الإسلام كرّم المرأة وأعزّها ورفع من شأنها وأعلى من مكانتها وجعلها شريكا للرجل، وهي نصف المجتمع، والأمة لا تنهض إلا بالتكامل بين الرجال والنساء. فالمرأة الجزائرية امرأة أصيلة مسلمة متمسكة بوطنها وبقيمها ودينها وأخلاقها، ساهمت مع أخيها الرجل في بناء الدولة الجزائرية ابتداء من معركة الجهاد والاستشهاد في المقاومات الشعبية وفي ثورة نوفمبر المجيدة إلى معركة البناء والتشييد، وقد تبوأت مناصب ومسؤوليات ووظائف عديدة ومتنوعة وقامت بأعمال جليلة.
قلا يجوز للبعض اغتنام مناسبة عيد المرأة ليطعنّ في أحكام شرعية ثابتة في الإسلام كالميراث والقوامة والخلع والطلاق والحضانة والولي في الزواج وغيرها، حيث يعتبرون ذلك مساسا بكرامة المرأة وهضما لحقوقها، وكان الأولى بهم أن يسألوا عنها المختصين في الشريعة الإسلامية، فالكثير من الشبهات التي تثار حول تلك المسائل سببها الجهل، وشفاء الجهل السؤال.
إن الإسلام أعزّ المرأة وحرّرها وجعلها شريكا للرجل في تحمل المسؤولية والعمل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ) الترمذي وأبو داود، والمرأة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تباشر عدة أعمال كالفلاحة والتجارة والخروج إلى الغزوات وعلاج الجرحى وغيرها، لكن بحشمة وستر وأدب وحياء. فأم عمارة نسيبة بنت كعب دافعت بسيفها عن الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد مع زوجها وولديها، ورفيدة بنت سعد الأنصارية التي كانت ممرضة تداوي الجرحى، وأم مبشر كانت تمارس الفلاحة في بستانها، فقد جاء في صحيح مسلم عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ مُبَشِّرٍ الْأَنْصَارِيَّةِ فِي نَخْلٍ لَهَا فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ فَقَالَتْ بَلْ مُسْلِمٌ فَقَالَ لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ)، وكذا الصحابية الجليلة أم سنان الأسلمية من النساء الفاضلات، تقول عن نفسها: لما أراد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر جئته، فقلت: يا رسول الله، أخرج معك في وجهك هذا أخَرز السِّقاء، وأُدَاوِي المريض والجريح إن كانت جراح وأبصر الرَّحْل. فقال رسول الله: «اخرجي على بركة الله فإنّ لك صواحب قد كَلَّمنني، وأذنتُ لَهُن من قومك ومن غيرهم، فإن شئتِ فمع قومك وإن شئتِ فمعنا»، قلت: معك، قال: «فكوني مع أُمّ سَلَمَة زوجتي»، قالت: فكنت معها)، ومارست مهمة التزيين للعرائس، فقالت أم سنان: كنت فيمن حضر عرس صفية فمشطناها وعطرناها، وكانت من أضْوءِ ما يكون من النساء، فأعرس بها رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن مظاهر تكريم الإسلام للمرأة:
(1) المساواة في الخطاب الشرعي والمنافسة في الخير والعمل الصالح: فالحياة منافسة في الخير بين الرجال فيما بينهم وبين النساء فيما بينهنّ وبين الرجال والنساء فيما بينهم قال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الأحزاب:35إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)) وقال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) آل عمران:195 وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل:97.
(2)ـ الإحسان إلى الزوجة: قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء:19 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) البخاري ومسلم، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) مسلم
(3) ـ الإحسان إلى الأم: قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) الإسراء:23و24، وقال: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا) الأحقاف:15. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ: أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ) البخاري
(4) ـ الإحسان إلى البنات:عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ) البخاري وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ عَالَ ثَلَاثَ بَنَاتٍ فَأَدَّبَهُنَّ وَزَوَّجَهُنَّ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ فَلَهُ الْجَنَّةُ)أبو داود وعَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ عَالَ ابْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ بَنَاتٍ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ حَتَّى يَمُتْنَ أَوْ يَمُوتَ عَنْهُنَّ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) أحمد
(5)ـ رفع الإهانة عن المرأة: قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ) النحل:58و59 وقال: (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ) التكوير:8و9.
فكيف يقال بعدئذ أن أحكام الإسلام ونظام أسرته يهين المرأة أو يستهين بحقوقها ويمس كرامته، إنه العدل والمصلحة في أصوله وأحكامه.
بقانون جديد دخل حيز التنفيذ بتونس
المغتصب لن يُفلت من العقاب بزواجه من ضحيته
دخل قانون جديد ، يتعلق ب « القضاء على العنف ضد المرأة» حيز التنفيذ، عشية الاحتفال بعيد المرأة ، لم يعد يمكن بموجبه للمغتصب الإفلات من العقاب من خلال الزواج بالضحية. حيث إنه سيتلقى العقاب ويتابَع قانونياً. وصدَّق مجلس نواب الشعب التونسيُّ، في يوليو/تموز 2017، على إلغاء أحكام «الفصل 227 مكرر»، الذي يقضي بإيقاف التبعات ضد المغتصب الذي يتزوج ضحيته، دون استثناء القاصرات، إلا أنه لن يخرج حيز التنفيذ سوى في الـ6 من مارس/آذار 2018. وجاء هذا القرار حسب وكالات أنباء إثر مطالبة المجتمع المدني بإيقاف العمل بهذا القانون، الذي يضاعف الضرر المسلّط على ضحايا الاغتصاب. وذلك بعد أن تعالت في تونس الأصوات المطالبة بإنزال أشد العقوبات بمرتكبي جريمة الاغتصاب، وإلغاء كل المواد القانونية التي توفر لهم فرص الإفلات من العقاب.
هذا القانون الذي يتوافق في جزء منه مع أحكام الشريعة الإسلامية كون هذه الأخيرة لا تعد زواج المغتصب بمغتصبته سببا من أسباب سقوط العقوبة عنه؛ بل يعاقب عن الجريمة بمعزل عن إجراءات الزواج، لكن قد تطرح مستقبلا إشكالات أخرى بالنسبة للمغتصبة لو رفض المغتصب زواجها بعد معاقبته على فعلته؛ حيث سيكون بموجب العقاب متحررا من كل إلزام قانوني، فيتركها تواجه مجتمعا قد لا يشفق عليها.
180 ألف دولار لـ3 مسلمات أجبرتهن الشرطة الأمريكية على خلع الحجاب
ذكرت وسائل إعلام أميركية، مؤخرا أن مدينة نيويورك ستدفع تعويضاً قدره 180 ألف دولار لثلاث مسلمات، بعد أن أجبرتهنَّ شرطة المدينة على خلع حجابهن، أثناء الحصول على صور رسمية لهن. وأفادت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، بأن محكمة اتحادية في بروكلين بنيويورك، أمرت بدفع تعويض قدره 60 ألف دولار لكل مسلمة، ضمن تسوية ثلاث دعاوى قضائية رفعتها النساء الثلاث.
في ندوة وطنية بمناسبة مئوية ميلاده الأولى
الشيخ الغزالي يعود إلى جامعة الأمير بقسنطينة هذا الأسبوع
مرت أمس الذكرى الثانية والعشرون لوفاة الشيخ محمد الغزالي بعد أشهر قليلة من ذكرى ميلاده المئوية الأولى، ووفاء لفكر الشيخ وأخلاقه وأمانته تعتزم جامعة الأمير عبد القادر التي كان مدرسا بها ورئيس مجلسها العلمي من 1984 إلى 1989 تنظيم ندوة وطنية بعد غد الاثنين يتناول فيها تلاميذه جوانب مختلفة من فكره؛ على غرار منهجه في التعامل مع القرآن والسنة، وموقع الحريات العامة والأديان وحقوق الإنسان في فكره وقضايا المرأة، وغيرها من الجوانب التي ستناقش على مدى يوم.
هل تباح الخلوة بالمخطوبة قبل العقد ؟
جواب فضيلة الشيخ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الخطبة لغة وعرفًا وشرعًا شيء غير الزواج، فهي مقدمة له، وتمهيد لحصوله، فكتب اللغة جميعًا تفرق بين كلمتي الخطبة والزواج. والعرف يُميِّز جيدًا بين رجل خاطب، ورجل متزوج. والشريعة فرَّقت بين الأمرين تفريقًا واضحًا، فالخطبة ليست أكثر من إعلان الرغبة في الزواج من امرأة معينة، أما الزواج فعقد وثيق، وميثاق غليظ، له حدوده وشروطه وحقوقه وآثاره. وقد عبر القرآن عن الأمرين فقال في شأن النساء المتوفى عنهن أزواجهن: « وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ» (البقرة:235) .
والخطبة مهما يقام حولها من مظاهر الإعلان فلا تزيد عن كونها تأكيدًا وتثبيتًا لشأنه. والخطبة على أية حال لا يترتب عليها أي حق للخاطب، إلا حجز المخطوبة بحيث يحظر على غير الخاطب أن يتقدم لخطبتها، وفي الحديث: «لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه». (متفق عليه) والمهم في هذا المقام أن المخطوبة أجنبية عن الخاطب حتى يتم زواجه بها، ولا تنتقل المرأة إلى دائرة الزوجية إلا بعقد شرعي صحيح، والركن الأساسي في العقد هو الإيجاب والقبول. وللإيجاب والقبول ألفاظ معهودة معلومة في العرف والشرع. وما دام هذا العقد - بإيجابه وقبوله - لم يتحقق فالزواج لم يحدث أيضًا لا عرفًا ولا شرعًا ولا قانونًا، وتظل المخطوبة أجنبية عن خاطبها لا يحل له الخلوة بها، ولا السفر معها دون وجود أحد محارمها كأبيها أو أخيها.
ومن المقرر المعروف شرعًا أن العاقد إذا ترك المعقود عليها دون أن يدخل بها يجب عليه نصف مهرها، قال تعالى: «وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ». (البقرة: 237). أما الخاطب إذا ترك المخطوبة بعد فترة طالت أو قصرت فلا يجب عليه شيء إلا ما توجبه الأخلاق والتقاليد من لوم وتأنيب، فكيف يمكن - والحالة هذه - أن يباح للخاطب ما يباح للعاقد سواء بسواء؟
إن نصيحتنا للسائل أن يعجل بالعقد على خطيبته، فبه وحده يباح له ما يسأل عنه وإذا لم تسمح ظروفه بذلك، فالأجدر بدينه ورجولته أن يضبط عواطفه، ويكبح جماح نفسه، ويلجمها بلجام التقوى، ولا خير في أمر يبدأ بتجاوز الحلال إلى الحرام.
كما ننصح الآباء والأولياء أن يكونوا على بصيرة من أمر بناتهم، فلا يفرطوا فيهن بسهولة باسم الخطبة، والدهر قلب، والقلوب تتغير، والتفريط في بادئ الأمر قد يكون وخيم العاقبة، والوقوف عند حدود الله أحق وأولى: «وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» (البقرة: 229) ، «مَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ» (النور: 52) .
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة