وفرت استراتيجية الإنعاش الاقتصادي المجسدة في ولاية برج بوعريريج، من خلال ترجمة قرارات وتعليمات رئيس الجمهورية، لا سيما ما تعلق منها بمنح رخص الاستغلال الاستثنائية وتحسين مناخ الاستثمار، أزيد من 13 ألف منصب عمل خلال السنة الفارطة، مع تفعيل الدور الرقابي لوضع القطيعة مع العوائق البيروقراطية والتجاوزات، إذ سجلت مصالح الولاية، منح حوالي ألف عقد امتياز ورخصة استغلال وقرار إنشاء، فضلا عن استرجاع 41 هكتارا من العقار الصناعي من المستثمرين المتعثرين في انجاز مشاريعهم .
وتشهد ولاية برج بوعريريج، حسب ما ورد في حصيلة لمصالح الولاية، تحولا ملحوظا في مجال الاستثمار، مدفوعا بسياسات حكومية تركز على تحسين مناخ الأعمال وجذب رؤوس الأموال، وتحقيق الإضافة المرجوة من خلال رفع نسب الإدماج وتغطية احتياجات السوق الوطنية، تحقيقا للاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى تجسيد حزمة من الإجراءات الرامية إلى تخفيض فاتورة الاستيراد والرفع من قيمة الصادرات خارج قطاع المحروقات، أين حققت الولاية على مدار السنوات الفارطة معدلات تصدير تفوق 30 مليون دولار سنويا.
محاربة العوائق البيروقراطية وحل المشاكل الإدارية للمستثمرين
وأكدت مصالح الولاية في بيان حول حصيلة قطاع الصناعة والاستثمار، أن هذه الجهود تأتي في سياق تجسيد توجيهات السلطات العليا للبلاد، الرامية إلى تعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، ومن ذلك اعتمدت المصالح الوصية إستراتيجية تتفرع على عدة محاور، أبرزها توفير العقار الصناعي المهيأ، وتقديم تسهيلات وتحفيزات للمستثمرين، ومرافقتهم في مختلف مراحل مشاريعهم، بالإضافة إلى التركيز على تطبيق إستراتيجية فعالة للاستغلال الأمثل للعقار الاقتصادي، وتذليل العقبات البيروقراطية التي تواجه المستثمرين. وقد أثمرت هذه الجهود نتائج ملموسة، حسب ما أكدته السلطات الولائية، حيث تم تسليم 134 رخصة استثنائية بموجب التعليمة الرئاسية رقم 03، مما ساهم في توفير والحفاظ على أكثر من 13 ألف منصب شغل، وهو مؤشر قوي على نجاح هذه السياسة في فتح أفاق التشغيل وحماية الوظائف القائمة، بالإضافة إلى تحويل 33 رخصة استغلال مؤقتة إلى رخص نهائية، وحصول 20 مستثمرا على موافقة مبدئية لتحويل رخصهم الاستثنائية إلى نهائية، مما يعكس ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال بالولاية. وتتجاوز جهود الولاية بناء على الأرقام المقدمة، مجرد منح التراخيص، لتشمل مرافقة فعلية للمستثمرين، حيث تم تسليم 348 عقد امتياز، و356 رخصة بناء، و205 قرارات إنشاء، كما تعمل السلطات المحلية على متابعة المشاريع الاستثمارية وتطهير العقار، حيث وافقت اللجنة الولائية على 22 طلب تغيير نشاط و7 طلبات تغيير النظام القانوني، بالإضافة إلى تصحيح 3 قرارات امتياز.
وضع 41 هكتارا من العقار المسترجع في المنصة الرقمية
وفي إطار مكافحة التعثر والتحايل في الاستفادة من العقار الصناعي، تم إسقاط حق الامتياز، وفقا لما كشفت عنه السلطات الولائية في بيان لها، صدر مع بداية العام الجاري (2025)، على 37 مشروعا متعثرا، مما سمح باسترجاع 41 هكتارا من العقار الصناعي، والذي تم إدراجه ضمن المنصة الرقمية للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار لجذب مستثمرين جدد، إذ تعكس هذه الإجراءات حرص السلطات على استغلال العقار الصناعي بكفاءة، ومنع تكرار حالات التعثر ووضع حد للتقاعس في تجسيد المشاريع.
ولتلبية الطلب المتزايد على العقار الصناعي، تم تخصيص أكثر من 40 قطعة أرض، بمساحة إجمالية تقدر بـ 22 هكتارا، في المنصة الرقمية للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، موزعة على المنطقتين الصناعيتين «مشتة فطيمة» ببلدية الحمادية و»الرمايل» ببلدية رأس الوادي.
وتشير التوقعات، إلى دخول حوالي 40 مشروعا من أصل 123 مشروعا قيد الإنجاز، حيز الاستغلال خلال العام الجاري 2025، مما سيوفر 1873 منصب عمل مباشر، كما يرتقب دخول 20 مشروعا إضافيا حيز الاستغلال خلال العام المقبل 2026، مما يؤكد الديناميكية الاستثمارية المتنامية في الولاية.
وأكدت السلطات الولائية، على مواصلة الجهود لتحسين مناخ الاستثمار وجذب رؤوس الأموال، ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة، والمساهمة في الإقلاع الاقتصادي الذي تسعى إليه الحكومة الجزائرية، خاصة وأنها أضحت قطبا اقتصاديا يعول عليه من السلطات العليا للبلاد للرفع من نسب الإدماج وتقديم القيمة المضافة للمنتوج الوطني، مع الحرص على ضمان الجودة وللتوعية المناقشة في الأسواق الخارجية، وهو ما تجسد في تعليمات رئيس الجمهورية مؤخرا في المعرض الدولي المنتوج الوطني، المسداة لإطارات ومسؤولي شركة (كوندور)، والإشادة بتوجه الشركة التي تتوفر على عدة وحدات ومصانع بولاية برج بوعريريج، إلى الرفع من نسب الإدماج في منتوجاتها، وتحقيق نسبة مائة بالمائة في تصنيع الثلاجات والمبردات، مع افتتاح الوحدة الجديدة لصناعة الضواغط.
المنطقة الصناعية «مشتة فطيمة» قاعدة عملاقة في الأفق
تراهن السلطات العليا للبلاد على مشاريع المناطق الصناعية الجديدة، ومن ذلك المنطقة الصناعية «مشتة فطيمة» المجاهد (أوشيش عبد المجيد)، الواقعة بإقليم بلدية الحمادية جنوب ولاية برج بوعريريج، التي تشهد حسب ما اطلعت عليه النصر، في مختلف الزيارات الاستطلاعية تطورا متسارعا، بعد الشروع في أشغال التهيئة الخارجية والربط بمختلف الشبكات، إذ أضحت تحصي عشرات المشاريع لإنجاز المصانع والوحدات الإنتاجية الجديدة، سعيا لتحقيق الأهداف المرجوة على المدى المتوسط بتحولها إلى عملاق وقطب صناعي هام على المستوى الوطني، خاصة وأنها تشهد استثمارات في مختلف المجالات، بما في ذلك استحداث صناعات لمواد جديدة على المستوى الوطني والإفريقي
وتتربع هذه المنطقة الصناعية على مساحة إجمالية قدرها 382 هكتارا، بعدد قطع أرضية إجمالية مخصصة للمستثمرين، قدرها 365 قطعة تتربع على مساحة 287,32 هكتارا، منحت منها 293 بمساحة إجمالية قدرها 248,5 هكتارا، فيما لا تزال 72 قطعة شاغرة بمساحة 38,8 هكتارا، وضعت مساحة منها على المنصة الوطنية لوكالة الاستثمار، قصد توزيعها واستغلالها في تجسيد مشاريع جديدة .
وبلغ عدد المستثمرين المثبتين بهذه المنطقة الصناعية، حسب ما أكدته المديرية الوصية، 208 مستثمرين، مع تسجيل انطلاق 164 مشروعا، إذ تتوقع السلطات المحلية، استحداث ما يقارب 9570 منصب شغل دائم. وفي تفصيل دقيق لوضعية المشاريع الجديدة، يتوقع استلام 24 مشروعا عما قريب، إذ تشرف أشغال انجاز الوحدات والمصانع وتدعيمها بالتجهيزات الضرورية على الانتهاء، ما سيسمح باستحداث 946 منصب عمل مباشر، في حين دخلت 16 وحدة إنتاجية حيز الخدمة، موفرة ما يقارب 1487 منصب عمل جديد .
900 مليار لتحسين مناخ الاستثمار
وبالعودة إلى جهود تحسين مناخ الاستثمار، فقد تدعمت الهياكل القاعدية للاستثمار، على مستوى المنطقة الصناعية «مشتة فطيمة»، بعمليات ومشاريع جديدة، من خلال إعطاء إشارة انطلاق انجاز شبكة الإنارة العمومية وتسجيل عملية لإنجاز نقب عميق، بهدف ضمان الاستقلالية في التموين بهذه المادة الأساسية، فضلا عن انطلاق أشغال انجاز محطة ثانية لخفض الغاز، تحضيرا لدخول الوحدات الإنتاجية الجديدة حيز الخدمة، إذ تتواجد أزيد من 50 وحدة في طور الانجاز . وكان والي الولاية كمال نويصر، قد قام في زيارته التفقدية الأخيرة لهذه المنطقة الصناعية، لمعاينة أشغال التهيئة، بما في ذلك شبكات الطرق المزدوجة والعادية، بالإضافة إلى مشاريع تهيئة الأرصفة، بإعطاء إشارة انطلاق المشاريع الجديدة المذكورة، مشيرا إلى أنها تضاف للمكتسبات المحققة لتدعيم الاستثمار، وتوفير الظروف والمناخ المناسب لنجاح المشاريع، مشيرا إلى رصد غلاف مالي ضخم، يقدر بـ 750 مليار سنتيم، لتأهيل وتهيئة المنطقة الصناعية، بالإضافة إلى 160 مليار سنتيم التي ضخت لإنجاز مركز لتحويل الكهرباء بهذه المدينة الصناعية، ومحطتان لخفض الغاز .
تعليمات لتدارك التأخر وتسريع أشغال التهيئة الخارجية
أعطيت تعليمات صارمة للمقاولات المكلفة بأشغال التهيئة، لتحديد أجال استلامها وتوجيه التعليمات اللازمة، خاصة وأن بعض الأشغال تعرف تأخرا حسب ما اطلعنا عليه، ما جعل مطلب تسريع وتيرة الانجاز وتسليم المشاريع في الآجال المحددة من الاهتمامات الرئيسية.
وأوضح الوالي في تصريحات صحفية، إلى تسجيل مشاريع مرافقة في مجال البنى التحتية المساعدة على تطوير قطاع الاستثمار بالمنطقة، لافتا إلى أهمية ربط المنطقة الصناعية «مشتة فطيمة» بشبكة الطرق الكبرى، وذلك من خلال المحول والطريق الإجتنابي المزدوج الذي لا يزال في طور الانجاز ببلدية اليشير، الذي يسهل الوصول من الطريق السيار نحو عاصمة الولاية وبلديات الجهة الجنوبية، بما في ذلك موقع المنطقة الصناعية ببلدية الحمادية، بالإضافة إلى مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 45 الذي يعبر بالقرب منها .
وأكد ذات المسؤول، أن هذه الجهود المبذولة لتطوير البنية التحتية للمنطقة الصناعية، قد أثمرت عن ديناميكية متسارعة في استقطاب المشاريع الصناعية، حيث شهدت المنطقة انطلاق أشغال بناء أكثر من 50 وحدة صناعية بوتيرة متفاوتة، مشيرا إلى أن هذا الإقبال المتزايد يعكس الثقة المتنامية في مناخ الاستثمار بالولاية.
وتشدد مختلف المصالح على ضرورة تسريع وتيرة الإنجاز، واستكمال كافة المشاريع في الآجال المحددة، بما في ذلك تهيئة وتعبيد الطرقات وتهيئة الأرصفة، واستكمال شبكة الإنارة العمومية، والدعوة إلى اعتماد نظام المناوبة لضمان استمرار العمل ليلا في ورشات التهيئة، وتأمين الوحدات الصناعية.
تدعيم المنطقة بمشاريع المياه والطاقة
وفي إطار جهود السلطات المحلية لتوفير الظروف الملائمة للاستثمار، أعلن الوالي مؤخرا، عن تسجيل عملية لحفر نقب عميق لتوفير المياه للمستثمرين، والسعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في تزويد المنطقة الصناعية بهذه المادة الحيوية، بالإضافة إلى انجاز محطة جديدة لخفض الغاز، لتضاف إلى المحطة الأولى، إلى جانب تعزيز البنية التحتية من محطات إنتاج وتحويل الكهرباء والغاز وشبكات التطهير والمياه المنجزة. وأوضح ذات المسؤول، أن هذه الجهود تعبر عن التزام السلطات العليا، بتذليل كافة العقبات أمام المستثمرين، وتحقيق التنمية المرغوبة، إذ تسعى من خلال هذه الاستثمارات الضخمة والمشاريع المتنوعة، إلى تحقيق التنمية بالولاية، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين، بما يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي
المحلي.
ع/ بوعبدالله