• إيجاد الحلول للانشغالات المطروحة بالسرعة المطلوبة والاحترافية الضرورية • الشروع بالسرعة القصوى في التنفيذ الميداني • على الحكومة صب كل المجهودات لتحقيق راحة...
شرع الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، ابتداء من يوم أمس الأحد، في زيارة رسمية إلى...
أطلقت لجنة تنظيم عمليات البورصة (كوسوب)، أمس السبت، بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال» بالجزائر العاصمة، بوابة إلكترونية ونافذة موحدة للسوق...
أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية و التهيئة العمرانية، أمس، بمعية قطاعات وزارية أخرى حملة وطنية لتحسيس المواطنين بالأثر الايجابي والدور الهام...
سيدي الهواري.. أسطورة رجل و قصة حي يصنعان المدينة
يختلف الاحتفال بشهر التراث هذا العام بوهران بقرار تصنيف أعرق حي في الباهية كمحمية، إنه حي سيدي الهواري الذي انطلقت من أكبر ساحاته أمس فعاليات شهر التراث،و هو رمز الولاية والولي الصالح الذي يحميها،بعد طول انتظار كاد خلالها الحي أن يختفي من على الخريطة بفعل انهيارات سكناته التي تؤرخ للتواجد الإسباني
و العثماني و الفرنسي، وكذا بعد غزو الانجازات العصرية في قلب التراث وغيرها من العوامل التي كادت تدفن التاريخ تحت ركام الإهمال.
خصصت الدولة غلافا ماليا قدره 1,6 مليار سنتيم لترميم 11 عمارة ،وتهيئة الشوارع ،وحماية كل شبر يمكن حمايته من الاندثار. مباشرة بعد إصدار مرسوم التصنيف كمحمية، تم تدعيم وإعادة تهيئة شارع فيليب الذي انهار منذ حوالي سنتين وحرم سكان سيدي الهواري من أحد مداخله الرئيسية ، وهو المسلك الذي أعيد فتحته الأسبوع الماضي في وجه الحركة التي تحولت أثناء فترة الغلق لثاني مسلك و هو شارع الحدائق، و بين الشارعين يتجمع ركام العمارات المنهارة التي رحل سكانها لأحياء جديدة، أغلبها خارج المدينة وهران في البلديات المجاورة، لدرجة أنهم أحسوا كونهم اقتلعوا من جذورهم و غرسوا في مواقع أخرى تشرئب منها أنظارهم نحو سيدي الهواري، الذي سيتجدد مستقبلا و يبعث من تحت الأنقاض ليلبس عمران التراث مرة أخرى و لكن بشكل عصري.
يعود تاريخ حي سيدي الهواري لسنة 902 م ليشهد على تأسيس وهران على يد البحارة الأندلسيين محمد بن أبوعون، و محمد بن عبدون، بينما يعد سيدي الهواري الرمز الروحي لوهران، ويختزن العديد من المعالم الأثرية يقال أن 90 بالمائة من المعالم التاريخية في وهران يحتضنها حي سيدي الهواري وحده.
و أنت تتجول بين أزقته وكأنك تقوم برحلة في التاريخ فكل شبر يروي لك قصة وحكاية. و سبق عبر التاريخ أن تم تصنيف بعض المعالم الأثرية وحمايتها مثل مسجد الجوهرة الذي يعود للتواجد العثماني. و هو أول مسجد بناه الأتراك في وهران، وصنف سنة 1900، ليليه في التصنيف باب إسبانيا سنة 1906، بينما صنفت معالم أخرى سنة 1952 منها قصر الباي الذي يخضع حاليا لعملية كبيرة من الترميمات بسبب التدهور الذي لحق به، ومسجد الباشا الذي كان سابقا كنيسة مسيحية إسبانية ثم حوله العثمانيون لمسجد بعد تحرير وهران، إلى جانب سور سان خوسي وكنيسة سان لويس التي هي اليوم مكتبة بلدية كبيرة.
و بعد عام فقط أضيفت لهذه التصنيفات معالم أخرى سنة 1953، منها باب كناستيل وباب سانتون، بينما لم تصنف معالم أخرى لحد اليوم منها مقر الولاية القديم لوهران الذي يعود لحقبة المرينيين و غيرها من المواقع التي ستستفيد من مرسوم المحمية لتحافظ على التاريخ المفتوح على الهواء ومنها أيضا حديقة ابن باديس التي يعود إنجاز حصنها أيضا للمرينيين ثم العثمانيين ثم الفرنسيين.
لكن من هو سيدي الهواري الذي أسس وهران؟ إنه محمد بن عامر الهواري، نسبة لقبيلة هوارة التي كانت تقطن منطقة سور بمدينة مستغانم حاليا أو كلميتو، كما كانت تسمى قديما، ولد سنة 1350 م في عهد أبي حسن المريني الذي كان حاكما لوهران، وتوفي سنة 1439 م بوهران، بعد قضاء 89 سنة من حياته في نشر العلم وتعاليم الدين ونبذ الفوضى والجهل اللذين كان يعاني منهما سكان وهران في تلك الحقبة، نظرا لإهمال الحكام آنذاك لجانب التعليم بين العامة من الشعب.
ويعد سيدي الهواري الرمز الروحي للوهارنة، كونه رجل دين ومتصوف، لكن يذكر التاريخ أنه كان عسكريا أيضا ،و تكفل بحماية وهران من ضربات الإسبان و البحارة الأوروبيين الذين كانوا يغيرون عليها،ولكن ما جعله يسكن القلوب و يعتبر رمزا لوهران هي كراماته والأساطير التي يقال أن جزءا منه صحيح.
ومن بين تلك الأساطير أنه بعد قتل ابنه «هايج» بغير وجه حق من طرف بعض سكان وهران آنذاك، و يرجح بأنهم من اليهود الذين طردوا من الأندلس أثناء سقوطها فلجأوا للاستقرار في وهران. ويوجد لحد اليوم حي درب اليهود بوسط الباهية، ويقال أنه بعد مقتل ابنه، دعا سيدي الهواري على الوهارنة و من بين دعوات الشر" وهران اللي يدخلها يبقى حاير واللي يسكنها يقعد غاير" وهي إشارة بأن سكان وهران لا يمكنهم الوصول للمراكز العليا ولا يستفيدون من خيرات المنطقة ولا ينالون بركتها وفعلا هذا واقع يعرفه ويعيشه كل السكان الأصليون للمنطقة، بينما الدخلاء عليها تزهو حياتهم ويربحون الأموال الطائلة و يعيشون في رغد بها و لا يستطيعون تركها، ومن بين الدعوات أيضا أنها ستبقى مدينة للزهو واللهو، و أكيد أن هذه الميزة يعرف بها كل الناس حاليا داخل وخارج الوطن. ولكن مقابل هذه الدعوات التي نجمت عن غضب شديد من القطب الروحي لوهران.
يوجد كرامات لازالت عبارة عن أساطير يصدقها كل من تحققت له، منها أن من يمشي حافي القدمين ذهابا وإيابا أمام مقام سيدي الهواري يتحقق له ما تمناه ،خاصة من يعاني من العقم ،فيرزق بالأولاد، ولازال لحد اليوم يحمل زوار مقام سيدي الهواري الخبز معهم و يسلم للقائمة على المقام، وهي تعبير عن مواصلة ما كان يقوم به سيدي الهواري من جمع المؤونة و توزيعها على الفقراء وحماية السكان من الجوع و الغبن.
من الأمور التي تثير الجدل أيضا هو أن الأسطورة تقول أن الله يقبل دعوات زائري المقام يوم السبت فقط، لذا تجد المكان يمتلئ عن آخره بالإضافة للأزقة المجاورة له كل يوم سبت، ويروي البعض أن اختيار يوم السبت وراءه اليهود، لأنه يوم عيد بالنسبة إليهم ، ليجعلوا من زيارة الناس للمقام عيدا لهم كل أسبوع، لأنهم قتلوا له ابنه، ومنهم من يقول أن يوم السبت هو رمز للانتصارات التي حققها سيدي الهواري في هذا اليوم وأساطير أخرى تقول أن سيدي الهواري كان يجتمع بالناس يوم السبت لحل مشاكلهم وأزماتهم.
هواري. ب