لكل مخلوق في كون الله مهمة ورسالة، وله هدف وغاية خلقه الله تعالى لها، والإنسان أحد هذه المخلوقات، بل هو أكرمها عند الله، لم يخلقه الله عبثا ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ.فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقّ لَا إله إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)) "المؤمنون:15، 16"، ولن يتركه سدى وهملا ((أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى)) "القيامة:36"... وإنما خلقه الله تبارك وتعالى لغاية نبيلة ولهدف عظيم: قال شاعر:لقد خلقت لأمر لو فطنت له .. .. فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل.وقد اختصر الله مهمة الإنسان في آية، وبين كيفية تنفيذ هذه المهمة في آية أخرى:أما المهمة ففي قوله سبحانه: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) "الذاريات:56".وأما تنفيذها ففي قوله سبحانه: ((قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) "الأنعام:162".
وتحديد الأهداف ومعرفة رسالة الإنسان في الحياة هما مدخل السعادة، وعنوان النجاح، وأصل التفوق، وأساس إرضاء الذات. فإذا عرف الإنسان دوره فستضيئ روحه وتشرق، وتعيش سعادة لا توصف. فاعرف غايتك واعرف رسالتك وجند لها نفسك وعش لأجلها.
فهما أمران إذا العبادة و الاستخلاف؛ لأن الإنسان بلا إيمان ضائع في الحياة، وبلا رسالة متحير، وبلا مبادئ هائم نكد تعس شقي ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)) [طه:124]. وقال شاعر:
إذا الإيمـان ضــاع فلا أمـان .. ..
ولا دنيا لمن لم يحيي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين .. ..
فقــد جعـل الفناء لها قرينا
فمن أراد السعادة الأبدية، فليلزم عتبة العبودية ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [النحل:97] استخلاف في الأرض و إعمار لها على مراد الله، وإقامة أمره وذكره فيها:
وإذا لم يقم الإنسان بمهمته وعطل الأدوات التي كرمه الله بها ليكون خليفة على الأرض صار أدنى من الحيوان البهيم ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)) [الأعراف:179]
والعبودية التي خلق الله الإنسان لتحقيقها إنما هي العبودية بمعناها الشامل المتكامل، فالعبادة هي النداء الأول في كل رسالة، وهي أول أمر جاء في المصحف الشريف، وهي الغاية من خلق الإنسان، ولكنها العبودية التي تمتد لتشمل مع إقامة الدين كله، إعمار الحياة كلها، وبناء الإنسان كله، وتسخير الأرض لخدمة الإنسان، و إعمارها على وفق مراد خالقها، وهي تشمل كل عمل طيب وكل قول جميل، وتتسع أيضا لتشمل الإحسان إلى كل شيء في الوجود حتى الإنسان والحيوان والنبات، (إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذَّبح، وليُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَه، وليُرح ذبيحته)[رواه مسلم]، وكذلك تمتد لكل مجالات الحياة وجوانب المعيشة الديني منها والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والحضاري.
إن حصر العبودية في أركان الإسلام الخمسة، أو الجلوس في مسجد لصلاة فرض أو نفل أو الطقطقة بمسبحة، أو همهمة بذكر -وإن كان كل هذا طيبا جميلا – إلا أن حصر العبودية فيه فقط هو ظلم لمفهوم العبودية.. فالعبودية في المسجد وفي البيت وفي الشارع وفي المصنع وفي السوق وفي المتجر، وفي المدرسة والجامعة، وفي كل مكان يصل إليه الإنسان يمكنه أن يقيم فيه عبودية من العبوديات.
إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الكلمة الطيبة صدقة، والبسمة في وجه الناس صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، وغرس شجرة يستظل بها الناس يوما صدقة، ومساعدة الإنسان في ركوب دابته، وحمل متاعه عليها، والسعي في قضاء حوائج الناس صدقات وعبوديات، حتى جعل سقيا كلب أرهقه العطش صدقة، والإحسان إلى الحيوان البهيم صدقة، وجعلها كلها مندرجة تحت مسمى العبادة، كما أنه جعل الصلاة والصيام والحج والبر وصلة الرحم، والإصلاح بين الناس، وكفالة اليتيم والأرملة والمسكين صدقات وعبوديات.
ومن العبودية السعي للكسب والعمل المشروع وبذل الجهد للنفقة على الزوجة والعيال، أو إعفاف النفس عن الحرام، وإكرام الضيف، والإحسان إلى الجار. و اتسع مفهوم العبادة والعبودية ليجعل فيما يطعمه الإنسان زوجه صدقة، وجعل في بضع أحدنا صدقة.
وإن من أجل العبوديات إتقان العمل وإحسانه (إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ)[أخرجه أبو يعلى والطبراني.]، فالعبادة تشمل الحياة كلها، والدين كله، والإنسان كله، والمخلوقات كلها.. ومن أصلح نيته صارت أعماله كلها عبادة، ومن صحح وجهته امتلأت حياته كلها سعادة.
أمسيات دينية علمية بمساجد تندوف أطرها مشايخ وافدون
نظم قطاع الشؤون الدينية والأوقاف بولاية تندوف أمسيات دينية بمختلف مساجد الولاية خلال الأسبوع؛ لاسيما بالمسجد الرئيسي القطب يوسف بن تاشفين، ومسجد النصرة بحي النصر وقد نشط الأمسيات ضيوف تندوف المشايخ الضيوف الذين وفدوا بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج: الشيخ الدكتور احمادو الدباغي مفتش رئيسي مديرية الشؤون الدينية أدرار، والشيخ: الدكتور بن ساسي عمر إمام ممتاز بمسجد بلال بن رباح بئر خادم ومشرف على مدرسة قرآنية العاصمة، والشيخ أبومعاذ صدام جلولي إمام متطوع بمسجد ابي سعيد الخدري ومشرف على مدرسة قرآنية ولاية بشار
بالتوازي مع ذلك أعطى والي ولاية تندوف رفقة السيد رئيس المجلس الشعبي الولائي والوفد المرافق لهما إشارة الانطلاق لمشروع إنجاز مدرسة قرآنية بحي النصر، كما عقد مع بعض إطارات الولاية ومدير الشؤون الدينية وأئمة القطاع اجتماعا تحضيرا للمسابقة الولائية للقرآن الكريم والتي ستنظم بمناسبة شهر رمضان الفضيل. حسب ما أعلنت عنه مديرية الشؤون الدينية والأوقاف للولاية.
فتاوى
* كيف يتم حساب زكاة المال المتأتي من أجر وظيفة ما و الموجود في حساب بريدي علما أننا نجهل النصيب من المبلغ الذي دار عليه حول كامل.
إذا بلغ هذا المال النصاب وحال عليه الحول ، أي توفرت فيه شروط الزكاة فعليكم إخراج ربع عشر قيمته ، و هو ما يعادل 2.5 % حيث يتم إخراج الزكاة على كال المال كلما حال الحول طالما بقيت شروط الزكاة متوفرة فيه دون الالتفات إلى المبالغ المالية التي تضاف أو تخصم من الرصيد خلال الحول إذ العبرة ببلوغ النصاب عند رأس الحول فلا تضر التغيرات التي تطرأ على مقدار المال أثناء الحول بالزيادة أو النقصان ما دام شرط الزكاة متوفرا عند موعد الزكاة
* هل تجوز الزكاة على منزل عائلي له قيمة مادية(قابل للبيع)؟
الزكاة لا تجب شرعا في الدور والمنازل المعدة للاستغلال مهما بلغت قيمتها وإن نوى صاحبها بيعها مستقبلا لأنه لا زكاة في عينها. أما إذا بيع المنزل وتحصل صاحبه على مبلغ من المال فإذا حال عليه الحول من تاريخ القبض وبلغ النصاب وكان فاضلا عن الحوائج الأصلية وجب عليه إخراج حق الزكاة وهو ربع العشر. أمّا إذا كان المقصود من اتخاذ وإنجاز المنازل هو إعادة بيعها بمعنى أنه يتاجر في الدور والمنازل بيعا وشراء فإن هذه المنازل تكون حينها عروض تجارةٍ تجب فيها الزكاة بنفس القيمة بحولان الحول عن تاريخ امتلاكها.
* قام شخص بشراء مسكن بقرض بنكي لقاء تسديد قسط شهري ثابت للبنك على مدار 10سنوات، ويمتلك حسابا للتوفير والاحتياط تفوق قيمته نصاب الزكاة مع دوران الحول. كيف يتصرف هذا الشخص في هذه الحالة؟
على هذا الموظف أن يخرج من رأس ماله المودع في البنك ما أعطي له من الفوائد فإن ذلك المال لا يزكى بل يصرف في وجوه الخير العامة، والقيمة المالية الباقية يخرج منها القسط الذي يجب عليه تسديده في تلك السنة الحالية فقط، وما بقي بعد ذلك يخرج زكاته إذا بقي مقدار النصاب.
موقع وزارة الشؤون الدينية والأوقاف
صدى المنابر
اغتنام شهر شعبان ومواسم الخيرات
إخوة الإيمان: قال سادتنا العلماء: شهر رجَب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر السقي،وشهر رمضان شهر الحصاد، فيا من تريد أن تكون من الفائز ينفي رمضان،اعمل على تحقيق شروط الفوز من الآن. يا من تبتغي جائزة العيد، قدّم عربونها من الآن. كيف يريد الفوز برمضان من لم يطهّر ماله من الحرام؟! كيف تريد الفوز برمضان من لم تطهّر لسانها من الغيبة والنميمة، وقلبَها من الحقد والغلّ والحسد؟! كيف يريد الفوز برمضان من يصر على العداوة والبغضاء والشحناء؟ كيف يريد الفوز برمضان من يعق والديه ويقطع رحمه و يُسيء إلى جاره كيف يريد الفوز برمضان من لم يخرج زكاة ماله من زروع وحبوب وأموال كيف يفرح برمضان من هو غارق في وحل المسكرات والمخدّرات والآثام؟! كيف يتلذّد بالقرآن في رمضان من أخذ أموالا لناس وجحدها أو ماطل وتأخّر في ردّها بغير عذر؟! فالبدار البدار إلى التوبة قبل فوات الأعمار احرص أخي المسلم على أن لا يدخلَ عليك رمضان إلاّ وأنت طاهِرٌ نقيّ، فإنّ رمضانَ عِطر، ولاَ يُعطَّرُ الثّوب حتى يُغسَل، وهذا زمنُ الغسل، فاغتسلوا رحمني الله وإياكم من درَن الذنوب والخطايا، وتوبوا إلى ربكم قبل حلول المنايا فاللهم ارزقنا التوبة النصوح يا رب العالمين
فكن -أخي المسلم -من السعداء الذين اغتنموا مواسم الخيرات، وما فيها من فضائل الشهور والأيام والساعات، وتقربوا إلى مولاهم بما فيها من الطاعات؛ عسى أن تصيبهم نفحةُ فضلٍ ورحمة من تلك النفحات، فيسعدوا بها سعادة يأمنون بها من النار وما فيها من اللفحات.
الشيخ عبد الكريم صديقي، مسجد طلحة بن عبيد الله، عين تموشنت