الأحد 3 نوفمبر 2024 الموافق لـ 1 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

الفيروسُ والقناعُ

سليم بوفنداسة

يقترحُ صائدو الفيروس تضليله في انتظار التغلّب عليه. هكذا تجري الأمور دائماً منذ ابتكر الإنسان "الخديعة" لينال من فرائسه في سعيه نحو الغذاء أو المجد!
يتسلّل ويتخفى ويدعي حتى يصيب الهدف، من الصيّاد الأوّل إلى المتأنّق الأخير الذي يتلاعب في البورصة الماليّة أو في بورصةِ القيّم.
قد يكون القناع وجها بديلاً لمواجهة شرّ الفيروس، في مسعى تضليله، لكنه يمنح البشر المتأخرين فرصةً لإخفاء الهويّة والتشابه، أي يقرّبهم من أجدادهم البعيدين الذين كانوا يرتدون القناع لأسبابٍ أخرى يعرفها جيدا السيد كلود ليفي ستروس !
وحتى وإن كنا نحتاج إلى أدوات الأنتربولوجيا والتحليل النفسي لفهم وظائف "القناع" في تاريخه الحافل إلا أنّ بعض "الأهجيات" الشعبيّة التي تسعى للنيل من الوجه بكشف معدن قناعه لا تجانب الوجاهة، وهي تستند إلى الخبرة في رصد التفاعلات الاجتماعيّة، أي كيفيّة استخدام الأقنعة في المعاملات، منذ تحوّل الوجه إلى عنوان صاحبه في الأعراف التي راكمها الإنسان في انتقاله من الغابة إلى البراري والمدن.
وإذا كان علم الفيروسات قد تصدى فيما تصدى له إلى تكتيكات هذه الكائنات غير المرئيّة في الانتقال والانتشار والخداع ومقاومة المضادات، فإنّ السوسيولوجيا مدعوّة إلى الاقتداء به  في دراسة حركة الكائنات الكبيرة المرئية في انتقالها من وضعٍ إلى وضعٍ ومن حالٍ إلى حالٍ، والتخلي عن الإحصاء الذي يتيح قياساً غير دقيقٍ للظواهر، فمراقبة ميكانيكا "الترقيّة" الاجتماعيّة، مثلاً، تتطلّب حسّ البيولوجي وليس نباهة عالم الرياضيات ونزعاته التجريديّة.
ومثلما يعكف علماء الأحياء على رصد "حيّل" الفيروس في عبوره المدمّر، ينتظر من العلماء الذين يرصدون حركة الإنسان تطوير أساليبهم في دراسة تحوّلاته  و أقنعته المختلفة و مكائده  وما ينجم عنها من خطرٍ على النوع  وعلى بقيّة الكائنات التي تقاسمه الفضاء. الكائنات التي لا تضع أقنعة لاتقاء خطرٍ او لإخفاء الوجه ولا تستعمل لغة في تضليل غيرها.
ملاحظة
يضع اللّصوص أقنعة ظاهرة في عمليات السطو لإخفاء وجوههم، لكن أخطر عمليات السطو هي تلك التي يحتفظ فيها اللّصوص بوجوههم الحقيقيّة، أي تلك التي يكتشفها الناس في آخر القصّة ويندهشون!

المزيد من الأعمدة

الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
المهيمنُ لا يتحرّج

لا يستريحُ القتلةُ في الصيّفِ، فكلّ الفصول مُناسبة لإراقة الدم، ولعلّهم نجحوا في تحويل المقتلة...

  • 29 جويلية 2024
كرمٌ مُعلن

يمكن اعتبار الاحتفاء بالناجحين علامة صحيّة، لما في ذلك من تقديرٍ للعلم ومُحصّليه، شرط أن يكون...

  • 22 جويلية 2024
محنة الرواية!

تعرّضت الكاتبة إنعام بيّوض إلى حملة تشهير بالغة السوء على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نشر صوّر...

  • 15 جويلية 2024
محاذير الفرح!

أثار الفرح "المبالغ فيه" بالنّجاح في مختلف امتحانات نهاية السنة، الجدل بين مناصرين للحقّ في...

  • 01 جويلية 2024
«ترندينغ»

تكفّلت مواقع التواصل الاجتماعي بترتيب اهتمامات "الرأي العام"، مُنهية بذلك احتكار وسائل الإعلام...

  • 24 جوان 2024
سِرُّ مالك!

بقدر الدهشة التي تخلّفها جُملته، بقدر الحسرة التي ينتهي إليها قارئه، حسرة على عدم اكتمال قصّة وعلى الصّمت...

  • 03 جوان 2024
«الطريق»

توفر الوسائط التكنولوجيّة "حياةً جديدةً" للإبداع، من خلال القنوات التي تفتحها مع المتلقّي، مختصرةً الجهد والوقت...

  • 27 ماي 2024
الفيلسوف متوحشا

أصاب الحراك الطلّابي في الغرب، الفيلسوف الفرنسي الصهيوني الهوى ألان فينكلكروت بالرّعب، إلى درجة...

  • 20 ماي 2024
الخروج من حُجرة الكتابة

خرج بول أوستر من "حجرة الكتابة" تاركًا أبطاله لمصائرهم الغامضة وشعبًا يتيمًا في مختلف اللّغات، هو...

  • 06 ماي 2024
قطارُ الباطل

سلّطت الاحتجاجاتُ الطلابيّة في الولايات المتحدة الأمريكيّة الضوء على هيمنة اللّوبي الصهيوني على...

  • 29 أفريل 2024
صعلكة

  أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي...

  • 23 أفريل 2024
ضرورة التفكير في المجتمع

  سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا...

  • 16 أفريل 2024
المخفيّ

حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان...

  • 26 فبراير 2024
اختراق

شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة...

  • 19 فبراير 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com