حوّل برنامج إزالة شاليهات الأميونت في الآونة الأخيرة، حي القماص الشعبي بقسنطينة إلى ورشة بناء مفتوحة بعد أن وصل عدد الحاصلين على عقود الملكية وإعانات إعادة الإنجاز التي باشروها إلى حوالي 1600 عائلة في ظرف سنتين، في حين ما يزال أبناؤهم المحصون مع أوليائهم قبل 2010 ينتظرون مصيرهم بعد أن حصلوا على مقررات الاستفادة من إعانة 70 مليون سنتيم، فضلا عن الذين وافقوا على التحويل إلى صيغة السكن العمومي الإيجاري. ورغم أن قضية الشاليهات تطغى على انشغالات سكان الحي، إلا أنهم يرفعون مطالب أخرى متعلقة بالتهيئة الخارجية وتدعيم حركة النقل بوضع محطة قطار مهجورة منذ 25 سنة حيز الخدمة، وإنجاز مركز للبريد والمراكز الترفيهية.
وانطلقت جولتنا بحي القماص من المعبر الذي أنجز تحت خط القطار من أجل فتح طريق تفضي إلى الطريق الوطني رقم 3 في المكان المسمى «لوناما»، حيث دخلت حيز الاستغلال، بينما لم تستكمل عملية إنجاز سلالم وممر للراجلين، واضطررنا إلى السير في الأوحال من أجل الوصول إلى محيط السكة، بينما لاحظنا تشكل بركة كبيرة من مياه الأمطار فوق المعبر، فضلا عن بركة داخل النفق وتقاطر المياه من سقفه. وأوضح لنا ممثلان عن سكان حي القماص رافقانا في جولتنا، أن أمطارا غزيرة تسببت في جرف بعض حجارة الدعم الخرسانية المثبتة في إحدى الدعامتين للجسر، وهو ما لاحظناه بأنفسنا.
وتتبعنا خط السكة إلى غاية المكان الواقع أسفل حي العمارات بالقماص، حيث بلغنا هيكلا خرسانيا لمحطة قطار؛ أكد لنا السكان أنها بنيت قبل خمسة وعشرين سنة، لكنها لم تدخل حيز الاستغلال إلى غاية اليوم، كما لم تستكمل عملية إنجازها، رغم أنها قد توفر مصدر دخل إضافي للقطارات، كما تضفي أريحية على تنقل سكان حي القماص الذي يضم أكثر من 48 ألف نسمة، نحو وسط المدينة والعديد من النقاط الأخرى في حال استغلالها.
ولاحظنا أن المكان تحول إلى مأوى للمنحرفين من خلال العدد الكبير من عبوات المشروبات الكحولية الفارغة والقمامة المنتشرة فيه، فضلا عن الكتابات الجدارية التي يحمل بعضها عبارات مشينة. من جهة أخرى، تحدث السّكان عن غياب مركز للبريد بحي القماص رغم العدد المعتبر من المواطنين القاطنين به، وطالبوا بإنجاز مركز في الحي، فضلا عن إعادة فتح دار الشباب.
مستفيدون من الإعانة يطالبون باستلام الشطر الثاني أولا
ويمثل حي القماص واحدا من أكبر التجمعات العمرانية التي تضم شاليهات الأميونت، حيث لاحظنا خلال مرورنا بين سكناته أن عددا كبيرا تحول إلى ورشة مفتوحة لبناء يغلب عليه مظهر الآجر المستخدم لبناء الجدران والإسمنت المستخدم للتلبيس، في حين ذكر لنا ممثل السكان حسين لويفي، رئيس المجلس الاستشاري للحركة الجمعوية لولاية قسنطينة، أن عدد العائلات التي أحصيت منذ 2011 يفوق 5400 من بينهم حوالي 2200 من الأصول والبقية من الفروع؛ أي أبناؤهم المتزوجون، فيما نبه إلى أن 613 من المعنيين استفادوا من سكنات اجتماعية قبل سنوات، كما تنازل 1300 من الفروع عن إعانات الشاليهات مقابل تحويلهم إلى صيغة السكن الاجتماعي خلال السنتين الأخيرتين، وأجريت التحقيقات لفائدة حوالي 900 منهم، بينما ما زال أربعمئة شخص ينتظرون إلى غاية اليوم.
وأضاف نفس المصدر أن المشكلة قد طرحت على والي قسنطينة قبل حوالي شهرين، كما طرحت عليه قضية العائلات التي أودعت طلبات سكن عمومي إيجاري في إطار القضاء على السكن الهش والبيوت القصديرية وأحصوا بين 2011 و2013. وأشار نفس المصدر إلى أن عددهم يقدر بحوالي 700، لكن لم يستلم إلا 400 منهم وصول إيداع ملفات طلب السكن الاجتماعي لتوضع في الدائرة قبل حوالي 8 سنوات.
وذكر لنا نفس المصدر أن حوالي 1400 عقد ملكية خاصة بالأصول قد سلمت وأشهرت خلال السنتين الأخيرتين، وأوضح أن سكان الحي استفادوا من نفس القدر من قرارات الاستفادة من الإعانة ما حرّك عمليات البناء بالحي، لكن توقيع العقود تأخر خلال سنة 2020، مشيرا إلى أن حوالي 800 معني لم يحصلوا على عقودهم على مستوى مديرية أملاك الدولة.
وتحدثنا إلى بعض المستفيدين من إعانة الشاليهات، حيث طالبوا بمراجعة طريقة منحها التي تجري حاليا بالحصول على الحصة الأولى من المبلغ المقدرة بنسبة أربعين بالمئة من الإعانة، أي 48 مليون سنتيم، ثم ستين بالمئة في المرحلة الثانية بما يعادل 62 مليون سنتيم بعد أن تتجاوز أشغال إعادة بناء الشاليه إنجاز البنية التحتية وإخراج الأعمدة.
سكان يتقاسمون المساحة لتوسيع المداخل
وأوضح محدثونا أن سكان الشاليهات مضطرون إلى البناء من الصفر، ما يستوجب عليهم الكراء في مكان آخر إلى غاية استكمال الأشغال، ويحملهم مصاريف إضافية تستنفد من الشطر الأول من مبلغ الإعانة، موضحين أن مجموعة معتبرة من المستفيدين وجدوا صعوبة في تجسيد الأمر، مطالبين السلطات بجعل الستين بالمئة تمنح لهم قبل الأربعين. وذكر محدثونا تسجيل ما وصفوه بأخطاء في مخططات الشاليهات من خلال تداخل بعض القطع، فضلا عن وقوع أعمدة الإنارة داخل مساحات بعض الشاليهات، مشيرين إلى أن عدد المعنيين بهذه الاختلالات يقدرون بحوالي مئتين وخمسين عائلة.
ورافقنا ممثلو السكان عبر الحي لإطلاعنا على جزء من الشاليهات التي حلت مشكلة ضيق المداخل التي طرحت من قبل، بسبب قيام سكان بالبناء عليها، ما تسبب في عرقلة عملية إعادة الإنجاز للكثير من المعنيين بعملية إزالة الشاليهات، حيث لا يسع عرضها دخول مركبة أو شاحنة، ما دفعهم إلى الاستعانة بالطرق اليدوية لإيصال مواد البناء إلى غاية ورشاتهم وكلفهم أموالا أكبر، لكن بعد الاتفاق بين العديد من السكان على تقاسم بعض المساحة تم فتح مداخل، على غرار ما لاحظناه في إحدى نقاط الحي التي خضعت لعملية تهيئة للطريق بالخرسانة من طرف مؤسسة «سوبت».
ونقلت المنتخبة شهرزاد مزوري بالمجلس الشعبي الولائي خلال متفرقات الدورة العادية الثالثة، انشغال أولياء تلاميذ مدرسة أسد بن الفرات بحي القماص الذين طالبوا بتزويد المرفق بطاولات جديدة ورفع عددها، فضلا عن حل مشاكل الصرف الصحي وأنابيب المياه والأقفال والسبورات في المدرسة، في حين تحدثت عن شاليهات القماص، وقالت أن المحصيين في الحي في عام 2011 يقدرون بحوالي 5 آلاف عائلة تحصلت على قرارات الاستفادة المسبقة، في حين يقدر عدد الشاليهات بحوالي ألفين ومئتين، متسائلة عن مصير البقية.
وردّ الوالي على المنتخبة في الجلسة على قضية الشاليهات في المجلس الشعبي الولائي بالقول إن الأمور مأخوذة بصورة جدية "بالنسبة لشاليهات القماص وعين سمارة عامة". وكان رئيس دائرة قسنطينة السابق قد صرح بأنه تمت تسوية وضعية أكثر من 6 آلاف استفادة تخص إعانات إعادة هيكلة الشاليهات، بين 8880 موزعة على 12 حيا، واستثنى من ذلك بعض المخلفات المتعلقة بالنزاعات وعزوف بعض المستفيدين عن إيداع ملفاتهم، مؤكدا عدم وجود أي ملف عالق.
روبورتاج: سامي حباطي