تحيي الأمة الإسلامية ليلة نهار الغد، كسالف عهدها كل عام ذكرى عزيزة عليها؛ وهي ذكرى الإسراء والمعراج،التي ورد ذكرها في قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الإسراء: 1إذ أن هذه الحادثة التي وقعت في المرحلة المكية من مراحل لدعوة قبل الهجرة النبوية، شكلت حدثا محوريا مفصليا في تاريخ الدعوة الإسلامية لما فيها من الدلالات والعبر في إطارها الزماني والمكاني.
أما بعدها الزماني فقد كانت في العهد المكي زمن الاضطهاد والمحن ولم يكن للإسلام دولة وقوة تحميه ولا حلفاء يشدون عضده. فلما كانت هذه الرحلة المعجزة، ولا شك إن للتوقيت دلالة عظمى حيث الحادثة زمن الاضطهاد والمحن والابتلاء كان أخر صور ذلك رحلة الطائف وما لاقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العنت والشدة والمحنة، فكانت الإسراء والمعراج منحة إلهية وإيذانا بقرب الفرج والعز والتمكين وكانت في هذا التوقيت العصيب امتحانا وابتلاء للمؤمنين ليتميز راسخ الإيمان الواثق بوعد الله لعباده المؤمنين من خبثت نفسه وضعف إيمانه واهتزت ثقته بوعد الله.
وأما البعد المكاني فاختيار الله لبيت مقدس مسرى لرسول الله في رحلة خارج قوانين المادة وبعيدا عن عالم الأسباب ففيها من العبر والدلالات الكثير، حيث إن المسجد الأقصى المبارك هو ثاني مسجد بني بعد المسجد الحرام بنص الحديث النبوي الشريف فكما أن المسجد الحرام بناه سيدنا إبراهيم بمعية سيدنا إسماعيل، فكذلك المسجد الأقصى المبارك بناه سيدنا إبراهيم بمعية سيدنا إسحاق عليهما السلام ومن ثم كانت الرحلة المعجزة ترابطا عقديا بين المسجدين ودعوة التوحيد التي أساسها ملة إبراهيم الحنيف الموحد ولقد ظلت هذه الراية راية التوحيد بيد الفرع الإسحاقي من ذرية سيدنا يعقوب حيث جعل الله فيهم النبوة والملك لما كانوا على طريق الحق وسبيل الهداية، متصدرين المشهد الحضاري وقيادة الأمم والشعوب، إلا أن نكوصهم على الطريق وتنكبهم جادة الصواب وخضوعهم للشهوات والأهواء أفقدتهم تلك المكانة والصدارة وجعلهم عرضة لسنة الاستبدال، وكان الفرع الإسماعيلي من ذرية إبراهيم عليه السلام ممثلين في أمة محمد صلى الله عليه وسلم أجدر باستلام الراية وتصدر المشهد الحضاري في الأمم والشعوب وأجدر من تقمص سنة الاستعمال .ولقد تناولت سورة الإسراء هذه السردية التاريخية لانتقال المشهد من أمة بدلت وغيرت إلى أمة كانت أجدر لسلامة فطرتها واستعدادها للقيام بالمهمة الرسالية، فكتب الله على بني إسرائيل الإفساد والعلو في الأرض بعد العز والتمكين ولكن الحق تبارك وتعالى لم يترك هذا الإفساد والعلو في الأرض دون عقاب وهي سنة كونية كتبها الله على كل أمة وحضارة {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا}. كانت عقوبة الإفساد الأول السبي البابلي على يد بوختنصر، ثم رد الله لهم الكرة وأمدهم بالأموال والبنين والقدرة على الاستنفار وهو ما نراه الآن في الكيان الصهيوني وقدرتهم على استنفار العالم غربيه وشرقيه وإخضاعه لسرديته ولكن السنة الكونية تقول {فإن عدتم عدنا} أي كلما عدتم إلى الإفساد في الأرض عدنا بتسليط عباد لنا عليكم ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، ولهذا اقتضت حكمة الله تعالى أن يجعل أخر حلقات الصراع بين الحق والباطل صراع المسلمين مع اليهود وفي أرض فلسطين دون غيرها.
وها نحن نشهد في عصرنا هذا حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل، بين الطائفة المنصورة وأعدائها وحلفاءهم هذه الطائفة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ولعدوهم قاهرين لا يضرهم من خذلهم} قالوا صفهم لنا يارسول الله:{قال في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس}. ولقد شهد هذا الصراع سلسلة من الحروب منذ 1921 ثورة البراق وثورة القسام 1936 وحرب النكبة ثم النكسة ثم أكتوبر 1973 ثم الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982 وفي كل جولة كانت الغلبة للعدو يأخذ الأراضي ويقتل المهج والأرواح، وشاء الله تعالى في مطلع هذا القرن أن يقود الجهاد المقدس طائفة شعارها الله أكبر الله غايتنا والرسول قدوتنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا وكان عنوان حلقة الصراع هذه المرة طوفان الأقصى هذه الحلقة التي ما فتئ المرجفون والمخلون والمطبعون يفتون في العضد ويهونون العزائم ويهولون قوة العدو حتى كادوا ينسون قوة العزيز الجبار خالق الأكوان، يغمزون ويلمزون المجاهدين ويحملونهم الأرواح التي أزهقت والمباني التي دمرت والأعضاء التي بترت، ونسى هؤلاء أن الجهاد شرع وفيه كل تلك المفاسد ولكن لا عبرة لها بمقابل العزة والكرامة والحرية والتمكين وسيادة الدنيا وقيادة العالم وهي من أكبر المصالح المرجوة والمقاصد المنشودة، ولو اعتبرنا ممولة هؤلاء المرجفين لما تحررت أوطان ولما سادت الأمة ولظل الاستعمار في الأوطان، ومحيت آثار الأمة ولا استؤصلت شأفتها وأندثر عمرانها وانمحى دينها وحضارتها والشواهد التاريخية أكبر مثال من لدن الفتوحات الإسلامية وإلى يوم الناس هذا.ومنه الوطن الجزائر؛ حيث ضحى الجزائريون بملايين الشهداء ومئات القرى، قتلا وتدميرا وتهجيرا ثم كسبوا المعركة في آخر المطاف.
ويمكننا القول إن طوفان الأقصى يعتبر خطوة نحو التحرير النهائي للنفوس البشرية من الخور والجبن والخنوع والخضوع والاستسلام وهي الخطوة الحقيقية نحو تحرير الأوطان كيف لا ونحن نسمع ونقرأ اعترافات أساطين العدو بالهزيمة وعدم تحقيق الأهداف المعلن عنها في بداية الحرب على غزة ويتباكون على الفشل الذريع الذي مني به جيش الصهيونية العالمية المدعوم عالميا ومن بعض دول الجوار للأسف الشديد.مقتضى القياس أن يقضى على غزة والمقاومة في غضون أيام أو شهور ويقاد قادة المقاومة مستسلمين إلى غياهب السجون الإسرائيلية ولكن هيهات رغم فداحة الأرواح وعظم الخراب الذي يرتقي إلى إبادة جماعية خرج العدو منهزما وظهر المقامون في عز وشموخ مهللين مكبرين.
حتى استقال كبار قادة حربهم.كيف صبرت غزة وأهلها الأشاوس على الجوع والقتل والتشريد والحصار برا وبحرا وجوا فلم يهاجر شعبها ويترك غزة للغزاة، بل ظل صامدا صابرا كان معجزة بحق ومن ثم فطوفان الأقصى حلقة على طريق النصر والتمكين لأنها حررت قطاعا كبيرا من الأمة من الياس والخور والاستسلام ووحدت الأمة حول القضية من المحيط إلى الخليج ونقلت معركة الوعي بالقضية وحقيقة الصهيونية ومخططات القوى الاستعمارية ضد الأمة لهذا الجيل وبقية الأجيال وهذه المعركة الحقيقية ولا عبرة بالأصوات النشاز التي تخذل وتثبط الهمم هنا وهناك، ويومئذ يفرح المؤمنون.
اتجاهات استراتيجية لإدارة مخاطر المشروع الوقفي
تتجه إدارة مخاطر المشروع الوقفي في الجزائر نحو التخطيط الاستراتيجي، الذي يشمل تحديد الأهداف والغايات الوقفية، وتحليل المخاطر المحتملة، وتقييم الإيرادات والنفقات والاستثمارات الوقفية. كما تهدف إلى تحسين الإدارة المالية والرقابة والمراقبة، وتعزيز التعاون مع القطاعين العام والخاص وفق أساليب هامة لإدارة مخاطر المشروع الوقفي تتضمن: تحليل المخاطر: تحديد وتقييم المخاطر المحتملة مثل المخاطر المالية، التنظيمية، البيئية والسياسية،وتقييم التأثير: تقييم تأثير المخاطر على المشروع الوقفي وتحديد الاستراتيجيات: تحديد استراتيجيات للتقليل من المخاطر مثل التجنب، التحويل، التقليل، وتطوير خطط الطوارئ: تطوير خطط للتعامل مع المخاطر غير المتوقعة،والتدريب والتعليم: تدريب الموظفين على إدارة المخاطر.
وحسبما بينته في رسالتي للدكتوراه المعنونة ب ‘اتجاهات وأساليب إدارة مخاطر المشروع الوقفي نماذج من الجزائر› التي نوقشت مؤخرا عن بعد بجامعة الاسطرلاب الدولية فرع إسطنبول، تحت إشراف الأستاذ فارس مسدور تعد مؤسسة الأوقاف الجزائرية نموذجًا ناجحًا في تطبيق أساليب إدارة مخاطر متقدمة لتحقيق الأهداف الوقفية كما يعتبر جامع الجزائر ظاهر أعماله تشبه الطابع الوقفي ولو أنه ملك الدولة الجزائرية ومدار من قبل حكومتها، وقد يستدعي إيجاد حل وسط يجعل منه مشروعا وقفيا مشتركا قائما بذاته وذلك مما ينتج لنا ما يحد من الأخطار المستقبلية من عوائد على استثمار الأوقاف من قبل هيئات الوقف التي تعينها الدولة الجزائرية، كذلك تعديل سلوك المواطنة بالحفاظ على هذا الصرح كونه مسؤولية الجميع، وتعزيز الروح الوطنية وتوريثها للأجيال القادمة، وما يجعله إشهارا لتطور الفكر الوقفي.
ويجدر بنا القول بأن دورة حياته كمشروع وقفي تمر بمرحلتين مهمتين ما يسهل إدارة مخاطره:مرحلة النضج هنا تعبر لنا عن أن مشروع جامع الجزائر أصبح بمستوى تستطيع أجهزته الإدارية أي تلك المسؤولة عليه سواء داخليا أو خارجيا قادرة على التحكم بالميكانيزمات المحركة له، بغرض إحاطته من كل خطر يمكن أن يتعرض له، سواء كانت هذه الأخطار قانونية أو إدارية، وخاصة تلك التي تمس بصيغته الشرعية.أما مرحلة الثبات فتعبر عن دوام منفعة الأصل الوقفي الذي بني لتحقيقه إن وجد النشاط، أما في حالة ما إذا توقف النشاط فإنها تعبر عن ثبات الأصل والجهات المستفادة طبعا؛ المصلين، العمال، السياح ....الخ مع رفع كفاءة مديريات أوقاف الجزائر ومناهج المؤسسات الوقفية الجزائرية للدخول في مشروعات تكون نماذج ناجحة في تطبيق أساليب إدارة مخاطر، وإدخال التقنيات الإدارية للذكاء الاصطناعي داخل مديريات الأوقاف ما يحقق النجاح نحو تحقيق الأهداف. حتى وأنها تواجه العديد من تحديات مثل: تحديات مالية: النفقات الكبيرة والتحديات المالية. - تحديات تنظيمية : الحاجة إلى تحسين الإدارة والرقابةتحديات بيئية:التأثير البيئي للمشاريع الوقفية، وغيرها من التحديات
ومع ذلك، توجد فرص لتحسين إدارة مخاطر المشروع الوقفي في الجزائر، مثل:تحسين الإدارة المالية والرقابة، وتعزيز التعاون مع القطاعين العام والخاص وتطبيق أساليب إدارة مخاطر متقدمة، وتطوير خطط الطوارئ والاستجابة للطوارئ، وتدريب الموظفين على إدارة المخاطر.
الصلوات الخمس فرضت ليلة الإسراء والمعراج
أجمع الفقهاء المسلمون أن الصلوات الخمس فرضت ليلة الإسراء والمعراج، لما روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه من حديث الإسراء: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ… قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً)، أما قبل الإسراء والمعراج فقد كانت الصلاة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي).