تعرف أشغال ترميم مسجد الجامع الأخضر بالمدينة القديمة بقسنطينة، تقدما ملحوظا بعد سنوات من الخراب والتأخر في الإنجاز، حيث تسابق المؤسسة المنجزة لإعادته إلى طبيعته الأصلية وتسليمه في الآجال المحددة، في حين تؤكد مديرية الثقافة أن ملف ترميم المساجد العتيقة يسير في الطريق الصحيح، إذ تم إسناد صفقة ترميم مسجد «أربعين شريف» إلى ذات المؤسسة ومن المنتظر أن تنطلق الأشغال في الأيام المقبلة، أما ما تبقى فهو في طور إعداد الإجراءات الإدارية.
وزارت النصر، أمس الأول، مسجد الجامع الأخضر الكائن بحي الجزارين بالمدينة القديمة حيث وجدنا العمال والحرفيين يعملون على قدم وساق لإعادة ترميم هذا الموروث الحضاري الديني، وتمت الاستعانة بحرفيين مختصين في الترميم وإعادة الكتابة على الجدران، فيما لاحظنا أن عملية إعادة تهيئة السقف بمادة القرميد تكاد أن تنتهي.
وظهرت معالم قاعة الصلاة بعد أن طمستها الردوم والأوساخ في السنوات الأخيرة، حيث تم تدعيم الأعمدة وإعادتها إلى وضعها الطبيعي باستعمال تقنيات تتطلب حرفيين متخصصين، كما وجدنا أحدهم وهو يقوم باسترجاع الكتابات الموجودة على الجدران والتي هي عبارة عن آيات كتبت بالخط الكوفي القديم، حيث قال إن هذا الأمر يتطلب جهدا ووقتا كبيرين فضلا عن تركيز وإتقان.
وتم الشروع في وضع البلاط بمادة الرخام، وأكد لنا مسير الورشة، أن الأشغال تسير بوتيرة جيدة جدا لكن بحذر واحترافية، إذ أن المؤسسة المكلفة بالإنجاز متخصصة في مجال ترميم القطاع المحفوظ ولها الكثير من الخبرة في هذا المجال، فيما حددت آجال الإنجاز بثلاثين شهرا، حيث قال أحد العمال بأن القسنطينيين سيصلّون شهر رمضان المقبل في هذا المسجد التاريخي.
وقال لنا سكان حي الجزارين والمدينة القديمة، إن الأشغال تسير بوتيرة جيدة على مستوى المسجد حيث يتابعونها بشكل يومي، و ذكروا أن عمال المؤسسة يعملون كخلية نحل، كما قال لنا عمال إن المسجد تضررت مختلف أجزائه بشكل كبير نتيجة قدمه وإهماله طيلة السنوات الماضية فضلا عن تسرب المياه إليه، مشيرين إلى أن عملية ترميمه صعبة جدا وتتطلب صبرا.
ويعد الجامع الأخضر المكان الذي كان العلامة عبد الحميد بن باديس يقدم فيه دروسا في التفسير، كما كان أعضاء جمعية العلماء المسلمين يجتمعون به، في حين أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قد أمر قبل عامين بإعادة ترميم المساجد العتيقة وفي مقدمتها هذا الجامع الذي أنجز سنة 1743 على يد حسن بن حسين الملقب بأبي حنك الذي حكم قسنطينة من 1754 إلى 1763.
وأوضح رئيس مصلحة التراث بمديرية الثقافة بقسنطينة، قروي لمين، أن عدد المساجد التي انطلقت بها أشغال الترميم هي 7 من أصل 12 كانت مبرمجة، حيث تم استلام ثلاثة منها ويتعلق الأمر بمساجد حسن باي والجامع الكبير، فضلا عن باشتارزي.
وأوضح المتحدث، أن أشغال ترميم مسجد الجامع الأخضر تعرف تقدما ملحوظا في الأشغال ومن المنتظر أن يسلم في الآجال التعاقدية بالنظر إلى الوتيرة المسجلة حاليا، كما ذكر أن المؤسسة المكلفة بالإنجاز قد استفادت من صفقة ترميم مسجد «الأربعين شريف» وقد تمت المصادقة عليها مؤخرا إذ من المنتظر أن تنطلق الأشغال به في أقرب الآجال.
وأكد رئيس مصلحة التراث، أنه قد تم إبرام العقد مع مكتب الدراسات لإنجاز دراسة حول ترميم مسجد سيدي عفان، كما سيتم إطلاق الدراسة الخاصة بمسجد الكتانية خلال هذا الأسبوع، مؤكدا أن ملف ترميم المساجد العتيقة يسير في الطريق الصحيح. لقمان/ق
