أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
حدد بنك الجزائر، المبلغ الأقصى المسموح بإخراجه من العملة الأجنبية، من طرف المسافرين المقيمين وغير المقيمين، بما قيمته 7500 أورو، مرة واحدة في السنة...
وجهت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوجي تعليمات للمدراء الولائيين للقيام بخرجات ليلية عبر مختلف أنحاء الوطن، مع تجنيد الخلايا...
* نـظام المخـزن تحــالف مع القوى الاستعمــارية كشف عضو الحزب الوطني لجمهورية الريف، يوبا الغديوي، أمس السبت، أن تشكيلته السياسية ستتقدم قريبا إلى...
كمال شبوكي واحد من الأسماء التي خدمت قسنطينة و الوطن منذ الاستقلال و إلى غاية اليوم، هو طيار من مواليد 1946، ذاكرته يزيد عمرها عن 70سنة تخفي بين زواياها قصصا كثيرة عن أول فوج من الطيارين الجزائريين الذين كونهم جيش التحرير و تخرجوا من المدرسة العليا للطيران بطافراوي بعد تأسيسها مباشرة، جيل عايش محطات هامة عاشتها الجزائر على غرار الحرب العربية الإسرائيلية، التي يحكي لنا الطيار بعض خباياها كما يحلق بنا عبر أجنحة الذاكرة عودة إلى يوم انقلاب معمر القذافي على حكم السنوسي و يصف لنا كيف كان حسني مبارك ضابطا صارما.
حاورته: نور الهدى طابي
ذكريات 15 ألف ساعة طيران
ذاكرة السيد كمال شبوكي مع الطيران ولدت سنة 1964 عندما التحق بصفوف الجيش الوطني الشعبي وعمره لا يتعدى 17سنة، أين باشر تدريباته مع سرب الطيران الأول، قبل أن ينتقل إلى مصر و من ثم روسيا و فرنسا في إطار برنامج التكوين الذي اقره الرئيس هواري بومدين لصالح الشباب الجزائري آنذاك، أما اليوم يحصي الطيار المسؤول عن تسيير نادي الطيران بقسنطينة حاليا في جعبته أزيد من 15ألف ساعة من عمره قضاها محلقا في الجو.
يستذكر محدثنا تلك الفترة فيقول أنها كانت مليئة بالأحداث، « فالرئيس هواري بومدين قرر تكوين الشباب الجزائري في كل المجالات لذلك فتحت أمامنا كما علق، كل الأبواب، أنا اخترت الجيش و تحديدا الطيران العسكري أذكر أن قائد القوات الجوية السابق العميد بن سليماني كان زميلا لي في السرب، أما قواتنا فكانت فتية حتى أن عدد طائراتنا لم يكن يتجاوز 20 طائرة شبه قتالية.
سنة 1967 انتقلنا إلى مصر للتكوين وتحديدا إلى العاقدة الجوية بولاية بلبيس التي كانت تحت قيادة الضابط حسني مبارك الرئيس المصري لاحقا، في الحقيقة لم أقابله شخصيا أو بصفة مباشرة لكن كنت أشاهده وهو يشرف على التدريبات أحيانا و قد اشتهر بالصرامة و التشدد في تلك الفترة.
بعد عودتنا إلى الجزائر واصلنا التدريب لفترة على يد طيارين محترفين غالبيتهم من مصر و بعضهم جزائريون، قبل أن تندلع الحرب العربية الإسرائيلية و ندخل كطلبة طيارين مرحلة الاختبار الحقيقي».
إسم هواري بومدين مفتاح الدخول في المطارات العربية
يواصل الطيار حديثه، سنة 1967، « عند اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية، انتقلنا للعمل الميداني، أنا كنت متخصصا في مجال النقل الجوي العسكري لذلك لم أحارب مباشرة في الجبهة بل كنت مسؤولا عن نقل العتاد و الجنود و الأسلحة وهي مهمة لم تكن سهلة على الإطلاق.
« كنا نضطر للتمويه أحيانا و نقل الأسلحة و الضباط في طائرات مدينة باسم الخطوط الجوية الجزائرية لتجنب المشاكل وتسهيل عملية الدخول للمطارات الأجنبية، أذكر مثلا أننا في سنة 1969، وتحديدا في الفاتح من شهر سبتمبر كنا نتجه للقاهرة لنقل عتاد دعم حربي، وتوجب علينا المرور بمطار طرابلس و عبور المجال الجوي الليبي الذي صادف أن كان مغلقا بشكل تام بسبب الانقلاب الذي قام به معمر القذافي على حكم الرئيس الليبي آنذاك محمد إدريس السنوسي، بقينا في مطار طرابلس لساعات وكنا نخشى أن يتم توقيفنا، لكن القذافي وبمجرد أن سمع اسم الجزائر سمح لنا بالعبور فاسم الرئيس هواري بومدين كان بمثابة كلمة سر يكفي ذكره في أي بلد عربي لتعامل كملك». يسترسل في حديثه» حربنا مع اسرائيل توقفت لمدة لكنها عادت لتستأنف بين 1968الى غاية 1973، وقد كان عملنا نفسه، فقدنا زملاء كثر من ضباط مشاة جزائريين كنا نقلهم للجبهة أحياء و نعيدهم جثثا هامدة، مع ذلك كنا نتمتع بروح قتالية عالية عندما نقلع من مطار الجزائر كان شعارنا النصر أو الشهادة فطائراتنا تعتبر عدوا بالنسبة للصهاينة ويعملون على استهدافها في أي لحظة، عشنا أوقات صعبة ويمكن القول أننا عشنا في الجو».
يستذكر الطيار علاقته بالضباط المصريين في تلك الفترة بكل حنين، مشيرا الى أن نقص الخبرة لم يشكل أبدا عقدة نقص للجزائريين الذين كانت شجاعتهم تشفع لهم و سمة بارزة في شخصية كل واحد منهم.
استعراض ترأسه بتشين كان وراء ميلاد أكبر الطياريننهاية سنة 1973، غادر محدثنا صفوف الجيش الوطني الشعبي، و التحق بنادي الطيران المدني بالعاصمة كمدرب ما اضطره بعد سنة منذ الانتقال للسفر الى فرنسا من اجل مواصلة التكوين و معادلة شهادته العسكرية مع شهادة طيار مهني و التدرج في مجال التدريب على التحليق. يقول في تلك الفترة لم يكن مجال الطيران مقتصرا على الرجال فحتى النساء خضن غمار التحليق ومنهن من تدربن في فروع نوادي الطيران المدني و عددها كان 15 عبر الوطن، والتحقن بعد ذلك بالخطوط الجوية الجزائرية «اذكر منهن زميلتي من قسنطينة السيدة نادية لاريبي ، و حبيبة عليوي التي اجزم بأنها كانت أول سيدة جزائرية تحمل لقب طيار وقد امتهنت التدريب في نادي العاصمة.
يواصل « سنة 1978 افتتحت أول مدرسة للطيران بقسنطينة، وتم إلحاق النادي بإدارتها، خلال تلك الفترة كونا خمس دفعات من الطيارين بينهم نساء، قبل أن تغلق المدرسة التي ألحقت بالمدرسة العليا بطافراوي، خلال تلك السنة اجتمعت كل نوادي الطيران بالشرق بقسنطينة برئاسة محمد بتشين، و فرنا 10 طائرات و قدمنا استعراضا كبيرا كنا سمحنا للمواطنين على اختلاف أجناسهم و أعمارهم بعيش تجربة التحليق، الجميع دون استثناء حظوا بجولة في سماء المدينة، و هي التجربة التي أنجبت طيارين كثر يعملون اليوم بالخطوط الجوية الجزائرية أو بالخارج، استهواهم الطيران يومها و قرروا تعلمه على أيدينا»
مواكب العرسان المحلقة
أما سنة 1977، فذكر أن عروسا كانت قادمة رفقة زوجها من العاصمة حطت طائرتها بالمطار وبحثت عن مكان تغير فيه ثوبها الأبيض فلم تجد فتطوعنا بمنحها مفتاح مكتب النادي لتستغله، الأمر الذي أثار استغراب من كانوا معها، فأجبناهم بأننا مستعدون لأن نمنحها هي وزوجها جولة في سماء المدينة ان أرادت وبالفعل تم الأمر.
ومنذ تلك اللحظة أصبح العرسان يأتون إلينا ضمن مواكب حافلة لنطير بهم ونمنحهم لحظة متعة للذكرى، فعلنا ذلك لمرتين فقط ثم توقفنا بسبب طبيعة النادي، وهذه الحادثة تحديدا هي السبب وراء موضة جولة المطار التي تقوم بها مواكب العرسان في قسنطينة.
العشرية السوداء و أجنحة قانون الرحمة
يقول محدثنا بأن نادي الطيران القسنطيني لعب دورا هاما خلال العشرية السوداء، فطياروه ساهموا سنة 1995، في توزيع مناشير قانون الرحمة التي كانت تلقى من الطائرات على الشوارع ، كما أن المساهمة عرفت أيضا مشاركة طائرات النادي و طياريه في عمليات التمشيط للجبال و الغابات التي كانت تقوم بها مصالح الجيش الوطني الشعبي على اعتبار أن النادي يخضع للإدارة الوطنية للطيران المدني.
اخبرنا كمال شبوكي بأن تلك المساهمة وضعت الطيارين في عين الإعصار فقد كانوا مستهدفين من طرف الإرهابيين باعتبارهم موظفين للدولة، لكن ذلك لم يثن عزيمته خصوصا وأنه سبق له و أن واجه الموت مرارا إذ تعرض ثلاث مرات لحوادث مميتة بعد سقوط طائرته، لكنه كان ينجو في كل مرة، أما آخرها فهي الأطرف حسبه فالممرضة التي استقبلته بعد اسعافه للمستشفى اثر حادث أغمي عليها عندما علمت بأنه أصيب في تحطم
طائرة.
ن.ط