ابن قيطون هو العاشق الحقيقي لحيزية و سعيد مجرّد قناع !
شكّك الروائي واسيني الأعرج في صحّة الرواية الرائجة عن حيزية، واستبعد أن يكون عاشق حيزية "سعيد" شخصية حقيقية، مرجحا أن يكون العاشق هو الشاعر بن قيطون نفسه، وفق معلومات جمعها في رحلة استقصائية حول أشهر قصة حب جزائرية، والتي ستكون موضوعا لروايته القادمة. وقال إن الشهادات التي حصل عليها تؤكد أن حيزية ماتت مسمومة.
ففي جلسة بعنوان : حكاية حيزية روائيا "المخيال الشعبي و دوره في تحرير السرد" نُظمت بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطوربقسنطينة، تناول الروائي واسيني الأعرج أشهر قصة حب في تاريخ الجزائر، بطلتها شابة من عرش الذواودة بسيدي خالد ببسكرة، جمعتها قصة حب بابن عمها "سعيد" الذي نشأ يتيما و كفله والدها، قبل أن يطرده عند انتشار خبر علاقتهما حفاظا على سمعة ابنته، التي أراد تزويجها بأحد فرسان القبيلة، غير أنها ثارت على العرف لتنتصر لحبها و تتزوج بحبيبها، لكن القدر خطفها في عمر 23 سنة، ليخلد قصتها الشاعر محمد بن قيطون بطلب من حبيبها، بنص شعري يحمل اسمها، فأصبحت أيقونة قصائد الشعر البدوي في الحب، و ألهمت قصتها شعراء و فنانين و أدباء.
يقول في هذا الصدد الروائي واسيني الذي يوشك على إنهاء روايته الجديدة حول قصة جوليات الجزائر "حيزية"، الذي يريد أن ينتصر لها سرديا، على حد تعبيره، من خلال الفصل في سرديات كثيرة يرى بأن جزءا منها غير صحيح، فانتهج في عمله أسلوب الأدب الاستقصائي بعد أن انطلق، كما أعرب، من جملة ليجد نفسه وسط دوامة كبيرة اكتشف من خلالها حقائق تاريخية، قائلا في مداخلته، بأن قصة "جوليات الجزائر" قصة جميلة و معروفة، لم يتردد في سماع كل الأغاني سواء الشعبية أو غيرها التي تناولت قصتها، بدءا من الفنان خليفي أحمد الذي يعد من أبناء سيدي خالد، إلى عبد الحميد عبابسة و رابح درياسة و غيرهم، فتوصل من خلال ذلك لنتيجة وصفها بالغريبة هي نزع خمسة أبيات شعرية من القصيدة، ما عدا خليفي أحمد الذي غناها كاملة، و يرى بأنه من غير الجائز نزع أبيات أصلية من قصيدة تتغنى بقصة خلدها التاريخ.
لم يقتنع الروائي واسيني لعرج، كما صرح، ببعض التفاصيل، منها المتعلقة بشخصية "سعيد"، الذي يُروى أنه هو من طلب من الشاعر أن يكتب له قصيدة عن زوجته المتوفاة، قائلا بأنه و بعد قراءته للقصيدة لأكثر من 50 مرة، و كذا سماعها مرارا، لم يشعر و لو لمرة بأن لسعيد وجودا في هذه القصيدة، قائلا بأنه لا يمكن لأي كان أن يترجم شعور الحرقة بفقدان الحبيب إلا من عاشه فعلا، ما جعله يطرح فرضية أن بن قيطون هو العاشق الحقيقي، و سعيد هو مجرد قناع، و يجزم بصحة ذلك عند زيارته لمقبرة سيدي خالد أين عثر على قبور العائلة بدءا بالأب و الأم و حيزية و قبور أفراد القبيلة و قبر شيخ العرب إلا قبر سعيد، غير أنه تفاجأ و هو يقرأ في مرة من المرات لما كان يبحث في الموضوع بأن سعيدا موجود و بأن أحدا من أحفاده لا يزال موجودا قائلا بأنه أصيب بخيبة، لكنه ظل يشتغل على الموضوع و انتقل للشخصية الثانية و هي شخصية حيزية التي فرض عليها الزواج بشخص من عائلة بن قنة إلا أنها ظلت وفية للشخص الذي أحبته.
و أضاف الروائي، قائلا بأننا لا نعرف عن قصة حيزية سوى ما رواه الشاعر بن قيطون، ما جعله ينتقل إلى بسكرة و الجلفة و بوسعادة أين كانت تتمركز قبائل لها علاقة بقبيلة حيزية، فوجد بعض الإجابات عن تساؤلاته الكثيرة، من بينها التساؤل المتعلق بوفاته، حيث التقى بعجوز في 96 من عمرها لا تزال تحتفظ بذاكرة قوية و ذهن صاف، و توصل خلال حديثه إليها أن حيزية لم تمت موتة طبيعية و إنما سُممت، مرجحا صحة ما قالته السيدة العجوز، و دليله على ذلك أن الشاعر بن قيطون لم يفصل في وفاتها، على الرغم من أنه فصل في كل تفاصيل القصة ما عدا وفاتها، موضحا بأن كاتب بحجم بن قيطون لا يترك مسألة الموت معلقة، و مادام قام بذلك ففي المسألة غموض، ما جعله يعمق بحثه أكثر و يتقصى في الموضوع من خلال الوصول لعدة سيدات طاعنات في السن، اللواتي أجمعن بأن حيزية سُممت، مؤكدا بأن كل الروايات التي جمعها أكدت على أنها ماتت مسمومة، مسترسلا بأن ما قدمه في المداخلة هو مجرد ما يحيط بالرواية التي ستحمل تفاصيل جديدة و مثيرة، و كشف بأنها ستصدر السنة المقبلة. و ختم حديثه بالحديث عن المرجعية الواجب الانطلاق منها عند تناول موضوع تراثي، قائلا بأن مشكلتنا لما نتناول موضوع في التراث أو التاريخ نعتقد بأنه مقدس، فإذا كان المنطلق هكذا لا يمكننا أن نقدم إضافة و نقوم بمحاولات غير صحيحة، للخوف من الغوص في الحقائق و الكشف عنها.
أسماء بوقرن