عامــان حبســا لشرطيين اتهمـا بتعذيب شـاب داخل مركز الأمن بعين اسمــارة
قضت، نهاية الأسبوع، محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء قسنطينة، بتسليط عقوبة عامين حبسا نافذا و عام غير نافذ، مع غرامة مالية قدرها 50 ألف دج، في حق شرطيين اتُّهما بتعذيب شاب داخل مركز الأمن الحضري بعين اسمارة، و ذلك للاشتباه فيه بسرقة 400 مليون سنتيم من منزل جاره، فيما استفاد عون شرطة علمية من البراءة.
وقائع القضية و حسب ما دار في جلسة المحاكمة، تعود إلى تاريخ 11 ماي 2013، حينما تلقت مصالح الأمن الحضري بعين اسمارة، شكوى مفادها تعرض منزل المسمى «ز.ط» في الستينات إلى سرقة مبلغ مالي قدره 400 مليون سنيتم، إضافة إلى أغراض أخرى، و على إثرها تنقل الشرطيان المناوبان «ط.ص» 42 سنة برتبة مفتش شرطة، و «ج.س» 53 سنة عون شرطة أحيل على التقاعد سنة 2014، إلى عين المكان، قبل أن يلتحق عون الشرطة العلمية «ع.ف.د» 44 سنة العامل على مستوى أمن دائرة الخروب بالمكان، لمعاينة مسرح الجريمة، بعد اتصال من طرف أعوان أمن عين اسمارة به حوالي الواحدة صباحا. و في تلك الأثناء، خرج الضحية الشاب «ح.ب» 26 سنة من مسكنه المحاذي للمسكن محل السرقة، بغرض الاستفسار عن الأمر حسب تصريحاته لهيئة المحكمة، لكن أعوان الأمن المعنيين اشتبهوا فيه بالتورط في الجريمة، خاصة أن صاحب المنزل الذي تعرض للسرقة اشتبه هو الآخر في الضحية، فيما صرحت ابنته لحظتها للشرطة أن الأخير متعود على الصعود فوق سطح منزلهم، ليتم اقتياده إلى مركز الأمن للتحقيق معه، في حين بقي عون الشرطة العلمية «ع.ف.د» في المنزل لمعاينة آثار الجريمة.
و حسب الضحية الشاب «ح.ب» الذي يعمل في ورشات البناء، فإن المتهم الأول «ط.ص» قام خلال استجوابه بالمركز بتعنيفه عن طريق صفعه و ركله متحدثا معه بلهجة قوية لإرغامه على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها، في حين قام، حسبه، المتهم الثاني «ج.س» بضربه بواسطة الحزام العسكري و جره و الدوس عليه بقدميه، قبل أن يقدم المتهم الأول على غمس رأس الضحية مرتين في حوض الماء، ليلتحق في تلك الأثناء عون الشرطة العلمية بمركز الأمن بعد الانتهاء من مهمة رفع البصمات بموقع الجريمة، أين قام هو الآخر، حسب الضحية، بتوجيه سلاحه الناري نحو رأسه و تهديده بالقتل، متهما عناصر الشرطة المعنيين باحتجازه في قبو مظلم يقع في الطابق السفلي للمركز.
المتهم الأول مفتش شرطة «ط.ص» نفى تعنيفه و ضربه للضحية، في حين استفسره القاضي عن بعض التجاوزات أولها تقييد الضحية بمجرد الاشتباه فيه، و حول عدم تسجيل عملية تحويل الضحية إلى مركز الأمن و الشروع في سماعه على محضر في سجل مركز الأمن وفق القوانين المعمول بها، كما نفى المتهم الثاني «ج.س» كذلك وقائع الضرب و التعنيف، فيما أظهر محامي الضحية أمام هيئة المحكمة، تقرير الطبيب و صور تظهر آثار ضرب على جسد الشاب «ح.ب»، فيما صرح عون الشرطة العلمية «ع.ف.د» بأنه لم يقترب أصلا من الضحية، كون عمله يتعلق بمعاينة مسرح الجريمة و ليس باستجواب الموقوفين، نافيا علاقته باتهامات المعني أو مشاهدته لآثار ضرب على جسده خلال تواجده بالمركز.
النيابة التمست 20 سنة سجنا لكل واحد من المتهمين، مع غرامة مالية قدرها 50 ألف دينار، في حين قضت المحكمة، بعد المداولة، بتسليط عقوبة السجن لسنتين نافذتين و سنة غير نافذة في حق المتهمين «ط.ص» و «ج.س»، في حين استفاد عون الشرطة العلمية «ع.ف.د» من البراءة، و في الدعوى المدنية، قضت المحكمة بتغريم المتهمين الأول و الثاني بمبلغ 75 ألف دينار لكل واحد منهما، كتعويض عن الضرر المادي و المعنوي الذي أصاب الضحية.
خالد ضرباني