رد الفنان عمر ثايري، على إشاعة وفاته وتحدث عن تأثيرها عليه و كيف استقبلها، مؤكدا أنه ينوي العودة بقوة وبشكل مختلف إلى جمهوره وذلك حتى «لا يدفن وهو حي» كما قال. الفنان الذي حل ضيفا على قسنطينة، فتح قلبه للنصر في لقاء جمعها به على ركح مسرحها الجهوي، أين يحضر لعمل جديد متحدثا عن علاقته بالكوميديا و الدراما و المسرح، وكيف شردته السينما فنيا، كما كشف جوانب من مستقبله في سلسلة «الحاج لخضر» التي تعد من بين الأعمال التي حققت له شهرة، قال إنه يشتغل على التعامل معها بشكل مختلف اليوم، وذلك من خلال إعادة النظر في معايير اختياره للأعمال.
حاورته: هدى طابي
ندمت على مغادرة المسرح والسينما شردتني فنيا
النصر: أثيرت حولك شائعة مؤخرا وتصدر اسمك الصفحات التفاعلية بفعل ذلك، كيف تلقيت الأمر وكيف أثر عليك؟
عمر ثايري: فعلا لقد روجوا خبر وفاتي على نطاق واسع و هي إشاعة تداولتها عديد الصفحات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تلقيت الخبر في البداية باستغراب وبابتسامة عريضة، لكني لا أخفي عليكم أني تأثرت كثيرا خصوصا بعدما بدأت كرة الثلج في التعاظم.
بالنسبة لي، أعتقد إني كسبت وخسرت من هذه التجربة، لأن من أطلقها ملأ حسابي بحسن الدعاء وضاعف رصيده من شره، ولا أفهم فعلا قصده من فعل ذلك، ولا أعتقد أن الأمر بريء. مقابل ذلك فقد كشفت لي الحادثة حب الناس، وقد تلقيت عديد الاتصالات من أصدقاء لم ألتق بهم منذ مدة طويلة اتصلوا للسؤال عني والاطمئنان وهو ما استحسنته كثيرا، كما أني رأيت آية من آيات التضامن الكبير من طرف الشعب الجزائري الطيب والحنون. مع ذلك، فإن الحادثة كشفت كيف يمكن لمواقع التواصل أن تثير البلبلة و توظف بطريقة سلبية وتقلب الأمور في لحظة، ففي حالتي اختار مصدر الإشاعة توقيتا معينا تزامن مع عشية «الصمت الانتخابي»، وأعتقد أن له أهدافا محددة وراء ذلك. لحسن الحظ أني منذ دخلت هذه المهنة عملت على توعية أفراد عائلتي حول مثل هذه الإشاعات، قصد تحصينهم من تأثيرها المدوي، وأحمد الله أن عائلتي متفهمة لمخاطر مهنتي وتعرف جيدا كيف تعمل الإشاعات من هذا النوع.
أزور قسنطينة للسياحة والعمل
ما سر زيارتك لقسنطينة وهل تحضر لعمل في المدينة أو مع فنانيها؟
ـ أزور قسنطينة كسائح أولا، وأريد أن أطلق هنا تسمية على رحلتي التي تندرج في إطار « السياحة المسرحية»، جئت إلى المدينة بدعوة من أصدقائي حكيم دكار و كريم بودشيش وغيرهما، ولا أنكر أن الزيارة يمكن أن تكلل بمفاجأة فنية قد تعيدني مجددا إلى خشبة المسرح، التي سرقتني منها السينما لفترة من الزمن فتركتني مشردا بلا هوية فنية، وأنا الذي اعتبر نفسي ابن المسرح العاق وقد آن لي أن أعود إليه لأقدم فروض الطاعة.
ما الذي أحببته في المدينة و كيف كانت تجربتك مع مطبخها الشهير؟
ـ هي ليست زيارتي الأولى إلى قسنطينة، فأنا خريج المدرسة العليا لإطارات الشباب والرياضة، ومن منبركم أرسل تحياتي لكل أصدقائي الذين جمعتني بهم ذكريات هناك.
لقد ترعرعت في قسنطينة، وصلت وجلت في شوارع السويقة أعرف كل شبر منها جيدا، لكنني لا أزال أسير هوى جسورها فمن يشاهدها في التلفاز أو الصور لا يمكن أن يشعر برعشة الوقوف على الجسر واختبار تجربة التأرجح من علوه الشاهق، يجب أن تختبر الوقوف على «قنطرة الحبال» و تحس باهتزازاتها وأنت تنظر من خلالها إلى «اللانهاية»، لتفهم قوة السحر في المدينة وهو شعور ممتع يمكن أن تدمنه، وقد عشته ولا أزال أعيشه، لذلك أعقد أننا في الجزائر نملك كل المقومات لنحظى بسياحة داخلية فريدة.
طبقي المفضل في قسنطينة، هو «شباح الصفرة»، ويقولون إنه طبق مكلف نوعا ما، لكني عاشق للمطبخ الجزائري بكل أنواعه ومن خلال تجربتي مع مطابخ الوطن الحبيب، أعتقد أن هناك تقاربا كبيرا بين أطباق قسنطينة و تلمسان.
هذه علاقة أبنائي بالفن وهذا رأي في التحاقهم بالمجال
في حديثك عن تأثير الإشاعة على محيطك قلت إن أسرتك تفهم جيدا طبيعة عملك و مخاطر الفن، هل الفن فعلا مهنة خطيرة وهل يمكن أن تورث تجربتك إلى أبنائك؟
ـ أجل هناك في مهنتنا جانب من المخاطر، يرتبط أساسا بتأثيرها على حياتنا و قد شهدتم كيف هزت تلك الإشاعة حول وفاتي مواقع التواصل، و أثرت على المقربين مني وعلي، فقد قتلت وأنا أمشي على رجلي و بكيت لأني أضحكت الناس.
ربما لو عاد بي الزمن إلى الوراء ما كنت لأغادر المسرح، وما كنت لأختار الكوميديا وهي نصيحة أقدمها للشباب كذلك، لأن الإنسان مجبول على الحزن و من الصعب إسعاده، قد تلمسون في حديثي بعض الانهزامية لكنها في الحقيقة مشاعر واقعية، تعلمون سئل مستر بين، في يوم من الأيام لماذا تحب المشي في المطر؟ فأجاب» لأنه لا أحد يلحظ بكائي» وكذلك الأمر بالنسبة لعملاق الكوميديا جيم كيري.
أما بخصوص امتهان أبنائي للفن، فأنا لست دكتاتورا كي أفرض على ولدي ما لم يفرضه علي والدي، لذلك لن أحرمهم ولن أوجههم لوجهة أريدها ولا يريدونها، لأنهم أبناء بيئتهم وقد اختلفت الآراء والمفاهيم اليوم، وأعتقد أنهم أقدر على فهم زمنهم بل و توجيهنا نحن لنتعايش من متغيراته، وفي النهاية ولداي ليسا مولعين بالتمثيل، بل يفضلان الرسم و الذكاء الاصطناعي، وأتمنى لهما مستقبلا زاهرا.
ذكرت في معرض وصفك عملاقين من عمالقة الكوميديا في العالم فمن كان ملهمك و قدوتك ؟
ـ تعلمت من الجميع عن قصد وعن غير قصد ولا أنكر فضل أحد لكن من تمنيت فعلا أن أقابله كان المرحوم المدرسة حسان الحساني « بوبقرة»، قامة فنية ومثلي الأعلى. أما عبر العالم فقد تأثرت منذ صغري بالكثيرين، لكن المفضل دائما كان آل باتشينو.
أعدت النظر في معايير اختياري للأعمال
أي من أعمالك في المسرح والسينما والتلفزيون تفضل، وهل تعد لجديد رمضاني الموسم القادم؟
ـ أعمالي كلها مثل بناتي لا أفرق بين واحدة منهن، قد يفضلني جمهور في العامرة مثلا، أو في أشواك المدينة، وقد أجدني في فيلم « بي 73» أو عمل آخر، أحب كل ما اشتغلت عليه لأني اجتهدت فيه و قدمته بصدق وقدمت له الصبر والوقت والتعب، ولذلك أفتخر بكل ما أنتجته.
هل يمكن أن تعود من باب عمارة الحاج لخضر مجددا؟
ربما يمكن لجوابي أن يكون مختلفا قليلا هنا لو تحدثت عما أريد أن أقدمه في القادم من الأيام، فأنا أنوي التركيز أكثر على الدراما.
بخصوص سلسلة العمارة، أقول إنها ليست عمارتي كي أغلق الباب أو أفتحه، أما خلاف ذلك فأنا حاليا في مفترق طرق و قد باتت معايري لاختيار الأعمال التي أطل بها على جمهوري أكثر دقة لأني موقن أكثر لمسؤولية الرسالة الفنية.
كلمة أخيرة لجمهورك؟
ـ أود أن أشكر جريدة النصر، على هذه الفسحة التي سمحت لي بالتنفس قليلا، و أحيي من خلالها كل من يحبني ويتابعني من 58 ولاية، و أعد بالعودة بشكل مختلف وأن أخرج من الظل إلى النور حتى لا أدفن وأنا حي.