قررت السلطات المحلية بولاية قسنطينة، تخصيص مبلغ 5 ملايير سنتيم كشطر أول، من أجل إصلاح الطريق على مستوى قرية لمدودة ببلدية زيغود يوسف، وهي منطقة ما يزال سكانها يستعملون البغال لجلب المياه من الينابيع، لكنهم فضلوا العودة إلى أرض الأجداد، ويطالبون اليوم بالاستفادة من برامج تنموية تنهي عزلة العشرات من العائلات وتفتح آفاقا اقتصادية للفلاحين.
وزارت النصر قرية لمدودة التابعة لبلدية زيغود يوسف والتي تقع على الحدود مع بلدية عين بوزيان ببلدية سكيكدة، حيث رافقنا نهاية الأسبوع الماضي، والي قسنطينة ومختلف السلطات في أول زيارة تفقدية لمسؤول بالولاية إلى المنطقة منذ الاستقلال.
وقبل أن نصل إلى بداية المنحدر الصعب المؤدي إلى قرية المدودة الواقعة بمحاذاة وادي سحيق، استوقفنا أعوان الدرك الوطني وطلبوا منا أن نركب سيارة رباعية الدفع لأن الطريق وعرة ومهترئة جدا ولا يمكن على الإطلاق لسيارة عادية أن تسير به، وهو ما كان حيث رافقنا موكب الوالي في مركبة رباعية.
ونحن نسير في المنحدر السحيق باتجاه قرية المدودة، وقفنا على وجود العديد من البناءات الريفية المنجزة حديثا، وعلى وجود نشاط تربية المواشي في اسطبلات يبدو أنها أنجزت مؤخرا، في حين لاحظنا أن سكان تلك المناطق ينشطون أيضا في مجال تربية النحل وزراعة الحبوب وأشجار الزيتون وبعض الأشجار المثمرة، التي بدت وكأنها غرست حديثا.
واستغرق منا قطع مسافة 8 كيلومترات أزيد من 20 دقيقة وسط الحقول، حيث كادت معالم الطريق أن تختفي بعد أن تآكلت كل أجزائه، كما أنها تتسع لمركبة واحدة في حين أن طريق العودة كان صعبا جدا إذ أن السيارات رباعية الدفع واجهت صعوبة كبيرة في الصعود في المرتفعات الصخرية الوعرة.
وذكر ممثلون عن السكان للنصر، أن المنطقة تعاني مما وصفوه بالعزلة والتهميش في شتى المجالات، حيث عانت من ويلات العشرية السوداء ما اضطر العائلات إلى الهجرة تاركة وراءها منازلها و أراضيها ومواشيها، لكن وعلى الرغم من عودة الأمن وتحسن الوضعية المالية للبلاد، إلى أن المنطقة ظلت مقصية من مختلف البرامج التنموية.
وتتجلى مظاهر الفقر في طبيعة عيش سكان المنطقة إذ يعيشون حياة بسيطة جدا دون أدنى متطلبات الحياة، فلا ماء ولا طريق ولا نقل وحتى تغطية الهاتف النقال تكاد تكون منعدمة إذ تعد منطقة ظل دون أن يتم تصنيفها ضمن مناطق الظل، فهي مثلما وصفها سكانها «منسية ولا تكاد أن تذكر إلا في الانتخابات».
ويقطع قاطنو لمدودة مسافة تزيد عن 1 كيلومتر للوصول إلى المنبع الوحيد، حيث أن البغال والحمير هي الوسيلة الوحيدة لحمل الدلاء ونقلها إلى المنازل المتفرقة هنا وهناك، كما أكدوا أن التلاميذ مقسمون بين بلديتي زيغود يوسف وعين بوزيان بولاية سكيكدة، في حين أن السكان يلجأون إلى طريق فرعي يقع بالولاية المجاورة ثم يدخلون إلى القرية، كما تحدثوا عن انهيار جسر صغير كان يستعمله الراجلون للمرور بين ضفتين.
وطالب السكان، بإعادة إصلاح الطريق المهترئة وإدراج القرية ضمن مناطق الظل حتى تستفيد من البرامج التي أقرها رئيس الجمهورية لهذه النقاط، في حين أكد الوالي في حديثه مع ممثل السكان أنه سيتم إنجاز طريق في أقرب الآجال، حيث طلب من مدير الأشغال العمومية إعداد بطاقة تقنية بصفة مستعجلة كما صرح هذا الأخير أن العملية ستكون سهلة كون الطبقات السفلى قد أنجزت بشكل تقليدي محكم. وستخصص السلطات غلافا ماليا لإصلاح الطريق يقدر بحوالي 5 ملايير سنتيم كمرحلة أولى، كما صرح الوالي أنه بعد إتمام العملية ستتم معالجة كل الاختلالات المسجلة حالة بحالة وبحسب الأولويات، وهو الأمر الذي استحسنه السكان الذي فضلوا العودة إلى خدمة الأرض بدل تركها بورا.
لقمان/ق