الخميس 17 أفريل 2025 الموافق لـ 18 شوال 1446
Accueil Top Pub

الإسلام حث على التعلم: محو الأمية ضرورة شرعية حضارية

يعد تعلم الكتابة أول خطوة نحو تعلم القراءة بعدئذ وطلب العلم بمختلف ميادينه وفروعه الشرعية والإنسانية والطبيعية، وما لم يتحكم الراغب في العلم في الكتابة ويتقن أدائها بوسيلته التقليدية أو الآلية لن يستطيع اقتحام عالم العلم والمعرفة، فهو كالساعي إلى الهيجاء من غير سلاح، ولذلك ألمح القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة وأشار لها في قوله تعالى: الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) [العلق)، بل أقسم الله تعالى بالقلم تعظيما له فقال الله تعالى: ( ن وَالْقَلَمِ وَمَايَسْطُرُونَ [سورة القلم 1]

ولما كانت الكتابة الوسيلة المثلى للتعلم فقد كافح الإسلام الأمية ودعا إلى القراءة والتعلم، ففي كتاب الله تعالى آيات كثيرة تحث على التعلم والتفقه ولا يتأتى ذلك إلا بتعلم الكتابة؛ لأن الكتابة تنقل العلم وتحفظه، وقد كشفت السنة النبوية العملية والقولية أن الرسول صلى الله عليه وسلم بادر إلى إجراءات عملية لمجابهة الأمية بين صحابته ليؤهلهم لحمل هذه الرسالة وتعليمها للناس.
ومن شواهد ذلك ما حدث مع أسرى غزوة بدر فقد روى الإمام أحمد في مسنده وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما -قال: (كان ناس من الأسرى لم يكن لهم مال، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فدائهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة)، وإذا علمنا أن عدد أسرى بدر سبعون أسيرا، وكل أسير يعلم نفرا من الأبناء سيكون عدد المتعلمين بالمئات، وهي مبادرة أتت في بداية بناء الدولة المسلمة ما يزودها بكتاب وقراء يكونون سندا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرته، ولذلك روي أن من بين من تعلم وقتئذ زيد بن ثابت أحد كتبة الوحي وأحد شيوخ القراء، وجامع القرآن الكريم، وقد أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدئذ لتعلم لغة اليهود.
الرسول (صلى الله عليه وسلم) يبادر بإجراءات عملية لمكافحة الأمية
ومن الشواهد القولية على ذلك أيضا ما روى الطبراني عن علقمة بن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن جده، قال: خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -ذات يوم فأثنى على طوائف من المسلمين خيراً، قال: (ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا ينهونهم؟ وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون؟ والله فيعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، ويتعلمن قوم من جيرانهم ويتفقهون ويتعظون أو لأعاجلنهم العقوبة). ثم نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فقال قوم: من ترونه عنى بهؤلاء؟ قال: الأشعريون هم قوم فقهاء، ولهم جيران جفاء من أهل المياه والأغراب، فبلغ ذلك الأشعريين فأتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -فقالوا يا رسول الله، ذكرت أقواماً بخير، وذكرتنا بشر، فما بالنا؟ فقال: ليعلمن قوم جيرانهم وليعظنهم وليأمرنهم ولينهونهم وليتعلمن قوم من جيرانهم ويتعظون ويتفقهون، أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا، فقالوا: يا رسول الله أنفطن غيرنا؟ فأعاد قوله عليهم، وأعادوا قولهم، أنفطن غيرنا؟ فقال ذلك أيضاً، فقالوا: أمهلنا سنة، فأمهلهم سنة يفقهونهم ويعلمونهم ويفطنونهم، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم -هذه الآية (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) (المائدة: 78، 79)، ففي هذا الحديث أمر صريح بالتعليم، فمسؤولية كل متعلم أن يعلم غيره ممن لا يعلم، ومن أهم ما ينبغي تعلمه الكتابة دفعا للأمية. والله تعالى يقول:(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [ التوبة 122]
وقد نقل البعض عن السباعي تعليقا طريفا على هذا الحديث قال فيه: وإنك لترى في هذا الحديث من الحقائق ما يجدر التنبيه إليها:
 1 -فالرسول-عليه الصلاة والسلام -لم يقر قوماً على الجهالة بجانب قوم متعلمين.
2 -واعتبر بقاء الجاهلين على جهلهم وامتناع المتعلمين عن تعليمهم عصياناً لأوامر الله وشريعته.
3 -واعتبر ذلك أيضاً (عدواناً) و (منكراً) يوجبان اللعنة والعذاب.
4 -أعلن الحرب والعقوبة على الفريقين حتى يبادروا إلى التعلم والتعليم.
 5 -وأعطاهم لذلك مهلة عام واحد للقضاء على آثار الجهالة فيما بينهم.
 6 -ولئن كانت الحادثة قد وردت بشأن الأشعريين العلماء وجيرانهم الجهلاء، فإن الرسول أعلن ذلك المبدأ بصفة عامة، لا بخصوص الأشعريين وحدهم، وعند علماء الأصول قاعدة أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
بل إن بعض النساء الأوائل كن يتزوجن ويشترطن المهر تعليمهن. وروي فقد روي عنه أنه قال: (يقالُ لِصاحِبِ القرآنِ: اقرَأ وَارقَ ورَتِّلْ كما كنتَ تُرَتِّلُ في دارِ الدنيا، فإنّ مَنزِلَتَكَ عندَ آخِرِ آيَةٍ كُنتَ تَقرَؤها).
ولذلك أوجب الفقهاء المسلمون التعليم لاسيما تعليم الصبيان، روى عن ابن مسعود أنه قال: ‘لابد للناس من معلم يعلم أولادهم، ويأخذ على ذلك أجرا، ولولا ذلك لكان الناس أميين».
ولئن كان التعلم في أصله يكون بالسماع والحفظ فإن هذا لا يغنيه عن الكتابة التي تعد قيدا للعلوم وحافظة لها وناقلة، ولولا الكتابة لضاعت العلوم واندثرت، سواء كانت كتابة تقليدية أو الكترونية آلية، لذلك فإن تعلم الكتابة ومحو الأمية واجب شرعي عينيا كان أو كفائيا و ضرورة حضارية وإنسانية لمختلف الأعمار؛ فلا يبقى الإنسان أميا على الحالة التي ولد عليها؛ لأنه لا سبيل لتحصيل العلم إلا بالكتابة ولا سبيل للحضارة والتنمية والرقي إلا بالعلم، لاسيما في هذا العصر الذي فرض على كل الأمم التسلح بالعلم إن أرادت تأمين نفسيها عسكريا وأمنيا واقتصاديا وسياسيا والالتحاق بالركب، وكل من زهد في التعلم سيظل فريسة لغيره مستهلكا لمنتوجه وربما مسلما ثرواته وسيادته، وقد أدرك المسلمون الأوائل هذه الحقيقة التاريخية والسنة الاجتماعية فأقبلوا على التعلم فتمكنوا في وقت وجيز من إيصال الإسلام للعلم شرقا وغربا وبناء حضارة إنسانية عالمية كونية عمرت قرونا.
ع/خلفة

حديث ‹نحن أمة أمية› لا يزهد في التعلم
قد يستشهد البعض بحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّا أمَّة أمِّيَّة لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين «. [رواه البخاري ومسلم]للقول بأن الأصل أن الأمة المسلمة أمية في العلم والتعلم، لكن هذا الحديث وما ورد في كتاب الله تعالى من آيات تؤكد على أمية الأمة المسلمة لا يحمل على ظاهره وذلك للأسباب التالية:
أولا-إن معنى الأميين في كتاب الله تعالى هم الذين ليس لهم كتاب أنزل، فهذا الاسم وصف به أمة الرسول صلى الله عليه وسلم في مقابل اليهود والنصارى الذين كانت لهم كتب سماوية ولذلك سموا أهل الكتاب، لذلك قال الله تعالى:﴿ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ﴾[ آل عمران: 20]
ثانيا-إن معنى الأمية في الحديث قاصر على طريقة معرفة الشهر وأنه لا يكون بالحساب.
ثالثا-أن هذا الحديث يتحدث عن فترة زمنية فهو ليس أمر بالأمية بل إخبار عنها.
وقد نقل البعض تفصيلا في المسألة عن ابن تيمية ملخصه: ‘قوله «إنا أمة أمية» ليس هو طلبا، فإنهم أمِّيُّون قبل الشريعة فإذا كانت هذه صفة ثابتة لهم قبل المبعث لم يكونوا مأمورين بابتدائها، والأمة التي بعثه الله إليها فيهم مَن يقرأ ويكتب كثيراً كما كان في أصحابه، وفيهم من يحسب، وقد بعث صلى الله عليه وسلم بالفرائض التي فيها مِن الحساب ما فيها، وكان له كتاب عدة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وزيد ومعاوية يكتبون الوحي ويكتبون العهود ويكتبون كُتُبَه إلى الناس إلى مَن بعثه الله إليه مِن ملوك الأرض و رؤوس الطوائف وإلى عماله وولاته وسعاته وغير ذلك وقد قال الله تعالى في كتابه: ((لتعلموا عدد السنين والحساب))  فأخبر أنه فعل ذلك ليُعلم الحساب .   .. فالأمة التي بُعث فيها النبي  صلى الله عليه وسلم  أولاهم العرب و بواستطهم حصلت الدعوة لسائر الأمم؛ لأنه إنما بُعث بلسانهم فكانوا أميين عامة ليست فيهم مزية علم ولا كتاب ولا غيره مع كون فِطَرهم كانت مستعدة للعلم أكمل من استعداد سائر الأمم بمنزلة أرض الحرث القابلة للزرع، لكن ليس لها من يقوم عليها فلم يكن لهم كتاب يقرأونه منزَّل من عند الله كما لأهل الكتاب، ولا علوم قياسية مستنبطة، وكان الخط فيهم قليلاً جدّاً، وكان لهم من العلم ما ينال بالفطرة التي لا يخرج بها الإنسان عن الأموَّة العامة كالعلم بالصانع سبحانه، وتعظيم مكارم الأخلاق، وعلم الأنواء، والأنساب، والشِّعر، فاستحقوا اسم الأمية من كل وجه كما قال فيهم  تعالى:  ((قل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم))، فجعل الأميين مقابلين لأهل الكتاب. فلما بُعث فيهم ووجب عليهم اتباع ما جاء به من الكتاب وقد جعله تفصيلاً لكل شيء: صاروا أهلَ كتاب وعلم، بل صاروا أعلم الخلق وأفضلهم في العلوم النافعة، وزالت عنهم الأميُّة المذمومة الناقصة وهي عدم العلم والكتاب المنزل إلى أن علِموا الكتاب والحكمة وأورثوا الكتاب؛ فصارت هذه الأميَّة منها ما هو محرَّم، ومنها ما هو مكروه، ومنها ما هو نقص وترك الأفضل›.
ع/خ

الجزائر تخفض نسبة الأمية والعالم العربي يترنح
كشفت إحصائيات جديدة أنّ الجزائر خفضت نسبة الأمية إلى 7.4 بالمائة، وسبق لوزير التربية السابق أن أعلن أن الجزائر ستقضي على هذه الظاهرة نهائيا في غضون ست سنوات، يحدث هذا في الوقت الذي أشار فيه مرصد المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم ..عدد الأميين في الوطن العربي سيضاهي المائة مليون شخص بحلول 2030
ونقلا عن موقع المنظمة فقد كشف تقرير لها لسنة 2023م أفاد مرصد الألكسو في نشرته الإحصائية التاسعة التي أصدرها تحت عنوان «الأمية في الدول العربية -الوضع الحالي والتقديرات المستقبلية في حدود سنة 2030». قال: تشير البيانات والمؤشرات المتوفّرة إلى أنّ عدد الأميين في الدول العربية في ارتفاع ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، إذ تطور من حوالي 61 مليونا سنة 2016 إلى ما يقارب 70 مليونا سنة 2020 أمّي وأمّية من الفئة العمرية 15 سنة فما فوق.
ويمثّل هذا العدد من مجموع الأميين في العالم (763 مليونا) نسبة 9.1 %، كما تبلغ نسبة الأميات من مجموع الأمّيين في الوطن العربي حوالي 62 % وهي نفس النسبة المسجلة في العالم.هذا وقد سجلت نسبة القرائية في الدول العربية انخفاضا من 76.1 % سنة 2014 إلى 73.6 % سنة 2020.
وفي هذا الإطار تنصّ الغاية 6.4 من الهدف الرابع على «كفالة أن يلمّ جميع الشباب ونسبة كبيرة من الكبار، رجالاً ونساء على حدًّ سواء، بالقراءة والكتابة والحساب، بحلول عام 2030». 
ولكن حسب البيانات والمؤشرات المتوفّرة تبقى هذه الغاية صعبة المنال في الدول العربية، ويمكن أنّ تتطور الأمية نحو الأسوأ وذلك تبعا للإسقاطات التي قام بها مرصد الألكسو، إذ يُتوقع أن يبلغ عدد الأميين في الوطن العربي حوالي 98.6 مليون أميّ وأميّة (15 سنة فما فوق) بحلول سنة 2030، منهم 8.8 ملايين أميّ وأمية من فئة الشباب (15-24 سنة).
كما تجدر الإشارة إلى أنّ المرصد يحذّر من أنّ هذه التقديرات لعدد الأميين لسنة 2030 قد تكون أعلى إذا لم تتم تسوية الأوضاع المأساوية الحالية في عدّة أقطار عربية في أقرب وقت ممكن.

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com