كشفت تحقيقات ميدانية، قامت بها شركة المياه والتطهير بولاية قسنطينة، أن جل المستغلين للمياه بطريقة غير قانونية يتمثلون في أصحاب محلات غسل السيارات، وخاصة على مستوى حي شعبة الرصاص ببلدية قسنطينة وحي 400 مسكن في علي منجلي، ولجأت "سياكو" إلى التدقيق في قيمة الفواتير الضئيلة جدا مقارنة بالكميات المستهلة من أجل كشف هذه التوصيلات العشوائية.
ووقفت النصر في جولة ميدانية ببعض الأحياء التي أصبحت تعرف بنشاط غسل السيارات، على الكميات المعتبرة المستغلة في إطار ممارسة هذا النشاط، في وقت تعاني فيه آلاف العائلات من تذبذب في التزود بالمياه بمختلف مناطق الولاية، ولاحظنا أثناء تواجدنا في حي 400 مسكن أن المياه متوفرة تقريبا في كل وقت، مع قيام بعض العمال بتبذير لهذه المادة الحيوية مستعملين التدفق العالي من أجل تنظيف أكبر عدد ممكن من المركبات.
وتوجهنا إلى الشركة المسؤولة على توزيع المياه، للاستفسار عن سبب التذبذب بعلي منجلي، في وقت تتوفر العشرات من المحلات التجارية على هذه المادة الضرورية وبكميات كبيرة، ليرد علينا رئيس منطقة تجارية بمديرية الزبائن لشركة المياه والتطهير "سياكو"، بن يوسف فارس، أن مصالحه فتحت تحقيقات ميدانية لتحديد أصحاب التوصيلات العشوائية في عدة مناطق بالولاية.
وأفاد المتحدث، أن عدد التوصيلات العشوائية بلغ 725 حالة خلال سنة 2024، تمثل أصحاب محلات تجارية وسكنات عادية، موضحا أن فرقة محاربة الغش التابعة لمختلف وكالات "سياكو" تعمل في الميدان لكشف المخالفين، وخاصة عند عملية رفع كمية الاستهلاك والتي تبدو ضئيلة جدا مقارنة بمحل يستغل في غسل السيارات، مؤكدا أن تصريحات الزبائن غير متطابقة تماما مع كمية الاستهلاك، وهو السبب الرئيسي في كشف أصحاب التوصيلات غير الشرعية، والذين لا يصرحون بقيامهم بتلك التوصيلات إلا القليل منهم.
وأضاف بن يوسف، أن سياكو تواجه مشكلة جراء هذه المخالفات التي تتسبب في تبذير كميات هائلة من المياه غير المفوترة، كما تؤدي التوصيلات العشوائية إلى تسربات على مستوى شبكة التوزيع، وبالتالي التأثير على كامل سكان المنطقة المعنية، موضحا أن تلك التسربات تعتبر عاملا هاما في كشف المخالفين، ممثلا بحادثة لصاحب بناية قام بتوصيل غير قانوني وتسبب في إتلاف الشبكة، وعند تدخل أعوان "سياكو" وجدوا أنه اعتدى على الشبكة، موضحا أن نسبة 90 بالمئة من التدخلات الخاصة بإصلاح تسرب أو عطب ما تكشف أن السبب هو قيام صاحب البناية بتوصيل غير قانوني.
ولجأ 405 مخالف من بين 725 للتسوية الودية مع مصالح "سياكو" حسب المتحدث، فيما بلغ عدد القضايا المحولة للعدالة 187 قضية ما بين توصيلات غير شرعية وديون متراكمة، رغم أن "سياكو" لا تحبذ هذا النوع من الإجراءات حسبه، وتفضل التسوية الودية، إلا أن إصرار بعض المخالفين على موقفهم وتجاهلهم لتحذير الشركة، تجبر على التحول إلى خطوة أخرى، وأضاف أن أغلب المخالفين يتمثلون في أصحاب محلات غسل السيارات والمقاهي والمطاعم، وكل نشاط يتطلب توفر المياه بكميات كبيرة.
ويعزف أصحاب النشاطات التجارية عن القيام بالإجراءات القانونية من أجل طلب التوصيل، ويحاولون التحايل في فترة غالبا ما تكون خارج برنامج التوزيع، حسب المتحدث، والذي أكد أن أغلب التوصيلات غير الشرعية، تحدث في البنايات الفردية التي تتوفر على محلات تجارية أسفلها، مبرزا أن قيمة الفوترة الخاصة بها غالبا لا تتعدى 1000 دج في ثلاثة أشهر، إلا أن صاحب البناية منح توصيلات عشوائية لمستأجري المحلات لاستغلال المياه مجانا، ويكتفي بتسديد هذا المبلغ الرمزي.
وأضاف رئيس منطقة تجارية "بسياكو"، أن صاحب البناية يحوز على اشتراك سكني، يستغله أصحاب النشاطات التجارية، إلا أن فرق الشركة تتفطن عند رفع كمية الاستهلاك، ويتم إرسال فرقة تقنية تحقق في الموضوع ودائما ما تتأكد من وجود تلاعبات، لأن الأمر غير قانوني ويخص فئتين مختلفتين من حيث التعريفة، والقانون حسبه يمنع من استغلال الفئة التجارية أو أصحاب المؤسسات والمصانع للمياه المدعمة الموجهة لقاطني السكنات.
وأكد المسؤول بشركة "سياكو"، أن نسبة أصحاب محلات غسل السيارات تفوق 30 بالمئة من إجمالي المخالفين سواء تعلق الأمر ببقية النشاطات التجارية أو مؤسسات أو مصانع أو زبائن عاديين، خاصة بعد ظهور مناطق تتخصص في غسل السيارات، وهو ما كشفته التحقيقات الميدانية، والتي أظهرت أن أصحاب محلات غسل السيارات في كل من شعب الرصاص ببلدية قسنطينة وبحي 400 مسكن بالمقاطعة الإدارية علي منجلي هم أكثر من قام بتوصيلات غير شرعية، حيث تواجدت فرق مختصة بهاتين المنطقتين، وبعد التحقيق في طبيعة السكن ونوعية النشاط التجاري ونوعية الاشتراك ومقارنتها بكمية الاستهلاك وقيمة الفواتير يجد المراقبون أن صاحب البناية أو المحل قام بتوصيل غير قانوني.
أما بخصوص الإجراءات التي تقوم بها الشركة، أكد أن "سياكو" لا تتساهل مع هذه الخروقات، وخاصة بالنسبة لرافضي فكرة التسوية الودية، مذكرا أن الأعوان يجدون صعوبة بالغة أثناء قيامهم بكشف المخالفين الذين يرفضون تواجدهم في المحل، إلا أن "سياكو" لها طرقها الخاصة للتعامل مع هكذا وضعيات حسب المتحدث، والتي تنتهي للضرورة برفع دعوى لدى الجهات القضائية، رغم الحجج الواهية التي يعلل بها أصحاب البنايات أو المحلات التجارية.
وذكر المتحدث أن عدد الملفات الموضوعة بأروقة العدالة بلغ 27 ملفا خاصا بالتوصيلات غير الشرعية، فيما لم يتم الفصل بعد في 298 ملفا لتواصل المفاوضات بين المخالفين و"سياكو"، فيما تم وضع 2070 ملفا خاصا بأصحاب الديون المتراكمة ممن عزفوا عن التسديد ورفضوا كل طرق التسوية ويتعلق الأمر بجميع الفئات سواء كانت سكنية أو تجارية أو إدارية أو صناعية.
وبلغ عدد حالات القطع 22666 حالة، منها 7489 حالة قام أصحابها بتسديد الديون، مضيفا أنه تم كشف 776 توصيلا عشوائيا وتم استرجاع الكميات المستغلة بطريقة غير قانونية، رغم معارضة مواطنين لعملية القطع حتى وإن كانوا مخالفين للقانون، مضيفا أنه أحيانا في حالة نزع العداد من السكن أو المحل يتم مجددا التزود بالماء بطريقة غير قانونية بعد قطعه.
يذكر أن مديرية التجارة لولاية قسنطينة، سجلت خلال خرجات ميدانية شملت محطات غسل السيارات التي تعرف بها علي منجلي، والواقعة في حي 400 مسكن، جملة من المخالفات، والمتمثلة في التصريف العشوائي للمياه، في وقت تنعدم فيه على مستوى أحياء ومجمعات سكنية، كما سجلت تحفظات تقنية تتعلق بالطريقة الخاطئة في صرف المياه المستعملة في غسل السيارات، إضافة إلى عدم حيازة السجل التجاري والوثائق الضرورية التي تسمح بممارسة هذا النشاط.
حاتم / ب
