أولى مشروع الدستور الجزائري الجديد، المطروح للاستفتاء الشعبي في الفاتح نوفمبر القادم، أهمية كبيرة للبيئة، و خصها بمادتين صريحتين ، المادة 21 التي تنص على ضرورة حماية الأراضي الزراعية من كل أشكال التعدي، و ضمان بيئة سليمة من أجل حماية الأشخاص و تحقيق رفاهيتهم، و ضمان توعية متواصلة بالمخاطر البيئية، و الاستعمال العقلاني للمياه و الطاقات الأحفورية و الموارد الطبيعية الأخرى، و حماية البيئة بأبعادها البرية، البحرية و الجوية، و تتخذ كل التدابير الملائمة لمعاقبة الملوثين.
إعـــداد : فــريــد غــربــيــة
والمادة 64 التي تمنح المواطن الحق في بيئة سليمة في إطار التنمية المستدامة والتي تحيل في بندها الثاني للقانون لتحديد الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لحماية البيئة.
ويتوقع أن التعديلات الدستورية في شقها المتعلق بالبيئة، انقلابا جذريا في المفاهيم القديمة والنصوص القانونية التي كانت تحكم قطاع البيئة بمفهومه الشامل الذي يمس كل القطاعات ومناحي الحياة العامة.
وإذا وافق الشعب على النص الجديد للدستور فإن الجزائر ستكون بلا شك على موعد مع خارطة طريق جديدة تعيد للبيئة مكانتها، و تضع حدا للانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها الوسط الطبيعي بكل مكوناته على مدى سنوات طويلة، حيث عجزت كل القوانين و التدابير السابقة، عن مواجهة المخاطر البيئية المحدقة بالبلاد، كالاعتداء على الأراضي الزراعية و الوسط الطبيعي الحيوي، و الحياة البرية و استنزاف مصادر الثروة الطبيعية كالمياه و المعادن، و الطاقة الأحفورية و غيرها من الموارد الطبيعية الأخرى.
و قد جاءت الأراضي الزراعية في صدارة المادة 21 ، حيث أولى المشرع أهمية بالغة للأرض مصدر الأمن الغذائي للبلاد، ونص الدستور الجديدة صراحة على ضرورة حماية هذه الأراضي من كل أشكال التعدي كالتجريف و البناء و التصحير، و صعود المياه و الأملاح، و الحرث و الرعي الجائرين، و الإضرار بمكونات التربة و تعريضها للخطر.
فيما تتحدث المادة 64 عن حق المواطن في أن توفر له الدولة بيئة سليمة في إطار التنمية المستدامة على أن يتم تحديد الجهات المكلفة بتأمين هذا الحق عن طريق قوانين ستتمخض عن الدستور، وهو ما يجعل البيئة في قلب عملية تنموية شاملة، ما سيقحم عدة أطراف وعلى رأسها البلديات في الحفاظ على البيئة ويضع أمام مسؤولياتها بقوة القانون كما يتوقع أن تتضمن القوانين جانبا ردعيا أكثر صرامة.
وتعد معركة الغذاء من أكبر التحديات التي تواجه الجزائر على المديين القريب والبعيد، ولذا فإن الدستور الجديد، وهو القانون الأول في البلاد، سيحدث تغييرات جذرية في طرق و أساليب تسيير الأراضي الزراعية العمومية و الخاصة، و توسيعها و حمايتها و تثمينها حتى تكون قادرة على الإنتاج الوفير، و تضمن الأمن الغذائي الذي أصبح على المحك و استنزف الخزينة العامة عبر خطوط الاستيراد المكثف من الخارج.
و عندما تحدث المشرع عن البيئة السليمة و حماية الأشخاص و رفاهيتهم، فإنه يدرك تمام الإدراك مدى الضرر الذي لحق بالبيئة الحضرية و بيئة الوسط الطبيعي على مدى السنوات الماضية، و انعكاس ذلك على صحة المواطنين الجسدية و النفسية، حيث تراجع إطار الحياة العامة بالكثير من المدن و القرى بسبب الإخلال بالنظم البيئية التي تحدد شروط و مقاييس البناء، و معدل المساحة الخضراء لكل مواطن، و نسب تلوث الهواء، و الانبعاثات الخطيرة.
و لن يتحقق رفاه المواطن و عيشه الكريم إلا في بيئة سليمة من كل المخاطر، كالنفايات والتلوث والضجيج وتآكل المساحات الخضراء تحت تأثير الإعمار الجائر و التدمير العمدي بالحرق والقطع والنفايات.
و تواجه الجزائر مخاطر بيئية متفاقمة كالتغيرات المناخية المتسارعة و التصحر القادم من الجنوب، و انكماش الوسط الطبيعي الحيوي بسبب الجفاف والحرائق والتجريف و زحف العمران، و يراهن المشرع على وعي المواطن الجزائري لتجاوز المخاطر البيئية المحدقة بالبلاد، و نص على ضرورة التوعية المستمرة والفعالة بكل الوسائل المتاحة.
وتتعرض الثروة المائية بالجزائر إلى الاستنزاف بسبب معدلات الاستهلاك المتزايدة، و موجات الجفاف المتواصلة، و جاءت المادة الدستورية الجديدة لتدق ناقوس الخطر و تدعو الجزائريين إلى تحكيم العقل للمحافظة على هذه الثروات ومستقبل الأجيال القادمة.
و تتوجه الجزائر من خلال الدستور الجديد إلى تعزيز منظومتها القانونية للحد من مخاطر التلوث بكل أشكاله و مصادره، و حماية البيئة البرية و البحرية و الجوية المهددة بالتلوث و الانبعاثات الخطيرة والممارسات الجائرة التي أنهكت الوسط الطبيعي الهش.
ويتوقع أن تصدر قوانين جديدة لردع المعتدين على البيئة بمفهومها الشامل، حيث ستكون المادة 21 من مشروع الدستور الجديد مرجعا لسن النصوص القانونية اللازمة، وتجريم الاعتداء على البيئة كحل جذري يفرضه الواقع البيئي المتردي.
ويعد التصحر والجفاف ونضوب الموارد الطبيعية، وتدني إطار الحياة العامة بالوسط الحضري، وتراجع معدل التساقط و انكماش الغطاء الغابي، من أكبر المعضلات البيئية التي تواجه الجزائر في السنوات الأخيرة، ويبدو المستقبل صعبا ومقلقا إذا لم تتخذ الإجراءات اللازمة لعلاج الموائل البيئية على المديين المتوسط والبعيد للحد من عواقبها الوخيمة التي بدأت تلوح في الأفق كارتفاع درجات الحرارة وتراجع معدلات التساقط وانحصار الغطاء الغابي، وتضرر الحياة البرية بفقدان الكثير من الأصناف الحيوانية و النباتية.
فريد.غ
من العالم
القطب الشمالي المتجمد يواصل الذوبان
أعلن علماء أمريكيون أن الجليد البحري الصيفي في القطب الشمالي ذاب في عام 2020 إلى ثاني أصغر منطقة منذ بدء التسجيلات قبل 42 عاماً ، مما يقدم دليلاً صارخاً إضافياً على تأثير الاحتباس الحراري.
و يذوب الجليد البحري في الصيف وينمو في الشتاء، لكن صور الأقمار الاصطناعية الدقيقة المُلتقطة بانتظام منذ عام 1979 وثّقت كيف تقلّصت الدورة بشكل كبير.
و تم الوصول إلى الحد الأدنى لهذا العام في 15 أيلول (سبتمبر)، عند 3.74 مليون كيلومتر مربع (1.44 مليون ميل مربع)، وفقاً للعلماء في المركز الوطني لبيانات الجليد والثلوج (NSIDC) في جامعة كولورادو بوادر.
و قال مارك سيريز، مدير NSIDC: «لقد كان عاماً مجنوناً في الشمال، حيث بلغ الجليد البحري مستوى منخفضاً شبه قياسي... وموجات حر في سيبيريا، وحرائق غابات هائلة»».
و أضاف سيريز: «سيقف عام 2020 كنقطة تعجب على الاتجاه التنازلي في مدى الجليد البحري في القطب الشمالي، نحن نتجه نحو محيط القطب الشمالي الخالي من الجليد موسمياً، وهذا العام هو مسمار آخر في التابوت.»
و أشار أنه على عكس ذوبان الأنهار الجليدية على الأرض، فإن ذوبان الجليد البحري لا يساهم بشكل مباشر في ارتفاع مستويات سطح البحر لأن الجليد موجود بالفعل على الماء، ولكن قلة الجليد تعني انعكاساً أقل من الإشعاع الشمسي وتمتص المحيطات المزيد، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارتها.
و قالت لورا ميلر، الناشطة في منظمة غرينبيس نورديك أوشينز، في بيان أصدرته من سفينة على حافة الجليد البحري «الاختفاء السريع للجليد البحري مؤشر واقعي على مدى قرب كوكبنا من التجفيف، نحتاج إلى الضغط على زر إعادة الضبط الآن بشأن كيفية الاعتناء ببعضنا البعض وكوكبنا من خلال حماية 30 في المئة على الأقل من محيطاتنا بحلول عام 2030 لمساعدة كوكبنا على التكيف مع انهيار المناخ.»
مجلة البيئة و التنمية/ فريد.غ
مدن خضراء
قسطل.. مدينة أثرية خضراء في تبسة
تعد منطقة قسطل ببلدية عين الزرقاء بولاية تبسة، نموذجا للمدن الأثرية الخضراء الصديقة للبيئة و الإنسان، و هي أيضا الوجهة السياحية الأولى المحببة لعشّاق الطبيعة و هواة التسلق و المغامرة من داخل و خارج الوطن، لما تحتويه من أماكن طبيعية نابضة و ساحرة، مياه جبلية عذبة، و ثروة حيوانية، ومعالم لإنسان ما قبل التاريخ..إنه مكان آمن ومريح، يشعر فيه الزائر بروعة الحياة وجمالها.
قسطل، القطعة الهاربة من التاريخ، تلك الحقبة التي تعود إلى حوالي 6 آلاف سنة قبل التاريخ، تتيح للزائر السير في المنطقة الجبلية، أو ما يعرف بالغرف الجنائزية المحفورة في جلمود جيري صلب، حيث قدر عددها بنحو 36 غرفة في هذه المساحة، مركبة فوق بعضها البعض، أما الغرف العلوية فيصعب الدخول إليها، وهو الأمر الذي حافظ على شكلها الأول القريب من شكل المستطيل، وتضم أبوابا مثبتة بإحكام في الأعلى بواسطة عوارض مهيأة في الصخر، وهي العوارض التي تكسر أغلبها.
إن منطقة قسطل التي لا تبعد كثيرا عن عاصمة الولاية، لا تزال تائهة نائمة على أنقاضها، فلا اهتمام ولا أبحاث ولا دراسات من شأنها رفع الغبن عن التراث القديم.
يقول بلقاسم أحد سكان المنطقة إن قسطل التابعة لبلدية عين الزرقاء، لا تبعد عن عاصمة الولاية تبسة سوى ب 40 كلم ،و يمكن تطوير هذه الوجهة وتنشيطها سياحيا، مقترحا برمجة رحلات سياحية أسبوعية لهذه الوجهة، فيما يشدد محمد على ضرورة توفير كل المرافق لتأهيل قسطل وجعلها مقصدا و وجهة لهواة السياحة و المواقع البيئية الجميلة.
صالح و هو من سكان قسطل يؤكد من جهته بأن منطقته تتوفر حاليا على كل مقومات السياحة، بالنظر لخصوصياتها وجمال طبيعتها وشواهدها التاريخية التي لا تزال، كما قال، تصارع تراكمات السنين و تتطلع إلى مزيد من الاهتمام حتى تكون قطبا سياحيا و محفزا على إنشاء الأقطاب العمرانية و السياحية الصديقة للبيئة و الإنسان.
ع.نصيب