الجمعة 8 نوفمبر 2024 الموافق لـ 6 جمادى الأولى 1446
Accueil Top Pub

الوسط الجبلي بقالمة: تنــوع إيكـولوجـي ثــري.. اقتصـاد أخضـر و اعتــداء جائــر

رغم التغيرات المناخية التي تعرفها الجزائر في السنوات الأخيرة و خاصة الحزام الشمالي الأخضر، مازال الوسط الجبلي الطبيعي بولاية قالمة محافظا على مكوناته الأساسية الداعمة للتنوع الإيكولوجي بالمنطقة، كالنباتات و الحيوانات و الطيور و المياه و التربة، و كائنات أخرى لا ترى بالعين المجردة  بينما هي عامل فعال في النظام البيئي.

فريد.غ        

و حسب مديرية البيئة بقالمة فإن الوسط الجبلي يمثل نحو 46 بالمائة من مساحة ولاية قالمة، و يشمل الاحراش و الأقاليم الغابية التي تغطي 32 بالمائة من مساحة الولاية التي مازالت محافظة على بيئة مرضية و أوساط طبيعية سليمة، رغم الأذى الذي تتعرض له في السنوات الأخيرة كالجفاف و الحرائق و عبث الإنسان العدو الأول للطبيعة.
و تعد هذه المساحات الهامة من الجبال و الغابات و الاحراش مصدرا رئيسيا للتنوع البيئي المدعوم بعوامل أخرى بينها ثراء الوسط المائي و الوسط الجوي النقي، حيث لا توجد أنشطة صناعية ملوثة و انبعاثات غازية بالمنطقة، و لذا فإن نوعية الهواء جيدة و الدليل القاطع على ذلك كما تقول مديرية البيئة هو وجود مؤشرين بيولوجيين هما طحلب الأشجار عند النباتات، و بعض أنواع الطيور التي لا تعيش بالوسط الجوي الملوث.
و قد زاد الاهتمام أكثر بالوسط الجبلي بولاية قالمة في السنوات الأخيرة، و صار منطقة جذب للسكان  و مشاريع للتنمية المستدامة، و الاقتصاد الأخضر المعتمد على الموارد الطبيعية المتجددة. و تحرص محافظة الغابات و مديرية الفلاحة، و قطاع البيئة بولاية قالمة على حماية الوسط الجبلي من كل أشكال الإضرار بالمكونات الإيكولوجية لهذا الوسط الطبيعي المتفرد، و ذلك من خلال تدريب السكان على التعايش الإيجابي مع الوسط الطبيعي و حمايته، و الاستفادة منه كمورد اقتصادي هام منشئ للثروة و مناصب العمل.
ويعد الوسط الجبلي شمال ولاية قالمة الأكثر ثراء و تنوعا، فيه توجد كبرى الأقاليم الغابية ومصادر المياه، ومختلف أنواع النباتات والطيور والحيوانات البرية والكائنات المجهرية الداعمة للنظم البيئية الطبيعية.
و تعمل محافظة الغابات بقالمة على توسيع رقعة الوسط الجبلي و الغابي من خلال برامج التشجير المكثف بواسطة الأشجار الاقتصادية كالفلين و السرو و الزان و الصنوبر و الخروب الذي بدأ يثير الاهتمام نظرا لفوائده الاقتصادية الكبيرة، و قدرته على مقاومة التغيرات المناخية كالحرارة و الجفاف.
و تبذل جهود مضنية لإنشاء غابات جديدة بالوسط الجبلي الذي يعاني من تدني الغطاء النباتي، و خاصة بالبلديات الجنوبية تاملوكة، عين العربي عين رقادة، عين مخلوف بوحشانة و عين صندل، و ذلك بغرس المزيد من أشجار الصنوبر و الخروب و تشجيع السكان على التوجه إلى قطاع الأشجار المثمرة لدعم جهود المحافظة على التنوع البيئي بالمنطقة و توسيع المساحات الغابية التي تعد عاملا مهما في سقوط الأمطار و انتعاش الحياة البرية و الصحة و السياحة و الرفاه الاجتماعي.
وتوجد أنواع كثيرة من الأشجار و النباتات البرية بالوسط الجبلي بولاية قالمة، بينها نباتات عطرية و طبية تتعرض لإجهاد كبير بسبب الاستهلاك المفرط و خاصة منذ انتشار جائحة كورونا التي أعادت الاهتمام إلى الطبيعة كملاذ آمن و مصدر للصحة الجسدية و النفسية.
وتعد نباتات الزعتر و إكليل الجبل و الريحان و الرند و الضرو تاسلغة و الخزامة و النعناع البري أو ما يعرف لدى السكان بفليو، أكثر عرضة للجني المفرط، و الرعي الجائر و التجريف المتواصل و خاصة بالأقاليم الغابية المحاذية للتجمعات السكانية.
و أحصت مديرية البيئة بقالمة قبل عدة سنوات أكثر من 40 نوعا من أهم الأشجار الاقتصادية و النباتات العطرية و الطبية بالوسط الجبلي، مؤكدة بان نباتات أخرى تنمو و تترعرع عندما تتوفر عوامل مناسبة مثل المناخ و التربة و الارتفاع عن سطح البحر، منها الكليل، الرتم و الخزامة، محذرة من عواقب الإضرار بهذا التراث النباتي الهام.  و بالرغم من التغيرات المناخية و المطاردة المستمرة فإن الوسط الجبلي بولاية قالمة مازال يحتفظ بعدة أنواع من الحيوانات كالأيل البربري و ابن آوى و الضربان و القنفذ و الثعلب و الأرنب البري و الزردي و القط المتوحش و الضبع، و هما نوعان موجودان لكن من النادر العثور عليهما بغابات و أحراش المنطقة.  
الطيور المحلية و المهاجرة هي الأخرى تعد من مكونات الوسط الجبلي بولاية قالمة، و تعد عصب التنوع البيولوجي حيث تم إحصاء أكثر من 31 نوعا من الطيور، بينها الحجل و السمان و الزرزور و الحمام و العقاب و مالك الحزين و الشحرور و اللقلق و الزاوش و البوم و الغراب و النسر و دجاج الماء.
و كما الحيوانات و النباتات العطرية و الطبية تتعرض بعض أنواع الطيور البرية بقالمة إلى مخاطر كبيرة و في مقدمتها الصيد الجائر و المطاردة و تدمير الملاجئ و الأوكار، حيث تكاد بعض أنواع الطيور تختفي تماما كالحجل و السمان و الزرزور المهاجر الذي تعرض لاستنزاف كبير منذ عدة سنوات عندما هاجمته مجموعات الصيد الجائر باستعمال المصائد الكبيرة، و أوقعت بأعداد كبيرة منه و نقلتها إلى الأسواق المحلية لبيعها دون رادع أو رقيب.
و يرى حماة الوسط الجبلي و البيئة بولاية قالمة بأنه وبالرغم من تأثير التغيرات المناخية فإن أملا كبيرا مازال قائما لإنقاذ الطبيعة، و ذلك بوقف الاعتداء الجائر عليها و التعايش السلمي معها، و دعمها بالحماية و بناء ملاذات أخرى للنباتات و الحيوانات و الطيور، حتى يتعافى الوسط الجبلي، و يعود التعايش الإيجابي بينه و بين الإنسان، بعد سنوات طويلة من الجور المنهك للتنوع و التوازن الإيكولوجي.
فريد.غ 

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com