراء من بين المشاكل التي تعترض تسيير البلديات وفق ما أكده الوالي عبد الخالق صيودة، حيث أكد في مختلف دورات المجلس الشعبي الولائي، بأنه قد وجه تعليمات من أجل تثمين الممتلكات، و تم الشروع في خرجات ميدانية للتحقيق في وضعيتها عن طريق المفتش العام ، إذ تم على مستوى بلدية قسنطينة على سبيل المثال، تشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في سوقي بومزو وبطو بوسط المدينة ، ليتم الوقوف على أن أغلبية التجار لا يدفعون مستحقات البلدية ويؤجرون المحلات ، في حين أن أكثر من 40 من الناشطين عبر السوقين لم يمارسوا التجارة إطلاقا وقاموا بتأجير المحلات والقانون يعاقب الكراء من الباطن ، معتبرا أن هذه التصرفات تمرد في حق الدولة والبلدية.
وأكد الوالي، بأنه قد تم إثبات مختلف الحالات عن طريق محضر قضائي، مشيرا إلى أن العملية ستشمل مختلف المحلات والممتلكات البلدية وستتواصل محاربة هذه التصرفات ، كما سيتم أيضا استرجاع مستحقات إيجار سكنات البلديات أو تلك التي تعود ملكيتها لمديرية التربية من خلال مقاضاة كل مخالف لعقد الإيجار، مبرزا أن مصداقية البلدية لن تكون إلا باسترجاع وتثمين الممتلكات .
وقد تم خلال هذا المزاد أيضا، الإعلان عن إيجار حضانة للأطفال بحي فضيلة سعدان و العشرات من المحلات والمربعات بالأسواق العادية وكذا سوق الجملة، فضلا عن حظائر السيارات بالعديد من المواقع الاستراتجية ودورات المياه، وذلك وفقا لأسعار افتتاحية تتماشى والتغيرات التي يعرفها سوق العقار المحلي.
ويعتبر ملف استغلال الممتلكات البلدية وإيجارها من الباطن تحديا كبيرا تواجهه بلدية قسنطينة منذ عقود، حيث يشكل تهديدا مباشرا لمواردها المالية ويسيء إلى مصداقيتها كهيئة عمومية، وفق ما يؤكده الولاة المتعاقبون على الولاية وحتى المنتخبون المحليون في كل مرة ، فيما يعكس إجراء فسخ عقود مستأجري محلات سوق «بطو» المخالفين للقانون خطوة هامة نحو فرض سيادة القانون واسترجاع حقوق الدولة، كما أن رفع أسعار الإيجار إلى مستويات تتناسب مع القيمة السوقية للعقارات يظهر توجها جديا نحو تعزيز الموارد المالية وتنظيم استغلال الممتلكات بشكل يتماشى مع مبدأ العدالة والشفافية.
لقمان/ق