استقبل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أمس الأربعاء، وفدا أوغنديا على رأسه السيد محمد أحمد كيسولي، المبعوث الخاص للرئيس الأوغندي، كبير...
* خـلق أقطاب امتـياز جـامعية في بعض التخصصاتناقشت الحكومة خلال اجتماعها، أمس، برئاسة الوزير الأول نذير العرباوي، سبل تعزيز الإطار التشريعي لقمع...
* الجزائر في الطريق الصحيح للحاق بركب الدول النامية * تلبية حاجيات المواطنين هو «الشغل الشاغل» أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، من ولاية بومرداس،...
* نسبة المشاركة بلغت 31ر96 بالمائة * المحكمة الدستورية تشرع في استلام محاضر الفرز حل حزب جبهة التحرير الوطني في المقدمة في انتخابات التجديد النصفي...
اكتسحت السوق هذا الموسم نوعية من المآزر المصنعة محليا ذات الأسعار المنخفضة جدا، ما جعلها تنافس المنتوج التركي لدى الطبقات ضعيفة الدخل، وتسوّق حتى نحو تونس. لكن هذا المنتوج وإن نجح في استمالة الزبون المحلي بسبب عامل السعر ، يظل في جزء منه يصنع في ورشات سرية توجد في قلب الأحياء الحضرية وتشغّل عمالة غير مرخصة.
ورشات سرية تنشط صيفا تأهبا للدخول المدرسي
من خلال هذا الروبورتاج حاولنا تسليط الضوء على الورشات المتخصصة في خياطة المآزر بولاية قسنطينة، فكانت وجهتنا الأولى حي سيدي مبروك السفلي، حيث يوجد معمل متخصص في خياطة المآزر. وجدناه مغلقا ، فبحثنا عن صاحبه، و علمنا منه أن العمال في عطلة سنوية، مشيرا إلى أنهم يعملون طيلة 11 شهرا في السنة في خياطة و بيع مختلف أنواع المآزر، بما فيها المدرسية، ثم يستفيدون منذ الأسبوع الثاني من شهر أوت إلى ما بعد الدخول المدرسي من فترة راحة، بعد موسم حافل بالعمل اليومي الذي تتضاعف وتيرته خلال شهري جوان و جويلية، تحسبا للسنة الدراسية الجديدة، مضيفا أنه يقوم بتسويق كل منتوجه لتجار الجملة خلال هذه الفترة، قبل حلول شهر أوت الذي يشرع فيه الأولياء في شراء كسوة التلاميذ و المآزر و الأدوات المدرسية.
و أوضح المتحدث أن ورشته متخصصة في خياطة « الطابلية المدرسية «، إلى جانب أنواع أخرى من المآزر يرتديها الأطباء و الممرضين و كذا طلبة المدارس العليا للأساتذة و غيرها.
خلال بحثنا عن الورشات المتخصصة في خياطة المآزر المدرسية المنتشرة بمختلف مناطق قسنطينة، تم توجيهنا إلى ورشة تقع في حي القماص و هي عبارة عن ورشة صغيرة تملكها سيدة تدعى جنات استقبلتنا داخلها، فوجدناها رفقة بعض عاملاتها و هن منهمكات في خياطة ما تبقى من القماش الذي تم تفصيله قبل أيام، ليتم بيع المآزر الجاهزة بأحد الأسواق لتجار الجملة.
قالت لنا جنات أن أغلب الورشات الصغيرة تنشط في الخفاء بصورة غير قانونية، خاصة في منطقة بن الشرقي، حي المنى، بومرزوق، جبل الوحش و المدينة الجديدة علي منجلي، و يتم اختيار هذه الأحياء، كونها مناطق معزولة نوعا ما بعيدة عن الرقابة .
من ناحية اليد العاملة، يعتمد أصحابها أساسا على العنصر النسوي في الخياطة و تفصيل الملابس، و هناك من يتخصص في إنتاج نوع معين من الملابس كالقندورة أو الحجاب و غيرها ، فيما يكيف آخرون نشاطهم حسب الفصول و المناسبات، كالأعياد ، الدخول المدرسي الذي يشرع في التحضير له بين شهري جوان و جويلية و تكون وتيرة العمل مكثفة ، و قد يصل معدل الإنتاج اليومي للورشة الواحدة إلى 800 مئزر ، و يطبق أصحاب هذه الورشات طريقة العمل بالتسلسل ، أي تقسيم العمال إلى أفواج كل فوج توكل إليه مهمة معينة من التفصيل ، إلى خياطة مختلف أجزاء المآزر، وصولا إلى تركيب الأزرار و عملية الكي لتحضير الطلبيات ، و يحدد الراتب في الغالب ، حسب عدد القطع التي تنجزها كل فتاة، فيما يفضل بعض أرباب العمل تخصيص راتب ثابت للعمال، بغض النظر عن المنتجات أو الربح المحقق.
الأسواق الأسبوعية الوجهة الأولى
بعد الانتهاء من خياطة المآزر، تكون الأسواق الأسبوعية المنتشرة بعدة ولايات، هي الوجهة رقم واحد لأغلب أصحاب الورشات لبيع منتجاتهم، فيقصدون في معظم الأحيان أسواق تاجنانت، العلمة، الفكرون و عين مليلة.
قال لنا عمار و هو بائع بسوق البودروم بحي الدقسي بقسنطينة، أنه يقتني سلعته من الأسواق المذكورة بسعر الجملة الذي يتراوح بين 300 و 350 دج ، فيما حدد سعرها بالتجزئة بين 400 و 500 دج ، مؤكدا أن السلع المحلية تلقى إقبالا كبيرا من الزبائن، تحديدا من طرف محدودي الدخل و المعوزين و كذا العائلات التي لديها عدة أبناء متمدرسين، خاصة و أن هناك مغالاة كبيرة في أسعار المنتجات التركية ، حيث يتراوح سعر المئزر بين ألف و 200 و ألف و 500 دج .
و يرى عمار أن الوضع الاقتصادي للجزائر و تدني القدرة الشرائية للمواطن، دفعا أصحاب الورشات إلى اختيار هذا النوع من الإنتاج الذي يعتمد أساسا على قماش ثمنه منخفض و تفاصيل بسيطة، لتباع السلع بسعر مناسب لكل الفئات، حيث لا تتعدى تكلفة تفصيل و خياطة المئزر الواحد 250 دج.
أما جنات صاحبة ورشة للخياطة،فترى أن نقص المادة الخام ذات النوعية الرفيعة و عدم وجود يد عاملة مؤهلة في مجال الخياطة و التصميم، وراء تراجع نوعية المنتجات النسيجية بالجزائر، مقارنة بدول أخرى، على غرار تركيا التي تعد رائدة في هذا المجال، مضيفة أن الإرادة موجودة لدى المستثمرين من أجل تحسين نوعية المنتجات، و الاستغناء نهائيا عن الاستيراد، لكن الواقع يفرض عكس ذلك.
المئزر الجزائري يغزو السوق التونسية
اكتشفنا خلال إجراء هذا الروبورتاج أن بيع المآزر المحلية لم يقتصر هذه السنة على الأسواق الجزائرية، بل وصل إلى غاية الأسواق التونسية التي تحولت إلى رافد اقتصادي جديد و وجهة لتسويق الكثير من السلع و المنتجات الجزائرية، نظرا للتدفق الكبير للتونسيين خاصة نحو الجهة الشرقية من الوطن،من أجل شراء مختلف المنتجات و بأسعار تعتبر منخفضة ، مقارنة بتلك المتداولة ببلدهم.
من بين المنتجات الجزائرية التي تستقطب التونسيون هذا الموسم المآزر التي أضحت تباع في عدد من الأسواق و المتاجر التونسية، كما أكد لنا بعض التجار الذين التقينا بهم، مشيرين إلى أن الكثير من باعة التجزئة التوانسة يزورون الأسواق الأسبوعية الجزائرية من أجل شراء كميات كبيرة من السلع،بينها المآزر، لإعادة بيعها بأثمان منخفضة، ما جعلها محل إقبال و رواج كبيرين.
عامل السعر يغطي على النوعية
لاحظنا خلال الجولة التي قادتنا لبعض المحلات و كذا الأسواق التي شرعت في عرض كل المستلزمات الدراسية ، تهافت الأولياء من أجل اقتناء الأدوات و المحافظ، و كذا المآزر، هذه الأخيرة التي انقسمت بشأنها آراء و رغبات الزبائن، فمنهم من وجدناه يبحث عن الجودة التي يضمنها المنتوج التركي و بأسعار باهظة قد تصل عتبة ألفين دج، و عموما هي ليست في متناول الجميع، باستثناء الميسورين، بالمقابل هناك وفرة كبيرة في المآزر ذات الصنع المحلي و أسعارها جد معقولة تتراوح ما بين 500 دج إلى 800 دج ، لكنها أقل جودة من التركية بكثير.
و بين الرغبة في اقتناء مئزر قماشه ذي نوعية رفيعة و تصميم مميز، و بين التقيد بالإمكانيات المادية المتوفرة، يجد الكثير من الآباء أنفسهم في حيرة كبيرة ، خاصة الذين أثقل الدخول المدرسي كاهلهم و أخل بميزانيتهم، و هو حال أم لثلاثة أبناء متمدرسين التقيناها أمام إحدى طاولات بيع المآزر، و بعد حيرة و تردد قالت لنا إن الكفة ستميل نحو المنتوج المحلي، فرغم رغبتها في شراء قطع ذات نوعية رفيعة، إلا أن أسعارها الغالية و ميزانيتها المحدودة يجعل الأمر مستحيلا، خاصة و أن هناك نفقات أخرى في انتظارها تتراوح بين الأدوات المدرسية و الكسوة و غيرها .
و أثنت سيدة أخرى على المآزر المحلية التي صنعت خصيصا لتواكب الوضع المادي الهش للكثير من الأسر الجزائرية.
هيبة عزيون