تعمل الجمعية الوطنية لمنتجي الخرسانة الجاهزة، على تشكيل لجان مراقبة المصانع المنتجة لهذه المادة، لضمان منتوج يتوافق مع المعايير الدولية، بهدف إنجاز بنايات لا تشكل خطرا على قاطنيها، إضافة إلى إدخال ابتكارات حديثة لأول مرة في هذا المجال تساهم في اقتصاد استهلاك الطاقة والمعادن، وتمكن من مواكبة التطور التكنولوجي الحادث في هذا المجال على المستوى العالمي.وأكد أمس، غلاّش غلاّش، رئيس الجمعية الوطنية لمنتجي الخرسانة الجاهزة، خلال إقامة الطبعة الخامسة للصالون الدولي للبنايات الحديثة والتكنولوجيات الجديدة «بويلتاك» 2025، على مستوى فندق «ماريوت» بقسنطينة، أن جمعيته تأسست منذ سنة، بعد حصولها على ترخيص من وزارة الداخلية، هدفها تحسين وتطوير جودة صنع الخرسانة، موضحا أن إنتاج هذه المادة حتمية لا مفر منها في جميع المجالات، بل تعتبر نواة إنجاز البنايات، لذلك وجب أن تكون عملية صنعها وفق المعايير الدولية والوطنية، موضحا أنه توجد عمليات مصممة بشكل جيد فيما سجلت تحفظات على أخرى.
حاتم بن كحول
وأضاف المتحدث أن دور الجمعية يكمن أيضا في تجسيد الابتكارات الحديثة والجديدة في مجال صنع الخرسانة، من أجل التطوير والتحوّل إلى التنمية المستدامة، وأوضح أن الصناعة الخرسانية عبارة عن جودة وابتكار، خاصة بعد اعتماد الدولة إنجاز بنايات ذات طوابق أرضية زائد 36 طابقا، ما يتطلب الاجتهاد أكثر في هذا المجال، مؤكدا أن دور الجمعية إتاحة الحلول المناسبة لبيع هذه المادة، خاصة وأن مكونات الخرسانة من حديد وحجمه المطابق واسمنت ونسبة استعماله ومياه وغيرها تحدد جودة الخرسانة في النهاية، وإن كانت صالحة للاستعمال من عدمها.
استعمال مواد تسمح بخفض استهلاك الطـاقة من 48 إلــى 15 بالمئة
وتهدف الجمعية لاعتماد أفكار مبتكرة بفضل التكنولوجيا، تساهم في تطوير المشاريع الوطنية، ممثلا أن مختلف المقاولات اليوم، تستهلك من أجل انجاز عمارة ما نسبته 48 بالمئة من الطاقة، إلا أن الجمعية تملك حلولا جديدة تسمح باقتصاد هذه الكمية الكبيرة، من خلال استعمال مواد تسمح بتقليل هذه النسبة إلى معدلات منخفضة، وهو ما سيتم الإعلان عنه في المؤتمر الذي سيقام في وهران الخاص باقتصاد الطاقة، موضحا أن تلك المواد تساهم في خفض الاستهلاك من 48 إلى 15 بالمئة.
وأوضح أن العملية تتمثل في صنع الخرسانة الجاهزة بعد تقليص كمية الكاربون، إضافة إلى تخفيض كمية استهلاك الاسمنت، خاصة وأنه يتسبب في إنبعاثات غير صحية ملوثة للمحيط، موضحا أن تخفيض استعمال هذه المواد وجب أن يقابله تعويض لها، بمواد أخرى تبقي المادة صلبة، وهو ما توصلت إليه الجمعية بفضل تنسيقها مع حاملي المشاريع على مستوى عدة جامعات، مؤكدا أنه سيتم إمضاء اتفاقيات تعاون بين الطرفين تسمح بتجسيد تلك الابتكارات لحاملي المشاريع وتضمن منتوج يوفر اقتصاد الطاقة وفق معايير معمول بها لمختلف المصانع.
صنع ألواح الطاقة الشمسية والبالوعات بمادة الخرسانة
كما أكد رئيس الجمعية، خلال الصالون الذي حضره العديد من الفاعلين الرئيسيين في مجالات البناء والهندسة المعمارية والابتكارات التكنولوجية، وذلك لتبادل الخبرات ومناقشة آخر التطورات والمستجدات الحاصلة في هذا القطاع، أن الجمعية اجتهدت أيضا لتقديم بعض الحلول في مجال استهلاك الطاقة الشمسية، متمثلة في صنع الألواح وإطاراتها بمادة الخرسانة سابقة الإجهاد عوضا عن مادة الحديد المكلفة، ما سيقلل الميزانية الإجمالية لتجسيد مثل هذه المشاريع، خاصة بعد انتشارها بقوة على المستوى الوطني سواء بالطرقات أو بالمجمعات والأقطاب السكنية.ك
ما ستمكن هذه الألواح المصنوعة من الخرسانة، أن تبقى صالحة للاستعمال لمدة زمنية أطول بكثير من تلك المصنوعة من مادة الحديد، كما ستضمن سرعة في الصنع والتركيب مقارنة بالطريقة الكلاسيكية، كما أن الدولة الجزائرية بحاجة لمثل هذه الابتكارات التي تساهم في اقتصاد الطاقة والمعادن، وهو ما أوصى به رئيس الجمهورية، مذكرا أن الجمعية تملك أيضا أفكارا أخرى متمثلة في صنع بالوعات بمادة الخرسانة على أن تكون ملتصقة بالأرضية، ما يصعب من مهمة نزعها، خاصة في ظل تفشي ظاهرة سرقة البالوعات من مختلف الطرقات وبكل الولايات ما يكبّد المؤسسات خسائرا مادية معتبرة خاصة وأن تلك البالوعات مصنوعة من مادة الحديد.
تجاوب كبير من طرف مؤسسات الدولة مع مشروع الجمعية
وأفاد المتحدث، خلال مشاركته في الصالون الممتد من تاريخ 10 إلى 13 من الشهر الجاري، أنه وبعد 4 أيام فقط من فتح المكتب الوطني على مستوى دائرة الدار البيضاء بالعاصمة، تفاجأ للاستجابة الكبيرة والتفاعل الضخم الذي لقيه من طرف مؤسسات الدولة، وهو ما لم يكن يتوقعه بهذه السرعة، بعد زيارات واتصالات ومراسلات عديدة من طرف الجهات المعنية من أجل التعاون مع الجمعية ومرافقتها في أفكارها وأهدافها القاضية بتطوير مجال صناعة الخرسانة على المستوى الوطني، كما تحدث عن رغبة جامعات في المرافقة على غرار جامعة غليزان، التي أكدت مديرتها استعدادها للمشاركة في إثراء الأفكار وتجسيدها رفقة حاملي المشاريع وأصحاب المؤسسات الناشئة، والمشاركة في تحقيق الغاية «النبيلة» التي تسعى إليها الجمعية.
برنامج مراقبة دقيق خلال الصنع بنسبة صفر بالمئة من الأخطاء
وشبه غلاّش، مجال صناعة الخرسانة بمجال صناعة الأدوية، وهو المجال الذي لا يتحمل نسبة الخطأ أي صفر بالمئة، بما أن الخطأ في أحدهما قد يودي بحياة إنسان، لأن صناعة الخرسانة قد تتسبب في تعريض حياة قاطني البنايات للخطر. وقال إن جمعيته أسست من أجل وضع برنامج مراقبة دقيقة خلال عملية صنع الخرسانة، مؤكدا أن الخرسانة هي ثاني أكثر مادة استعمالا واستهلاكا بعد المياه على المستوى العالمي، ما يستدعي أن تولي المصانع والمرقين والمواطنين أهمية بالغة لها، مضيفا أنه لمس اهتماما من طرف المواطنين الذي أصبحوا يعون جيدا أهمية إنجاز خرسانة وفق المعايير الدولية، كما جذب هذا المجال الكثير من الباحثين وحاملي المشاريع في مختلف الجامعات، ويرغبون اليوم حسبه، في تجسيد مشاريع ابتكارية تسمح بتطوير هذا المجال على أرض الواقع، إلا أنه يصطدمون بواقع انعدام الجهات المناسبة التي تساعدهم على ذلك.
الصناعة الخرسانية مجال دقيق ينشط به أصحاب الاختصاص لا أصحاب المال
وشدد المتحدث، على أن الصناعة الخرسانية لها أهلها، ومن الضروري اعتماد دفتر شروط يسمح بممارسة هذا النشاط، مطالبا بألا يسمح لأي شخص كان سواء حاملا للمال أو مستثمرا بصنع الخرسانة دون رقابة، لأن الدافع المادي يكون أكبر وبالتالي إمكانية صنع منتج غير مطابق. و ودعا المتحدث إلى الاهتمام أيضا بعملية ضخ الخرسانة، موضحا أن المضخات الصغيرة المستعملة بقوة في مختلف الورشات والمشاريع، لا تسمح بإنتاج خرسانة مطابقة، لأنها تتطلب كميات كبيرة من المياه أثناء الضخ وبالتالي إضعافها، ويجعلها غير صلبة وغير مناسبة للبناء، لذلك وجب أن تكون آلة ضخ الخرسانة من الحجم الكبير والتي تعمل وفق المعايير الدولية.
الجمعية ستوجـه المرقين العقاريين نحو المنتجـين المنخرطين بها
كما أوضح رئيس الجمعية، أنه سيستغل هذا الصالون ، من أجل عرض فكرة الانخراط بجمعيته، على المرقين العقاريين المشاركين، كما سيوجه رسالة إلى كل المرقين العقاريين على المستوى الوطني، للانخراط في الجمعية، من أجل تمكينهم من منتجين للخرسانة وفق المعايير الدولية، وبعد مراقبة من الجمعية ووقوفها على مدى جودة المنتج قبل استخدامه. وأضاف أن المرقين العقاريين يتميزون بذهنية تجارية، بما أن غرضهم الأول هو بيع السكنات، ولكن وجب أن يتساءلوا كيف لمنتج يباع مقابل 80 دج أن يوفره منتج آخر بمبلغ 70 دج، وهو «أمر غير معقول»، خاصة وأن أي مصنع لن يقبل الخسارة، وبالتالي يمكن أن يصنع خرسانة غير مطابقة، مؤكدا على ضرورة إخضاع العاملين في هذا المجال إلى تكوينات دورية في إنجاز الخرسانة من أجل ضمان الجودة، خاصة وأن مصانع صنع هذه المادة دخلت السوق المحلية مؤخرا وتبنت الفكرة لكن دون تقنيات دقيقة وحديثة، ما تسبب في ضعف منتجي الخرسانة على مستوى عدة مجالات.