أطلت الفنانة المسرحية العمري امال وهيبة، خلال شهر رمضان المنقضي على القناة الوطنية الرابعة الناطقة بالأمازيغية للتلفزيون الجزائري في دور أستاذة بمسلسل منعرجات الحياة الذي جرى تصويره بولاية باتنة، وأكدت امال نجاح أول تجربة تلفزيونية لها في رصيدها الفني، إلا أنها أكدت في هذا الحوار مع «النصر»، أنها تظل تحب وتفضل خشبة المسرح، التي تعلمت من أجلها الحديث بالأمازيغية ودراسة اللغة والثقافة الأمازيغية، معتبرة نفسها ابنة المسرح الأمازيغي، وهي التي توجت بعديد الجوائز في عديد التظاهرات أبرزها المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي، وإلى جانب التمثيل تهوى وتشتغل أيضا العمري امال وهيبة على الكتابة المسرحية والأدبية.
حاورها: يـاسين عـبوبو
النصر: كيف كان ثقل دور المرأة الوحيدة في العرض المسرحي التاريخي الأخير «سجل يا تاريخ»؟
«سجل يا تاريخ» عمل من إنتاج جمعية أجياد بولاية باتنة، تم التحضير له وعرضه بمناسبة اليوم الوطني للشهيد المصادف للثامن عشر من شهر فيفري، والعمل من إخراج عزالدين بن سعيد، والنص المسرحي اقتبسه الزميل الفنان عصام خنوش، من مؤلف الراحل الباحث في المسرح الدكتور صالح لمباركية، «النار والنور» والعمل تاريخي بحت وكنت فعلا خلال العرض المسرحي العنصر النسوي الوحيد، وأديت خلاله دور حورية زوجة الشهيد عمار وتبرز أطوار العرض همجية وجرائم المستعمر الفرنسي، وفي الوقت نفسه تبرز بطولات الشعب الجزائري في مقاومة الاستعمار خلال تلك الحقبة، وفي الحقيقة إن صح التعبير، لم يكن هناك ثقل كوني المرأة الوحيدة في العرض، خاصة وأني تمرست في عدة عروض سابقة، خاصة منها المونودرام الذي أظهر فيه وحيدة طيلة العرض وتمكنت من الأداء.
النصر: ماذا يعني لك المسرح الأمازيغي الذي توجت بعديد جوائزه؟
بالنسبة لي أنا ابنة المسرح الأمازيغي، لأن أولى بداياتي لولوج المسرح المحترف كانت بوابة المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي، ولم يكن الأمر هينا خصوصا وأني كنت لا أجيد الأمازيغية تحدثا أو فهما، وهنا مربط الفرس الذي جعلني أرفع التحدي خلال دراستي الجامعية، حتى أنني اخترت التوجه لدراسة اللغة والثقافة الأمازيغية بجامعة الحاج لخضر وتحصلت على شهادة الماستر تخصص أنثروبولوجيا، عن مذكرة تخرج «الهوية الأمازيغية في المسرح الجزائري» وهي دراسة أعددتها بإشراف من المرحوم رئيس قسم اللغة والثقافة الأمازيغية سابقا الأستاذ جمال نحالي، والذي أترحم عليه ولطالما كنت ممتنة له، لتشجيعي في الجمع بين الدراسة الأكاديمية والممارسة المسرحية على الخشبة، وحتى إعداد البحث لم يكن سهلا واعتمدت مسحا لعناصر العرض المسرحي بمساعدة ممثلين من مسرح باتنة الجهوي.
النصر: هل كان الأمر سهلا بالنسبة لك تعلم الأمازيغية وتحديدا المتغير الشاوي للأداء المسرحي؟
هنا سأعود بك إلى بداياتي في تعلم الحديث بالشاوية، وهي مرتبطة بحبي وولعي لولوج المسرح المحترف الأمازيغي، حيث لم أنشا على اكتساب الحديث بالشاوية بمسقط رأسي في مدينة مروانة، غير أنه لما أتيحت لي أول فرصة للمشاركة في عرض مسرحي بالشاوية سنة 2011 من طرف كاتب النص الأستاذ العربي بولبينة، قررت حينها رفع التحدي لتعلمها، خاصة بعد أن حرمت من المشاركة في عرض مسرحي جامعي، وفي الحقيقة لم يكن الأمر سهلا، خاصة وأنني كنت في سباق مع الوقت للمشاركة في العرض في تظاهرة المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي، حيث قضيت ليال بيضاء للتعلم والتدريب، ويعود الفضل للأستاذ العربي بولبينة وصديقتي سعاد خلفاوي في مرافقتي ومساعد المخرج كمال زرارة، وقد نلت الإعجاب من طرف المخرج شوقي بوزيد الذي حفزني على أنني سأنال جائزة أحسن أداء نسائي، وهو ما تحقق فعلا بمشاركتي في الطبعة الثالثة للمسرح الأمازيغي.
النصر: إذن فالمسرح الجامعي كان معبرا لك للمسرح الأمازيغي؟
كان ولوج المسرح حلما يراودني منذ طفولتي، حيث كانت لي ممارسات في أنشطة مسرحية في مرحلة الطفولة بدار الثقافة بمروانة، وفي صباي لطالما كنت أحلم أمام المراة باعتلاء خشبة المسرح وأنا أؤدي تحت تصفيقات الجمهور، وببلوغي المرحلة الجامعية أتيحت لي فرصة المشاركة في عرض مسرحي بالإقامة الجامعية الإخوة أوجرة، حيث كنت أقيم، وقد تم اختياري بعد الكاستينغ لأداء دور لمسرحية لكاتبها العربي بولبينة، غير أن التجربة لم تكتمل بعد حرماني بذلك بداعي غيابي عن التدريب، بعد أن شاركت رفقة فريق الطالبات بالإقامة في تظاهرة كروية، ولن تمحى تلك اللحظات من ذاكرتي، حيث صُدمت، لكن من محاسن الصدف أن تشاء الأقدار ويتم عرض نفس النص على المسرح الجهوي باتنة للمشاركة في المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي والذي تم قبوله، وحينها تذكر العربي بولبينة دموعي التي ذرفتها للمشاركة في المسرح الجامعي، بعد أن حرمت منها، فبحث عني وكانت فرصتي لولوج المسرح المحترف.
النصر: ماذا عن الفرص التي يتيحها المسرح الجامعي للطالب؟
أوضح مرة أخرى للكثيرين ممن يعرفونني، أن بدايتي وبوابتي للمسرح هي المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي سنة 2011، بعد أن باءت محاولة عمل مسرحي بالجامعة بالفشل سنة 2010، ولكن بعدها كانت لي أعمال عدة بالجامعة، ويمكن القول أن المسرح الجامعي كان معبرا لي نحو الأفق، والمسرح الجامعي هو مسرح محترف كونه مسرح نخبوي كثيرا ما يقدم أعمالا وزنها من أعمال المسارح المحترفة، وما يميز المسرح الجامعي هو التقاء نخبة الطلبة بالفن والثقافة، وأرى أنه في تطور خاصة بعد استئناف تظاهرة المهرجان الوطني للمسرح الجامعي، وقد عدت من جامعة سيدي بلعباس بجائزة أحسن نص لمسرحية «برزخ» وسبق أن توجت على جائزة أحسن نص درامي.
النصر: هل من السهل الأداء في المونودرام وحيدة على الخشبة مقارنة بالعمل المسرحي الجماعي؟
كانت لي أول تجربة مونودرام في عمل بعنوان «سوصول»، وكانت أول كتابة لي وأديته، بإخراج من الزميل عصام خنوش في الجامعة، وشاركت به في المهرجان الوطني للمونولوق سنة 2018 وتحصلنا على جائزة أحسن عرض متكامل، وشاركنا بنفس العرض بالمهرجان الدولي للمونودرام بسيدي بوزيد بتونس، وتحصلت على جائزة أحسن أداء نسائي فيما تحصل عصام خنوش على جائزة أحسن إخراج، بالإضافة لنيلنا للدرع البرونزي، وفي حقيقة الأمر أداء المونودرام أمر صعب على الخشبة لأنه لا مجال للخطأ، والديكور لا يتغير، وكنت قد أديت وأنا مكبلة بسلاسل ثقيلة طيلة عرض كامل، وللمونودرام خصائص ومزايا، فهو يجعلك سلطان وملك الخشبة ويتيحك الفرصة لتقديم الأفضل.
النصر: كيف ساهمت دراستك الأكاديمية للغة والثقافة الأمازيغية في صقل أدائك على الخشبة؟
بعد الطبعة الثالثة لمهرجان المسرح الأمازيغي، شاركت في الطبعة الخامسة مع المخرج لحسن شيبة بنص عالمي ترجمته الإعلامية سابقا بإذاعة باتنة نعيمة دلول، التي اعتمدت اللغة الأمازيغية الأكاديمية، وهنا وجدت صعوبات نوعا ما بعد أن رحت أتعلم الشاوية سماعا ونطقا، ورشحت لأفضل دور نسوي، وبعد هذه الطبعة مباشرة قررت حبا في المسرح الأمازيغي التوجه للتخصص في الدراسة بكلية اللغة والثقافة الأمازيغية، وقد تحصلت على شهادة الماستر تخصص أنثروبولوجيا وتطورت في الحديث بلسان طلق، وزاد شغفي بالمسرح الأمازيغي، خاصة بعد التشجيع الذي لقيته من المرحوم مشرفي في مذكرة التخرج الأستاذ جمال نحالي، والذي بفضله أعددت دراسة مذكرة ماستر حول «الهوية الأمازيغية في المسرح الجزائري»، وقد درست عناصر العرض المسرحي وأنا فخورة جدا بالعمل الذي قدمته.
النصر: كيف خضت أول تجربة تلفزيونية أمام الكاميرات بعيدا عن خشبة المسرح التي اعتدت عليها؟
يأتي ظهوري لأول مرة في عمل تلفزيوني ناطق بالشاوية «منعرجات الحياة»، وأنا مفعمة بالنشاط بعد التتويج الأخير بأحسن دور نسائي في مسرحية «إخف نوسقاس» أو رأس السنة لمخرجها الفنان علي جبارة، والتي توجت بعديد الجوائز سواء في المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي بباتنة أو المسرح الضاحك بولاية المدية، حيث قدمنا العرض عديد المرات عبر جولات، وقبلها كانت لي تجربة مميزة مع الفنان المخرج سمير أوجيت في عمل شبه ملحمي تاريخي لعرض «الماضي يعود»، وبالعودة لسؤالك فكما وسبق أن أخبرتك أنا ابنة المسرح وأفضل أن أظل كذلك، رغم أن التجربة التلفزيونية للمسلسل المبرمج خلال شهر رمضان، كانت رائعة رفقة فريق العمل، وكان دوري هو أستاذة بطلة المسلسل الممثلة لبنة النوي في دور صابرة حيث أكون صديقة العائلة، وحتى إن كان ظهوري عبر الحلقات قليلا إلا أنني استمتعت بالتجربة التلفزيونية لأول مرة.
النصر: كيف تقيمين مشوراك وهل من أعمال مستقبلية؟
في الحقيقة أنا راضية تمام الرضا على مشواري في المسرح، وبالنسبة للتلفزيون حتى وإن كنت أفضل المسرح، إلا أن معايير الانتقاء أرى فيها إجحافا ليس في حقي، وإنما في حق عديد الفنانين الذين لم ينالوا فرصهم بسبب خيارات المخرجين، لهذا فأنا مستمرة في الظهور على الخشبة، وإن كان الأمر صعبا من أجل توزيع المهام بين الالتزامات العائلية وحب المسرح، لهذا فإن طموحاتي تتوجه نحو التفرغ للكتابة المسرحية والأدبية مستقبلا، حتى أتفرغ لعائلتي وأوجه بالمناسبة كل التحية والتقدير لزوجي على مساندته ودعمه لي.
ي.ع