أنشئت المنصة الرقمية الذكية «ألجيسنوفا»، في إطار المؤسسات الناشئة، تحت اسم مؤسسة نظم الأعمال الذكية، بأياد جزائرية بنسبة مئة بالمئة، و ينتظر وضعها حيز الخدمة في قادم الأيام انطلاقا من الوادي، لتكون أول منصة رقمية متخصصة في تسويق المنتجات الفلاحية و الحيوانية عبر 58 ولاية.
منصر البشير
و أكد المدير العام للمؤسسة، المهندس محمد فوزي دوش للنصر، أن مشروعه ثمرة جهد عمره أكثر من 3 سنوات، انطلقت لبنته الأولى بين عدد من الشباب الغيور على البلاد ينشطون داخل و خارج الجزائر، من تخصصات مختلفة، مضيفا أنه شرع في التجسيد الميداني للمشروع قبل سنة من التصميم و البرمجة و النزول للميدان، من أجل معرفة حاجيات الفلاح الجزائري بالدرجة الأولى، حتى يصل بمنتجه إلى بر الأمان.
و أوضح المتحدث أن المشروع سيكون بوابة كل الفلاحين الجزائريين، لاقتحام أسواق جديدة و بعيدة عن مكان نشاطهم بطريقة مبدعة، بسيطة و مبتكرة، باستعمال آخر التكنولوجيا المتاحة عالميا، التي تدخل ضمن الثورة الصناعية للجيل الرابع و أساسه الرقمنة الإبداعية المبنية على مزيجٍ من الاختراقات التقنية المتفاعلة تكافلياً، عن طريق خوارزميات مبتكرة.
كما تهدف المنصة إلى أن تكون بمثابة همزة وصل بين الفلاح المنتج و جميع التجار عبر 58 ولاية، بما يضمن حماية الفلاح الحقيقي من كل أنواع المضاربة و السمسرة داخل الأسواق التقليدية وقت الوفرة، حيث تؤدي بالضرورة إلى تحطيم الأسعار و تتسبب في خسارة فادحة للفلاح، ما جعل عدد الفلاحين يتقلص و يتخلى الكثير منهم عن شاطهم خلال السنوات الأخيرة.
المسؤول ذكر أن الفريق التقني استطاع طيلة هذه الفترة من العمل و المثابرة التوصل إلى منصة رقمية تمكن الفلاح من التسجيل فيها، و بخطوات بسيطة يمكنه فتح متجر افتراضي يتيح له فرصة عرض منتجاته الفلاحية المختلفة بالصور مرفقة بكافة المعلومات حولها، و بإمكان كل من يلج المنصة الرقمية، أن يراها أمامه، دون أي واسطة، بسعر رمزي حددته إدارة الشركة، لا يتعدى مليون سنتيم للسنة، مع منح سنة إضافية مجانية لكل مشترك، و تسخير فريق تقني يعمل على مدار الساعة، لتذليل كل الصعوبات التقنية التي قد تواجه مستعمليها.
و تلتزم الشركة، وفق المتحدث، بتقديم حلول عملية بأسلوب ذكي ومبدع، باستخدام آخر التقنيات والتكنولوجيا الذكية المتاحة، لمختلف المشاكل الاقتصادية وطنيا، وعلى رأسها الفلاحية، معتمدة على الربط الآني بين الفلاح وتاجر التجزئة مباشرة، بما يضمن تسريع إيصال المنتوج إلى المستهلك في أقرب وقت ممكن، وتسويق شفاف يحمي المنتج والمستهلك من كل أنواع الاحتكار والمضاربة التي يغذيها غير المهنيين.
المنصة بمثابة بورصة فلاحية
وأكد مدير المؤسسة إلى أن المنصة ستكون بمثابة «بورصة» ، زادت الحاجة إليها والاهتمام بها في زمن جائحة كوفيد19، و تلتزم مصالحه بتقديم الحلول و الأساليب الذكية و الإبداعية النابعة من الميدان، بعد عملية المسح التي قام بها أثناء مرحلة دراسة المشروع، بالاحتكاك المباشر مع الفلاح الذي استطاع أن يتفوق على الصادرات النفطية، حسبه، بما صدر من محاصيل أنتجها الفلاح الذي يطمح إلى مواصلة الكفاح وتذليل الصعاب و تقبل كل من يقدم له يد المساعدة الحقيقية الملموسة.
و أضاف أن منصته الرقمية، انطلاقا من هدفها و هو القضاء على مشكل المضاربة في السوق الجزائرية وكل أنواع الاحتكار، كانت بمثابة نظرة استشرافية استباقية، لما قدمه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من أوامر في كل اجتماعاته الأخيرة ، سواء مع الحكومة، الولاة أو مجلس الوزراء، لمحاربة هذه الظاهرة بكل صرامة.
و ثمن عدد من الفلاحين والمهتمين بالشأن الفلاحي، سواء من داخل ولاية الوادي أو من خارجها، المبادرة، لما لها من أهمية في تنظيم السوق الفلاحية بالمنطقة، كأول منصة رقمية تهتم بهم كطبقة تعد الحلقة الأهم في المعادلة الاقتصادية بالجزائر، و يعول عليها كرافد اقتصادي أخضر ومتجدد، بدل الثروات النفطية الزائلة.
كما يدعو المسؤول السلطات العليا للبلاد، إلى تذليل كل الصعوبات و العراقيل التي تواجهها الشركات الناشئة، خاصة في شقها المتمثل في الحصول على «وسم» شركة ناشئة من الوزارة الوصية، بتطبيق القوانين الخاصة بهذا النوع من المؤسسات، و كل ما جاءت به من تحفيزات وتشجيع، لكي لا تجعل صاحب المؤسسة يعجز حتى عن جمع ما يطلب منه من وثائق.كما أشار إلى أهمية خلق حاضنات للمؤسسات الناشئة، خاصة التي تنشط في المجال الرقمي وتذليل الصعوبات التي يواجهها وعلى رأسها تكوين عمال الإدارات في كل ما يستجد من قوانين و تفصيلها، حتى لا تكون بمثابة عراقيل يواجهها المستثمر في كل أبواب الإدارات التي يطرقها .
وختم المهندس محمد فوزي حديثه إلى النصر، بالتأكيد أن العمل جار على قدم وساق، من أجل إعطاء إشارة انطلاق المنصة في قادم الأيام، ضمن حفل رسمي دعا إليه عددا من السلطات والهيئات والمؤسسات الإعلامية.
الخبير الاقتصادي نور الدين جوادي
التحول الرقمي أكبر أثر إيجابي مستدام للجائحة
اعتبر الأستاذ بجامعة الشهيد حملة لخضر بالوادي، و الخبير الاقتصادي نور الدين جوادي، التحول الرقمي أكبر أثر إيجابي مستدام لجائحة «كوفيد19» على الاقتصاد الوطني، و أثبت نجاعته في العديد من الأزمات الاقتصادية، و كان على الدوام نقطة تحول جذري في مسارات التنمية للكثير من التجارب الدولية.
وأضاف الدكتور جوادي أن جائحة كورونا بقدر ما هي محنة أصابت العالم والجزائر، إلا أنها منحة وفرصة تاريخية لمشروع الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، يجب استثمار إيجابياتها وعلى رأسها الرقمنة، كرهان نجاح لمشروع الجزائر الجديدة، فهي أضخم و أجل الآثار الإيجابية المستدامة للوباء على الاقتصاد الجزائري.
و يبقى على الحكومة أن تتعامل بجدية مع هذا التحول الذي ولد من رحم الأزمات التي ثبت عبر التاريخ الاقتصادي لدول العالم، أنها تكون دائما، ولعل أضخم أثر إيجابي مستدام، حسبه، للجائحة على الاقتصاد الوطني، هو تسريع معدل تغلغل التحول الرقمي في الاقتصاد بمعدل «شهر= السنة» كأقل تقدير.
و هذا التحول ، كما أضاف المتحدث، يشكل رهان نجاح لمشروع الجزائر الجديدة، يمكن تأكيده من خلال تحولات كبرى، أساسها تعزيز «البنية التحتية الرقمية» و التعميم العاجل للتكنولوجيات والتقنيات الرقمية عمودياً وأفقياً، في عمق المنظومة الاقتصادية للدولة، ناهيك عن أهمية توسيع «رقعة الوعي الرقمي» داخل المجتمع والمؤسسات.
و أشار الدكتور جوادي إلى التسارع و الاستجابة للرقمنة لدى الفاعلين الاقتصاديين في القطاعين العام والخاص، من منتجين، تجار و مستهلكين، في ظل تجميد الكثير من النشاطات الاقتصادية وغير الاقتصادية بطبيعتها التقليدية، فقد بينت بعض الدراسات الحديثة أن معدل الاستجابة في العالم للرقمنة، تسارع بأكثـر من 40 مرة قبل ظهور الجائحة.
كما تولدت «الثقافة الرقمية» و تضاعف معدل الاندماج في الخدمات الرقمية، كأسلوب جديد للحياة العامة و السلوك الاقتصادي، تزامناً مع الدعوة (أو الاضطرار) إلى استعمال تلك التكنولوجيات كبديل أمثل، لتطبيق التباعد الاجتماعي وتفادي الاحتكاك المباشر الناقل للعدوى.
و يمكن القول، حسبه، أن تسريع معدل تغلغل التحول الرقمي في الاقتصاد، من أكثـر الآثار الإيجابية التي ستخلفها أزمة كوفيد-19، خاصة وأنه “أثر دائم”، باعتبار أن توجه المستهلكين والمنتجين إلى الرقمنة، سيظل قائماً حتى بعد انقضاء الأزمة، فالدراسات أكدت أن أكثـر من 75 بالمئة، ممن استخدموا تقنيات رقمية لأول مرة، زمن كورونا، سيستمرون في استخدامها، بل سيسعون بجد لتوسيع استخدامهم لها، وتطوير طرق تعاملهم معها.
م. ب