الثلاثاء 4 فبراير 2025 الموافق لـ 5 شعبان 1446
Accueil Top Pub

حروب وسياسات عدوانية وعنصرية عصفت بالمكاسب الإنسانية: الجرائم الصهيونية والنزعة المادية يهددان قيم العيش المشترك

سيتم هذا الثلاثاء إحياء اليوم العالمي للأخوة الإنسانية في محاولة لتجسيد توصيات الوثيقة التاريخية الصادرة بهذا الشأن منذ خمس سنوات؛ «وثيقـة الأخــوة الإنســانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»المستهدفة تحقيق العدل الاجتماعي وقيم الخير والجمال والتعايش المشترك، ونشر السلم العالمي ووقف ويلات الصراع والحروب واستحضار الضمير الإنساني والأخلاق الدينية، وتخفيف حدة النزعة الفردية والفلسفات المادية المؤلهة للإنسان التي دحرجت في منظومتها القيم في سلم الأولويات.

فقد أكدت الوثيقة التاريخية أننا نحن -المؤمنين بالله وبلقائه وبحسابه -ومن منطلق مسؤوليتنا الدينية والأدبية، وعبر هذه الوثيقة، نطالب أنفسنا وقادة العالم، وصناع السياسات الدولية والاقتصاد العالمي، بالعمل جديا على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فورا لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حاليا من حروب وصراعات وتراجع مناخي وانحدار ثقافي وأخلاقي.ونتوجه للمفكرين والفلاسفة ورجال الدين والفنانين والإعلاميين والمبدعين في كل مكان ليعيدوا اكتشاف قيم السلام والعدل والخير والجمال والأخوة الإنسانية والعيش المشترك، وليؤكدوا أهميتها كطوق نجاة للجميع، وليسعوا في نشر هذه القيم بين الناس في كل مكان.
ففي هذه الفقرة تحديد لمعالم مشروع الأخوة الإنسانية وما يرمي إليه لصالح البشرية كلها، لتعيش في أمن وسلام، واستعادة البعد الأخلاقي في منظومته الفكرية والسياسية، ودرء كل أشكال التعصب وتبرير الحروب والنزاعات سياسيا أو دينيا، ولذلك رأت أهمية إيقاظ الحس الديني والحاجة لبعثه مجددا في نفوس الأجيال الجديدة عن طريق التربية الصحيحة والتنشئة السليمة والتحلي بالأخلاق والتمسك بالتعاليم الدينية القويمة لمواجهة النزعات الفردية والأنانية والصدامية، والتطرف والتعصب الأعمى بكل أشكاله وصوره. وأكدت إن هدف الأديان الأول والأهم هو الإيمان بالله وعبادته، وحث جميع البشر على الإيمان بأن هذا الكون يعتمد على إله يحكمه، هو الخالق الذي أوجدنا بحكمة إلهية، وأعطانا هبة الحياة لنحافظ عليها، هبة لا يحق لأي إنسان أن ينزعها أو يهددها أو يتصرف بها كما يشاء، بل على الجميع المحافظة عليها منذ بدايتها وحتى نهايتها الطبيعية؛ لذا ندين كل الممارسات التي تهدد الحياة؛ كالإبادة الجماعية، والعمليات الإرهابية، والتهجير القسري، والمتاجرة بالأعضاء البشرية، والإجهاض، وما يطلق عليه الموت (اللا) رحيم، والسياسات التي تشجعها.
الوثيقة أبرزت بعض فضائل الحضارة الحديثة وما حققته في مجال العلم والتقنية والطب والصناعة والرفاهية لكنها سجلت أن هذه القفزات التاريخية تراجعت معها الأخلاق الضابطة للتصرفات الدولية وتراجعت القيم الروحية والشعور بالمسؤولية، مما أسهم في نشر شعور عام بالإحباط والعزلة واليأس، كما شددت على أن الأزمات السياسية الطاحنة والظلم وافتقاد العدالة في توزيع الثروات الطبيعية قد أنتج أزمات قاتلة تشهدها كثير من الدول،وأمام هذه الأزمات التي تجعل ملايين الأطفال يموتون جوعا، وتتحول أجسادهم - من شدة الفقر والجوع - إلى ما يشبه الهياكل العظمية البالية، يسود صمت عالمي غير مقبول.وهنا تظهر ضرورة الأسرة كنواة لا غنى عنها للمجتمع وللبشرية، لإنجاب الأبناء وتربيتهم وتعليمهم وتحصينهم بالأخلاق وبالرعاية الأسرية، فمهاجمة المؤسسة الأسرية والتقليل منها والتشكيك في أهمية دورها هو من أخطر أمراض عصرنا.
مؤكدة أن هذا الإعلان الذي يأتي انطلاقا من تأمل عميق لواقع عالمنا المعاصر وتقدير نجاحاته ومعايشة آلامه ومآسيه وكوارثه ليؤون إيمانا جازما بأن أهم أسباب أزمة العالم اليوم يعود إلى تغييب الضمير الإنساني وإقصاء الأخلاق الدينية واستدعاء النزعة الفردية والفلسفات المادية التي تؤله الإنسان وتضع القيم المادية الدنيوية موضع المبادئ العليا والمتسامية.
بعد ست سنوات من صدورها تحقق بعض ما حذرت منه الوثيقة من بوادر حرب عالمية ثالثة على أجزاء بدأت تتكشف عن وجهها القبيح في كثير من الأماكن وعن أوضاع مأساوية لا يعرف على وجه الدقة عدد من خلفتهم من قتلى وأرامل وثكالى وأيتام وهناك أماكن يجري إعدادها لمزيد من الانفجار، فقد ارتكب الاحتلال الإسرائيلي خلال عام وثلاثة أشهر كل الجرائم التي تقوض قيم الأديان والأخلاق والأعراف والقوانين الدولية والضمير الإنساني، وتنسف كل جهود التسامح والسلم والتعايش بين البشر، حيث مارست الحصار والتجويع والاعتقال والتمثيل وقتل المدنيين والأطفال والنساء والعابدين، ودمرت المدن بما حوت من مساكن ومؤسسات مدنية؛ استشفائية وتعليمية ودينية وغيرها، مما دفع البعض لاعتبار ذلك إبادة جماعية، فقدمت بذلك صورة قبيحة عن سياسة همجية وتأويلات دينية مغرضة، لأن ما وقع وجد له تبريرات دينية من حاخامات يفترض فيهم أن يكونوا أول المطالبين بمقتضيات هذه الوثيقة وأول شاجب لتلك الانتهاكات وتبرئة الأديان منها، حتى تستعيد حضورها في المشهد الدولي أخلاقيا وتؤدي دورها المنوط بها في الحد من النزعة المادية الطاغية.
إضافة لذلك فقد بررت بعض الأديان سلوكيات تنافي الطبيعة والفطرة والدين، ما يجعلها مسهمة هي الأخرى في بؤس البشرية وما آلت إليه أوضاعها الأخلاقية؛ لاسيما وأن الوثيقة طالبت بوقف استخدام الأديان في تأجيج الصراعات مبرزة أهمية الأديان في بناء السلام العالمي.

ع/خلفة

القرآن دعا أتباع الأديان السماوية لمبادئ أساسها الحرية
دعا القرآن الكريم أهل الكتاب من اليهود والنصارى بعد الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة إلى الاتقاء حول مبادئ إيمانية ضرورية تكون كمسلمات ومنطلقات أساسية لأي حوار أو عمل مشترك؛ فقال الله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلى كلمة سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّه فإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ[ آل عمران: 64]، وهذه المبادئ تؤكد أساسا على توحيد الله تعالى توحيدا خالصا لا شرك فيه مع أحد ووصفه بما يليق من الأوصاف، ونفي ربوبية البشر بعضهم لبعض، فلا استبداد ولا هيمنة ولا استغلال، فإن أبوا التسليم لهذه المبادئ فإن المطلوب من المسلم البراءة من ذلك وإعلان انتمائه للإسلام الذي تسعى أحكامه لتحقيق ذلك، لمصلحة البشرية، فهو دين الحرية بالأساس.

أهم مبادئ وثيقـة الأخــوة الإنســانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك
(1). إن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك.
(2). إن الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر.
(3). إن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة، يحق لكل إنسان أن يحيا في كنفها.
(4). إن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحاصر جزءا كبيرا من البشر.
(5). إن الحوار بين المؤمنين يعني التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم.
(6). إن حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولية.
(7). إن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات والحقوق التي ينعم في ظلالها الجميع بالعدل لذا يجب العمل على ترسيخ مفهوم المواطنة الكاملة في مجتمعاتنا.
(8). إن العلاقة بين الشرق والغرب هي ضرورة قصوى لكليهما، لا يمكن الاستعاضة عنها أو تجاهلها، ليغتني كلاهما من الحضارة الأخرى عبر التبادل وحوار الثقافات.
(9). إن الاعتراف بحق المرأة في التعليم والعمل وممارسة حقوقها السياسية هو ضرورة ملحة، وكذلك وجوب العمل على تحريرها من الضغوط التاريخية والاجتماعية المنافية لثوابت عقيدتها وكرامتها.
(10). إن حقوق الأطفال الأساسية في التنشئة الأسرية، والتغذية والتعليم والرعاية، واجب على الأسرة والمجتمع، وينبغي أن توفر وأن يدافع عنها، وألا يحرم منها أي طفل في أي مكان.
(11). إن حماية حقوق المسنين والضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة والمستضعفين ضرورة دينية ومجتمعية يجب العمل على توفيرها وحمايتها بتشريعات حازمة وبتطبيق المواثيق الدولية الخاصة بهم.

في حصيلة جديدة
تدمير 926 مسجدا بغزة
كشفت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بفلسطين في آخر تحيين إحصائي لها أن الاحتلال الصهيوني استهدف منذ بداية العدوان على غزة (926) مسجدًا بنسبة 74% من إجمالي عدد المساجد البالغة (1244)، ووجه وكيل الأوقاف الفلسطيني رسالة للشعب الفلسطيني وللعلماء والدعاة والأئمة والإعلاميين وغيرهم ولكل داعم لفلسطين من الداخل والخارج الذي أثمر صبرهم ودعمهم بوقف إطلاق النار وتحقيق النصر.
واستنادا لموقع الوزارة فقد قالت الأوقاف إن عدد المساجد المدمرة كلياً (737) مسجداً بنسبة 79 % من المساجد المستهدفة، وعدد المساجد المتضررة جزئيا (189) مسجدا، وقال وكيل الأوقاف حول وقف إطلاق النار هذا يومٌ من أيام الله، تعيَّن علينا فيه الشكر له سبحانه وتعالى، الذي برّهن على صدق دعوتنا، وصحة وجهتنا، وسلامة مسارنا، وبُطولة شعبنا، وصلابة قادتنا، وشجاعة مقاومتنا، وقد صدقنا الله وعده، ونصر جنده، وأخزى الأحزاب وحده، وفلسطين كلها لنا، ولن نفرط في ذرة من ترابها، ولن نخرج من أرضنا، ولن نترك مقاومتنا، وسنطهر مسرى نبينا قريباً بإذن الله تعالى؛ لذا تعيَّن علينا بعد حمد الله وشكره، أن نقدم التحية الواجبة لشعبنا الصابر المرابط الصامد الثابت المضحي المعطاء، وكل أبطال هذه المعركة، وفي مقدمتهم أسودنا المقاتلين، وفدائيِّ الدفاع المدني المنقذين، وحملة اللواء من الإعلاميين، وعيوننا الساهرة على أمن المواطنين، ورجال الإغاثة الصادقين، وكل من كان له سهمٌ في تثبيت شعبنا، ولو بالكلمة، أو الدعوة، أو الدمعة.
وشدد على أن المطلوب منا اليوم أن نواصل دورنا في تثبيت الناس وحثهم على احتساب مصابهم عند الله تعالى، وأن نستكمل دور البيان للناس، فنُظهر وجوه الخير، وثمار الصبر، وصور النصر في هذه المعركة، والتي من أبرزها نسف عجلهم الأمني، وإذلال جيشهم العسكري، وهزيمة مستواهم السياسي، وإفشال مخططهم التطبيعي والاستيطاني، وانتزاع أسرانا من بين أنيابهم، وتفجير الخلافات بين أحزابهم.ومن آثار هذه المعركة إعادة الاعتبار لقضيتنا الفلسطينية، واستعادة الوعي لشباب أمتنا الإسلامية، وتعرية أكذوبة المؤسسات الدولية والحقوقية، وعلينا أن ندرك أن آثار هذه المعركة وارتداداتها ستظل تتلاحق حتى تتغير الخارطة الإقليمية، والهيمنة العالمية، فثمن دمنا كبير سيطال كل المجرمين، والمتآمرين.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com