شرعت مؤسسة ناشئة جديدة منبثقة عن مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة في تصنيع النماذج الأولية الأولى من الشرائح الحيوية للموائع الدقيقة التي طورها المركز، حيث تعتبر الأولى من نوعها في الجزائر، فضلا عن أنها تقوم على مزايا تكنولوجية غير مسبوقة عبر العالم، إذ تتيح حمل عينات مختلفة من الخلايا في شريحة واحدة، في حين كشف مدير المركز في البيوتكنولوجيا بقسنطينة للنصر عن النسخة الأولى من النماذج وتفاصيل الانتقال إلى تسويقها في السوق الوطنية والدولية.
وكشف مدير مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة، البروفيسور عمار عزيون، في تصريح خص به النصر نهار أمس، عن أول النماذج من الشرائح الحيوية للموائع الدقيقة التي أنتجت بقسنطينة، لأول مرة في الجزائر خلال شهر أكتوبر الجاري، حيث تم إنشاء المؤسسة الناشئة التي تحمل تسمية «ميميك-آل» (MIMIC-AL Technologies)، بعدما حصلت على وسم مؤسسة ناشئة من قبل، فيما أوضح المتحدث أنها اليوم تحوز على السجل التجاري ورقم التعريف الجبائي وغيرها، مؤكدا بأنها «موجودة اليوم من الناحية القانونية»، فضلا عن شروعها في النشاط على مستوى مركز البحث في البيوتكنولوجيا الذي سيكون مساهما فيها، كما شرح بأنها ستشرع في سنة 2025 في نشاط التكوين للتعريف بالمنتج الجديد في الوسط الأكاديمي والصناعي إلى غاية استكمال تهيئة القاعات البيضاء المخصصة لها في القطب الجامعي قسنطينة 3 بالمقاطعة الإدارية علي منجلي ضمن البناية التابعة للمركز.
وأضاف المصدر نفسه بأن المؤسسة المذكورة ستشرع في الإنتاج الموسع للشرائح الحيوية بمجرد وضع أرضية الإنتاج بعد استكمال تهيئة القاعات البيضاء في 2025، لكن البروفيسور عزيون أكد أن المؤسسة تستطيع الشروع في الإنتاج في الوقت الحالي على مستوى الأرضية الموجودة في مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة. وأفاد المصدر نفسه بأن مخطط الأعمال الخاص بالمؤسسة الناشئة «ميمك آل» يمتد على 5 سنوات، حيث سيشرع القائمون عليها في التعريف بالمنتج قبل الانطلاق في التسويق. وسألنا البروفيسور عزيون عن آليات التمويل التي تعتزم المؤسسة الناشئة المذكورة الاعتماد عليها لدخول السوق، حيث أفاد بأن القاعدة التكنولوجية للإنتاج موجودة على مستوى مركز «سياربيتي»، الذي يساهم بدرجة كبيرة في مرافقة «ميميك آل»، كما يجري القائمون على المؤسسة الناشئة تفاوضا مع الصندوق الجزائري لتمويل المؤسسات الناشئة التابع لوزارة المؤسسات الناشئة من أجل الحصول على تمويل للإنتاج.
وأكد محدثنا أن المؤسسة الناشئة أبرمت اتفاقا مبدئيا مع الصندوق، حيث يشمل التفاوض في الوقت الحالي النسبة الخاصة بالصندوق الجزائري لتمويل المؤسسات الناشئة، إذ يرتقب أن يعقد القائمون على المؤسسة لقاء مع ممثلي الصندوق نهار اليوم، مثلما أكد. أما بخصوص المؤسسات والهيئات المهتمة بالاعتماد على تكنولوجيا الشرائح الحيوية للموائع الدقيقة في الجزائر، فقد أوضح مدير مركز البحث في البيوتكنولوجيا أن القائمين على المشروع قاموا بالاتصال بعدة شركات مختصة في الصناعة الصيدلانية عبر التراب الوطني، حيث ستعقد معهم الشركة الناشئة لقاءات لتعريفهم بالتكنولوجيا المذكورة، «لأنها مجهولة تماما في الجزائر»، مثلما قال، مضيفا بأن وزير المؤسسات الناشئة أبدى اهتماما كبيرا بها وعبر عن إيمانه بهذه المؤسسة الناشئة لكونها مختصة في مجال التكنولوجيا الحيوية، خصوصا أنها منبثقة عن مركز بحث، كما أشار إلى الدعم الذي تلقاه من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
الشرائح الحيوية تعوض التجهيزات القديمة ذات التكاليف الباهظة
وذكر المصدر نفسه أن سنة 2025 ستشهد أعمالا بحثية مركزة على الجانب الاقتصادي، خصوصا مع مؤسسات الصناعة الصيدلانية، إلى جانب المستشفيات في مجال الصحة والجامعات ومخابر البحث، إذ ستسمح هذه التكنولوجيا بإجراء الأبحاث في الشرائح عوضا عن التجهيزات التقليدية التي تكبد تكاليف عالية جدا، مضيفا بأن هذه الشرائح يمكن تسميتها بـ«مخبر على الشريحة»، لأنها تتيح القيام بعدة عمليات في شريحة واحدة ما يسمح للجامعة بعصرنة البحث والتكوين.
وأكد المتحدث بأن التكنولوجيا التي تعتمد عليها هذه الشرائح تعتبر الأولى من نوعها عبر العالم، إذ تتيح حمل أنواع مختلفة من البروتينات والعينات في شريحة واحدة، معتبرا بأن هذا التميز سيسمح للمؤسسة الناشئة التي تنتجها بتسويقها في السوق الدولية. ونبه المتحدث أيضا بأن الشرائح الحيوية المذكورة تحمل العديد من المزايا، حيث يمكن إجراء التجارب فيها على الخلايا أو تحليل المياه الملوثة أو التشخيص داخل الشريحة، ليخلص إلى أن تطبيقاتها تصب في الجانب الأكاديمي والأمن الغذائي والبيئة والصحة والصناعة الصيدلانية وغيرها، فضلا عن أن الشرائح تسمح بإنشاء بيئة مجهرية للعينة المدروسة، على غرار الخلايا، بما يحاكي بيئتها الطبيعية داخل الشريحة.
وشارك البروفيسور عمار عزيون في أشغال الملتقى الدولي الحادي عشر حول الطب البيطري الذي نظمته جامعة الإخوة منتوري نهار أمس بمداخلة حملت عنوان «التجارب الحيوانية والأخلاقيات: ما هي مساهمة التكنولوجيات الحيوية؟»، حيث أوضح لنا أنها تتطرق بشكل مباشر لموضوع الصحة الحيوانية وكيفية استغلالها في إجراء التجارب العلمية في مجال الصحة أو إنتاج المواد الصيدلانية، فيما أكد أنه سيسعى للتعريف بالتكنولوجيات الجديدة التي يمكن استعمالها عوضا عن الحيوان، على غرار الشرائح الحيوية للموائع الدقيقة.
ولفت البروفيسور عمار عزيون في حديثه معنا إلى أن النماذج الأولية من الشرائح الأولية التي طورت على مستوى مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة ستخضع للتطوير مستقبلا عند الشروع في الإنتاج الموسع، وذلك من جانب التصميم وبعض التفاصيل الأخرى، بينما أكد بأن المواد الأولوية التي تصنع منها متوفرة محليا، حيث يصنع حاملها من الزجاج، لكن الشريحة تصنع من قبل الباحثين بتقنيات ومواد خاصة.
ويُذكر بأن النصر سبق أن تطرقت إلى الشرائح الحيوية للموائع الدقيقة التي شرع مركز البحث في البيوتكنولوجيا بقسنطينة في تطويرها منذ سنوات، حيث أوضح مدير المركز في تصريح سابق لنا بأن الباحثين المشاركين في المشروع «توصلوا إلى تطوير شرائح حيوية تستطيع أن تحمل نوعين أو أكثر من الخلايا المختلفة»، وأكد حينها أن «هذا الأمر يعتبر الأول من نوعه عالميا، في وقت لا تحمل فيه الشرائح الحيوية الموجودة عبر العالم حاليا أكثر من نوع واحد من الخلايا»، فيما حصلت المؤسسة الناشئة الجديدة على “وسم مؤسسة ناشئة” بتاريخ 27 مارس من العام الجاري.
سامي حبّاطي