اعتبرت الكاتبة الفلسطينية الدكتورة كفاح أبوهنود، أن كل ما يجري في قطاع غزة قد أعاد للشعوب العربية الوعي في العقل الجمعي، متحدثة عن أجيال قالت، إنها بدأت تدرك أن الرهان الحقيقي قائم اليوم على بناء الوعي بالقضايا الهامة، وأن هناك من يحاول أن يحيدها عن هذا الطرح.
حاورتها إيمان زياري
وعبّرت الكاتبة في حوار مع النصر على هامش معرض الكتاب الدولي المنقضي قبل أيام، عن سرورها و اطمئنانها لتواجدها في الجزائر بلد الشهداء، آملة أن تسير المقاومة في فلسطين على خطى ثورة نوفمبر المظفرة و أن تتحرر الأرض يوما، وأن ينقل الأدب قصص البطولة و يتناول القضية بالسرد البناء ليوصل صوت الفلسطينيين للعرب و غيرهم من شعوب العالم.
مواقع التواصل الاجتماعي صنعت لي جمهورا في الجزائر
النصر: نبارك لك إصداراتك الجديدة التي تعرضينها على القراء الجزائريين، حدثينا قليلا عنها؟
ـ كفاح أبو هنود: كل التقدير للجزائر، التي تولي أهمية للكتاب و تراهن على الثقافة، وقد كانت لي مشاركة سيلا2023، أين عرضت جديدي «في صحبة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم»، وكتاب آخر عن «فقه بناء الإنسان في الإسلام» وهو عمل أعتز به كثيرا، ومنتج فكري لإعادة الرؤية الصحيحة للسور المكية التي نزلت في أول التنزيل «الفجر و العصر و الضحى و الليل» و شكلت الإنسان الذي يصنع الحضارة، كونها تبين تقدير العزيز الحكيم للوقت و للمرأة و للعلم و قد حاولت أن أمعن في الرسائل التي نقلتها هذه السور.
قدمت أيضا كتاب «في صحبة الأسماء الحسنى» و هو رحلة إيمانية في علاقة حب الله، و ابتدأت الكتاب بقولي: «خزائن الله مليئة و الطريق إليها هو الأسماء الحسنى، أن تتحول الأسماء الحسنى إلى مفاتيح الفرج، و أن ندرك أن لكل اسم سره الخاص»، إلى جانب كتاب «على خطى إبراهيم» الذي يتحدث عن التضحية التي سبقت بناء البيت.
عما يتحدث كتابك الجديد تحديدا؟
ـ ملخص هذا الكتاب هو كلمة الإنسان، وما تحمله من معان عميقة فنبي البشرية كان إنسانا تسامى عن بشريته لأجل أن يصنع منا أمة، يشرح الكتاب كيف كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم نصا مزدحما بالألم ولكنه استطاع أن يصنع لنا هذا الحضور بين الأمم.
كيف كان الإقبال على أعمالك من طرف القراء الجزائريين؟
ـ لن أبالغ إن قلت إن مشاركتي في معرض الجزائر للكتاب كانت ناجحة جدا، بالنظر إلى الاكتظاظ الذي عرفته جلسة البيع بالتوقيع لهذا الكتاب تحديدا، لقد صادفت قراء من مختلف المستويات بينهم طلاب وشباب من أعمار صغيرة، و لم أكن أتوقع مطلقا أن أرى هذا الحشد الجماهيري الضخم حولي، و هذا رهان على كلمة الوعي الملتزمة.
كانت هناك أقلام مهمة في المعرض، لكني كلما رفعت رأسي عن كتاب أوقعه وجدت قرائي في انتظاري، لم أكن أظن أن لدي جمهورا بهذا الحجم و المستوى في بلادكم لكن علمت منهم بأنهم يتابعونني على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى إن من بينهم من قطع مسافة 1000 كلم و 1500 كلم، لرؤيتي، وهو جيل أحييه لروحه الواعية و الملتزمة.
بين فلسطين والجزائر رصيد كبير من ذاكرة النضال
كنت من الكتاب الفلسطينيين القلائل الذين شاركوا في المعرض الأخير، هل كان تنقلك أسهل و كيف أثرت عليك الأوضاع في غزة؟
ـ جئت إلى هنا مكلومة، بل جئت أحمل جرحا، وقد حاولت كثيرا أن أتوازن منذ بداية الأحداث، لكن من الصعب أن نصبح و نمسي على صور المجازر، وقد انتفضت ذاكرتي حين وصلت إلى الجزائر و زاد إيماني بكل حركات التحرر، فأرض الشهداء دفعت الكثير من دماء أبنائها لتستقل، وهي تضحيات ساهمت في بناء الوعي وإعلاء صوت الحق، وها هي الجزائر اليوم تدعم فلسطين و تقف معها لنصرة قضيتها.
وأقول لأهلي في فلسطين إنكم على خطى ذاكرة طويلة، هذه الذاكرة تعيدني إلى صغري عندما كانت تحدثني والدتي عن المسيرات في فلسطين لأجل نصرة الجزائر، و كيف كانت الفلسطينيات يتبرعن بحليهن الذهبية لمساعدة حركة التحرر هناك، أنا مؤمنة بأن الاحتلال الصهيوني سينتهي ويرحل كما رحلت فرنسا الاستعمارية.
هل يمكن أن تكتبي عن هذه الذاكرة المشتركة مثلا وأي مجال يستهويك أكثـر؟
ـ في جعبتي الكثير لأني أومن بصناعة الإنسان و صناعة البيت، ولدي مؤلف قادم و آخر أفكر فيه، الأول في اتجاه السير نحو الله طلبا للجنة و الثاني حول كيفية صناعة بيوت لا صخب فيها، لأن الرسالة تبدأ من عمق بيوتنا، فإذا استطعنا أن نصنع بيوتا آمنة، فإننا سننطلق بثبات.
كيف تقيّمين مشاركتك في معرض الكتاب الأخير و ما الذي قدمه لك اللقاء بجمهور القراء هنا؟
ـ الجزائر نقطة مضيئة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لا شك أن حركة القراءة زادت خلال السنوات الأخيرة بفضل الجهود الجبارة على كافة الأصعدة، هناك أجيال عربية بدأت تدرك أن الرهان الحقيقي يتعلق بتعزيز الوعي بالقضايا الجوهرية، وأن هناك من يدفعها عمدا نحو زاوية التفاهة لنحيد عن هذا الطرح، لكن الأحداث في عزة أيقظت هذا الوعي في العقل الجمعي، و أعادتنا إلى مواقعنا الصحيحة، وضبطت البوصلة من جديد، بدليل ما استقيته من لقائي ونقاشي مع قرائي الجزائريين.