إحالة الأطباء الداخليين على عطلة ومنع الزيارات بمصلحة الأمراض المعدية
لم تختلف مظاهر الحركية في المستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة يوم أمس عن سابق عهدها، فرغم الكمامات التي تغطي وجوه أغلب المنتمين للطواقم الطبية والمواطنين الذين يزورون المرفق طلبا للعلاج، إلا أن مختلف المصالح تواصل عملها بصورة طبيعية، خصوصا وأن المصلحة المخصصة للحجر الصحي كانت فارغة بعد مغادرة جميع الحالات المشتبه في إصابتها بفيروس “كوفيد 19”، في حين يلاحظ نشاط الأعوان والأطباء المتجولين في أرجاء المستشفى دون وضع كمامات، بالإضافة إلى بعض المواطنين، كما أن الحركة عادية بمحيط قسم الأمراض المعدية في وقت تضاربت فيه الآراء بين التخوف وتجنب المبالغة في الهلع.
وزرنا المستشفى الجامعي ابن باديس صباح أمس، حيث لاحظنا عند مدخله أن أعوان الأمن لا يضعون الكمامات على وجوههم، واكتفوا بارتداء القفازات باستثناء عدد قليل منهم، في حين وضع المواطنون الذين يقصدون المستشفى الكمامات والقفازات، بالإضافة إلى أغلب المنتمين للطاقم الطبي وشبه الطبي من أطباء وممرضين.
روبورتاج: سامي حبّاطي
وبدت الحركة كثيفة داخل المستشفى خصوصا بالقرب من المدخل الرئيسي وبمحيط مصلحة الإنعاش وغيرها، بينما لاحظنا مجموعة من الأطباء الشباب يتبادلون أطراف الحديث على مقعد بالقرب من مصلحة أمراض الغدد وقد نزع بعضهم الكمامات من وجوههم.
وأخذت الحركية تقل مع اقترابنا من مصلحة الأمراض المعدية التي حولت إلى مصلحة للحجر الصحي المخصص للمصابين بفيروس “كورونا”، وتقاطع سبيلنا مع طبيبة ترتدي رداء أزرق خاصا وتغطي رأسها وتضع كمامة، ولم يكن يبدو من وجهها إلا نظاراتها. وصلنا إلى مصلحة الأمراض المعدية، حيث علقت على المدخل ورقة صغيرة كتب عليها أن “الزيارة ممنوعة منعا باتا لأسباب وقائية”، في حين كان الباب مغلقا وخرج منها عدد قليل من الأطباء يرتدون مآزر عادية ويضعون على وجوههم كمامات وقائية وقفازات على أيديهم، قبل أن يخرج شخص يرتدي مئزرا أبيض ولم يكن يضع كمامة أو قفازا للحماية.
تضارب في الآراء بين متخوف وداعٍ إلى تجنب الهلع
ولاحظنا أن الموظف الذي خرج من المصلحة قد توجه إلى مصالح أخرى، بينما تواصلت حركة الأطباء الذين يدخلون ويغادرون المصلحة محتمين بالكمامات والقفازات، وقد نسي أحدهم الباب مفتوحا، فقام موظف يرتدي وسائل حماية تغطي كامل جسمه بإحكام غلقه. خرجنا من المستشفى وعدنا إليه عبر بوابته الثانية التي تمر عبر ساحة مصلحة الغدد والأنف والحنجرة، حيث لاحظنا خارج المستشفى أحد عمال شبه الطبي وهو يقطع طريق المركبات مرتديا ملابس المستشفى ويضع على جسمه رداء أبيض، علمنا أنه يستخدم للعمل في الأماكن المعقمة، في حين اقتنى المعني سندويشا و وقف يتناوله في الشارع بعد أن نزع القفازات، كما اقتنى شيئا من صاحب طاولة لبيع التبغ كان يحمي نفسه بقفازين وبمعقم اليدين بعد كل مرة يرد فيها الفكة.
وتحدثنا مع بعض العمال بالمستشفى، حيث أخبرنا أحدهم أن المرفق يسجل نقصا في الكمامات، ولم يتم توفيرها لجميع العمال، بينما عبروا عن تخوفهم من التعرض للإصابة في حال انتشار فيروس “كورونا” رغم إشارتهم إلى أن قسنطينة لم تسجل إلى حد الساعة أية حالة مؤكدة ولا يجب الوقوع في الهلع بحسبهم. من جهة أخرى، ذكر لنا أحد الأطباء المقيمين، التقينا به في المستشفى أنه قد عمل في اليوم السابق لتواجدنا في المرفق على مستوى إحدى المصالح خلال تعقيم غرفة عمليات باستعمال مادة “فورمول” دون أن توفر له كمامة، ما تسبب له في صداع عندما عاد إلى مقر إقامته، بينما واصل العمل يوم أمس دون كمامة بسبب عدم توفرها، كما ذكر لنا طبيب مقيم آخر أنه يضطر وزملاؤه إلى اقتناء الأقنعة بأموالهم الخاصة في بعض الأحيان بسبب عدم توفرها بالمستشفى.
واعتبر مصدر مسؤول بمصلحة بالمستشفى أن الكمامات توفر لجميع العمال سواء كانوا من الطاقم الطبي أو من غيره، لكن محدثنا أوضح أنه لا يمكن توفير أكثر من كمامة في اليوم على مستوى المصلحة التي يشرف على جزء منها، مشيرا إلى أن المستشفى يضم آلاف العمال، وسيتطلب توفير عدد منها في اليوم الواحد عددا هائلا.
طوابير للحصول على الأقنعة
من جهة أخرى، أحالت كلية الطب التابعة لجامعة صالح بوبنيدر بقسنطينة جميع الأطباء الداخليين على مستوى المستشفى الجامعي ابن باديس والمستشفيات الجامعية الأخرى، على عطلة وقائية ابتداء من الأحد إلى غاية الأول من أفريل المقبل، حيث وجهت مراسلة تحمل ختم وتوقيع نائب المدير المكلف بالتدرج إلى رؤساء المصالح بخصوص إحالة الأطباء الداخليين في الجراحة وطب الأطفال وطب النساء والتوليد على العطلة، بعد “تلقي تعليمات من الوصاية”، مثلما جاء في المراسلة التي اطلعت النصر على نسخة منها. وقد استحسن أطباء داخليون الإجراء الذي قررته إدارة الكلية، معتبرين أنهم أول من يكون في مواجهة خطر انتقال العدوى لأنهم يحتكون بصورة مباشرة مع المرضى في مختلف المصالح.
وقد تعذر علينا الدخول إلى المصالح الطبية المختلفة في إطار إجراءات الوقاية من الإصابة بالعدوى، بينما لاحظنا أن جميع الأطباء والممرضين ملتزمون بوضع الكمامات داخل المصالح وعند الاقتراب من المرضى، كما أوضحت لنا طبيبة تحدثنا إليها أن بعض المرضى كانوا يشعرون بالحرج عندما يفحصهم الطبيب ويضع قفازات، ما كان يدفعها في كثير من الأحيان إلى نزعها وغسل يديها جيدا بعد كل معاينة، غير أنها لاحظت، مثلما أكدته لنا، تزايدا للوعي وعدم تحسسهم من وضع الطبيب القفازات، فضلا عن أن كثيرين منهم قصدوا المستشفى خلال اليومين الماضين مرتدين إياها.
وتقربنا من الصيدلية القريبة من المستشفى قبل دخولنا إليه، بغية اقتناء كمامة لحماية أنفسنا من احتمال الإصابة بالعدوى، حيث وجدنا أنفسنا نقف في طابور طويل خلف الراغبين في اقتناء قارورات الكحول بتركيز تسعين بالمئة رغم نفاده من الصيدلية، قبل أن تخبرنا البائعة أن الكمامات قد نفدت أيضا، فاختفى الطابور في لحظات، بينما تحدثنا إلى زوجين أخبرانا أنهما متوجهان إلى المستشفى من أجل الفحص وقررا عدم الدخول إلى غاية العثور على أقنعة.
ولاحظنا أن عددا من المواطنين يضعون أقنعة غير طبية، حيث سألنا أحدهم عن المكان الذي اقتناها منها، فأخبرنا أنه اشتراها من بائع الخردوات بسبب انعدام الطبية من أجل التقليل من خطر التعرض للعدوى، بينما ذكر لنا موظف شبه طبي من المستشفى أن الكمامات الطبية المستخدمة في المستشفى تخضع لمعايير محددة، مشيرا إلى أن بعض التي يقتنيها مواطنون غير مطابقة.
س.ح