تشهد شعبة زراعة الزيتون بولاية ميلة، تطورا ملحوظا من خلال توسع المساحات المزروعة خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى زيادة المنتوج، وقد سجل الموسم الفلاحي الجاري، دخول مساحات جديدة مرحلة الإنتاج، تقدر بأكثر من 400 هكتار، ما سيسمح بالمحافظة على حصيلة السنة الماضية، أين فاقت المليون و206 ألف لتر من زيت الزيتون، بالرغم من تضرر 10 آلاف شجرة، بسبب الحرائق والتغييرات المناخية الأخيرة التي أثرت على كمية ونوع الزيت، فضلا عن تفريط غالبية الفلاحين في الاعتناء بأشجار الزيتون.
وتعتبر ولاية ميلة، من بين الولايات الفلاحية بامتياز على المستوى الوطني، في إنتاج العديد من المحاصيل الفلاحية، على غرار القمح والثوم اللذين احتلت بهما الموسم المنصرم المراتب الأولى وطنيا، خاصة بعد توسيع المساحات المسقية عبر إقليم الولاية، بالإضافة إلى الامتيازات الموفرة من قبل السلطات، على غرار تراخيص حفر الآبار والبذور، ما حفزالعديد من فلاحي المنطقة على التوجه نحو الزراعة وتطوير المحاصيل، في حين يسعى القائمون على الشأن الفلاحي المحلي إلى تطوير شعبة غرس الزيتون، بالنظر لتوفر كل الظروف الملائمة لنجاح العملية، واحتلال مراتب مشرفة، تؤهلها لتغطية السوق الوطنية، ولما لا التوجه نحو التصدير إلى الخارج.
روبورتاج : مكي بوغابة
حقول وبساتين الزيتون تستعيد حيويتها ..
انطلقت حملة جنى الزيتون عبر إقليم الولاية أواخر شهر نوفمبر، في جو مفعم بالروح التضامنية، وآمال في تحقيق محصول وفير خلال هذا الموسم، بالرغم من الشح في التساقطات والتغيرات المناخية التي أثرت سلبا على إنتاج الزيتون بالمنطقة، فضلا عن تفريط العديد من ملاك الحقول في الاعتناء بأشجار الزيتون، من خلال سقيها وتقليمها لتجديد نشاطها ومردوديتها من موسم إلى آخر.
وتشهد العديد من المناطق الريفية خلال هاته الفترة بالمنطقة، إقبالا كبيرا من طرف أصحاب البساتين والحقول، لجني ما تجود به شجرة الزيتون، وحسب ما لاحظته النصر، عبر العديد من البلديات، على غرار الشيقارة، تسدان حدادة، الرواشد وسيدي مروان، فإن الكثير من ساكنتها، بالإضافة إلى القاطنين خارج الولاية يأتون لجني محاصيلهم، حيث يعملون على قدم وساق من أجل إنهاء عملية الجني في أقرب الأوقات قبل عودة الأمطار، والاستفادة من الأجواء المناخية المناسبة، حيث لم يفوت العديد من ساكنة القرى والأرياف، من بينهم عائلات بأكملها، فرصة الخروج إلى حقولهم والإسراع في جني المحصول، فضلا عن الاستمتاع بالأجواء الجميلة.
وذكر الفلاح محمد مشيتوة، للنصر، وهو صاحب حقل كبير لإنتاج الزيتون بمشتة «الرحفاف» في الحدود ما بين بلديتي مينار زارزة والرواشد، أنه شرع في جني منتوجه قبل أيام، ويتوقع محصولا جيدا هذا الموسم، بالرغم من الشح في التساقطات وظاهرة الجفاف التي أثرت سلبا على محاصيل السنوات الأخيرة، مؤكدا أنه يسابق الزمن رفقة عائلته، لجني محصول أكبر عدد من الأشجار خلال هاته الأيام، التي تشهد أجواء تساعد على عملية الجني.
وأشار ذات المتحدث، إلى أن شجرة الزيتون، تحتاج إلى مسار من العناية من أجل أن تدر كل ما تملك من الخيرات، وليس استغلالها في وقت ظرفي حسبه، عند انطلاق موسم الجني مثلما نشاهده في كثير من المناطق مؤخرا، أين أصبحت العديد من العائلات لا تعتني بالأشجار بحكم تنقلها إلى العيش في المدن، وتأتي إلا في وقت الحصاد وهو ما اعتبره بالأمر السيئ، قائلا إن شجرة الزيتون تتطلب الاعتناء بها جيدا من خلال سقيها وتقليمها لتجديد نشاطها أو قلب التربة عنها «تحمير الشجرة» كما تسمى عملية التهيئة العملية بالمنطقة، لجني محصول وفير خصوصا في السنوات الأخيرة التي يشهد تراجعا في المردود، بفعل التغيرات المناخية وتفريط الغالبية في الاعتناء بالأشجار وفق ما أتبع في حديثه.
وقد استفاد صاحب الحقل، خلال السنوات الماضية، مثلما أفاد به، من الدعم الذي تقدمه السلطات، أين تحصل على مجموعة من أشجار الزيتون، وذلك في إطار برنامج التنمية الريفية لمصالح الغابات المحلية، بالإضافة إلى صهريج للمياه بسعة 60 ألف لتر، معتبرا إياها بالعملية التي تمنح الفلاح دفعة معنوية لمواصلة خدمة أرضه، وفي نفس الوقت يدعو ذات المتحدث، السلطات المحلية إلى العمل على توصيل الكهرباء الريفية إلى مزرعته التي تحتوي على ما يقارب 4 آلاف شجرة من الزيتون، لتشغيل البئر الارتوازي الذي استفاد منه مؤخرا.
جني الزيتون مورد رزق عديد العائلات
ولا تزال العديد من العائلات في ميلة تحافظ على عادات الأجداد في عملية جني الزيتون، من خلال اجتماع أفراد العائلة من الصغير إلى الكبير، أين تتوجه في الساعات الأولى من الصباح، لجني ما تجود به بساتينهم من حبات الزيتون، واستعمال أدوات تقليدية للقطف على غرار العصي رغم سلبيتها حسب مختصين، وزرابي يتم فرشها في الأرض لجمع الحبات المتساقطة، كما يفضل آخرون استعمال السلالم بالأماكن المسطحة، فضلا عن توفير أكياس من البلاستيك لجمع الغلة وتوجيهها إلى المعاصر المتواجدة بالمنطقة، بواسطة شاحنات أو جرارات.
ويمنح جني الزيتون عبر إقليم الولاية، فرصة لمئات العائلات لكسب مورد مالي إضافي، حيث تعرف المنطقة إقبال عدد هام من العمالة المحلية، طيلة أيام الجني، وحسب ما وقفت عليه النصر، بإحدى المستثمرات الفلاحية ببلدية سيدي مروان، على ضفاف سد بني هارون، فإن صاحب الحقل الذي يتربع على 20 هكتارا من أشجار الزيتون، يشغل ما بين 15 إلى 20 امرأة، لجني محصول الزيتون.
وذكرت السيدة فتيحة المنحدرة من بلدية سيدي مروان، أنها تنتظر كل عام، حلول موسم قطف الزيتون بفارغ الصبر، لكي تستفيد من فرصة عمل ولو مؤقتة وتكسب مبلغا ماليا إضافيا تعيل به عائلتها، قائلة إنها متعودة على جني الزيتون بهاته المستثمرة خلال كل موسم، حيث يتم الاتصال بها رفقة زميلاتها من طرف صاحب المستثمرة، للعمل طيلة فترة الجني.
11769 هكتارا مساحة مخصصة للشعبة بالولاية
وكشفت المصالح الفلاحية المحلية، خلال الموسم الفلاحي الجاري، عن دخول 422 هكتارا، من أشجار الزيتون عبر الإقليم مرحلة الإنتاج، من أصل 11.769 هكتارا، مخصصة لهذه الشعبة بالولاية، وفق ما أفاد به رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني محمد بن قويطن، في تصريح للنصر، ما سيسمح حسبه بالمحافظة على الإنتاج المتحصل عليه خلال الموسم الماضي، والذي بلغ 98.953 قنطارا، منها 86.151 قنطارا، تم توجيهه لاستخلاص الزيت الذي بلغت الكمية المنتجة منه مليون و206 ألاف و200 لتر، وذلك بالرغم من التأثيرات المناخية، فضلا عن تضرر 10 ألاف شجرة، بسبب الحرائق.
وتبرز إحصائيات المصالح الفلاحية، تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، بالنسبة لزراعة الزيتون الذي أصبح يحتل المراتب الأولى ولائيا، وذلك من خلال ولوج العديد من الفلاحين هذه المهنة وغراسة الزيتون على نطاق واسع، بالإضافة إلى مرافقة الدولة للفلاح من خلال تقديم الدعم وتوزيع الأشجار، حيث وزعت مؤخرا مصالح الفلاحة في إطار تنمية المناطق الجبلية، 4 ألاف شجرة، فضلا عن منح تراخيص حفر الآبار، لمواجهة شح التساقطات وفتح المسالك الغابية، وكلها عوامل ساعدت على انتعاش هذه المهنة في المنطقة.
توقعات بإنتاج 1 مليون و 257 ألف لتر من زيت الزيتون
وتتوقع مديرية المصالح الفلاحية بميلة، أن يبلغ إنتاج زيت الزيتون عند انتهاء حملة الجني 2024 /2025 الجارية، ما لا يقل عن 1 مليون و257 و 500 لتر، من المساحة المبرمجة لجني الزيتون عبر الإقليم التي تقدر بـ 10.355 هكتار، من أصل 11.769 هكتارا، مزروعة بالزيتون بالولاية، بين نوعي «السيقواز» و«لشملال».
وبحسب رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني، بذات المديرية، فإنه يتوقع أن تصل كمية الإنتاج من الزيتون خلال السنة الجارية، 112.662 قنطارا، بمردود 12 قنطارا في الهكتار، يتم توجيه 100 ألف قنطار، منه لاستخلاص الزيت، حيث ينتظر أن يصل الإنتاج إلى 1 مليون و257 ألفا و500 لتر، قائلا إن مصالحه تنتظر مع نهاية حملة الجني، تسجيل موسم مقبول بالرغم من الشح في التساقطات خلال السنوات الأخيرة، فضلا عن الحرائق التي شهدتها المنطقة وبالأخص الشمالية التي سجلت تضرر ألاف الأشجار، والتي ينتظر منها دائما، حسب محدثنا، مردود جيد مقارنة مع باقي مناطق الولاية، باعتبارها منطقة جبلية، وتتوفر على أعداد كبيرة من أشجار الزيتون، فضلا عن مزاولة ساكنتها لهذه المهنة منذ القدم .
وحول قدرات الولاية والوسائل المسخرة لإنتاج الزيتون، قال ذات المصدر، إن ميلة تتوفر على 46 معصرة زيت، من بينها 13 معصرة عصرية، لضمان الحصول على زيت بجودة عالية، معظمها بالمنطقة الشمالية للولاية، على غرار بلديات تسالة لمطاعي، أعميرة أراس، مينار زارزة، ترعي باينان وتسدان حدادة، وتتراوح قدرتها التحويلية حسب نوعها بين 3 إلى 15 قنطارا في الساعة.
غراسة 200 هكتار عبر
18 بلدية
ومن جهتها، تواصل محافظة الغابات لولاية ميلة، في دعم الفلاحين وتوزيع الأشجار المثمرة لأصحاب الأراضي الزراعية عبر الإقليم، حيث أوضح رئيس مصلحة توسيع الثروات الغابية واستصلاح الأراضي، طارق شتوان، في حديث للنصر، أن مصالحه وفي إطار برنامج دعم التنمية الريفية وتثمين الأراضي عن طريق الامتياز، والتي تدخل ضمن عملية البرنامج الوطني، لتنمية الأشجار المثمرة المقاومة للجفاف، تمت ما بين سنتي 2020 و 2024، غرس أشجار الزيتون على مساحة إجمالية تقدر بـ 200 هكتار، بإقليم الولاية، في 18 بلدية جبلية على غرار بلديات تسالة لمطاعي، ترعي باينان، أعميرة أراس، تسدان حدادة، عين البيضاء أحريش العياضي برباس.
وأضاف ذات المتحدث، أن العملية تمت بالتنسيق بين مصالحه والمؤسسة الجهوية للهندسة الريفية، في إطار تنمية المناطق الجبلية والريفية، حيث تم توزيع وغراسة الأشجار وفق الشروط المنصوص عليها، من خلال توفر الفلاح على قطعة أرض زراعية لا تقل عن نصف هكتار ومورد لمياه السقي، فضلا عن تقديم طلب خطي، مؤكدا أن مصالحه تواصل في عملية دعم الفلاحين وتطوير زراعة الأشجار المثمرة بالمنطقة وبالأخص أشجار الزيتون، وقد تم وفقه اقتراح خلال السنة القادمة غرس حوالي 55 هكتارا، على البلديات الجبلية.
م.ب