تعرف مختلف المرافق التجارية بولاية قسنطينة، هذه الأيام، إقبالا كبيرا لمواطنين شرعوا في التحضر المبكر لشهر رمضان، من خلال اقتناء كميات معتبرة من مختلف المواد الغذائية، قبل أقل من شهر عن موعد الصيام، وذلك لاعتبارات اقتصادية وتنظيمية كما يذهب إليه مواطنون، وهو سلوك بات يتكرر سنويا و يطبع تحضيرات الشهر الكريم، رغم تأكيدات مصالح التجارة حول وفرة السلع واستقرار الأسعار.
روبورتاج: حاتم بن كحول
تزامن الإقبال هذه المرة، مع توفر مختلف المواد الغذائية على غرار السميد، وزيت المائدة والسكر وغيرها من المواد الأساسية، كما جاء في فترة تعرف انخفاضا في أسعار بعض المواد واسعة الاستهلاك على غرار اللحوم الحمراء المستوردة، واللحوم البيضاء ومشتقاتها، إضافة إلى بعض الخضراوات على مثل البطاطا والبصل والليمون.
وتنقلت «النصر» إلى عديد الأسواق المفتوحة و المغلقة، الواقعة بالمقاطعة الإدارية علي منجلي، وكذا نقاط تجارية أخرى تعرف بحركيتها على مستوى الولاية، كانت البداية بسوق مفتوح بالوحدة الجوارية 18، يوفر مختلف الخضراوات للمواطنين وبأسعار في المتناول، حيث تعمد التاجر توحيد أسعار الطماطم والجزر والبصل والكوسة وغيرها بمبلغ 50 دج للكيلوغرام الواحد.
وقد أغرت الأسعار الزبائن بشكل كبير، بدليل تجمعهم حول طاولة أحد الباعة الذي اتضح بأنه يسمح للزبون كذلك باختيار حبات الخضر دون تدخل منه، ونظرا للكميات الكبيرة التي كان البعض يقتنونها، استفسرنا من أحدهم عن السبب، فقال إنه يحضر لشهر رمضان موضحا، أنه خصص الفترة الحالية لاقتناء الخضر وبعض العجائن، فيما سيشتري مواد أخرى في الشهر الموالي، أي بمجرد قبض الراتب الشهري قبل أسبوع واحد من رمضان.
وأوضح المتحدث، الذي يعمل كموظف في مؤسسة عمومية، أن الهدف من شراء كميات كبيرة ليس استهلاكها كليا، بل تخزين جزء منها تحسبا لارتفاع أسعارها، وحتى ويتسنى له شراء مواد أخرى في القادم من الأيام.
مضيفا، أنه يضع برنامجا يمكنه من شراء مختلف المواد كل نهاية أسبوع، على أن يواصل ابتاعه إلى غاية حلول شهر رمضان، أين يقوم بوضع آخر الروتوشات على القائمة المعدة من طرف زوجته.
لاحظت النصر كذلك، أن هناك مواطنين اشتروا كميات معتبرة من الخضر، حتى أنهم لم يتمكنوا من السير بشكل عادي جراء ثقل الأكياس التي يحملونها، واتفق جل من سألناهم عن السبب على أن الأسعار مناسبة جدا في الفترة الحالية وهي فرصة وجب انتهازها.
غزو للفضاءات التجارية ومواد نفدت في ساعات قليلة
تعرف المساحات والمراكز التجارية أيضا، غزوا كبيرا من طرف زبائن يتهافتون على مختلف المواد الغذائية، على غرار علب الطماطم المصبرة، والتونة والزبدة، ومختلف منتجات العجائن، إلى جانب السكر وأكياس صغيرة خاصة بالتوابل، وقارورات زيت المائدة، وهو تهافت تسبب في تشكل طوابير عند نقاط الدفع، على غرار ما حدث نهاية الأسبوع، في مركز تجاري شهير في المنطقة الصناعية «بالما».
ولم يختلف الحال كثيرا على مستوى بعض المراكز التجارية في المقاطعة الإدارية علي منجلي، بما في ذلك الفضاء الواقع عند مفترق الطرق الأربعة، و الذي تمتلئ حظيرة سياراته كليا بشكل يومي في حدود الساعة الخامسة مساء، وقد وقفنا عند زيارتنا له على تدافع كبير للزبائن نحو بعض المساحات التي أعلنت فيها تخفيضات بنسبة 20 إلى 30 بالمائة، على أنواع من الأجبان والمصبرات، كما لاحظنا إقبالا معتبرا على نقاط بيع المكسرات خاصة وأن ثمن الكيلوغرام الواحد من الجوز تراوح ما بين 550 دج إلى 1250 دج.
استغلينا فرصة انشغال زبونة بدفع عربة تضم كمية كبيرة من المنتجات الغذائية، وسألناها عن سر شرائها لهذا الكم من الأطعمة، فردت بأنها تحضر لشهر رمضان، وتفضل توفير مختلف المستلزمات القابلة للحفظ والتخزين مسبقا، لكي تخفض من فاتورة أول أسبوع من شهر الصيام خصوصا وأنه يعرف زيادة في الأسعار.
قائمة المشتريات تضبط قبل شهر
قصدنا مساحة بيع اللحوم الحمراء والبيضاء داخل نفس المركز التجاري، لنشهد هناك طوابير طويلة للزبائن أمام جهة بيع اللحوم المستوردة وتحديدا القادمة من إسبانيا، علمنا أن السبب هو سعرها الذي حدد بـ 1650 دج للكيلوغرام، وقد لاحظنا أن الكثير من الزبائن يقتنون كميات معتبرة تفوق 5 كلغ من اللحم. تقربنا من رجل كان بصدد دفع ثمن ما اشتراه من لحم، للحديث عن الموضوع، فقال لنا بأنه يعتزم تجميده تحسبا لشهر رمضان، موضحا أن السعر مثالي حاليا، متوقعا أن يرتفع أكثر في قادم الأسابيع وتحديدا قبل أيام من حلول شهر رمضان، إذ ستعرف الأسعار ارتفاعا بالنظر إلى تزايد الطلب. شد انتباهنا اعتماد العديد من الزبائن الرجال على قائمة مشتريات لتحديد ما يحتاجون إليه من منتجات، فيما تحولت سيدات إلى قائدات لعربات التبضع، يتحركن بها بسرعة وخفة بين أروقة العرض بينما يتفقدن الأسعار و المنتجات بعناية، وقد أوضح من تحدثنا إليهم من مواطنين في المكان، بأن هناك قائمة مشتريات خاصة بشهر رمضان باتت تضبط بشكل مسبق، تخص المواد المعلبة و الأجبان مثلا وغيرها من المنتجات التي لا تستهلك سريعا ويمكن تخزينها بسهولة كالحبوب و المعجنات كذلك.
اقتناء كميات كبيرة من الدجاج دفعة واحدة
توجهنا بعدها إلى الوحدة الجوارية 14، التي أصبحت تعرف بتجارة اللحوم الحمراء المستوردة واللحوم البيضاء بأسعار تنافسية، مقارنة ببقية المناطق في ولاية قسنطينة، وقفنا عند محل به عدد كبير من المواطنين، أولهم أمام طاولة البيع وآخرهم تواجد على بعد أمتار من المدخل، بعد فترة تمكننا من الولوج إلى داخل المحل، ليتضح لنا بأن ما تبقى من اللحوم قليل جدا، فيما نفدت بعض الأصناف كليا، طلب الزبون الذي بجانبنا 7 كلغ من شرائح الدجاج، إلا أن الكمية المتبقية لم تغط طلبه، فاكتفى بـ 4 كلغ فقط، وهو ما أغضب بقية الزبائن الذين انتقدوا تصرفه خصوصا وأنه أخذ كل شيء.
استغلت «النصر» الفرصة من أجل سؤال البائع، عن سبب هذا التهافت، فقال بأنه تفاجأ أيضا، وطرح نفس السؤال على زبائنه، الذين ردوا بأنهم يقومون بالتخزين تحسبا لشهر رمضان، خاصة وأن الدجاج قابل للتجميد ثم إعادة الاستعمال بعد فترة طويلة، مضيفا أنه باع إلى أحد الزبائن 10 كلغ من الشرائح، وأخذ آخر 5 دجاجات دفعة واحدة.
كما أكد المتحدث، أن انخفاض أسعار الدجاج ضاعف الإقبال عليه في الأيام القليلة الماضية، واستغل بعض المواطنين الفرصة لتخزينه تحسبا لرمضان، مشيرا إلى تسجل زيادة قدرها 20 دج في آخر يومين، وهو ما جعل زبائنه يتخوفون من زيادة أكبر في الأيام المقبلة، وبالتالي فضلوا استغلال الفرصة حاليا وتخزين ما تيسر.التقينا برجل في عقده الخامس ونحن بصدد مغادرة المحل، كان يحمل أكياسا كثيرة ويستفسر عن توفر الدجاج، وحين علم بأنه نفد، طلب من البائع أن يترك له 5 كلغ لليوم الموالي، مؤكدا أنه سيمر لاستلامها صباحا.وقد اتفق من شملهم استطلاعنا من تجار و مواطنين، بأن التحضيرات لرمضان باتت تنطلق مبكر، حتى إن التخزين صار عادة تطبع الأسابيع التي تسبق الشهر، وقالوا إن لكل فرد أسبابه، فهناك من يحاول تقليل مصاريف الصيام، وهناك من يفضل التسوق خلال فترة التخفيضات، وهناك من يتخوف من المضاربة وغيرها من الأسباب.
مديرية التجارة تطمئن المواطنين بخصوص توفر مختلف المواد وبأسعار مستقرة
وأكد للنصر، مدير التجارة بولاية قسنطينة علي مرداس، بأن التحضيرات لشهر رمضان منظمة و جيدة، وأن هناك وفرة في المواد واسعة الاستهلاك، ورد بوصف الوضعية العامة لسوق المواد الغذائية بقسنطينة، «بالممتازة»، نظرا للتموين الجيد على مستوى بلديات الولاية. وأوضح المدير، أن مصالحه سجلت «ارتياحا كبيرا» في توفر كل المنتجات الغذائية واسعة الاستهلاك، مع تسجيل استقرار في الأسعار و انخفاض في بعضها، ما جعله يطمئن سكان الولاية بخصوص توفر مختلف المواد الغذائية وبأسعار مستقرة قبل وأثناء شهر رمضان المقبل.
وأوضح المتحدث، أن مصالحه سجلت انخفاضا في سعر بعض المنتجات، على غرار اللحوم البيضاء التي تشهد حسبه، تراجعا في السعر من يوم إلى آخر، ومضيفا بأن مادة القهوة التي عرفت ارتفاعا كبيرا في السعر قبل مدة متوفرة حاليا بأسعار معتمدة وثابتة. أما بخصوص الخضر والفواكه، فأكد أن مصالحه سجلت وفرتها وبأسعار عادية، كما تحدث عن رفع قدرة الإنتاج من 40 بالمائة إلى 60 بالمائة في المطاحن بقسنطينة، لتمكن الزيادة الإنتاجية المقدرة بـ20 بالمئة، من تحقيق فائض وتغطية كل الاحتياجات. مشيرا إلى أن مادة «الفرينة»، موجودة وبكميات كافية للجميع، وكذلك الأمر بالنسبة لمادتي زيت المائدة والسكر، وهي مواد أساسية تركز مصالح التجارة على مراقبة وفرتها وضبط الأسعار المعتمدة لتسويقها على مستوى كافة بلديات الولاية. وأضاف، أن مصالحه اجتمعت بمستوردي اللحوم من أجل تكثيف طلبات الاستيراد، لتغطية كل احتياجات المواطنين قبيل وأثناء شهر رمضان، مطمئنا سكان قسنطينة بعدم وجود أي نقص في مختلف المواد بعكس ما سجل خلال السنوات القليلة الماضية.